• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

وظيفة الأنام في زمن غيبة الإمام (الجزء الثاني)

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم المرسلين وخير الخلق أجمعين محمد وآله المعصومين، ولا سيما إمام زماننا خاتم الوصيين، ولعنة الله على أعدائهم وظالميهم إلى يوم الدين.

أما بعد، فيقول غريق بحار السيّئات والأماني (محمد تقي بن عبد الرزاق الموسوي الاصفهاني) _ عفى الله تعالى عنهما _ لإخوانه في الإيمان:

هذا هو الجزء الثاني من كتاب (وظيفة الأنام في زمن غيبة الإمام عليه السلام) الذي جمعت فيه جملة من الأعمال التي يجب على أهل الإيمان _ في زمن غيبة إمام العصر يعني (الحجة بن الحسن العسكري) عجل الله فرجه الشريف المواظبة عليها، وأن يجعلوها دستوراً لاعمالهم _ وكل ما جمعت فيه إلى الآن _ من كتب الإمامية المعتبرة _ يزيد على خمسين أمراً، وذكرت في الجزء الأول من الكتاب خمس وعشرين وظيفة، وأذكر الباقي في هذا الجزء بعون الله جل جلاله، فأقول:

السادس والعشرون: أن يظهر العلماء عملهم ويرشدوا الجاهلين إلى جواب شبهات المخالفين كي لا يضلّوا وينقذوهم من الحيرة إن وقعوا فيها، وهذا الأمر مهمّ جداً في هذا الزمان وهو واجب على العلماء، فقد ورد في (تفسير الإمام الحسن العسكري عليه السلام ) أنّ الإمام محمد التقي عليه السلام قال:

إنّ من تكفل بأيتام آل محمد صلى الله عليه وآله، المنقطعين عن إمامهم، المتحيرين في جهلهم، الأُسراء في أيدي شياطينهم وفي أيدي النواصب من أعدائنا فاستنقذهم منهم، وأخرجهم من حيرتهم، وقهر الشياطين بردْ وساوسهم، وقهر الناصبين بحجج ربّهم، ودليل أئمتهم، ليفضلون عند الله على العباد بأفضل المواقع، بأكثر من فضل السماء على الأرض والعرض والكرسي والحجب، وفضلهم على هذا العابد كفضل القمر ليلة البدر على أخفى كوكب في السماء.(1)

وروي عن الإمام علي النقي عليه السلام أنّه قال:

(لولا من يبقى بعد غيبة قائمكم من العلماء الداعين إليه، والدالّين عليه، والذابّين عن دينه بحجج الله، والمنقذين لضعفاء عباد الله من شباك إبليس ومردته ومن فخاخ النواصب لما بقي أحد إلاّ ارتد عن دين الله، ولكنهم الذين يمسكون أزمّة قلوب ضعفاء الشيعة كما يمسك صاحب السفينة سكّانها، أولئك هم الأفضلون عند الله عز وجل).(2)

وفي (أصول الكافي) عن معاوية بن عمار قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: رجل راوية لحديثكم يبث ذلك في الناس ويشدده في قلوبهم وقلوب شيعتكم، ولعلَ عابداً من شيعتكم ليست له هذه الرواية، أيَهما أفضل؟قال:

(الرواية لحديثنا يشد به قلوب شيعتنا أفضل من ألف عابد).(3)

إذن على ضوء هذه الأحاديث وغيرها يجب على كل عالم أن يظهر علمه بقدر ما يستطيع، خصوصاً في هذا الزمان الذي ظهرت فيه البدع، وقد ورد في (أصول الكافي) عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال:

(إذا ظهرت البدع في أمّتي فليظهر العالم علمه، فمن لم يفعل فعليه لعنة الله).(4)

وروي في كتاب (الفتن) من (البحار) عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال لأمير المؤمنين عليه السلام:

(يا علي، لو هدى الله بك رجلاً واحداً خير لك ممّا طلعت عليه الشمس).(5)

السابع والعشرون: الاهتمام بأداء حقوق صاحب الزمان عليه السلام كل بقدر استطاعته، وعدم التقصير في خدمته.

فقد ورد في (البحار) عن الصادق عليه السلام أنه سئل: هل ولد القائم؟

قال: (لا، ولو أدركته لخدمته أيام حياتي).(6)

أقول: تأمّل أيّها المؤمن كيف يجل الإمام الصادق عليه السلام قدره، فإن لم تكن خادماً له فلا أقلّ أن لا تحزن قلبه ليلاً ونهاراً بسيئاتك، فإن لم تَجُد بالعسل فلا تعط السمّ.

الثامن والعشرون: أن يبدأ الداعي بالدعاء له عليه السلام طالباً من الله تعالى تعجيل ظهوره، ثم يدعو لنفسه.

وهذا الأمر واضح في دعاء يوم عرفة من الصحيفة السجادية المباركة، إضافة إلى اقتضاء حبّه وأداء حقوقه ذلك، ويستفاد هذا الأمر أيضاً من بعض الأحاديث، كل هذا مع تحصيل أكثر من ثمانين فائدة من الفوائد الدنيوية والأخروية المترتّبة على الدعاء له عليه السلام بتعجيل فرجه وظهوره، وقد ذكرت هذه الفوائد مع مصادرها وأدلّتها في كتاب (أبواب الجنات) وكتاب (مكيال المكارم)(7) وبعضها تقدم في هذا الكتاب.

ومن الطبيعي أنّ الشخص العاقل يؤْثر تحصيل تلك الفوائد على دعاء لا يعلم يستجاب أم لا، بل تقديم الدعاء له عليه السلام يكون وسيلة لاستجابة دعائه إن شاء الله تعالى، كما هو شأن تقديم الصلاة على محمد وآل محمد في الدعاء، حيث يكون موجباً لاستجابة ما بعده من دعاء.

كما ورد في الحديث.(8)

التاسع والعشرون: إظهار المحبة والولاء له عليه السلام.

فقد ورد في (غاية المرام) عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال في حديث المعراج إن الله تعالى قال له: يا محمد، أتحبّ أن تراهم؟

فقال: تقدّم أمامك، فتقدّمت أمامي فإذا علي بن أبي طالب، والحسن والحسين، وعلي بن الحسين، ومحمد بن علي، وجعفر بن محمد، وموسى بن جعفر، وعلي بن موسى، ومحمد بن علي، وعلي بن محمد، والحسن بن علي، والحجة القائم كأنه الكوكب الدرّي في وسطهم.

فقلت: يارب من هؤلاء؟ قال: هؤلاء أئمة الحق، وهذا القائم، محلّل حلالي، ومحرّم حرامي(9)، وينتقم أعدائي، يا محمد أحببه فإنّي أحبّه، وأحب من يحبّه(10).

أقول: يتضح من الأمر بمحبته _ مع أنّ محبة جميع الأئمة واجبة _ أنّ في محبّته خصوصية معينة كانت وراء أمر الله تعالى هذا، وأنّ في وجوده المبارك صفات وشؤون تقتضي هذا التخصيص.

الثلاثون: الدعاء لأنصاره وخدّامه.

كما ورد ذلك في دعاء يونس بن عبد الرحمن المتقدّم.(11)

الواحد والثلاثون: لعن أعدائه عليه السلام.

كما هو ظاهر من أخبار كثيرة ومن الدعاء الوارد عنه عليه السلام (12).

الثاني والثلاثون: التوسّل بالله تعالى أن يجعلنا من أنصاره.

كما ورد ذلك في دعاء العهد وغيره.(13)

الثالث والثلاثون: رفع الصوت في الدعاء له عليه السلام وخصوصاً في المجالس والمحافل العامة.

فهو إضافة إلى انّه تعظيم لشعائر الله تعالى، فقد ظهر استحباب ذلك في بعض فقرات دعاء الندبة المروي عن الصادق عليه السلام.(14)

الرابع والثلاثون: الصلاة على أنصاره وأعوانه عليه السلام.

وهو نوع من الدعاء لهم، وقد ورد ذلك في دعاء عرفة من الصحيفة السجادية المباركة وبعض الأدعية الأخرى.

