• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الجزء الأول سورة البقرة آیات 77الی83


أَ وَ لا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَ مَا يُعْلِنُونَ(77)
المعنى
« أ و لا يعلمون » يعني اليهود أن الله يعلم سرهم و علانيتهم فكيف يستجيزون أن يسروا إلى إخوانهم النهي عن التحدث بما هو الحق و هم مقرون بذلك غير جاحدين بأن الله يعلم سرهم و جهرهم كالكفار و المنافقين فهم من هذه الجهة ألوم و المذمة لهم ألزم عن أكثر المفسرين و قيل معناه أ و لا يعلمون أن الله يعلم ما يسرون من كفرهم
مجمع البيان ج : 1 ص : 288
و تكذيبهم محمدا إذا خلا بعضهم إلى بعض و ما يعلنون من قولهم آمنا إذا لقوا أصحاب محمد ليرضوهم بذلك عن قتادة و أبي العالية .
وَ مِنهُمْ أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتَب إِلا أَمَانىَّ وَ إِنْ هُمْ إِلا يَظنُّونَ(78)
القراءة
قرأ أبو جعفر و شيبة و الحسن أماني مخففة و الباقون بالتشديد و كذلك في قوله « ليس بأمانيكم و لا أماني أهل الكتاب » .

الحجة
قال ابن جني الأصل فيه التثقيل أماني جمع أمنية و التخفيف في هذا النحو كثير و المحذوف منه الياء الأولى التي هي نظيرة ياء المد مع غير الإدغام نحو ياء قراطيس و حوامين و أراجيح جمع حومانة و أرجوحة أ لا تراها قد حذفت في نحو قوله :
و البكرات الفسج العطامسا و قوله :
و غير سفع مثل يحامم يريد عطاميس و يحاميم على أن حذف الياء مع الإدغام أسهل من حذفه و لا إدغام معه و ذلك أن هذه الياء لما أدغمت خفيت و كادت تستهلك فإذا أنت حذفتها فكأنك إنما حذفت شيئا هو في حال وجوده في حكم المحذوف .

اللغة
الأمي الذي لا يحسن الكتابة و إنما سمي أميا لأحد وجوه ( أحدها ) أنه الأمة الخلقة فسمي أميا لأنه باق على خلقته و منه قول الأعشى :
و إن معاوية الأكرمين
حسان الوجوه طوال الأمم ( و ثانيها ) أنه مأخوذ من الأمة التي هي الجماعة أي هو على أصل ما عليه الأمة في أنه لا يكتب لأنه يستفيد الكتابة بعد أن لم يكن يكتب ( و ثالثها ) أنه مأخوذ من الأم أي هو على ما ولدته أمه في أنه لا يكتب و قيل إنما نسب إلى أمه لأن الكتابة إنما تكون في الرجال دون النساء و الأمنية ذكر فيها وجوه ( أحدها ) أن معناها التلاوة يقال تمنى كتاب الله أي قرأ و تلا و قال كعب بن مالك :
تمنى كتاب الله أول ليلة
و آخره لاقى حمام المقادر
مجمع البيان ج : 1 ص : 289
و قال آخر :
تمنى كتاب الله بالليل خاليا
تمني داود الزبور على رسل ( و ثانيها ) أن المراد بالأماني الأحاديث المختلفة عن الفراء و العرب تقول أنت إنما تتمنى هذا القول أي تختلقه و قال بعضهم ما تمنيت مذ أسلمت أي ما كذبت ( و ثالثها ) أن المراد بالأماني أنهم يتمنون على الله ما ليس لهم مثل قولهم « لن تمسنا النار إلا أياما معدودة » و قولهم « نحن أبناء الله و أحباؤه » و قال الزجاج إذا قال القائل ما لا يعلمه فكأنه إنما يتمناه و هذا مستعمل في كلام الناس تقول للذي يقول ما لا حقيقة له و هو يحبه هذا أمنيتي و هذه أمنيته و الظن هو ترجيح أحد الجانبين على الآخر لأمارة صحيحة و ليس هو من قبيل الاعتقادات على الصحيح من المذهب و في الناس من قال هو اعتقاد .

