• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الجزء الثامن سورة الأنعام 152 الی157


وَ لا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلا بِالَّتى هِىَ أَحْسنُ حَتى يَبْلُغَ أَشدَّهُ وَ أَوْفُوا الْكيْلَ وَ الْمِيزَانَ بِالْقِسطِ لا نُكلِّف نَفْساً إِلا وُسعَهَا وَ إِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَ لَوْ كانَ ذَا قُرْبى وَ بِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكمْ وَصاكُم بِهِ لَعَلَّكمْ تَذَكَّرُونَ(152) وَ أَنَّ هَذَا صرَطِى مُستَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَ لا تَتَّبِعُوا السبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصاكُم بِهِ لَعَلَّكمْ تَتَّقُونَ(153)
القراءة
قرأ أهل الكوفة إلا أبا بكر تذكرون بتخفيف الذال حيث وقع و الباقون بالتشديد و قرأ أهل الكوفة غير عاصم و إن هذا بكسر الهمزة و الباقون بفتحها و كلهم شدد النون إلا ابن عامر و يعقوب فإنهما قرءا إن بالتخفيف و كلهم سكن الياء من صراطي إلا ابن عامر فإنه فتحها و قرأ ابن عامر و ابن كثير سراطي بالسين و قرأ حمزة بين الصاد و الزاي .

الحجة
القراءتان في تذكرون متقاربتان و الأصل تتذكرون فمن حفف حذف التاء الأولى و من شدد أدغم التاء الثانية في الذال و أما من فتح و إن هذا فإنه حملها على فاتبعوه
مجمع البيان ج : 4 ص : 592
على قياس قول سيبويه في قوله تعالى لإيلاف قريش و قوله و إن هذه أمتكم أمة واحدة و أنا ربكم فاتقون و قوله و أن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا فيكون على تقدير و لأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه و من خفف فقال و أن هذا فإن الخفيفة في قوله يتعلق بما يتعلق به الشديدة و موضع هذا رفع بالابتداء و خبره صراطي و في أن ضمير القصة و الحديث و على هذه الشريطة يخفف و ليست المفتوحة كالمكسورة إذا خففت و على هذا قول الأعشى :
في فتية كسيوف الهند قد علموا
إن هالك كل من يحفى و ينتعل و الفاء التي في قوله « فاتبعوه » على قول من كسر إن عاطفة جملة على جملة و على قول من فتح أن زائدة .

اللغة
الأشد واحدها شد مثل الأشر في جمع شر و الأضر في جمع ضر و الشد القوة و هو استحكام قوة الشباب و السن كما أن شد النهار هو ارتفاعه قال عنترة :
عهدي به شد النهار كأنما
خضب البنان و رأسه بالعظلم و قيل هو جمع شدة مثل نعمة و أنعم و قال بعض البصريين الأشد واحد فيكون مثل الآنك قال سيبويه الذكر و الذكر بمعنى و ذكر فعل يتعدى إلى مفعول واحد فإذا ضاعفت العين يعدى إلى مفعولين كما في قوله :
يذكرنيك حنين العجول
و نوح الحمامة تدعو هديلا و يقول ذكره فتذكر فتفعل مطاوع فعل كما أن تفاعل مطاوع فاعل .