الخامس والثلاثون: الطواف حول الكعبة المشرفة نيابة عنه عليه السلام ، وقد أوردت الدليل على ذلك في كتاب (مكيال المكارم)،(15) وأعرضت عن ذكره هنا طلباً للاختصار.

السادس والثلاثون: الحجّ نيابة عنه عليه السلام.

السابع والثلاثون: إرسال النائب عنه للحجّ.

ودليله ودليل الذي قبله الحديث المروي في (الخرائج)(16) وقد ذكرته في (مكيال المكارم)(17) ومذكور أيضاً في (النجم الثاقب).(18)

الثامن والثلاثون: تجديد العهد والبيعة له عليه السلام في كل يوم أو في كل وقت ممكن.

واعلم أن معنى البيعة على قول أهل اللغة: العهد والاتّفاق على أمر، والمراد من البيعة والعهد معه عليه السلام هو أن يقر المؤمن بلسانه ويعزم بقلبه أن يطيعه كل الطاعة، وينصره في أي وقت ظهر فيه، وهذا الأمر يحصل بقراءة دعاء العهد الصغير الذي تقدم ص 40، أو الكبير: الذي يأتي ص 108.

وأما وضع اليد في يد شخصٍ ما بعنوان أنّ هذه البيعة هي بيعة مع الإمام عليه السلام فهو من البدع المضلّة فلم ترد في القرآن أو الروايات، نعم لقد كان متعارفاً عند العرب أن يضع الرجل يده بيد رجل آخر لإظهار البيعة والعهد بصورة جليّة، وقد ورد في بعض الأحاديث أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله قد صافح في مقام البيعة ثم وضع يده المباركة في إناء ماء ثم أخرجها وأمر نساء المسلمين أن يضعن أيديهنّ في ذلك الماء في مقام البيعة له صلى الله عليه وآله، وهذا لا يصلح أن يكون دليلاً على أنّ هذا الشكل من البيعة جائز في كل زمان حتى زمان غيبة الإمام عليه السلام ، بل يظهر من بعض الأحاديث وجوب الاكتفاء بالإقرار اللساني والعزم القلبي في عدم إمكان بيعة شخص الإمام أو النبي صلى الله عليه وآله، وهذا الحديث مفصّل في ذكر هذا الأمر وقد أورده جمع من العلماء في كتبهم.

ومن جملتها ماورد في تفسير (البرهان) عن الإمام محمد الباقر عليه السلام أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله بعد أن نصب الأمير عليه السلام خليفة له أوضح جملة من فضائله، ثم قال:

(معاشر الناس إنّكم أكثر من أن تصافقوني بكفّ واحدة، وأمرني الله عز وجل أن آخذ من ألسنتكم الإقرار بما عقدت لعلي عليه السلام بإمرة المؤمنين ومن جاء بعده من الأئمّة منّي ومنه على ما أعلمتكم أنّ ذرّيّتي من صلبه، فقولوا بأجمعكم: إنّا سامعون مطيعون راضون منقادون لما بلغت من أمر ربّنا وربّك في أمر علي أمير المؤمنين وأمر ولده من صلبه من الأئمّة _ إلى آخر الحديث).(19)

فإن كان جائزاً وضع اليد في يد غير الإمام بعنوان البيعة مع الإمام عليه السلام لكان قد أمر الناس أن تضع كلّ طائفة يدها في يد أحد كبار الصحابة مثل سلمان وأبي ذر وغيرهم، فإذن لايصحّ هذا العمل إلاّ مع شخص النبي صلى الله عليه وآله وشخص الإمام عليه السلام في زمان ظهوره، كالجهاد المختص بزمان حضور الإمام عليه السلام ، وعلاوة على ذلك لم يرد أيّ حديث في أي كتاب روائي يقول أن في زمان الأئمّة عليهم السلام بايع أحد المسلمين أحد الصحابة الأئمّة عليهم السلام الكبار بعنوان أن نفس الأئمّة عليهم السلام جعلوهم مراجع نستعينهم في هذا الأمر.

التاسع والثلاثون: ذكر بعض الفقهاء، مثل المحدّث الحر العاملي رحمه الله في الوسائل، حيث قال: يستحب زيارة قبور الأئمّة الأطهار عليهم السلام نيابة عن الإمام عجل الله تعالى فرجه.(20)

الأربعون: روي في (أصول الكافي) عن المفضل أنّه قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول:

(لصاحب هذا الأمر غيبتان، إحداهما يرجع منها إلى أهله، والأُخرى يقال: هلك، في أيّ واد سلك؟! قلت: كيف نصنع إذا كان كذلك؟! قال: إذا ادّعاها مدّع فاسألوه عن أشياء يجيب فيها مثله).(21)

أقول: يعني اسألوه عن أمور لا يصل إليها علم الناس، مثل الإخبار عن الجنين في رحم أُمّه، أذكر هو أم أُنثى؟ وفي أيّ وقت يولد؟ ومثل الإخبار عمّا أضمرتموه في قلوبكم ممّا لا يعلم به إلاّ الله تعالى، والتكلّم مع الحيوانات، والجمادات، وشهادتهما على صدقه وحقِّه في هذا الأمر كما حصل أمثالها مع الأئمّة الطاهرين عليهم السلام مكرراً، وقد ذكرت مفصّلة في الكتب.

الحادي والأربعون: تكذيب من يدّعي النيابة الخاصة عنه عليه السلام في الغيبة الكبرى، كما ورد ذلك في التوقيع الشريف المذكور في (كمال الدين)(22) و( الاحتجاج)(23).

الثاني والأربعون: عدم تعيين وقت لظهوره عليه السلام ، وتكذيب من يعيّن ذلك وتسميته كذّاباً.

وقد ورد في الحديث الصحيح عن الصادق عليه السلام أنّه قال لمحمد بن مسلم:

(من وقّت لك من الناس شيئاً فلا تهابنّ أن تكذّبه، فلسنا نوقّت لأحد وقتاً).(24)

وفي حديث آخر عن الفضيل أنّه قال:

(سألت أبا جعفر عليه السلام: هل لهذا الأمر وقت؟ فقال: (كذب الوقّاتون، كذب الوقّاتون، كذب الوقّاتون).(25)

وفي (كمال الدين) عن الرضا عليه السلام أنه قال:

حدّثني أبي، عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام أنّ النبي صلى الله عليه وآله قيل له: يا رسول الله، متى يخرج القائم من ذرّيّتك؟

فقال عليه السلام: (مثله مثل الساعة التي (لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلاَّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّماواتِ وَالأَْرْضِ لا تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً)).(26)

والأحاديث في هذا الباب كثيرة جداً.

الثالث والأربعون: التقيَّة من الأعداء.

وأما معنى التقية الواجبة فهو أن يتوقَّف المؤمن عن إظهار الحقّ إذا وجد خوفاً عقلاءياً من الضرر في نفسه أو ماله أو كرامته فلا يظهر الحقّ، بل إذا اضطرّ لحفظ نفسه أو ماله أو كرامته أَن يوافق المخالفين بلسانه فليفعل، إلاّ أنّ قلبه يجب أن يكون مخالفاً للسانه، فقد ورد في (كمال الدين) عن الإمام الرضا عليه السلام أنّه قال:

(لا دين لمن لا ورع له، ولا إيمان لمن لا تقيّة له، إنَّ أكرمكم عند الله أعملكم بالتقيّة) فقيل له: يا ابن رسول الله، إلى متى؟ قال: (إلى يوم الوقت المعلوم، وهو يوم خروج قائمنا أهل البيت، فمن ترك التقيّة قبل خروج قائمنا فليس منّا)(27).