الإعراب
قال الزجاج يرتفع أميون بالابتداء و منهم الخبر و في قول الأخفش يرتفع أميون بفعلهم كان المعنى و استقر منهم قال أبو علي ليس يرتفع أميون عند الأخفش بفعلهم و إنما يرتفع بالظرف الذي هو منهم و مذهب سيبويه أنه يرتفع بالابتداء ففي منهم عنده ضمير لقوله أميون و موضع منهم على مذهبه رفع لوقوعه موقع خبر الابتداء فأما على مذهب الأخفش فلا ضمير لقوله أميون في منهم و لا موضع له عنده كما لا موضع لذهب في قولك ذهب زيد و إنما رفع الأخفش الاسم بالظرف لأنه نظر إلى هذه الظروف فوجدها تجري مجرى الفعل في مواضع و في أنها تحتمل الضمير كما يحتمله الفعل و ما قام مقامه من أسماء الفاعلين و ما أشبه به و يؤكد ما فيها كما يؤكد ما في الفعل و ما قام مقامه في نحو مررت بقوم لك أجمعون و ينصب عنها الحال كما ينصب بالفعل و يوصل بهما الأسماء الموصولة كما يوصل بالفعل و الفاعل فيصير فيها ضمير الموصول كما يصير ضميره في الفعل و يوصف به النكرة كما يوصف بالفعل و الفاعل فلما رآها في هذه المواضع تقوم مقام الفعل أجراها أيضا مبتدأ مجرى الفعل فرفع بها الاسم كما رفع بالفعل إذا قامت هذه الظروف مقام الفعل في هذه المواضع فقال في عندك زيد و في الدار عمرو و منهم أميون و نحو ذلك أنه يرتفع بالظرف إذ كان الظرف قد أقيم مقام الفعل في غير هذه المواضع و الدليل على أن الاسم هاهنا مرتفع بالظرف دون الفعل الذي هو استقر و نحوه أنه لو كان مرتفعا بالفعل لجاز قائما في الدار زيد كما يجوز قائما استقر زيد فامتناع تقديم الحال هنا
مجمع البيان ج : 1 ص : 290
يدل على أنه لا عمل للفعل هنا و قوله « إلا أماني » نصب على الاستثناء المنقطع كقوله « ما لهم به من علم إلا اتباع الظن » و كقول الشاعر :
ليس بيني و بين قيس عتاب
غير طعن الكلى و ضرب الرقاب و قول النابغة :
حلفت يمينا غير ذي مثنوية
و لا علم إلا حسن ظن بصاحب و إن في قوله « إن هم » بمعنى ما أي ما هم إلا ظانون فهم مبتدأ و يظنون خبره .

المعنى
« و منهم » يعني و من هؤلاء اليهود الذين قص الله قصصهم في هذه الآيات و قطع الطمع عن إيمانهم « أميون » أي غير عالمين بمعاني الكتاب يعلمونها حفظا و تلاوة لا رعاية و دراية و فهما لما فيه عن ابن عباس و قتادة و قال أبو عبيدة الأميون هم الأمم الذين لم ينزل عليهم كتاب و النبي الأمي الذي لا يكتب و أنشد لتبع :
له أمة سميت في الزبور
أمية هي خير الأمم و قوله « لا يعلمون الكتاب » أي لا يعلمون ما في الكتاب الذي أنزل الله عز و جل و لا يدرون ما أودعه الله إياه من الحدود و الأحكام و الفرائض فهم كهيئة البهائم مقلدة لا يعرفون ما يقولون و الكتاب المعنى به التوراة أدخل عليه لام التعريف « إلا » بمعنى لكن « أماني » أي قولا يقولونه بأفواههم كذبا عن ابن عباس و قيل أحاديث يحدثهم بها علماؤهم عن الكلبي و قيل تلاوة يتلونها و لا يدرونها عن الكسائي و الفراء و قيل أماني يتمنون على الله الرحمة و يخطر الشيطان ببالهم أن لهم عند الله خيرا و يتمنون ذهاب الإسلام بموت الرسول (صلى الله عليهوآلهوسلّم) و عود الرياسة إليهم و قيل أماني يتخرصون الكذب و يقولون الباطل و التمني في هذا الموضع هو تخلق الكذب و تخرصه و يقوي ذلك قوله « و إن هم إلا يظنون » فبين أنهم يختلقون ما يختلقون من الكذب ظنا لا يقينا و لو كان المعنى أنهم يتلونه لما كانوا ظانين و كذلك لو كانوا يتمنونه لأن الذي يتلوه إذا تدبره علمه و لا يقال للمتمني في حال وجود تمنيه أنه يظن تمنيه و لا أنه شاك فيما هو عالم به و اليهود الذين عاصروا النبي لم يشكوا في أن التوراة من عند الله و قوله « و إن هم إلا يظنون » و معناه أنهم يشكون و في هذه الآية دلالة على أن التقليد في معاني الكتاب و فيما طريقه العلم غير جائز و أن الاقتصار على
مجمع البيان ج : 1 ص : 291
الظن في أبواب الديانات لا يجوز و أن الحجة بالكتاب قائمة على جميع الخلق و إن لم يكونوا عالمين إذا تمكنوا من العلم به و إن من الواجب أن يكون التعويل على معرفة معاني الكتاب لا على مجرد تلاوته .
فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَب بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِندِ اللَّهِ لِيَشترُوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَت أَيْدِيهِمْ وَ وَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا يَكْسِبُونَ(79)
اللغة
الويل في اللغة كلمة يستعملها كل واقع في هلكة و أصله العذاب و الهلاك و مثله الويح و الويس و قال الأصمعي هو التقبيح و منه و لكم الويل مما تصفون و قال المفضل معناه الحزن و قال قوم هو الهوان و الخزي و منه قول الشاعر :
يا زبرقان أخا بني خلف
ما أنت ويل أبيك و الفخر و أصل الكسب العمل الذي يجلب به نفع أو يدفع به ضرر و كل عامل عملا بمباشرة منه له و معاناة فهو كاسب له قال لبيد :
لمعفر قهد تنازع شلوه
غبس كواسب ما يمن طعامها و قيل الكسب عبارة عن كل عمل بجارحة يجتلب به نفع أو يدفع به مضرة و منه يقال للجوارح من الطير كواسب .

