• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الجزء السادس سورة النساء آیات148 الی154

لا يحِب اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلا مَن ظلِمَ  وَ كانَ اللَّهُ سمِيعاً عَلِيماً(148) إِن تُبْدُوا خَيراً أَوْ تخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَن سوء فَإِنَّ اللَّهَ كانَ عَفُوًّا قَدِيراً(149)
القراءة
القراءة على ضم الظاء من « ظلم » و روي عن ابن عباس و سعيد بن جبير و الضحاك و عطاء بن السائب و غيرهم إلا من ظلم بفتح الظاء و اللام .

الحجة
قال ابن جني « ظلم » و ظلم جميعا على الاستثناء المنقطع أي لكن من ظلم فإن الله لا يخفى عليه أمره و دل عليه قوله « و كان الله سميعا عليما » و موضع من نصب في الوجهين جميعا قال الزجاج فيكون المعنى لكن المظلوم يجهر بظلامته تشكيا و لكن الظالم يجهر بذلك ظلما قال و يجوز أن يكون موضع من رفعا على معنى لا يحب الله أن يجهر بالسوء من القول إلا من ظلم فيكون من بدلا من معنى أحد و المعنى لا يحب الله أن يجهر أحد بالسوء من القول إلا المظلوم قال و فيها وجه آخر لا أعلم أحدا من النحويين ذكره و هو أن يكون على معنى لكن الظالم اجهروا له بالسوء من القول .

المعنى
« لا يحب الله الجهر بالسوء من القول » قيل في معناه أقوال ( أحدها ) لا يحب الله الشتم في الانتصار « إلا من ظلم » فلا بأس له أن ينتصر ممن ظلمه بما يجوز الانتصار به في الدين عن الحسن و السدي و هو المروي عن أبي جعفر (عليه السلام) و نظيره و انتصروا من بعد ما ظلموا قال الحسن و لا يجوز للرجل إذا قيل له يا زاني أن يقابل له بمثل ذلك من أنواع الشتم ( و ثانيها ) إن معناه لا يحب الله الجهر بالدعاء على أحد إلا أن يظلم إنسان 
مجمع البيان ج : 3  ص :  202
فيدعو على من ظلمه فلا يكره ذلك عن ابن عباس و قريب منه قول قتادة و يكره رفع الصوت بما يسوء الغير إلا المظلوم يدعو على من ظلمه ( و ثالثها ) إن المراد لا يحب أن يذم أحدا أحد أو يشكوه أو يذكره بالسوء إلا أن يظلم فيجوز له أن يشكو من ظلمه و يظهر أمره و يذكره بسوء ما قد صنعه ليحذره الناس عن مجاهد و روي عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه الضيف ينزل بالرجل فلا يحسن ضيافته فلا جناح عليه في أن يذكره بسوء ما فعله « و كان الله سميعا » لما يجهر به من سوء القول « عليما » بصدق الصادق و كذب الكاذب فيجازي كلا بعمله و في هذه الآية دلالة على أن الرجل إذا هتك ستره و أظهر فسقه جاز إظهار ما فيه و قد جاء في الحديث قولوا في الفاسق ما فيه يعرفه الناس و لا غيبة لفاسق و فيها ترغيب في مكارم الأخلاق و نهي عن كشف عيوب الخلق و إخبار بتنزيه ذاته تعالى عن إرادة القبائح فإن المحبة إذا تعلقت بالفعل فمعناها الإرادة ثم خاطب سبحانه جميع المكلفين فقال « أن تبدوا » أي تظهروا « خيرا » أي حسنا جميلا من القول لمن أحسن إليكم شكرا على إنعامه عليكم « أو تخفوه » أي تتركوا إظهاره و قيل معناه إن تفعلوا خيرا أو تعزموا عليه و قيل يريد بالخير المال أي تظهروا صدقة أو تخفوها « أو تعفوا عن سوء » معناه أو تصفحوا عمن أساء إليكم مع القدرة على الانتقام منه فلا تجهروا له بالسوء من القول الذي أذنت لكم في أن تجهروا به « فإن الله كان عفوا » أي صفوحا عن خلقه يصفح لهم عن معاصيهم « قديرا » أي قادرا على الانتقام منهم و هذا حث منه سبحانه منه لخلقه على العفو عن المسيء مع القدرة على الانتقام و المكافاة فإنه تعالى مع كمال قدرته يعفو عنهم ذنوبا أكثر من ذنب من يسيء إليهم و قد تضمنت الآية التي قبلها إباحة الانتصاف من الظالم بشرط أن يقف فيه على حد الظلم و موجب الشرع .

