• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

المذاهِب والنِّحَل( المرجئة)

المذاهِب والنِّحَل

كانت أيام أبي عبد اللّه الصادق عليه السّلام أيام نِحَل ومذاهب، وآراء وأهواء، وكلام وبحث، وبدع وأضاليل، وشُبه وشكوك، ونحن الآن نذكر أُصول تلك الفِرق والمذاهب موجزاً، جرياً على السنن الذي درجنا فيه، لأن التبسّط في البحث يخرجنا عن خطّة الكتاب، وفي كتب المِلل والنِحل المعدَّة لهذا الشأن بعض الاغناء.
اُصول الفِرَق الإسلاميّة:
إِنَّ الأُمّة الاسلاميّة قد افترقت ثلاث وسبعين فرقة كما أنبأ عن ذلك نبيّنا الصادق الأمين صلّى اللّه عليه وآله بقوله: ستفترق اُمّتي على ثلاث وسبعين فِرقة(1)، وتلك من أعلام نبوَّته وما أكثرها.
والذي نريد أن نبحث عنه في هذا الفصل هو ما كان من الفِرَق في عصر الصادق بارزاً يُعرف، ونخصّ البحث في الأُصول التي ترجع اليها الفِرَق المتشعّبة، وقد نشير الى بعض تلك الشُّعب بعد ذكر الأصل، وذلك أقرب للقصد، وأمسّ بالخطّة.
إِن جميع أُصول الفرق الاسلاميّة، التي اليها المرجع والمآل أربعة: المرجئة، المعتزلة، الشيعة، الخوارج(2) فإن كلّ فرقة تنتمي إِلى أحد هذه الأُصول، وأما الغلاة وإِن رمتهم الفِرق الأُخرى بالكفر إِلا أنهم أيضاً من شُعب هذه الأُصول - ولو بزعمهم - فالكلام في هذه الأُصول الأربعة عنوان البحث.

1 - المرجئة

يمكننا أن نقول: إِن المرجئة اليوم يقصد منها الأشاعرة فحسب، وهم عامّة أهل السنّة في الاعتقاد في هذه الآونة، إِذ لم يبق على مذهب أهل الاعتزال في هذه الأزمنة أحد معروف.
كانت المرجئة قبل الأشعري فِرقاً متكثّرة، وكلّها قسم من أهل السنّة المقابل للشيعة والخوارج، غير أنه لمّا حدث مذهب الأشعري في الاعتقاد أصبح عنوان المرجئة عنواناً آخر لأهل السنّة، أو للمذهب الأشعري بوجه عامّ، قال الشهرستاني في المِلل والنِّحل(3): «وقيل الارجاء تأخير علي عليه السّلام عن الدرجة الأُولى إِلى الرابعة» انتهى. وهذا كما ترى هو ما عليه أهل السنّة أجمع.
وليس من قصدنا أن نبحث عن جهة اجتماع هذه العناوين في المذهب الأشعري أو افتراقها عنه، وإِنما القصد الأوَّلي أن نعرف ما كان عليه المرجئة في ذلك اليوم، وليس من شكّ بأن المرجئة في ذلك العهد كانت فِرقاً ومذاهب يجمعها قولهم بالاكتفاء في الايمان بالقول وإِن لم يكن عمل، حتّى لو ارتكب مدَّعي الايمان من الجرائم والمآثم كلّ موبقة لما أخرجه ذلك عندهم عن ربقة الايمان، بل كان على ايمان جبرئيل وميكائيل، ورجوا لهؤلاء مرتكبي الكبائر المغفرة، ولعلّه من هنا سمّوا المرجئة أو من جهة أنّ اللّه تعالى أرجأ تعذيبهم، من الارجاء - التأخير - أو لتأخيرهم عليّاً عليه السّلام عن الدرجة الأُولى إِلى الرابعة، كما ينقله الشهرستاني.
إِن أقصى ما يمكن استفادته في القول الجامع لفِرق المرجئة هو ما أشرنا اليه، وهو الذي تفيده كتب الفريقين، التي تذكر اجتماع الفِرق وافتراق النِّحل.
وهل كان أبو حنيفة ونظراؤه من المرجئة الماصريّة(4) وهم مرجئة أهل العراق، والشافعي والثوري ومالك بن أنس وابن أبي ليلى وشريك بن عبد اللّه ونظراؤهم من المرجئة الذين يسمّون الشكاك، أو البتريّة، وهم أهل الحشو والجمهور العظيم المسمّون بالحشويّة ؟ ذلك ما لا نستطيع البتّ به، لأن كتب الفِرق اختلفت في تلك النسب، ولم تستند في تحقيق ما تقوله إِلى مصدر صريح لنتعرَّف صحّة الأقاويل، فإن تعصّب أُولئك المؤلّفين لنِحلهم ومذاهبهم يجعل النِّحل الأُخرى هدفاً لهم، وساعد على هذه الجناية رجال السلطات الزمنيّة في تلك العصور، لأنهم إِذا حاولوا ترويج فرقة أو محاربة أُخرى استأجروا لهذا الغرض أقلاماً ومحابر، وخطباء ومنابر، فمن هنا قد تضيع الحقيقة على من لا دراية له وتتبّع.
ولربما أوقعت تلك المؤلّفات كثيراً من الكتّاب في أشراك الخبط والخلط، وصفوة القول ان الاعتماد على تلك الكتب في صحّة النسب ليس بالسهل، فمن ثمَّ لا يصحّ لدينا من تلك الفِرق التي نسبت إِلى المرجئة إِلا الجهميّة أصحاب جهم بن صفوان لصراحة اعتقادهم بما ذكرناه عنهم ولإجماع المؤلّفين.
كما أنه قد رووا في لعن المرجئة عن النبي صلّى اللّه عليه وآله ما نحن براء من تبعته مثل قوله: لُعنت المرجئة على لسان سبعين نبيّاً، قيل: مَن المرجئة يا رسول اللّه ؟ قال: الذين يقولون: الايمان كلام(5).
والخلاصة: أن المرجئة كانت ولا شكّ في ذلك العهد، كما أنها كانت وهي ذات فِرق، ويجمعها في الاعتقاد ما ذكرناه من كفاية القول في الايمان وإِن لم يكن عمل يطابق ذلك الاعتقاد، بل حتّى لو كان العمل على نقيض ذلك القول، ولسنا في حاجة إِلى الغور في تشعّباتها وخصوصيّات ما اعتقدته تلك الشُّعب لجواز ألا نُصيب شاكلة الهدف، ونحن في فسحة من الوقوع في أمثال هذه المزالق، نسأله تعالى العصمة من الخطأ، والأمان من العثار.
______________________________
(1) سنن ابن ماجة: 2/1321.
(2) فِرَق الشيعة لابي محمّد الحسن النوبختي: 17، وذكر ابن حزم في الفصل: 2/88 أنها خمسة بجعل أهل السنّة فرقة في قبال المرجئة والمعتزلة.
(3) المطبوع في هامش الفصل: 1/145.
(4) المِلل والنِّحل في هامش الفصل: 1/147 في كلامه على المرجئة الغسّانية، وص151 في كلامه على رجال المرجئة، وقد جاء في بعض المناظرات التي جرت مع أبي حنيفة خطابهم له بقولهم: بلغنا عنكم أيها المرجئة، فلم ينكر أبو حنيفة هذه النسبة اليه، انظر في ذلك تأريخ الخطيب: 13/370 وما بعدها فإنك تجد فيها تفصيل نسبته إِلى الارجاء.
(5) الفَرق بين الفِرَق ص 190.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

اللطميات

مشاهدة الكل

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page