الإعراب
ويل رفع بالابتداء و خبره للذين قال الزجاج و لو كان في غير القرآن لجاز فويلا للذين على معنى جعل الله ويلا للذين و الرفع على معنى ثبوت الويل للذين و قال غيره إذا أضفت ويل و ويح و ويس نصبت من غير تنوين فقلت ويح زيد و ويل زيد و أما التعس و البعد و ما أشبههما فلا يحسن فيها الإضافة بغير لام فلذلك لم ترفع و إنما يقال في نحوها تعسا له و بعدا له و تبا له و قد نصب أيضا ويل و ويح مع اللام فقالوا ويلا لزيد و ويحا
مجمع البيان ج : 1 ص : 292
له قال الشاعر :
كسا اللؤم تيما خضرة في جلودها
فويلا لتيم من سرابيلها الخضر .

المعنى
ثم عاد سبحانه إلى ذكر علماء اليهود فقال « فويل للذين يكتبون الكتاب » قال ابن عباس الويل في الآية العذاب و قيل جبل في النار و روى الخدري عن النبي (صلى الله عليهوآلهوسلّم) أنه واد في جهنم يهوي فيه الكافر أربعين خريفا قبل أن يبلغ قعره و الأصل فيه ما ذكرناه من أنه كلمة التحسر و التفجع و التلهف و التوجع يقولها كل مكروب هالك و في التنزيل يا ويلتنا ما لهذا الكتاب و قوله « للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله » معناه يتولون كتابته ثم يضيفونه إلى الله سبحانه كقوله سبحانه « مما علمت أيدينا » أي نحن تولينا ذلك لم نكله إلى أحد من عبادنا و مثله خلقت بيدي و يقال رأيته بعيني و سمعته بإذني و لقيته بنفسي و المعنى في جميع ذلك التأكيد و أيضا فقد يضيف الإنسان الكتاب إلى نفسه و قد أمر غيره بالكتابة عنه فيقول أنا كتبت إلى فلان و هذا كتابي إلى فلان و كقوله سبحانه « يذبح أبناءهم » و إنما أمر به فأعلمنا الله سبحانه أنهم يكتبونه بأيديهم و يقولون هو من عند الله و قد علموا يقينا أنه ليس من عنده و قيل معناه أنهم فعلوا ذلك من تلقاء أنفسهم كالرجل إذا اخترع مذهبا أو قولا لم يسبق إليه يقال له هذا مذهبك و هذا قولك و أن كان جميع ما يؤخذ عنه من الأقوال قوله و المراد أن هذا من تلقاء نفسك و أنك لم تسبق إليه و قيل كتابتهم بأيديهم أنهم عمدوا إلى التوراة و حرفوا صفة النبي (صلى الله عليهوآلهوسلّم) ليوقعوا الشك بذلك للمستضعفين من اليهود و هو المروي عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) و عن جماعة من أهل التفسير و قيل كانت صفته في التوراة أسمر ربعة فجعلوه آدم طويلا و في رواية عكرمة عن ابن عباس قال إن أحبار اليهود وجدوا صفة النبي (صلى الله عليهوآلهوسلّم) مكتوبة في التوراة أكحل أعين ربعة حسن الوجه فمحوه من التوراة حسدا و بغيا فأتاهم نفر من قريش فقالوا أ تجدون في التوراة نبيا منا قالوا نعم نجده طويلا أزرق سبط الشعر ذكره الواحدي بإسناده في الوسيط و قيل المراد بالآية