المعنى
ثم ذكر سبحانه تمام ما يتلو عليهم فقال « و لا تقربوا مال اليتيم » و المراد بالقرب التصرف فيه و إنما خص مال اليتيم بالذكر لأنه لا يستطيع الدفاع عن نفسه و لا عن ماله فيكون الطمع في ماله أشد و يد الرغبة إليه أمد فأكد سبحانه النهي عن التصرف في ماله و إن كان ذلك واجبا في مال كل أحد « إلا بالتي هي أحسن » أي بالخصلة أو الطريقة الحسنى و لذلك أنث و قد قيل في معناه أقوال ( أحدها ) أن معناه إلا بتثمير ماله بالتجارة عن
مجمع البيان ج : 4 ص : 593
مجاهد و الضحاك و السدي ( و ثانيها ) بأن يأخذ القيم عليه بالأكل بالمعروف دون الكسوة عن ابن زيد و الجبائي ( و ثالثها ) بأن يحفظ عليه حتى يكبر « حتى يبلغ أشده » اختلف في معناه فقيل أنه بلوغ الحلم عن الشعبي و قيل هو أن يبلغ ثماني عشرة سنة و قال السدي هو أن يبلغ ثلاثين سنة ثم نسخها قوله حتى إذا بلغوا النكاح الآية و قال أبو حنيفة إذا بلغ خمسا و عشرين سنة دفع المال إليه و قبل ذلك يمنع منه إذا لم يؤنس منه الرشد و قيل إنه لا حد له بل هو أن يبلغ و يكمل عقله و يؤنس منه الرشد فيسلم إليه ماله و هذا أقوى الوجوه و ليس بلوغ اليتيم أشده مما يبيح قرب ماله بغير الأحسن و لكن تقديره و لا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن على الأبد حتى يبلغ أشده فادفعوا إليه بدليل قوله و لا تأكلوها إسرافا و بدارا أن يكبروا « و أوفوا » أي أتموا « الكيل و الميزان بالقسط » أي بالعدل و الوفاء من غير بخس « لا نكلف نفسا إلا وسعها » أي إلا ما يسعها و لا يضيق عنه و معناه هنا أنه لما كان التعديل في الوزن و الكيل على التحديد من أقل القليل بتعذر بين سبحانه أنه لا يلزم في ذلك إلا الاجتهاد في التحرز من النقصان « و إذا قلتم فاعدلوا و لو كان ذا قربى » أي فقولوا الحق و إن كان على ذي قرابة لكم و إنما خص القول بالعدل دون الفعل لأن من جعل عادته العدل في القول دعاه ذلك إلى العدل في الفعل و يكون ذلك من آكد الدواعي إليه و قيل معناه إذا شهدتم أو حكمتم فاعدلوا في الشهادة و الحكم و إن كان المقول عليه أو المشهود له أو عليه قرابتك و هذا من الأوامر البليغة التي يدخل فيها مع قلة حروفها الأقارير و الشهادات و الوصايا و الفتاوى و القضايا و الأحكام و المذاهب و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر « و بعهد الله أوفوا » قيل في معنى عهد الله قولان ( أحدهما ) أن كل ما أوجبه الله تعالى على العباد فقد عهد إليهم بإيجابه عليهم و بتقديم القول فيه و الدلالة عليه ( و الآخر ) أن المراد به النذور و العهود في غير معصية الله تعالى و المراد أوفوا بما عاهدتم الله عليه من ذلك « ذلكم » أي ذلك الذي تقدم ذكره من ذكر مال اليتيم و أن لا يقرب إلا بالحق و إيفاء الكيل و اجتناب البخس و التطفيف و تحري الحق فيه على مقدار الطاقة و القول بالحق و الصدق و الوفاء بالعهد « وصاكم » الله سبحانه « به لعلكم تذكرون » أي لكي تتذكروه و تأخذوا به فلا تطرحوه و لا تغفلوا عنه فتتركوا العمل به و القيام بما يلزمكم منه « و أن هذا صراطي » أي و لأن هذا صراطي و من خفف فتقديره و لأنه هذا صراطي و من كسر أن فإنه استأنف قال ابن عباس يريد أن هذا ديني دين الحنيفية أقوم الأديان و أحسنها و قيل يريدان ما ذكر في هذه الآيات من الواجب و المحرم
مجمع البيان ج : 4 ص : 594
صراطي لأن امتثال ذلك على ما أمر به يؤدي إلى الثواب و الجنة فهو طريق إليها و إلى النعيم فيها « مستقيما » أي فيما لا عوج فيه و لا تناقض و هو منصوب على الحال « فاتبعوه » أي اقتدوا به و اعملوا به و اعتقدوا صحته و أحلوا حلاله و حرموا حرامه « و لا تتبعوا السبل » أي طرق الكفر و البدع و الشبهات عن مجاهد و قيل يريد اليهودية و النصرانية و المجوسية و عبادة الأوثان عن ابن عباس « فتفرق » و أصله فتتفرق « بكم عن سبيله » أي فتشتت و تميل و تخالف بكم عن دينه الذي ارتضى و به أوصى و قيل عن طريق الدين « ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون » أي لكي تتقوا عقابه باجتناب معاصيه قال ابن عباس هذه الآيات محكمات لم ينسخهن شيء من جميع الكتب و هي محرمات على بني آدم كلهم و هم أم الكتاب من عمل بهن دخل الجنة و من تركهن دخل النار و قال كعب الأحبار و الذي نفس كعب بيده إن هذا لأول شيء في التوراة بسم الله الرحمن الرحيم قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم الآيات .
