• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

المعتز العباسي (252 ـ 255 هـ )

المعتز العباسي (252  ـ 255 هـ )

لقد ازداد نفوذ الأتراك بعد قتلهم المتوكل عام (247هـ) وتنصيب ابنه المنتصر بعده ، حتى أن الخليفة العباسي أصبح مسلوب السلطة ضعيف الإرادة ويتضح ذلك مما رواه ابن طباطبا حيث قال :

«.. لما جلس المعتز على سرير الخلافة فقد حضر خواصه وأحضروا المنجّمين وقالوا لهم : انظروا  كم يعيش وكم يبقى في الخلافة ، وكان بالمجلس بعض الظرفاء ، فقال : أنا أعرف من هؤلاء بمقدار عمره وخلافته ، فقالوا : فكم تقول انه يعيش وكم يملك ؟ قال : مهما أراد الأتراك ، فلم
يبق أحد إلاّ ضحك»[4].

يعكس لنا هذا النص ما كان للأتراك من نفوذ ودور في إرادة الدولة وعزل الخلفاء والتحكّم في الاُمور العامة . فقد استولوا على المملكة واستضعفوا الخلفاء ، فكان الخليفة في أيديهم كالأسير إن شاءوا خلعوه وإن شاءوا قتلوه ، وكان المعتز يخاف الأتراك ويخشى بأسهم ولا يأمن جانبهم وكان بُغا الصغير ـ وهو أشدّ هؤلاء خطراً ـ أحد قوّاد الجيش الذي أسهم في قتل المعتز مع جماعة من الأتراك بعد أن أشهدوا عليه بأنه قد خلع نفسه .

لقد عاصر الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) أواخر خلافة المعتز الذي كان استشهاد الإمام الهادي (عليه السلام) على يده بدس  السمّ إليه فكانت سياسة المعتز امتداداً لسياسة المتوكّل في محاربة الإمام الحسن العسكري ـ والشيعة ـ بل ربما ازدادت ظروف القهر في هذه الفترة حتى أنّ المعتز أمر بتسفير الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) الى الكوفة حين رأى  خطر وجود الإمام(عليه السلام) واتّساع دائرة تأثيره وكثرة أصحابه .

قال محمّد بن بلبل: تقدّم المعتز الى سعيد الحاجب أن أخرج أبا محمد الى الكوفة ثم اضرب عنقه في الطريق[5].

وكتب إلى الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) أبو الهيثم ـ وهو أحد أصحاب الإمام (عليه السلام) ـ يستفسر عن أمر المعتز بإبعاده الى الكوفة قائلاً :

«جُعلت فداك بلغنا خبرٌ أقلقنا وبلغ منا» ، فكتب الإمام (عليه السلام) : «بعد ثلاث يأتيكم الفرج» فخلع المعتز بعد ثلاثة أيام وقتل[6].

فلم تكن العلاقة بين الإمام(عليه السلام) والمعتز إلاّ تعبيراً عن الصراع والعداء الذي ابتدأ منذ أن استلم بنو العبّاس الخلافة بعد سقوط الدولة الاُموية وامتدّ على طول عمر الدولة إلاّ في فترات قصيرة جدّاً ، فكان كيد السلطة ورصدها لتحرّك الإمام (عليه السلام) دائماً ومستمراً وذلك لما عرفه الخلفاء من المكانة السامية والدور الفاعل للأئمّة في الاُمة وما كانوا يخشونه منهم على سلطتهم وكيانهم الذي أقاموه بالسيف والدم على جماجم الأبرياء والأتقياء من أبناء الاُمة الإسلامية .

ويروي لنا محمد بن علي السمري توقّع الإمام الحسن العسكري هلاك المعتزّ قائلاً : «دخلت على أبي أحمد عبيد الله بن عبد الله وبين يديه رقعة أبي محمد ـ العسكري ـ (عليه السلام) ، فيها : إني نازلت الله في هذا الطاغي يعني الزبيري ـ  لقب المعتز ـ  وهو آخذه بعد ثلاث ، فلما  كان في اليوم الثالث فعل به ما فعل»[7] فقد قتل شرّ قتلة .

ويصف ابن الأثير قتل المعتز الذي ورد في هذه العبارة قائلاً عنه :

«دخل إليه جماعة من الأتراك فجرّوه برجله إلى باب الحجرة وضربوه بالدبابيس وخرقوا قميصه ، وأقاموه في الشمس في الدار ، فكان يرفع رجلاً ويضع اُخرى لشدّة الحر ، وكان بعضهم يلطمه وهو يتّقي بيده وأدخلوه حجرة، وأحضروا ابن أبي الشوارب وجماعة أشهدوهم على خلعه ، وشهدوا على صالح بن وصيف أن للمعتز وأمه وولده وأخته الأمان ، وسلّموا المعتز إلى من يعذّبه ، فمنعه الطعام والشراب ثلاثة أيّام ، فطلب حسوة من ماء البئر فمَنَعَه ثم أدخلوه سرداباً وسدّوا بابه ، فمات»[8] .

وكان سبب خلعه أنه منع الأتراك أرزاقهم ولم يكن لديه من المال وقد تنازلوا له إلى خمسين ألف دينار ، فأرسل إلى أمه يسألها أن تعطيه مالاً فأرسلت إليه : «ما عندي شيء» ، فتآمروا عليه وقتلوه .

وهذه القصة خير مؤشّر على ضعف السلطة العباسية وخروج الأمر من يد الخليفة ، فالكتّاب المسؤولون على الأموال يتصرّفون بها كيف ما كانوا يشاءون ولا يطيعون الخليفة في شيء فكانت تلك النهاية المخزية للمعتز على أيدي أعوانه ، وحرّاسه من الأتراك .

______________

[4] الفخري في الآداب السلطانية : 221 .

[5] كشف الغمة: 3/206 .

[6] الخرائج والجرائح: 1/451 ح 36 .

[7] كشف الغمة: 3/207 عن كتاب الدلائل .

[8] الكامل في التاريخ: 7/195، 196 .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

اللطميات

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page