كاتب كان يكتب للنبي فيغير ما يملى عليه ثم ارتد و مات فلفظته الأرض و الأول أوجه لأنه أليق بنسق الكلام و قوله « ليشتروا به ثمنا قليلا » يريد ليأخذوا به ما كانوا يأخذونه من عوامهم من الأموال و إنما ذكر لفظ الاشتراء توسعا و المراد أنهم تركوا الحق و أظهروا الباطل ليأخذوا على ذلك شيئا كمن يشتري السلعة بما يعطيه و الفائدة في قوله « ثمنا قليلا » أن كل ثمن له لا يكون إلا قليلا و للعرب في ذلك طريقة معروفة يعرفها من تصفح كلامهم و قيل إنما بالقلة لأنه عرض الدنيا و هو قليل المدة كقوله تعالى « قل متاع الدنيا قليل » عن أبي العالية و قيل إنما قال
مجمع البيان ج : 1 ص : 293
قليل لأنه حرام و قوله « فويل لهم مما كتبت أيديهم » أي عذاب لهم و خزي لهم و قبح لهم مما فعلوا من تحريف الكتاب « و ويل لهم مما يكسبون » من المعاصي و قيل مما يجمعون من المال الحرام و الرشى التي يأخذونها عن العوام .
وَ قَالُوا لَن تَمَسنَا النَّارُ إِلا أَيَّاماً مَّعْدُودَةً قُلْ أَ تخَذْتمْ عِندَ اللَّهِ عَهْداً فَلَن يخْلِف اللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ(80)
اللغة
المس نظير اللمس و الفرق بينهما أن مع اللمس إحساسا و أصله اللصوق و حده الجمع بين الشيئين على نهاية القرب و الإخلاف نقض ما تقدم من العهد بالفعل .

الإعراب
أياما انتصب على الظرف و أصل اتخذتم أ اتخذتم دخلت همزة الاستفهام على همزة الوصل فسقطت همزة الوصل و من القراء من أدغم الذال في التاء من اتخذتم و فيهم من لم يدغم و أم هاهنا يحتمل أن تكون متصلة على المعادلة لهمزة الاستفهام كأنه قال على أي الحالتين أنتم أ تقولون على الله ما تعلمون أم تقولون عليه ما لا تعلمون و يحتمل أن تكون منقطعة على تقدير تمام الكلام قبله فيكون بمعنى بل و الهمزة كأنه استأنف فقال بل أ تقولون .

النزول
قال ابن عباس و مجاهد قدم رسول الله (صلى الله عليهوآلهوسلّم) المدينة و اليهود تزعم أن مدة الدنيا سبعة آلاف سنة و إنما يعذب بكل ألف سنة يوما واحدا ثم ينقطع العذاب فأنزل الله هذه الآية و قال أبو العالية و عكرمة و قتادة هي أربعون يوما لأنها عدد الأيام التي عبدوا فيها العجل .

المعنى
« و قالوا » أي قالت اليهود « لن تمسنا النار » أي لن تصيبنا « إلا أياما معدودة » معناه أياما قلائل كقوله دراهم معدودة و قيل معدودة محصاة و المعدودة إذا أطلقت كان معناها القليلة قال الله سبحانه « قل » يا محمد لهم « اتخذتم عند الله عهدا » أي موثقا إنه لا يعذبكم إلا هذه المدة و عرفتم ذلك بوحيه و تنزيله فإن كان ذلك فالله سبحانه لا ينقض عهده و ميثاقه « أم تقولون على الله » الباطل جهلا منكم به و جرأة عليه .