والأخبار في وجوب التقيّة كثيرة جداً، وما عرضته من معنى التَّقيّة الواجبة هو نفس معنى الحديث المذكور في هذا الباب في كتاب (الاحتجاج) عن أمير المؤمنين عليه السلام ، وقد أكَّد الإمام عليه السلام في ذلك الحديث بقوله وترك التقية فإن في ذلك إذلالكم وسفك دمائكم ودماء المؤمنين... إلى آخر الحديث.(28)

وفي (خصال) الشيخ الصدوق (رحمه الله) بسند صحيح عن الإمام محمد الباقر عليه السلام أن أمير المؤمنين عليه السلام قال:

(قوام الدين بأربعة(29): بعالم ناطق مستعمل له، وبغنيّ لا يبخل بفضله على أهل دين الله، وبفقير لا يبيع آخرته بدنياه، وبجاهل لا يتكبر عن طلب العلم، فاذا كتم العالم علمه، وبخل الغني بماله وباع الفقير آخرته بدنياه، واستكبر الجاهل عن طلب العلم، رجعت الدنيا إلى ورائها القهقرى فلا تغرَّنكم كثرة المساجد وأجساد القوم مختلفة، قيل: يا أمير المؤمنين، كيف العيش في ذلك الزمان؟ فقال: خالطوهم بالبرانية _ يعني في الظاهر _ خالفوهم في الباطن، للمرء ما اكتسب وهو مع من أحبّ، وانتظروا مع ذلك الفرج من الله عز وجل).(30)

والأخبار في هذا الباب كثيرة جداً وقد ذكرت جملة منها في (مكيال المكارم)(31).

الرابع والأربعون: التوبة الحقيقية من الذنوب.

وإن كانت التوبة من الأعمال المحرمة واجبة في كل زمان إلا أن أهميتها في هذا الزمان من جهة أن أحد أسباب غيبة صاحب الأمر عجل الله تعالى فرجه وطولها هو ذنوبنا العظيمة والكثيرة, فأصبحت سبباً لامتناعه عن الظهور, كما ورد ذلك في (البحار) عن أمير المؤمنين عليه السلام ، وكذلك في التوقيع الشريف المروي في (الاحتجاج) حيث يقول:

(فما يحبسنا عنهم إلاّ ما يتّصل بنا ممّا نكرهه ولا نؤثره منهم).(32)

ومعنى التوبة هو الندم على الذنوب السابقة والعزم على تركها في المستقبل، وعلامة ذلك إبراء الذمّة من الواجبات التي تركت، وأداء حقوق الناس الباقية في ذمّته، وإذابة اللحم الذي نشأ في بدنك من المعاصي، وتحمّل مشاق العبادة بما ينسيك ما اكتسبته من لذّة المعصية.

وبهذه الأمور الستّة تتحقّق التوبة كاملاً، وتكون كما ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام في كتب متعددة.

فانتبه إلى نفسك، ولا تقول: وعلى فرض أنّي أتوب ولكن الناس لا يتوبون فيستمر الإمام عليه السلام في غيبته، فذنوب الجميع تؤدي إلى غيبته وتأخّر ظهوره!

فأقول: إن كان جميع الخلق سبباً لتأخير ظهوره عليه السلام فالتفت إلى نفسك فلا تكون شريكاً معهم في ذلك، فأخشى أن يصبح حالك تدريجاً كحال هارون الرشيد في حبسه للإمام موسى الكاظم عليه السلام ، وحبس المأمون للرضا عليه السلام في (سرخس)، أو حبس المتوكّل للإمام علي النقي عليه السلام في (سامراء)!

الخامس والأربعون: ما روي في (روضة الكافي) عن الصادق عليه السلام أنه قال:

(إذا تمنّى أحدكم القائم فليتمنّه في عافية، فإنّ الله بعث محمداً صلى الله عليه وآله رحمة ويبعث القائم نقمة).(33)

أقول: يعني اسألوا الله تعالى أن تلاقوه عليه السلام وأنتم مؤمنون ومعافون من ضلالات آخر الزمان كي لا تكونوا محلاَّ لإنتقامه.

السادس والأربعون: أن يدعو المؤمن الناس إلى محبته عليه السلام ببيان إحسانه عليه السلام إليهم وبركات ومنافع وجوده المقدّس لهم وحبّه عليه السلام لهم، وأمثالها، ويتحبب إليه بما يكسب به حبّه عليه السلام له.

السابع والأربعون: أن لا يقسو قلبك بسبب طول زمان الغيبة، بل يبقى طريّاً بذكر مولاه عليه السلام ، وقد قال ربّ العالمين جلّ شأنه في القرآن المجيد في سورة الحديد: (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَما نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلُ فَطالَ عَلَيْهِمُ الأَْمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ).(34)

وقد روي في (البرهان) عن الصادق عليه السلام أنه قال:

(نزلت هذه الآية _ (وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلُ فَطالَ عَلَيْهِمُ الأَْمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ) _ من أهل زمان الغيبة، ثم قال: (اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِ الأَْرْضَ بَعْدَ مَوْتِها)).(35)


وعن الإمام الباقر عليه السلام أنه قال في معنى موت الأرض:

(كفر أهلها والكافر ميت، يحييها الله بالقائم عليه السلام فيعدل فيها، فيحيي الأرض ويحيي أهلها بعد موتهم).(36)

وفي (كمال الدين) بسند صحيح عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال:

(للقائم منّا غيبة أمدها طويل، كأنّي بالشيعة يجولون جولان النعم في غيبته، يطلبون المرعى فلا يجدونه، ألا فمن ثبت منهم على دينه ولم يقس قلبه لطول أمد غيبة إمامه فهو معي في درجتي يوم القيامة).(37)

أقول: أيها المؤمنون المنتظرون إمام زمانكم، لتسرّ قلوبكم وتقرّ عيونكم بهذه البشارة العظمى التي هي أعظم البشارات، واسعوا أن تكون قلوبكم رقيقة غير قاسية في زمان غيبة إمام زمانكم.

فإن قلتم: إنّ رقّة القلب وقساوته خارجان عن اختيارنا، أقول: صحيح ما تقولون ولكن مقدمات ومسببات ذلك باختياركم، أي تستطيعون القيام بأعمال تجعلون بها قلوبكم نقية، وتستطيعون القيام بأعمال تُقسي قلوبكم، فإن كنتم تخشون قساوة القلب فاتركوا ما يسبب ذلك، وواظبوا على الأعمال التي تنقي وترقّق القلب، كما ورد في (مجمع البيان) في تفسير الآية المذكورة، حيث قال: فغلظت قلوبهم وزال خشوعها ومرنوا على المعاصي.(38)

وري عن الإمام محمد الباقر عليه السلام: إنّ الله لا يعاقب على ذنب كما يعاقب على قساوة القلب.(39)

وسأشير هنا إلى بعض منها كما قد رأيتها في كتب الحديث مذكّراً بذلك نفسي وإخواني في البلدان ومن الله التوفيق.

أمّا ما يرقّق وينقي القلب فأمور:

1 _ الحضور في مجالس ذكر بقية الله عجل الله تعالى فرجه الشريف وشرح صفاته وخصائصه وشؤونه ومجالس الوعظ على ضوء نصائح أهل البيت عليهم السلام ومجالس قراءة القرآن بشرط التأمّل والتفكّر في معاني الآيات القرآنية.

2 _ زيارة القبور.

3 _ كثرة ذكر الموت.

4 _ مسح رؤوس اليتامى، والحبّ والإحسان إليهم.

وأمّا ما يسبّب قساوة القلب، فمنها:

1 _ ترك ذكر الله جلّ شأنه.

2 _ أكل الطعام المحرم.

3 _ مجالسة أهل الدنيا، وكثرة زيارتهم.

4 _ الأكل على الشبع.

5 _ كثرة الضحك.

6 _ كثرة التفكير بالأكل والشرب.

7 _ كثرة الحديث فيما لاينفع في الآخرة.

8 _ طول الأمل.

9 _ عدم أداء الصلاة في أوّل الوقت.

10 _ مجالسة ومصاحبة أهل المعاصي والفسق.

11 _ الإستماع للكلام غير النافع في الآخرة.

12 _ الذهاب إلى الصيد للهو واللعب.

13 _ تولّي الرئاسة في أمور الدنيا.

14 _ الذهاب إلى المواطن الدنيئة المخجلة.

15 _ كثرة مجالسة النساء.