النظم
الوجه في اتصال هذه الآية بما قبلها أنه لما سبق ذكر أهل النفاق و هو الإظهار خلاف الإبطان بين سبحانه أنه ليس كلما يقع في النفس يجوز إظهاره فإنه ربما يكون ظنا فإذا تحقق ذلك جاز إظهاره عن علي بن عيسى .

مجمع البيان ج : 3  ص :  203
إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَ رُسلِهِ وَ يُرِيدُونَ أَن يُفَرِّقُوا بَينَ اللَّهِ وَ رُسلِهِ وَ يَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْض وَ نَكفُرُ بِبَعْض وَ يُرِيدُونَ أَن يَتَّخِذُوا بَينَ ذَلِك سبِيلاً(150) أُولَئك هُمُ الْكَفِرُونَ حَقًّا  وَ أَعْتَدْنَا لِلْكَفِرِينَ عَذَاباً مُّهِيناً(151) وَ الَّذِينَ ءَامَنُوا بِاللَّهِ وَ رُسلِهِ وَ لَمْ يُفَرِّقُوا بَينَ أَحَد مِّنهُمْ أُولَئك سوْف يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ  وَ كانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً(152)
القراءة
قرأ حفص « يؤتيهم » بالياء و الباقون نؤتيهم بالنون .

الحجة
حجة حفص قوله سوف يؤت الله المؤمنين و حجة من قرأ نؤتيهم قوله و آتيناه أجرا عظيما أولئك سنؤتيهم أجرا .