ثُمَّ ءَاتَيْنَا مُوسى الْكِتَب تَمَاماً عَلى الَّذِى أَحْسنَ وَ تَفْصِيلاً لِّكلِّ شىْء وَ هُدًى وَ رَحْمَةً لَّعَلَّهُم بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ(154) وَ هَذَا كِتَبٌ أَنزَلْنَهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَ اتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ(155)
القراءة
في الشواذ قراءة يحيى بن يعمر على الذي أحسن بالرفع .

الحجة
قال ابن جني هذا مستضعف الإعراب عندنا لأنه حذف المبتدأ العائد إلى الذي لأن تقديره على الذي هو أحسن و إنما يحذف من صلة الذي الهاء المنصوبة بالفعل الذي هو صلتها نحو مررت بالذي ضربت أي ضربته و من المفعول بدله و طال الاسم بصلته فحذف الهاء لذلك و ليس المبتدأ بنيف و لا فضلة فيحذف تخفيفا لا سيما و هو عائد الموصول و على أن هذا قد جاء نحوه عنهم حكى سيبويه عن الخليل أنه سمع ما أنا بالذي قائل لك شيئا و سوءا أي بالذي هو قائل لك و قال لم أر مثل الفتيان في غير الأيام ينسون ما عواقبها أي ينسون الذي هو عواقبها و يجوز أن يكون ينسون معلقة كما علقوا نقيضتها التي هي يعلمون فيكون ما استفهاما و عواقبها خبر ما كقولك قد علمت من أبوك و على الوجه الأول حمله أصحابنا و قال الزجاج تماما منصوب بأنه مفعول له و كذلك تفصيلا و ما بعده
مجمع البيان ج : 4 ص : 595
و المعنى آتيناه لهذه العلة أي للتمام و للتفصيل أنزلناه في موضع رفع بأنه صفة كتاب .