16 _ كثرة أموال الدنيا.

17 _ ترك التوبة.

18 _ الإستماع إلى الموسيقى.

19 _ شرب مسكر وكل شراب حرام.

20 _ ترك مجالس أهل العلم.

أي ترك الحضور في المجالس التي ترقّق وتنقي القلب والحاوية على ذكر أحكام الدين، وأحاديث ومواعظ الأئمة الطاهرين، وشؤون صاحب الزمان عليه السلام ، وآيات القرآن الكريم، وخصوصاً إذا كان المتحدّث مطابق عمله قوله بما يجعل لقوله تأثير خاص في قلب المستمع، فقد ورد عن الرضا عليه السلام أنه قال:

(من جلس مجلساً يحيي فيه أمرنا لم يمت قلبه يوم تموت القلوب).(40)

والخلاصة: رقّقوا قلوبكم من قساوة القلب على حذر، فأخشى أن يصل الأمر بحيث لا تؤثر الموعظة بعده في القلوب ويحرم من رحمة الله جل شأنه.

الثامن والأربعون: الاتّفاق والاجتماع على نصرة صاحب الزمان عليه السلام:

أي تتّفق قلوب المؤمنين مع بعضها وتتعاهد لنصرته عليه السلام والوفاء بعهده، وقد ورد في التوقيع الشريف عن الناحية المقدسة إلى الشيخ المفيد (رحمه الله تعالى) وهو آخر توقيع أورده الشيخ الجليل أحمد بن أبي طالب الطبرسي (رحمه الله) في كتاب (الاحتجاج)، وجاء فيه: (ولو أنّ أشياعنا وفّقهم الله لطاعته على اجتماع من القلوب في الوفاء بالعهد عليهم لما تأخّر عنهم اليمن بلقائنا، ولتعجّلت لهم السعادة بمشاهدتنا).(41)

التاسع والأربعون: الاهتمام في أداء الحقوق المالية المتعلّقة بذمتهم من قبيل الزكاة والخمس وسهم الإمام عليه السلام.

وهذا الأمر واجب في كل زمان، إلاّ أنّ له أثراً خاصاً في زمان غيبة الإمام عليه السلام فاهتم به وجاءت التوصية والأمر به، فيقول الإمام عليه السلام في نفس ذلك التوقيع:

(ونحن نعهد إليك... إنّه من اتّقى ربّه من إخوانك في الدين، وأخرج ممّا عليه إلى مستحقّيه كان آمناً من الفتنة المبطلة، ومحنها المظلمة المضلّة، ومن بخل منهم بما أعاره الله من نعمته على من أمره بصلته فإنّه يكون خاسراً بذلك لأولاه وآخرته).(42)

تنبيه: واعلم أن من جملة الحقوق المالية المترتّبة على الشخص أن يوصل في كل سنة مبلغاً من المال إلى إمام زمانه عليه السلام ، وهذا غير سهم الإمام الواجب، لأنّ سهم الإمام مفروض في أشياء خاصة في ظروف خاصة ورد ذكرها في الكتب الفقهية، وهذا الأمر أي إهداء مبلغ من المال سنوياً للإمام عليه السلام ليس له شرط خاص، بل هو تكليف على الجميع سواء كان الشخص فقيراً أو غنياً، ففي كل الأحوال يجب أن يخرج مقداراً من ماله سنوياً ويقدّمه هدية لإمام زمانه عليه السلام.

وقد روي في (البحار) وفي (البرهان) عن المفضل أنّه قال:

دخلت على أبي عبد الله عليه السلام يوماً ومعي شيء، فوضعته بين يديه فقال: ما هذا؟ فقلت: هذه صلة مواليك وعبيدك. قال: فقال عليه السلام لي: يا مفضل، إنّي لأقبل ذلك وما أقبل من حاجة بي إليه، وما أقبله إلاّ ليزكوا به، ثم قال: سمعت أبي يقول: من مضت له سنة لم يصلنا من ماله، قل أو كثر، لم ينظر الله إليه يوم القيامة إلاّ أن يعفو الله عنه.

ثم قال: يا مفضل إنّها فريضة فرضها الله تعالى على شيعتنا في كتابه إذ يقول: (
لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ).(43)

وفي حديث آخر عنه عليه السلام في تفسير الآية الشريفة:
(وَالَّذِينَ يَصِلُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ)إلى أن قال:

(هو صلة الإمام في كل سنة ممّا قلّ أو كثر، ثم قال عليه السلام: وما أُريد بذلك إلاّ تزكيتكم).(44)

وفي حديث آخر عنه عليه السلام أنه قال:

(لا تدعوا صلة آل محمد صلوات الله عليهم أجمعين من أموالكم، من كان غنياً فعلى قدر غناه، ومن كان فقيراً فعلى قدر فقره، ومن أراد أن يقضي الله الحوائج إليه فليصل آل محمد صلوات الله عليهم أجمعين وشيعتهم بأحوج ما يكون إليه من ماله).(45)

وفي (الفقيه) عن الإمام الصادق عليه السلام أيضاً أنه قال:

(درهم يوصل به الإمام أفضل من ألف ألف درهم في غيره في سبيل الله).(46)

أقول: ومن الرؤيا الصادقة أني رأيت في ليلة في عالم الرؤيا شخصاً جليلاً قال: المؤمن الذي يخرج شيئاً من ماله صلة لإمامه في زمان غيبته ثوابه ألف مرة ومرة مقابل الذي يقدم ذلك إلى إمامه في زمان ظهوره وحضوره.

وسيأتي في الوظيفة الحادية والخمسين حديثاً يؤيد ذلك.

ولا يخفى أن في هذا الزمان الّذي كان إمامنا عليه السلام غائباً يجب أن يصرف ذلك المال الذي يقدّمه المؤمن هدية له عليه السلام في ما يرضاه، كأن يصرف في طبع الكتب المتعلّقة به عليه السلام ، أو في المجالس التي تذكر فيها فضائله وأخلاقه، أو يعطى إلى أحبائه بعنوان هدية عنه عليه السلام ، وهكذا مع تقديم الأهمّ فالأهمّ، والله العالم.

ومن جملة الحقوق المالية صلة الرحم، ومساعدة الجار حتى في إعارتهم لوازم المنزل مثلاً كالأواني والمصابيح وغيرها، وإن احتاجوا إلى أمور زهيدة الثمن كالملح والتوابل ونحوها فتهدى إليهم.

الخمسون: المرابطة.

واعلم أنّ المرابطة على قسمين:

الأول: ما ذكره الفقهاء في كتاب الجهاد، وهو أن يقيم المؤمن في ثغر من الثغور ويربط دابّته قريباً من بلاد الكفار لأجل أن يخبر المسلمين إن أراد الكفار الهجوم عليهم، أو يدافع عن المسلمين في حال تعرّضهم لاعتداءات الكفرة إن لزم الأمر، وهذا العمل سواء كان في زمان حضور الإمام عليه السلام أو في غيبته مستحبّ مؤكّد، كما ذكر ذلك العلامة رحمه الله في (الإرشاد)، والشهيد رحمه الله في (الروضة)، وقد روى عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال:

(كل ميت يختم على عمله إلا المرابط في سبيل الله، فإنّه ينمو له عمله إلى يوم القيامة ويؤمن من فتّان القبر).(47)

وفي حديث آخر ورد في (الجواهر) عن (المنتهى) أنّه صلى الله عليه وآله قال:

(رباط الخيل ليلة في سبيل الله خير من صيام شهر وقيامه).(48)

ولهذا القسم من المرابطة شرطان:

1 _ أن يكون الوقوف في منطقة حدودية لحفظ بلاد الإسلام وشرع خير الأنام صلى الله عليه وآله من اعتداءات الأجانب، ولذلك قالوا: إن لم يستطع الرجل البقاء في ذلك المكان فعليه أن يجعل فيه شخصاً آخر نيابة عنه.