المعنى
لما قدم سبحانه ذكر المنافقين عقبه بذكر أهل الكتاب و المؤمنين فقال « إن الذين يكفرون بالله و رسله » من اليهود و النصارى « و يريدون أن يفرقوا بين الله و رسله » أي يكذبوا رسل الله الذين أرسلهم إلى خلقه و أوحى إليهم و ذلك معنى إرادتهم التفريق بين الله و رسله « و يقولون نؤمن ببعض و نكفر ببعض » أي يقولون نصدق بهذا و نكذب بذاك كما فعل اليهود صدقوا بموسى و من تقدمه من الأنبياء و كذبوا بعيسى و محمد و كما فعلت النصارى صدقوا عيسى و من تقدمه من الأنبياء و كذبوا بمحمد « و يريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا » أي طريقا إلى الضلالة التي أحدثوها و البدعة التي ابتدعوها يدعون جهال الناس إليه « أولئك هم الكافرون حقا » أي هؤلاء الذين أخبرنا عنهم بأنهم يؤمنون ببعض و يكفرون ببعض هم الكافرون حقيقة فاستيقنوا ذلك و لا ترتابوا بدعوتهم أنهم يقرون بما زعموا أنهم مقرون به من الكتب و الرسل فإنهم لو كانوا صادقين في ذلك لصدقوا جميع رسل الله و إنما قال تعالى « أولئك هم الكافرون حقا » على وجه التأكيد لئلا يتوهم متوهم أن قولهم « نؤمن ببعض » يخرجهم من جنس الكفار و يلحقهم بالمؤمنين « و أعتدنا » أي أعددنا و هيأنا « للكافرين عذابا مهينا » يهينهم و يذلهم « و الذين آمنوا بالله و رسله » أي صدقوا الله و وحدوه و أقروا بنبوة رسله « و لم يفرقوا بين أحد منهم » بل آمنوا بجميعهم « أولئك سوف نؤتيهم » أي سنعطيهم أجورهم و سمى الله الثواب أجرا دلالة على أنه مستحق أي 
مجمع البيان ج : 3  ص :  204
نعطيهم ثوابهم الذي استحقوه على إيمانهم بالله و رسله « و كان الله غفورا رحيما » أي لم يزل كان « غفورا » لمن هذه صفتهم ما سلف لهم من المعاصي و الآثام « رحيما » متفضلا عليهم بأنواع الإنعام هاديا لهم إلى دار السلام .
يَسئَلُك أَهْلُ الْكِتَبِ أَن تُنزِّلَ عَلَيهِمْ كِتَباً مِّنَ السمَاءِ  فَقَدْ سأَلُوا مُوسى أَكْبرَ مِن ذَلِك فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصعِقَةُ بِظلْمِهِمْ  ثُمَّ اتخَذُوا الْعِجْلَ مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَت فَعَفَوْنَا عَن ذَلِك  وَ ءَاتَيْنَا مُوسى سلْطناً مُّبِيناً(153) وَ رَفَعْنَا فَوْقَهُمُ الطورَ بِمِيثَقِهِمْ وَ قُلْنَا لهَُمُ ادْخُلُوا الْبَاب سجَّداً وَ قُلْنَا لهَُمْ لا تَعْدُوا فى السبْتِ وَ أَخَذْنَا مِنهُم مِّيثَقاً غَلِيظاً(154)
القراءة
قرأ أهل المدينة لا تعدوا بتسكين العين و تشديد الدال و روى ورش عن نافع لا تعدوا بفتح العين و تشديد الدال و قرأ الباقون « لا تعدوا » خفيفة .

الحجة
من قرأ لا تعدوا فأصله لا تعتدوا فأدغم التاء في الدال لتقاربهما و لأن الدال تزيد على التاء في الجهر قال أبو علي و كثير من النحويين ينكرون الجمع بين الساكنين إذا كان الثاني منهما مدغما و لا يكون الأول حرف مد و لين نحو دابة و أصيم و تمود الثوب و يقولون أن المد يصير عوضا من الحركة و قد قالوا ثوب بكر و جيب بكر فأدغموا المد الذي فيهما أقل من المد الذي يكون فيهما إذا كان حركة ما قبلهما منهما فإذا جاز ذلك مع نقصان المد الذي فيه لم يمتنع أن يجمع بين الساكنين في نحو لا تعدوا و يقوي ذلك جواز نحو أصيم و دويبة و مديق و من قرأ لا تعدوا فإن الأصل فيه لا تعتدوا فسكن التاء ليدغمها في الدال و نقل حركتها إلى العين الساكنة قبلها فصار لا تعدوا و من قرأ « لا تعدوا » فهو لا تفعلوا مثل قوله تعالى 
مجمع البيان ج : 3  ص :  205
« إذ يعدون في السبت » و حجة الأولين و قوله « اعتدوا منكم في السبت » .

اللغة
قال أبو زيد يقول عدا علي اللص أشد العدو و العدوان و العداء و العدو إذا سرقك و ظلمك و عدا الرجل يعدو عدوا في الحضر ، و قد عدت عينه عن ذلك أشد العدو تعدو ، و عدا يعدو إذا جاوز يقال ما عدوت إن زرتك أي ما جاوزت ذلك .

الإعراب
قوله « جهرة » يجوز أن يكون صفة لقولهم أي قالوا جهرة أي مجاهرة أرنا الله و يجوز أن يكون على أرنا الله رؤية ظاهرة .

النزول
روي أن كعب بن الأشرف و جماعة من اليهود قالوا يا محمد إن كنت نبيا فأتنا بكتاب من السماء جملة أي كما أتى موسى بالتوراة جملة فنزلت الآية عن السدي .