مجمع البيان ج : 1 ص : 294
بَلى مَن كَسب سيِّئَةً وَ أَحَطت بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَئك أَصحَب النَّارِ هُمْ فِيهَا خَلِدُونَ(81) وَ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَ عَمِلُوا الصلِحَتِ أُولَئك أَصحَب الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَلِدُونَ(82)
القراءة
قرأ أهل المدينة خطيئاته على الجمع و الباقون على التوحيد .

الحجة
قال أبو علي يجوز أن يكون من للجزاء الجازم و يجوز أن يكون للجزاء غير الجازم فتكون السيئة و إن كانت مفردة يراد بها الكثرة و كذلك تكون خطيئة مفردة و إنما حسن أن يفرد لأنه مضاف إلى ضمير مفرد و إن كان يراد به الكثرة كما قال تعالى بلى من أسلم وجهه لله و هو محسن فله أجره عند ربه فأفرد الوجه و الأجر و إن كان في المعنى جمعا في الموضعين فكذلك المضاف إليه الخطيئة لما لم يكن جمعا لم يجمع كما جمعت في قوله نغفر لكم خطاياكم و ليغفر لنا خطايانا لأن ذلك مضاف إلى جمع و من قال خطيئاته فجمع حمله على المعنى و المعنى الجمع و الكثرة و يدل عليه قوله « فأولئك أصحاب النار » فأولئك خبر المبتدأ الذي هو من في قول من جعله جزاء مجزوما و في كلا الوجهين يراد به من في قوله « بلى من كسب سيئة » و مما يدل على أن من يراد به الكثرة فيجوز لذلك أن يجمع خطيئة لأنها مضافة إلى جمع في المعنى قوله بعد هذه « و الذين آمنوا و عملوا الصالحات أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون » أ لا ترى أن الذين جمع و هو معادل به فكذلك المعادل به يكون جمعا مثل ما عودل .

الإعراب
بلى جواب لقولهم لن تمسنا النار إلا أياما معدودة و الفرق بين بلى و نعم أن بلى جواب النفي و نعم جواب الإيجاب قال الفراء إنما امتنعوا من استعمال نعم في جواب الجحد لأنه إذا قال لغيره ما لك علي شيء فقال له نعم فقد صدقه و كأنه قال نعم ليس لي عليك شيء و إذ قال بلى فإنما هو رد لكلامه أي لي عليك شيء و قوله « هم فيها خالدون » عطف هذه الجملة على الأولى بغير حرف العطف لأن في الجملة الثانية ذكرا ممن في الأولى و الضمير يربط الكلام الثاني بالأول كما أن حرف العطف يربطه به مثل قوله « أنهم كانوا قبل ذلك محسنين كانوا قليلا من الليل ما يهجعون » و قال في موضع آخر و كانوا يصرون بالواو و قال « سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم و يقولون خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب و يقولون سبعة و ثامنهم كلبهم » فحذفت الواو من قوله رابعهم و سادسهم استغناء
مجمع البيان ج : 1 ص : 295
عنها بما في الجملة من ذكر ما في الأول لأن الحرف يدل على الاتصال و ما في الجملة من ذكر ما تقدمها اتصال أيضا فاستغنى به عنه .