2 _ أن يكون أقلّ زمان المرابطة هناك ثلاثة أيام كما ذكر ذلك في (الإرشاد) وغيره، وأكثره أربعون يوماً، فإن بقي أكثر من أربعين يوماً فانّه يحسب من المجاهدين وله ثواب المجاهد في سبيل الله.

الثاني: المرابطة بأن يُعِدّ المؤمن فرسه وسيفه تهيؤاً واستعداداً لظهور الإمام عليه السلام لنصرته، وهذا القسم من المرابطة ليس له زمان أو مكان معين، وقد ورد في (روضة الكافي) عن أبي عبد الله الجعفي أنّه قال:

(قال لي أبو جعفر بن علي عليه السلام: كم الرباط عندكم؟ قلت: أربعون، قال عليه السلام: لكن رباطنا رباط الدهر، ومن ارتبط فينا دابّة كان له وزنها ووزن وزنها ما كانت عنده، ومن ارتبط فينا سلاحاً كان له وزنه ما كان عنده، لا تجزعوا من مرّة ولا من مرّتين ولا من ثلاث ولا من أربع، فانّما مثلنا ومثلكم مثل نبي كان في بني إسرائيل، فأوحى الله عز وجل إليه أن ادع قومك للقتال فانّي سأنصرك، فجمعهم من رؤوس الجبال، ومن غير ذلك، ثم توجّه بهم فما ضربوا بسيف ولا طعنوا برمح حتى انهزموا، ثم أوحى الله إليه أن ادع قومك إلى القتال فاني سأنصرك، فدعاهم فقالوا: وعدتنا النصر فما نصرنا، فأوحى الله تعالى إليه: إما أن يختاروا القتال أو النار، فقال: يا ربّ، القتال أحبّ إليّ من النار.

فدعاهم، فأجابه منهم ثلاثمائة وثلاثة عشر عدّة أهل بدر، فتوجه بهم، فما ضربوا بسيف ولاطعنوا برمح حتى فتح الله لهم عز وجل لهم).(49)

وقال المجلسي رحمه الله في شرح قوله: رباطنا رباط الدهر: أي يجب على الشيعة أن يربطوا أنفسهم على طاعة إمام الحقّ وانتظار فرجه ويتهيّؤوا لنصرته.

وقال رحمه الله في شرح قوله عليه السلام: كان له وزنها... الخ، أي: كان له ثواب التصدّق بضعفي وزنها ذهباً وفضّة كلّ يوم... أو من الثواب مثلي وزن الدابّة،(50) (والله تعالى هو العالم).

وقد وردت أخبار أخرى في هذا الخصوص، وقد ذكرتها في كتاب (مكيال المكارم) في آخر الجزء الثاني منه.

الحادي والخمسون: الإهتمام في اكتساب الصفات الحميدة والأخلاق الكريمة، وأداء الطاعات والعبادات الشرعية، واجتناب المعاصي والذنوب التي نهي عنها في الشرع المقدّس، لأنّ مراعاة هذه الأمور في زمان غيبة الإمام أعسر من مراعاتها في زمان ظهوره عليه السلام بلحاظ ازدياد الفتن ولكثرة الملحدين والمشكّكين والمتصدّين لإضلال المؤمنين.

ولهذا ورد في الحديث النبوي الشريف أنّه قال لأمير المؤمنين عليه السلام:

(يا علي، واعلم أن أعجب الناس إيماناً وأعظمهم يقيناً قوم يكونون في آخر الزمان لم يلحقوا النبي وحجب عنهم، فآمنوا بسواد على بياض).(51)

وروي في (البحار) عن الصادق عليه السلام أنّه قال:

(من سرّه أن يكون من أصحاب القائم فلينتظر، وليعمل بالورع ومحاسن الأخلاق وهو منتظر، فإن مات وقام القائم عليه السلام بعده كان له من الأجر مثل أجر من أدركه).(52)

وروي في (الكافي) عنه عليه السلام أنّه قال:

(ومن صلّى منكم صلاة فريضة وحده مستتراً بها من عدوّه في وقتها فأتمّها كتب الله عزَّ وجل بها له خمساً وعشرين صلاة فريضة وحدانية، ومن صلّى منكم صلاة نافلة لوقتها فأتمّها كتب الله له بها عشر صلوات نوافل، ومن عمل منكم حسنة كتب الله عز وجل له بها عشرين حسنة، ويضاعف الله عزَّ وجل حسنات المؤمن منكم إذا أحسن أعماله ودان بالتقية على دينه وإمامه ونفسه وأمسك من لسانه أضعافاً مضاعفة، إنّ الله عز وجل كريم).(53)

وإن قلت: إنّ في زماننا هذا حيث إمامنا غائب كيف يجب أن نحفظه بالتقية؟!

أقول: كثيراً ما يحصل في المواقع التي تجب فيها التقية فلا تراعى أن يظهر الأعداء سوء الأدب نحوه عليه السلام فيذكرونه بكلام بذيء فيقولون ما يجب أن لا يقولوه، فيكون المخالف للتقية هذا سبباً في عدم حفظ الإمام عليه السلام ، كما قال الله جلّ شأنه في القرآن المجيد:

(وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ).(54)

والأخبار في هذا الباب كثيرة جداً.

الثاني والخمسون: قراءة دعاء الندبة المتعلّق به عليه السلام في يوم الجمعة، وعيد الغدير، وعيد الفطر، وعيد الأضحى، بتوجّه وخشوع.

كما ورد في (زاد المعاد).(55)

الثالث والخمسون: اعتبار أنفسنا ضيوفاً عنده عليه السلام في أيام الجمعة المخصّصة له عليه السلام فنـزوره بهذه الزيارة التي ذكرها السيد ابن طاووس رحمه الله في كتاب (جمال الأسبوع):

السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا حُجَّةَ اللَّهِ فِي أَرْضِهِ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا عَيْنَ اللَّهِ فِي خَلْقِهِ، ‏السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا نُورَ اللَّهِ الَّذِي يَهْتَدِي بِهِ الْمُهْتَدُونَ وَيُفَرَّجُ بِهِ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ‏، السَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الْمُهَذَّبُ الْخَائِفُ السَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الْوَلِيُّ النَّاصِحُ، ‏السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا سَفِينَةَ النَّجَاةِ السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا عَيْنَ الْحَيَاةِ.

السَّلاَمُ عَلَيْكَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ بَيْتِكَ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ.

السَّلاَمُ عَلَيْكَ عَجَّلَ اللَّهُ لَكَ مَا وَعَدَكَ مِنَ النَّصْرِ وَظُهُورِ الْأَمْرِ.

السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا مَوْلاَيَ أَنَا مَوْلاَكَ عَارِفٌ بِأُولاَكَ وَأُخْرَاكَ.

‏أَتَقَرَّبُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِكَ وَبِآلِ بَيْتِكَ وَأَنْتَظِرُ ظُهُورَكَ وَظُهُورَ الْحَقِّ عَلَى يَدَيْكَ، ‏وَأَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَنْ يَجْعَلَنِي مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ لَكَ وَالتَّابِعِينَ وَالنَّاصِرِينَ لَكَ عَلَى أَعْدَائِكَ وَالْمُسْتَشْهَدِينَ بَيْنَ يَدَيْكَ فِي جُمْلَةِ أَوْلِيَائِكَ‏.

يَا مَوْلاَيَ يَا صَاحِبَ الزَّمَانِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ بَيْتِكَ‏ هَذَا يَوْمُ الْجُمُعَةِ وَهُوَ يَوْمُكَ الْمُتَوَقَّعُ فِيهِ ظُهُورُكَ وَالْفَرَجُ فِيهِ لِلْمُؤْمِنِينَ عَلَى يَدَيْكَ وَقَتْلُ الْكَافِرِينَ بِسَيْفِكَ ‏وَأَنَا يَا مَوْلاَيَ فِيهِ ضَيْفُكَ وَجَارُكَ وَأَنْتَ يَا مَوْلاَيَ كَرِيمٌ مِنْ أَوْلاَدِ الْكِرَامِ وَمَأْمُورٌ بِالضِّيَافَةِ وَالْإِجَارَةِ فَأَضِفْنِي وَأَجِرْنِي صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَعَلَى أَهْلِ بَيْتِكَ الطَّاهِرِينَ‏.
(56)

الرابع والخمسون: روي في (كمال الدين) و(جمال الأسبوع) بأسانيد صحيحة ومعتبرة عن الشيخ الثقة الجليل القدر عثمان بن سعيد العمري أنّه أمر بقراءة هذا الدعاء وقال: يجب على الشيعة أن يقرأوا هذا الدعاء في زمان غيبة الإمام عليه السلام.

