" لم يعد المهدي (ع) فكرة ننتظر ولادتها ، ونبؤه نتطلع إلى مصداقها بل واقعا قائما ننتظر فاعليته وإنسانا معينا يعيش بيننا بلحمه ودمه ونراه ويرانا ن ويعيش آمالنا وآلامنا ويشاركنا أحزاننا وأفراحنا ، ويشهد كل ما تزخر به الساحة على وجه الأرض من عذاب المعذبين وبؤس البائسين وظلم الظالمين ، ويكتوي بذلك من قريب أو بعيد ، وينتظر بلهفة اللحظة التي يتاح له فيها أن يمد يده إلى كل مظلوم وكل محروم وكل يائس ويقطع دابر الظالمين ". (57)
والمهدي المنتظر(عج) يمثل حل لجميع معاناة الشعوب المحرومة ، ويمثل الحل الإلهي لمشكلة الحكم الجائر والتسلط المزمنة في تاريخ البشرية ، إذ إن كل ما جرى ويجري من ظلامات مرده إلى جور الحكام وفسادهم .
وقد أكد ذلك القران الكريم فهو :
" يرفض بشدة النظرة العبثية إلى التاريخ ويشدد على وجود قواعد ثابتة لمسيرة الأمم والجماعات فيقول 0 فهل ينظرون إلى سنة الأولين فلن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا ) فاطر 43 . ".(58)
فالسنة الإلهية تقتضي انتصار الحق على الشر ، وزوال ملك الجبابرة وانتصار المستضعفين والمحرومين .
وانه لابد لكل فرعون من موسى ، والمهدي (عج) يمثل آخر حلقة من حلقات الصراع بين قوى الخير والشر فهو المجتث لأصول الظالمين والكافرين .
فقد روي عن الإمام الباقر (ع) انه قال " دولتنا آخر الدول ولم يبق أهل بيت – لهم دولة – إلا ملكوا قبلنا – لئلا يقولوا – إذا راؤا سيرتنا : إذا ملكنا سرنا مثل سيرة هؤلاء ، وهو قول الله عز وجل (والعقبة للمتقين) ".(59)
إن هدف الإمام المهدي المنتظر (عج) هو نشر العدل والمساواة وتحقيق الأمن والسعادة لجميع الشعوب " إن العالم البشري الذي يتخبط في أزماته وحروبه وان العولمة تسير في الاتجاه المعاكس لتحقيق السعادة البشرية ، دليل على أن العدالة حلم بشري تحن لتحقيقه ، ومن هنا فان هذا الحلم البشري لا يتحقق إلا عند ظهور المنتظر الذي يحمل راية نشر العدل والقضاء على الظلم ". (60)
ويمكن أن نوجز مظاهر الدولة العالمية المهدوية بما يأتي : -
" انتصار الحق والتقوى والعدل والحرية على الظلم والدجل والاستكبار والاستعباد .
عمران الأرض بحيث لا تبقى بقعة غير عامرة .
بلوغ البشرية حد النضج والتكامل يلتزم فيه الإنسان طريق العقل والعقيدة .
قيام حكومة عالمية موحدة ".(61)
القضاء على أعداء الإسلام وحكام الجور .
" وحدة العقيدة والفكر ". (62)
بسط الأمن وانتهاء الحروب والنزاعات .
إن هذه المظاهر للدولة المهدوية بالتأكيد سوف تأتي ثمارها على جميع الأصعدة ، فمن ابرز أهدافه عليه السلام هو القضاء على الظالمين والمستكبرين الذين أذاقوا شعوبهم كل أنواع العذاب ، فعن الصادق (ع) " ان القائم منا منصور بالرعب مؤيد بالنصر ، تطوى له الأرض وتظهر الكنوز كلها ويظهر الله به دينه ولو كره المشركون ". (63)
وفي عهده عليه السلام تنعم شعوب الأرض نعمة عظيمة لا مثيل لها ، إذ تؤتي الأرض خيراتها وتمطر السماء مدرارا ، وتصفو الدنيا لأهلها ، فعن الإمام علي(ع) " لو قد قام قائمنا لأنزلت السماء مطرها ولأخرجت الأرض نباتها وذهبت الشحناء من قلوب العباد ، واصطلحت السباع والبهائم ، حتى تمشي المرأة بين العراق والشام لا تضع قدما إلا على النبات وعلى رأسها مكتلها لا يهيجها سبع ولا تخافه ". (64)
ويكون قانون الدولة هو القانون والتشريع الإسلامي ، ويطبق كل ما جاء في الإسلام من أحكام ونظم . وبطبيعة الحال فان سعادة الشعوب هو من خلال عدالة القوانين السائدة ودقة تطبيقها .
" إن القوانين بشتى أقسامها وأنواعها من جميع جوانبها ومجالاتها تعتبر هي الأداة التوجيهية والجهاز التربوي الذي يسّير المجتمع نحو الفضائل والرذائل ويسوقهم نحو الخير أو الشر ".
كما انه عليه السلام يصل بالإنسان إلى مرحلة التكامل والنضج العقلي والمعرفي فيزيل ما في عقول الناس من عاهة وما في قلوبهم من أمراض اجتماعية أو نفسية ، وسوف تنفتح شعوب الأرض على العوالم الكونية الأخرى التي عجز الإنسان عن الوصول إليها إذ أن نشر العلم والمعرفة واكتمال حلقة التطور التقني على يد الإمام المهدي (ع) سيجعل الإنسان قادرا على الاتصال بالعوالم الكونية البعيدة عنه .
_________________
(57) أعلام الهداية ، ص51 .
(58) نهضة المهدي ، ص39 .
(59) كتاب الغيبة ، الشيخ الطوسي ، ص382 .
(60) النبأ ،العدد 39 – 40 ، ص10 .
(61) نهضة المهدي ، ص82 .
(62) معالم الحكومة ، ص104 .
(63) معالم الحكومة ، ص148 .
(64) الإمام المهدي من المهد إلى الظهور ، ص139 .
أهداف المهدوية ونتائجها
- الزيارات: 8039