المعنى
رد الله تعالى على اليهود قولهم لن تمسنا النار إلا أياما معدودة فقال « بلى » أي ليس الأمر كما قالوا و لكن « من كسب سيئة » اختلف في السيئة فقال ابن عباس و مجاهد و قتادة و غيرهم السيئة هاهنا الشرك و قال الحسن هي الكبيرة الموجبة للنار و قال السدي هي الذنوب التي أوعد الله عليها النار و القول الأول يوافق مذهبنا لأن ما عدا الشرك لا يستحق به الخلود في النار عندنا و قوله « أحاطت به خطيئته » يحتمل أمرين ( أحدهما ) أنها أحدقت به من كل جانب كقوله تعالى « و إن جهنم لمحيطة بالكافرين » ( و الثاني ) أن المعنى أهلكته من قوله « إلا أن يحاط بكم » و قوله « و ظنوا أنهم أحيط بهم » و قوله « و أحيط بثمره » و هذا كله بمعنى البوار و الهلكة فالمراد أنها سدت عليهم طريق النجاة و روي عن ابن عباس و الضحاك و أبي العالية أن المراد بالخطيئة الشرك و عن الحسن إنها الكبيرة و عن عكرمة و مقاتل إنها الإصرار على الذنب و إنما قال « من كسب سيئة و أحاطت به خطيئته » و لم يقل و أحاطت به سيئته خالف بين اللفظين ليكون أبلغ و أفصح « فأولئك أصحاب النار » أي يصحبون النار و يلازمونها « هم فيها خالدون » أي دائمون أبدا عن ابن عباس و غيره و الذي يليق بمذهبنا من تفسير هذه الآية قول ابن عباس لأن أهل الإيمان لا يدخلون في حكم هذه الآية و قوله « و أحاطت به خطيئته » يقوي ذلك لأن المعنى أن خطاياه قد اشتملت عليه و أحدقت به حتى لا يجد عنها مخلصا و لا مخرجا و لو كان معه شيء من الطاعات لم تكن السيئة محيطة به من كل وجه و قد دل الدليل على بطلان التحابط و لأن قوله تعالى « و الذين آمنوا و عملوا الصالحات أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون » فيه وعد لأهل التصديق و الطاعة بالثواب الدائم فكيف يجتمع الثواب الدائم مع العقاب الدائم و يدل أيضا على أن المراد بالسيئة في الآية الشرك فيبطل الاحتجاج بالآية على دخول العمل في الإيمان على ما ذكره أهل التفسير أن سيئة واحدة لا تحبط جميع الأعمال عند أكثر الخصوم فلا يمكن إذا إجراء الآية على العموم فيجب أن يحمل على أكبر السيئات و أعظم الخطيئات و هو الشرك ليمكن الجمع بين الآيتين .

مجمع البيان ج : 1 ص : 296
وَ إِذْ أَخَذْنَا مِيثَقَ بَنى إِسرءِيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلا اللَّهَ وَ بِالْوَلِدَيْنِ إِحْساناً وَ ذِى الْقُرْبى وَ الْيَتَمَى وَ الْمَسكينِ وَ قُولُوا لِلنَّاسِ حُسناً وَ أَقِيمُوا الصلَوةَ وَ ءَاتُوا الزَّكوةَ ثمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلا قَلِيلاً مِّنكمْ وَ أَنتُم مُّعْرِضونَ(83)
القراءة
قرأ ابن كثير و حمزة و الكسائي لا يعبدون بالياء و الباقون بالتاء و قرأ حمزة و الكسائي و قولوا للناس حسنا بفتح الحاء و السين و الباقون حسنا بضم الحاء و إسكان السين .

الحجة
حجة من قرأ « لا تعبدون » بالتاء على الخطاب قوله « إذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب و حكمة ثم جاءكم » إلى آخر الآية و يقويه قوله « و قولوا » و قوله « ثم توليتم إلا قليلا منكم و أنتم معرضون » فإذا كان هذا خطابا و هو عطف على ما تقدم وجب أن يكون المعطوف عليه في حكمه و حجة من قرأ بالياء قوله « قل للذين كفروا أن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف » فحمله على لفظ الغيبة و أما قوله « حسنا » فمن قرأه بضم الحاء ففيه ثلاثة أوجه ( أحدها ) أن يكون الحسن بمعنى الحسن كالنجل و النجل و الرشد و الرشد و جاز ذلك في الصفة كما جاز في الاسم قالوا العرب و العرب و هو صفة بدلالة قولهم مررت بقوم عرب أجمعين فعلى هذا يكون الحسن صفة كالحلو و المر و ( ثانيها ) أن يكون الحسن مصدرا كالشكر و الكفر و حذف المضاف معه أي قولوا قولا ذا حسن و ( ثالثها ) أن يكون منصوبا على أنه مصدر الفعل الذي دل عليه الكلام أي ليحسن قولكم حسنا و من قرأه حسنا جعله صفة و تقديره و قولوا للناس قولا حسنا كقوله تعالى فأمتعه قليلا أي متاعا قليلا .

اللغة
الأخذ ضد الإعطاء و القربى مصدر قولهم قربت مني رحم فلان قرابة و قربى و قربا و اليتامى جمع يتيم مثل نديم و ندامى و اليتيم الذي مات أبوه إلى أن يبلغ الحلم و لا يقال لمن ماتت أمه يتيم يقال لمن يتم ييتم يتما إذا فقد أباه هذا في الإنسان فأما في غير الإنسان فيتمه من قبل أمه قال الأصمعي إن اليتم في الناس من قبل الأب و في
مجمع البيان ج : 1 ص : 297
غير الناس من قبل الأم و المسكين هو المتخشع المتذلل من الحاجة مأخوذ من السكون كأنه قد أسكنه الفقر .