أقول: إنّ هذا الشيخ الجليل كان النائب الأول من النوّاب الأربعة في عصر الغيبة الصغرى، فإنَّ كلَّ ما يأمر به صادر عن صاحب الأمر روحي له الفداء وعلى هذا فكلما ملكت حسن التوجه فاقرأ هذا الدعاء الشريف ولا تقصّر في ذلك وخصوصاً بعد صلاة العصر من يوم الجمعة، فقد قال السيد الجليل علي بن طاووس في كتاب (جمال الأسبوع):

إن كان لك عذر عن جميع ما ذكرناه من تعقيب العصر يوم الجمعة، فاياك أن تهمل الدعاء به فاننا عرفنا ذلك من فضل الله جل جلاله الذي خصّنا به، فاعتمد عليه.

ويفهم من هذا العبارة أن أمراً بهذا الشأن صدر من حضرة صاحب الأمر عجل الله تعالى فرجه إلى السيد رحمه الله وهذا غير بعيد عن مقام السيد.

وهذا الدعاء هو:

اللَّهُمَّ عَرِّفْنِي نَفْسَكَ فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرِّفْنِي نَفْسَكَ لَمْ أَعْرِفْ رَسُولَكَ‏.

اللَّهُمَّ عَرِّفْنِي رَسُولَكَ فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرِّفْنِي رَسُولَكَ لَمْ أَعْرِفْ حُجَّتَكَ.

اللَّهُمَّ عَرِّفْنِي حُجَّتَكَ فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرِّفْنِي حُجَّتَكَ ضَلَلْتُ عَنْ دِينِي.

اللَّهُمَّ لاَ تُمِتْنِي مِيتَةً جَاهِلِيَّةً وَلاَ تُزِغْ قَلْبِي بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنِي.

اللَّهُمَّ فَكَمَا هَدَيْتَنِي لِوِلاَيَةِ مَنْ فَرَضْتَ عَلَيَّ طَاعَتَهُ مِنْ وِلاَيَةِ وُلاَةِ أَمْرِكَ بَعْدَ رَسُولِكَ صَلَوَاتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ ‏حَتَّى وَالَيْتُ وُلاَةَ أَمْرِكَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَالْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ وَعَلِيّاً وَمُحَمَّداً وَجَعْفَراً وَمُوسَى وَعَلِيّاً وَمُحَمَّداً وَعَلِيّاً وَالْحَسَنَ وَالْحُجَّةَ الْقَائِمَ الْمَهْدِيَّ صَلَوَاتُكَ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ.

اللَّهُمَّ فَثَبِّتْنِي عَلَى دِينِكَ وَاسْتَعْمِلْنِي بِطَاعَتِكَ وَلَيِّنْ قَلْبِي لِوَلِيِّ أَمْرِكَ وَعَافِنِي مِمَّا امْتَحَنْتَ بِهِ خَلْقَكَ ‏وَثَبِّتْنِي عَلَى طَاعَةِ وَلِيِّ أَمْرِكَ الَّذِي سَتَرْتَهُ عَنْ خَلْقِكَ وَبِإِذْنِكَ غَابَ عَنْ بَرِيَّتِكَ وَأَمْرَكَ يَنْتَظِرُ وَأَنْتَ الْعَالِمُ غَيْرُ الْمُعَلَّمِ بِالْوَقْتِ الَّذِي فِيهِ صَلاَحُ أَمْرِ وَلِيِّكَ فِي الْإِذْنِ لَهُ بِإِظْهَارِ أَمْرِهِ وَكَشْفِ سِتْرِهِ‏ فَصَبِّرْنِي عَلَى ذَلِكَ حَتَّى لاَ أُحِبَّ تَعْجِيلَ مَا أَخَّرْتَ وَلاَ تَأْخِيرَ مَا عَجَّلْتَ وَلاَ كَشْفَ مَا سَتَرْتَ وَلاَ الْبَحْثَ عَمَّا كَتَمْتَ ‏وَلاَ أُنَازِعَكَ فِي تَدْبِيرِكَ وَلاَ أَقُولَ لِمَ وَكَيْفَ وَمَا بَالُ وَلِيِّ الْأَمْرِ لاَ يَظْهَرُ وَقَدِ امْتَلَأَتِ الْأَرْضُ مِنَ الْجَوْرِ وَأُفَوِّضُ أُمُورِي كُلَّهَا إِلَيْكَ‏.

اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ أَنْ تُرِيَنِي وَلِيَّ أَمْرِكَ ظَاهِراً نَافِذَ الْأَمْرِ مَعَ عِلْمِي بِأَنَّ لَكَ السُّلْطَانَ وَالْقُدْرَةَ وَالْبُرْهَانَ وَالْحُجَّةَ وَالْمَشِيَّةَ وَالْحَوْلَ وَالْقُوَّةَ فَافْعَلْ ذَلِكَ بِي وَبِجَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ‏ حَتَّى نَنْظُرَ إِلَى وَلِيِّ أَمْرِكَ صَلَوَاتُكَ عَلَيْهِ ظَاهِرَ الْمَقَالَةِ وَاضِحَ الدَّلاَلَةِ هَادِياً مِنَ الضَّلاَلَةِ شَافِياً مِنَ الْجَهَالَةِ أَبْرِزْ يَا رَبِّ مُشَاهَدَتَهُ وَثَبِّتْ قَوَاعِدَهُ‏ وَاجْعَلْنَا مِمَّنْ تَقَرُّ عَيْنُهُ بِرُؤْيَتِهِ وَأَقِمْنَا بِخِدْمَتِهِ وَتَوَفَّنَا عَلَى مِلَّتِهِ وَاحْشُرْنَا فِي زُمْرَتِهِ.

اللَّهُمَّ أَعِذْهُ مِنْ شَرِّ جَمِيعِ مَا خَلَقْتَ وَذَرَأْتَ وَبَرَأْتَ وَأَنْشَأْتَ وَصَوَّرْتَ‏ وَاحْفَظْهُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ وَعَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ (وَمِنْ فَوْقِهِ وَمِنْ تَحْتِهِ)بِحِفْظِكَ الَّذِي لاَ يَضِيعُ مَنْ حَفِظْتَهُ بِهِ وَاحْفَظْ فِيهِ رَسُولَكَ وَوَصِيَّ رَسُولِكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ السَّلاَمُ.

اللَّهُمَّ وَمُدَّ فِي عُمْرِهِ وَزِدْ فِي أَجَلِهِ وَأَعِنْهُ عَلَى مَا وَلَّيْتَهُ وَاسْتَرْعَيْتَهُ وَزِدْ فِي كَرَامَتِكَ لَهُ ‏فَإِنَّهُ الْهَادِي الْمَهْدِيُّ وَالْقَائِمُ الْمُهْتَدِي وَالطَّاهِرُ التَّقِيُّ الزَّكِيُّ النَّقِيُّ الرَّضِيُّ الْمَرْضِيُّ الصَّابِرُ الشَّكُورُ الْمُجْتَهِدُ.