المعنى
لما أنكر سبحانه على اليهود التفريق بين الرسل في الإيمان عقبه بالإنكار عليهم في طلبهم المحالات مع ظهور الآيات و المعجزات فقال « يسئلك » يا محمد « أهل الكتاب » يعني اليهود « أن تنزل عليهم كتابا من السماء » و اختلف في معناه على أقوال ( أحدها ) أنهم سألوا أن ينزل عليهم كتابا من السماء مكتوبا كما كانت التوراة مكتوبة من عند الله في الألواح عن محمد بن كعب و السدي ( و ثانيها ) أنهم سألوه أن ينزل على رجال منهم بأعيانهم كتبا يأمرهم الله تعالى فيها بتصديقه و اتباعه عن ابن جريج و اختاره الطبري ( و ثالثها ) أنهم سألوا أن ينزل عليهم كتابا خاصا لهم عن قتادة و قال الحسن إنما سألوا ذلك للتعنت و التحكم في طلب المعجزات لا لظهور الحق و لو سألوه ذلك استرشادا لا عنادا لأعطاهم الله ذلك « فقد سألوا موسى أكبر من ذلك » أي لا يعظمن عليك يا محمد مسألتهم إياك إنزال الكتب عليهم من السماء فإنهم سألوا موسى يعني اليهود أعظم من ذلك بعد ما أتاهم بالآيات الظاهرة و المعجزات القاهرة التي يكفي الواحد منها في معرفة صدقه و صحة نبوته فلم يقنعهم ذلك « فقالوا أرنا الله جهرة » أي معاينة « فأخذتهم الصاعقة بظلمهم » أنفسهم بهذا القول و قد ذكرنا قصة هؤلاء و تفسير أكثر ما في الآية في سورة البقرة عند قوله « لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة » الآية قوله « و إذ أخذنا ميثاقكم و رفعنا فوقكم الطور » الآية « ثم اتخذوا العجل » أي عبدوه و اتخذوه إلها « من بعد ما جاءتهم البينات » أي الحجج الباهرات قد دل الله بهذا على جهل القوم و عنادهم « فعفونا عن ذلك » مع عظم جريمتهم و خيانتهم و قد أخبر الله بهذا عن سعة رحمته و مغفرته و تمام نعمته 
بعدی
مجمع البيان ج : 3 ص : 206
و أنه لا جريمة تضيق عنها رحمته و لا خيانة تقصر عنها مغفرته « و آتينا موسى » أي أعطيناه « سلطانا مبينا » أي حجة ظاهرة تبين عن صدقه و صحة نبوته « و رفعنا فوقهم الطور » أي الجبل لما امتنعوا من العمل بما في التوراة و قبول ما جاءهم به موسى « بميثاقهم » أي بما أعطوا الله سبحانه من العهد ليعملن بما في التوراة و قيل معناه و رفعنا الجبل فوقهم بنقضهم ميثاقهم الذي أخذ عليهم بأن يعملوا بما في التوراة و إنما نقضوه بعبادة العجل و غيرها عن أبي علي الجبائي و قال أبو مسلم إنما رفع الله الجبل فوقهم إظلالا لهم من الشمس بميثاقهم أي بعهدهم جزاء لهم على ذلك و هذا القول يخالف أقوال المفسرين « و قلنا لهم ادخلوا الباب سجدا » يعني باب حطة و قد مر بيانه هناك « و قلنا لهم لا تعدوا في السبت » أي لا تتجاوزوا في يوم السبت ما أبيح لكم إلى ما حرم عليكم عن قتادة قال أمرهم الله أن لا يأكلوا الحيتان يوم السبت و أجاز لهم ما عداه « و أخذنا منهم ميثاقا غليظا » أي عهدا وثيقا وكيدا بأن يأتمروا بأوامره و ينتهوا عن مناهيه و زواجره .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

اللطميات

مشاهدة الكل

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page