الإعراب
قوله « لا تعبدون » لا يخلو إما أن يكون حالا أو يكون تلقي القسم أو يكون على لفظ الخبر و المعنى معنى الأمر أو يكون على تقدير أن لا تعبدوا فتحذف أن فيرتفع الفعل فإن جعلته حالا فالأولى أن يكون بالياء ليكون في الحال ذكر من ذي الحال و كأنه قال أخذنا ميثاقهم موحدين و إن جعلته تلقي قسم و عطفت عليه الأمر و هو قوله « و قولوا » كنت قد جمعت بين أمرين لا يجمع بينهما فإن لم تحمل الأمر على القسم و أضمرت القول كأنه قال و إذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل تعبدون إلا الله و قلنا و أحسنوا بالوالدين إحسانا فيكون و قلنا على هذا معطوفا على أخذنا جاز لأن أخذ الميثاق قول فكأنه قال قلنا هم كذا و كذا و إن حملته على أن اللفظ لفظ خبر و المعنى معنى الأمر يكون مثل قوله « تؤمنون بالله و رسوله » و يدل على ذلك قوله يغفر لكم و يؤكد ذلك أنه قد عطف عليه بالأمر و هو قوله « و بالوالدين إحسانا » « و قولوا » « و أقيموا الصلاة » و إن حملته على أن المعنى أخذنا ميثاقهم بأن لا تعبدوا فلما حذف أن ارتفع الفعل كما قال طرفة :
ألا أيهذا الزاجري أحضر الوغى
و أن أشهد اللذات هل أنت مخلدي فإن هذا قول أن حملته عليه كان فيه حذف بعد حذف و زعم سيبويه أن حذف أن من هذا النحو قليل و قوله « و بالوالدين إحسانا » الحرف الجار يتعلق بفعل مضمر و لا يجوز أن يتعلق بقوله « إحسانا » لأن ما تعلق بالمصدر لا يجوز أن يتقدم عليه .
و أحسن يصل إلى المفعول بالباء كما يصل بالي يدلك على ذلك قوله و قد أحسن بي إذا أخرجني من السجن فتعدى بالباء كما تعدى بالي في قوله و أحسن كما أحسن الله إليك و قوله « ثم توليتم إلا قليلا منكم » قال الزجاج نصب قليلا على الاستثناء المعنى أستثني قليلا منكم قال أبو علي إن في هذا التمثيل إيهاما أن الاسم المستثنى ينتصب على معنى أستثني أو بإلا و ليس كذلك بل ينتصب الاسم المستثنى عن الجملة التي قبل إلا بتوسط إلا كما ينتصب الطيالسة و نحوها في قولك جاء البرد و الطيالسة و ما صنعت و أباك عن الجملة التي قبل الواو بتوسط الواو و يدل على ذلك قولهم ما جاءني إلا زيد فلو كان لإلا أو لما يدل عليه عمل في المستثنى لجاز نصب هذا كما أنك لو قلت أستثني زيدا لنصبته فإن قيل لا يجوز النصب هنا لأن الفعل يبقى فارغا بلا فاعل قيل فهلا ذلك امتناع هذا من الجواز على أن ما بعد إلا متصل بما قبلها و أنه ليس لإلا فيه عمل و لا أثر إلا ما يدل عليه من معنى الاستثناء .