اللَّهُمَّ وَلاَ تَسْلُبْنَا الْيَقِينَ لِطُولِ الْأَمَدِ فِي غَيْبَتِهِ وَانْقِطَاعِ خَبَرِهِ عَنَّا وَلاَ تُنْسِنَا ذِكْرَهُ وَانْتِظَارَهُ وَالْإِيمَانَ بِهِ وَقُوَّةَ الْيَقِينِ فِي ظُهُورِهِ وَالدُّعَاءَ لَهُ وَالصَّلاَةَ عَلَيْهِ‏ حَتَّى لاَ يُقَنِّطَنَا طُولُ غَيْبَتِهِ مِنْ قِيَامِهِ ‏وَيَكُونَ يَقِينُنَا فِي ذَلِكَ كَيَقِينِنَا فِي قِيَامِ رَسُولِكَ صَلَوَاتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَمَا جَاءَ بِهِ مِنْ وَحْيِكَ وَتَنْزِيلِكَ‏ فَقَوِّ قُلُوبَنَا عَلَى الْإِيمَانِ بِهِ حَتَّى تَسْلُكَ بِنَا عَلَى يَدَيْهِ مِنْهَاجَ الْهُدَى وَالْمَحَجَّةَ الْعُظْمَى وَالطَّرِيقَةَ الْوُسْطَى‏ وَقَوِّنَا عَلَى طَاعَتِهِ وَثَبِّتْنَا عَلَى مُتَابَعَتِهِ (مُشَايَعَتِهِ) وَاجْعَلْنَا فِي حِزْبِهِ وَأَعْوَانِهِ وَأَنْصَارِهِ وَالرَّاضِينَ بِفِعْلِهِ‏ وَلاَ تَسْلُبْنَا ذَلِكَ فِي حَيَاتِنَا وَلاَ عِنْدَ وَفَاتِنَا حَتَّى تَتَوَفَّانَا وَنَحْنُ عَلَى ذَلِكَ لاَ شَاكِّينَ وَلاَ نَاكِثِينَ وَلاَ مُرْتَابِينَ وَلاَ مُكَذِّبِينَ.

‏اللَّهُمَّ عَجِّلْ فَرَجَهُ وَأَيِّدْهُ بِالنَّصْرِ وَانْصُرْ نَاصِرِيهِ وَاخْذُلْ خَاذِلِيهِ وَدَمْدِمْ عَلَى مَنْ نَصَبَ لَهُ وَكَذَّبَ بِهِ ‏وَأَظْهِرْ بِهِ الْحَقَّ وَأَمِتْ بِهِ الْجَوْرَ وَاسْتَنْقِذْ بِهِ عِبَادَكَ الْمُؤْمِنِينَ مِنَ الذُّلِ‏ وَانْعَشْ بِهِ الْبِلاَدَ وَاقْتُلْ بِهِ جَبَابِرَةَ الْكُفْرِ وَاقْصِمْ بِهِ رُؤُوسَ الضَّلاَلَةِ وَذَلِّلْ بِهِ الْجَبَّارِينَ وَالْكَافِرِينَ وَأَبِرْ بِهِ الْمُنَافِقِينَ وَالنَّاكِثِينَ‏ وَجَمِيعَ الْمُخَالِفِينَ وَالْمُلْحِدِينَ فِي مَشَارِقِ الْأَرْضِ وَمَغَارِبِهَا وَبَرِّهَا وَبَحْرِهَا وَسَهْلِهَا وَجَبَلِهَا حَتَّى لاَ تَدَعَ مِنْهُمْ دَيَّاراً وَلاَ تُبْقِيَ لَهُمْ آثَاراً طَهِّرْ مِنْهُمْ بِلاَدَكَ وَاشْفِ مِنْهُمْ صُدُورَ عِبَادِكَ وَجَدِّدْ بِهِ مَا امْتَحَى مِنْ دِينِكَ وَأَصْلِحْ بِهِ مَا بُدِّلَ مِنْ حُكْمِكَ وَغُيِّرَ مِنْ سُنَّتِكَ‏حَتَّى يَعُودَ دِينُكَ بِهِ وَعَلَى يَدَيْهِ غَضّاً جَدِيداً صَحِيحاً لاَ عِوَجَ فِيهِ‏ وَلاَ بِدْعَةَ مَعَهُ حَتَّى تُطْفِئَ بِعَدْلِهِ نِيرَانَ الْكَافِرِينَ فَإِنَّهُ عَبْدُكَ الَّذِي اسْتَخْلَصْتَهُ لِنَفْسِكَ وَارْتَضَيْتَهُ لِنَصْرِ دِينِكَ ‏وَاصْطَفَيْتَهُ بِعِلْمِكَ وَعَصَمْتَهُ مِنَ الذُّنُوبِ وَبَرَّأْتَهُ مِنَ الْعُيُوبِ‏ وَأَطْلَعْتَهُ عَلَى الْغُيُوبِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ وَطَهَّرْتَهُ مِنَ الرِّجْسِ وَنَقَّيْتَهُ مِنَ الدَّنَسِ‏.

اللَّهُمَّ فَصَلِّ عَلَيْهِ وَعَلَى آبَائِهِ الْأَئِمَّةِ الطَّاهِرِينَ وَعَلَى شِيعَتِهِ الْمُنْتَجَبِينَ وَبَلِّغْهُمْ مِنْ آمَالِهِمْ مَا يَأْمُلُونَ‏ وَاجْعَلْ ذَلِكَ مِنَّا خَالِصاً مِنْ كُلِّ شَكٍّ وَشُبْهَةٍ وَرِيَاءٍ وَسُمْعَةٍ حَتَّى لاَ نُرِيدَ بِهِ غَيْرَكَ وَلاَ نَطْلُبَ بِهِ إِلاَّ وَجْهَكَ.

اللَّهُمَّ إِنَّا نَشْكُو إِلَيْكَ فَقْدَ نَبِيِّنَا وَغَيْبَةَ إِمَامِنَا (وَلِيِّنَا) وَشِدَّةَ الزَّمَانِ عَلَيْنَا وَوُقُوعَ الْفِتَنِ بِنَا وَتَظَاهُرَ الْأَعْدَاءِ عَلَيْنَا وَكَثْرَةَ عَدُوِّنَا وَقِلَّةَ عَدَدِنَا.

اللَّهُمَّ ففرج (فَافْرُجْ) ذَلِكَ عَنَّا بِفَتْحٍ مِنْكَ تُعَجِّلُهُ وَنَصْرٍ مِنْكَ تُعِزُّهُ وَإِمَامِ عَدْلٍ تُظْهِرُهُ إِلَهَ الْحَقِّ آمِينَ.

اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ أَنْ تَأْذَنَ لِوَلِيِّكَ فِي إِظْهَارِ عَدْلِكَ فِي عِبَادِكَ وَقَتْلِ أَعْدَائِكَ فِي بِلاَدِكَ ‏حَتَّى لاَ تَدَعَ لِلْجَوْرِ يَا رَبِّ دِعَامَةً إِلاَّ قَصَمْتَهَا وَلاَ بَقِيَّةً إِلاَّ أَفْنَيْتَهَا وَلاَ قُوَّةً إِلاَّ أَوْهَنْتَهَا وَلاَ رُكْناً إِلاَّ هَدَمْتَهُ وَلاَ حَدّاً إِلاَّ فَلَلْتَهُ وَلاَ سِلاَحاً إِلاَّ أَكْلَلْتَهُ ‏وَلاَ رَايَةً إِلاَّ نَكَّسْتَهَا وَلاَ شُجَاعاً إِلاَّ قَتَلْتَهُ وَلاَ جَيْشاً إِلاَّ خَذَلْتَهُ ‏وَارْمِهِمْ يَا رَبِّ بِحَجَرِكَ الدَّامِغِ وَاضْرِبْهُمْ بِسَيْفِكَ الْقَاطِعِ وَبَأْسِكَ الَّذِي لاَ تَرُدُّهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ ‏وَعَذِّبْ أَعْدَاءَكَ وَأَعْدَاءَ وَلِيِّكَ وَأَعْدَاءَ رَسُولِكَ صَلَوَاتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ بِيَدِ وَلِيِّكَ وَأَيْدِي عِبَادِكَ الْمُؤْمِنِينَ‏.

