من مواعظه (عليه السلام)
قال الإمام الكاظم (عليه السلام) لهشام وهو يعظه:
«ياهشام الصبر على الوحدة علامة قوّة العقل، فمن عقل عن الله تبارك وتعالى اعتزل أهل الدنيا والراغبين فيها، ورغب فيما عند ربّه ، وكان الله أنيسه في الوحشة، وصاحبه في الوحدة ، وغناه في العيلة، ومعزَّه في غير عشيرة.
ياهشام إن كان يغنيك مايكفيك فأدنى ما في الدنيا يكفيك، وإن كان لا يغنيك ما يكفيك فليس شيء من الدنيا يغنيك.
ياهشام من صدق لسانه زكى عمله، ومَن حسنت نيّته زيد في رزقه، ومن حسن برّه بإخوانه وأهله مُدَّ في عمره.
ياهشام لا دين لمن لا مروة له، ولا مروة لمن لا عقل له، وإن أعظم الناس قدراً الذي لا يرى الدنيا لنفسه خطراً. أما أنّ أبدانكم ليس لها ثمن إلاّ الجنّة فلا تبيعوها بغيرها.
ياهشام إنّ العاقل لا يحدِّث من يخاف تكذيبه، ولا يسأل مَن يخاف منعه، ولا يعد مالا يقدر عليه، ولا يرجو ما يعنّف برجائه، ولا يتقدّم على ما يخاف العجز عنه. وكان أمير المؤمنين (عليه السلام) يوصي أصحابه يقول: «اُوصيكم بالخشيّة من الله في السرّ والعلانيّة ، والعدل في الرضا والغضب ، والاكتساب في الفقر والغنى ، وأن تصلوا من قطعكم، وتعفوا عمّن ظلمكم ، وتعطوا مَن حرمكم، وليكن نظركم عبراً، وصمتكم فكراً ، وقولكم ذِكراً، وطبيعتكم السخاء فإنّه لا يدخل الجنة بخيل، ولا يدخل النار سخيّ».
ياهشام أفضل مايتقرّب به العبد إلى الله بعد المعرفة به الصلاة وبرّ الوالدين وترك الحسد والعجب والفخر.
ياهشام قلّة المنطق حكم عظيم، فعليكم بالصمت فإنّه دعة حسنة وقلّة وزر وخفّة من الذنوب ، فحصّـنوا باب الحلم ، فإنّ بابه الصبر. وإنّ الله عزّ وجلّ يبغض الضحّاك من غير عُجب ، والمشّاء إلى غير أرَبْ.
ياهشام الغضب مفتاح الشر، وأكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خُلقاً ، وإن خالطت الناس فإن استطعت ان لا تخالط أحداً منهم إلاّ من كانت يدك عليه العليا فافعل» [1].