مجمع البيان ج : 1 ص : 298
المعنى
ثم عاد سبحانه إلى ذكر بني إسرائيل فقال « و » اذكروا « إذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل » أي عهدهم و قيل الميثاق الأدلة من جهة العقل و الشرع و قيل هو مواثيق الأنبياء على أممهم و العهد و الميثاق لا يكون إلا بالقول فكأنه قال أمرناهم و وصيناهم و أكدنا عليهم و قلنا لهم و الله « لا تعبدون » إذا حملناه على جواب القسم و إذا حملناه على الحال أو على أن معناه الأمر فكما قلناه قبل و إذا حملناه على حذف أن فتقديره و إذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل بأن لا تعبدوا « إلا الله » وحده دون ما سواه من الأنداد « و » بأن تحسنوا إلى « الوالدين إحسانا » و الإحسان الذي أخذ عليهم الميثاق بأن يفعلوه إلى الوالدين هو ما فرض على أمتنا أيضا من فعل المعروف بهما و القول الجميل و خفض جناح الذل لهما و التحنن عليهما و الرأفة بهما و الدعاء بالخير لهما و ما أشبه ذلك و قوله « و ذي القربى » أي و بذي القربى أن تصلوا قرابته و رحمه « و اليتامى » أي و باليتامى أن تعطفوا عليهم بالرأفة و الرحمة « و المساكين » أي و بالمساكين أن تؤتوهم حقوقهم التي أوجبها الله عليهم في أموالهم و قوله « و قولوا للناس حسنا » فيه عدول إلى الخطاب بعد الخبر و إنما استجازت العرب ذلك لأن الخبر إنما كان عمن خاطبوه بعينه لا عن غيره و قد يخاطبون أيضا ثم يصيرون بعد الخطاب إلى الخبر فمثال الأول قول عنترة :
شطت مزار العاشقين فأصبحت
عسرا علي طلابك ابنة مخرم و مثال الثاني قول كثير عزة :
أسيئي بنا أو أحسني لا ملومة
لدينا و لا مقلية إن تقلت و قيل معناه قلنا لهم قولوا و اختلف في معنى قوله حسنا فقيل هو القول الحسن الجميل و الخلق الكريم و هو مما ارتضاه الله و أحبه عن ابن عباس و قيل هو الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر عن سفيان الثوري و قال الربيع بن أنس « قولوا للناس حسنا » أي معروفا و روى جابر عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) في قوله « و قولوا للناس حسنا » قال قولوا للناس أحسن ما تحبون أن يقال لكم فإن الله يبغض اللعان السباب الطعان على المؤمنين الفاحش المتفحش السائل الملحف و يحب الحليم العفيف المتعفف ثم اختلف فيه من وجه آخر فقيل هو عام في المؤمن و الكافر على ما روي عن الباقر (عليه السلام) و قيل هو خاص في المؤمن و اختلف من قال أنه عام فقال ابن عباس و قتادة أنه منسوخ ب آية السيف
مجمع البيان ج : 1 ص : 299
و بقوله (عليه السلام) قاتلوهم حتى يقولوا لا إله إلا الله أو يقروا بالجزية و قد روي ذلك أيضا عن الصادق (عليه السلام) و قال الأكثرون إنها ليست بمنسوخة لأنه يمكن قتالهم مع حسن القول في دعائهم إلى الإيمان كما قال الله تعالى « ادع إلى سبيل ربك بالحكمة و الموعظة الحسنة و جادلهم بالتي هي أحسن » و قال في آية أخرى « و لا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم » و قوله « و أقيموا الصلوة » أي أدوها بحدودها الواجبة عليكم « و آتوا الزكوة » أي أعطوها أهلها كما أوجبها الله عليكم روي عن ابن عباس أن الزكاة التي فرضها الله على بني إسرائيل كانت قربانا تهبط إليه نار من السماء فتحمله فكان ذلك تقبله و متى لم تفعل النار به ذلك كان غير متقبل و روي عنه أيضا أن المعني به طاعة الله و الإخلاص و قوله « ثم توليتم » أي أعرضتم « إلا قليلا منكم و أنتم معرضون » أخبر الله سبحانه عن اليهود أنهم نكثوا عهده و نقضوا ميثاقه و خالفوا أمره و تولوا عنه معرضين إلا من عصمة الله منهم فوفى الله بعهده و ميثاقه و وصف هؤلاء بأنهم قليل بالإضافة إلى أولئك و اختلف فيه فقيل أنه خطاب لمن كان بين ظهراني مهاجر رسول الله (صلى الله عليهوآلهوسلّم) من يهود بني إسرائيل و ذم لهم بنقضهم الميثاق الذي أخذ عليهم في التوراة و تبديلهم أمر الله و ركوبهم معاصيه و قيل أنه خطاب لأسلافهم المذكورين في أول الآية و إنما جمع بين التولي و الإعراض و إن كان معناهما واحدا تأكيدا و قيل معنى تولوا فعلوا الإعراض و هم معرضون أي مستمرون على ذلك و في هذه الآية دلالة على ترتيب الحقوق فبدأ الله سبحانه بذكر حقه و قدمه على كل حق لأنه الخالق المنعم بأصول النعم ثم ثنى بحق الوالدين و خصهما بالمزية لكونهما سببا للوجود و إنعامهما بالتربية ثم ذكر ذوي القربى لأنهم أقرب إلى المكلف من غيرهم ثم ذكر حق اليتامى لضعفهم و الفقراء لفقرهم


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page