اللَّهُمَّ اكْفِ وَلِيَّكَ وَحُجَّتَكَ فِي أَرْضِكَ هَوْلَ عَدُوِّهِ وَكَيْدَ مَنْ أَرَادَهُ (كَادَهُ) وَامْكُرْ بِمَنْ مَكَرَ بِهِ ‏وَاجْعَلْ دَائِرَةَ السَّوْءِ عَلَى مَنْ أَرَادَ بِهِ سُوءاً وَاقْطَعْ عَنْهُ مَادَّتَهُمْ وَأَرْعِبْ لَهُ قُلُوبَهُمْ‏ وَزَلْزِلْ أَقْدَامَهُمْ وَخُذْهُمْ جَهْرَةً وَبَغْتَةً وَشَدِّدْ عَلَيْهِمْ عَذَابَكَ وَأَخْزِهِمْ فِي عِبَادِكَ ‏وَالْعَنْهُمْ فِي بِلاَدِكَ وَأَسْكِنْهُمْ أَسْفَلَ نَارِكَ وَأَحِطْ بِهِمْ أَشَدَّ عَذَابِكَ وَأَصْلِهِمْ نَاراً وَاحْشُ قُبُورَ مَوْتَاهُمْ نَاراً وَأَصْلِهِمْ حَرَّ نَارِكَ فَإِنَّهُمْ أَضَاعُوا الصَّلاَةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ وَأَضَلُّوا عِبَادَكَ وَأَخْرَبُوا بِلاَدَكَ.

اللَّهُمَّ وَأَحْيِ بِوَلِيِّكَ الْقُرْآنَ وَأَرِنَا نُورَهُ سَرْمَداً لاَ لَيْلَ فِيهِ وَأَحْيِ بِهِ الْقُلُوبَ الْمَيِّتَةَ وَاشْفِ بِهِ الصُّدُورَ الْوَغِرَةَ(57) وَاجْمَعْ بِهِ الْأَهْوَاءَ الْمُخْتَلِفَةَ عَلَى الْحَقِ‏ وَأَقِمْ بِهِ الْحُدُودَ الْمُعَطَّلَةَ وَالْأَحْكَامَ الْمُهْمَلَةَ حَتَّى لاَ يَبْقَى حَقٌّ إِلاَّ ظَهَرَ وَلاَ عَدْلٌ إِلاَّ زَهَرَ وَاجْعَلْنَا يَا رَبِّ مِنْ أَعْوَانِهِ وَمُقَوِّيَةِ سُلْطَانِهِ‏ وَالْمُؤْتَمِرِينَ لِأَمْرِهِ وَالرَّاضِينَ بِفِعْلِهِ وَالْمُسَلِّمِينَ لِأَحْكَامِهِ وَمِمَّنْ لاَ حَاجَةَ بِهِ إِلَى التَّقِيَّةِ مِنْ خَلْقِكَ‏.

وَأَنْتَ يَا رَبِّ الَّذِي تَكْشِفُ الضُّرَّ وَتُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاكَ‏ وَتُنْجِي مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ فَاكْشِفِ الضُّرَّ عَنْ وَلِيِّكَ وَاجْعَلْهُ خَلِيفَةً فِي أَرْضِكَ كَمَا ضَمِنْتَ لَهُ‏.

اللَّهُمَّ لاَ تَجْعَلْنِي مِنْ خُصَمَاءِ آلِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ وَلاَ تَجْعَلْنِي مِنْ أَعْدَاءِ آلِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ‏ وَلاَ تَجْعَلْنِي مِنْ أَهْلِ الْحَنَقِ وَالْغَيْظِ عَلَى آلِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ ‏فَإِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ ذَلِكَ فَأَعِذْنِي وَأَسْتَجِيرُ بِكَ فَأَجِرْنِي.

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَاجْعَلْنِي بِهِمْ فَائِزاً عِنْدَكَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ آمِينَ رَبَّ الْعَالَمِينَ‏
.(58)
__________________
(1) تفسير الإمام العسكري عليه السلام: 116.
(2) تفسير الإمام العسكري عليه السلام: 116.
(3) الكافي: 1/33.
(4) الكافي: 1/ 54.
(5) البحار: 8، ط حجر/ 484.
(6) البحار: 51/ 148 ح ،22 عن غيبة النعماني: 245 ح 46.
(7) مكيال المكارم: ج 1، ص 377، الباب الخامس.
(8) الكافي: ج 2، ص 491، باب الصلاة على النبي محمد وأهل بيته، ح 1، نص الحديث: (عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لا يزال الدعاء محجوباً حتى يصلي على محمد وآل محمد).
(9) أي يظهر جميع أحكام الدين حتى يعمل بها بلا تقية. (المؤلف).
(10) غاية المرام: 189 ح 105 وص 256 ح 24.
(11) ص 29، من هذا الكتاب وص 313 من كتاب جمال الأسبوع.
(12) الاحتجاج: 2/ 316.
(13) ص 40.
(14) والعبارة هي: إلى متى أجار فيك يا مولاي وإلى متى.
وفي القاموس: جأر يعني رفع الصوت بالدعاء والاستغاثة (المؤلف).
(15) مكيال المكارم: 2/ 216.
(16) الخرائج والجرائح: 73.
(17) مكيال المكارم: 2/ 215.
(18) النجم الثاقب: ص 774 _ فارسي _.
(19) البرهان: 1/ 442.
(20) الوسائل: 10/ 464 ح1.
(21) الكافي: 1/340.
(22) كمال الدين: 516 ح 44 نص الحديث (... وسيأتي من شيعتي من يدعي المشاهدة، ألا فمن أدعى المشاهدة قبل خروج السفياني والصيحة فهو كاذب مفتر... ).
(23) الاحتجاج: 2/ 478.
(24) الغيبة للشيخ الطوسي: 262، وعنه في البحار: 52/ 104 ح 8.
(25) الغيبة للشيخ الطوسي: 262.
(26) كمال الدين: 2/ 373، والآية من سورة الأعراف: 187.
(27) كمال الدين: 2/ 371.
(28) عن أمير المؤمنين عليه السلام في حديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة قال:... إياك ثم إياك أن تترك التقية التي أمرتك بها، فإنك شائط بدمك ودم إخوانك... راجع كتاب الاحتجاج للطبرسي، ج 1: 355.
(29) أي إقامة أحكام الدين الإسلامي متوقفة على وجود هؤلاء الأربعة.
(30) الخصال: 197ح 5.
(31) مكيال المكارم: 2/ 284.
(32) الاحتجاج: 2/ 325 وعنه في البحار: 53/ 177.
(33) الكافي: 8/ 233 ح 306.
(34) سورة الحديد: 16.
(35) البرهان: 4/ 291 ح1.
(36) البرهان: 4/ 291 ح 4.
(37) كمال الدين: 1/ 303 ح 14.
(38) مجمع البيان: 9/ 238.
(39) تحف العقول: 296، ولفظ الحديث: عن الباقر عليه السلام: (... وما ضرب عبد بعقوبة أعظم من قسوة القلب).
(40) أمالي الصدوق: 68/ المجلس 17 ح 4، وعنه في البحار: 44/ 278 ح1.
(41) الاحتجاج: 2/ 325.
(42) البحار: 96/ 216، والبرهان: 1/ 297، والآية من سورة آل عمران: 92.
(43) البحار: 96/ 216، والبرهان: 1/ 297، والآية من سورة آل عمران: 92.
(44) البحار: 96/ 216 ح5، والبرهان: 2/ 289، والآية من سورة الرعد: 21.
(45) البحار: 96/ 216 ح6.
(46) الفقيه: 2/ 72.
(47) المنتهى: 2/ 902.
(48) جواهر الكلام: مجلد الحج والجهاد ص 555، والمنتهى: 2/ 902.
(49) روضة الكافي: ص 381.
(50) مكيال المكارم: 2 / 397.
(51) كمال الدين: 1/ 288 ح8.
(52) البحار: 52 / 140.
(53) الكافي: 1/ 333.
(54) سورة الأنعام: 108.
(55) زاد المعاد: 438.
(56) جمال الأسبوع: 37.
(57) أي يا إلهي اشف بظهور حضرة صاحب الأمر عليه السلام صدور المؤمنين التي تقطعت على فراقه.
(58) جمال الأسبوع: 522، كمال الدين: 512، ح 43.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page