المعنى
« ثم آتينا موسى الكتاب » قيل في معنى ثم آتينا موسى الكتاب مع أن كتاب موسى قبل القرآن و ثم يقتضي التراخي وجوه ( أحدها ) أن فيه حذفا و تقديره ثم قل يا محمد آتينا موسى الكتاب بدلالة قوله قل تعالوا ( و ثانيها ) أن تقديره ثم أتل عليكم آتينا موسى الكتاب و يكون عطفا على معنى التلاوة و المعنى قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ثم أتل عليكم ما آتاه الله موسى عن الزجاج ( و ثالثها ) أنه عطف خبر على خبر لا عطف معنى على معنى و تقديره ثم أخبركم أنه أعطى موسى الكتاب و الذي قول الشاعر :
و لقد ساد ثم ساد أبوه
ثم قد ساد قبل ذلك جده ( و رابعها ) أنه يتصل بقوله في قصة إبراهيم و وهبنا له إسحاق و يعقوب فعد سبحانه نعمته عليه بما جعل في ذريته من الأنبياء ثم عطف عليه بذكر ما أنعم عليه بما أتي موسى من الكتاب و النبوة و هو أيضا من ذريته عن أبي مسلم و استحسنه المغربي « تماما على الذي أحسن » قيل فيه وجوه ( أحدها ) تماما على إحسان موسى فكأنه قال ليكمل إحسانه الذي يستحق به كمال ثوابه في الآخرة عن الربيع و الفراء ( و ثانيها ) تماما على المحسنين عن مجاهد و قيل إن في قراءة عبد الله تماما على الذي أحسنوا فكأنه قال تماما للنعمة على المحسنين الذين هو أحدهم و النون قد تحذف من الذين كما في البيت :
و إن الذي حانت بفلج دماؤهم
هم القوم كل القوم يا أم خالد و يجوز أن يكون الذي للجنس و يكون بمعنى من أحسن ( و ثالثها ) أن معناه تماما على إحسان الله إلى أنبيائه عن ابن زيد ( و رابعها ) أن معناه تماما لكرامته في الجنة على إحسانه في الدنيا عن الحسن و قتادة و قال قتادة تقديره من أحسن في الدنيا تمت عليه كرامة الله في الآخرة ( و خامسها ) أن معناه تماما على الذي أحسن الله سبحانه إلى موسى بالنبوة و غيرها من الكرامة عن الجبائي ( و سادسها ) ما قاله أبو مسلم أنه يتصل بقصة إبراهيم فيكون المعنى تماما للنعمة على إبراهيم و لجزائه على إحسانه في طاعة ربه و ذلك من لسان الصدق الذي سأل الله سبحانه أن يجعله له و لفظة على تقتضي المضاعفة عليه و لو قال تماما و لم يأت بقوله على
مجمع البيان ج : 4 ص : 596
الذي أحسن لدل على نقصانه قبل تكميله « و تفصيلا لكل شيء » أي و بيانا لكل ما يحتاج إليه الخلق « و هدى » أي و دلالة على الحق و الدين يهتدي بها إلى التوحيد و العدل و الشرائع « و رحمة » أي نعمة على سائر المكلفين لما فيه من الأمر و النهي و الوعد و الوعيد و الأحكام « لعلهم بلقاء ربهم يؤمنون » معناه لكي يؤمنوا بجزاء ربهم فسمي الجزاء لقاء الله تفخيما لشأنه مع ما فيه من الإيجاز و الاختصار و قيل معنى اللقاء الرجوع إلى ملكه و سلطانه يوم لا يملك أحد سواه شيئا « و هذا كتاب » يعني القرآن وصفه بهذا الوصف لبيان أنه مما ينبغي أن يكتب لأنه أجل الحكم « أنزلناه » يعني أنزله جبرائيل إلى محمد (صلى الله عليهوآلهوسلّم) فأضاف النزول إلى نفسه توسعا « مبارك » و هو من يأتي من قبله الخير الكثير عن الزجاج فالبركة ثبوت الخير بزيادته و نموه و أصله الثبوت و منه براكاء القتال في قوله :
و ما ينجي من الغمرات إلا
براكاء القتال أو الفرار و منه تبارك الله أي تعالى بصفة إثبات لا أول له و لا آخر و هذا تعظيم لا يستحقه غير الله تعالى « فاتبعوه » أي اعتقدوا صحته و اعملوا به و كونوا من أتباعه « و اتقوا » معاصي الله و مخالفته و مخالفة كتابه « لعلكم ترحمون » أي لكي ترحموا و إنما قال و اتقوا لعلكم ترحمون مع أنهم إذا اتقوا رحموا لا محالة لأمرين ( أحدهما ) أنه اتقوا على رجاء الرحمة لأنكم لا تدرون بما توافون في الآخرة ( و الثاني ) اتقوا لترحموا أي ليكن الغرض بالتقوى منكم طلب ما عند الله من الرحمة و الثواب .
أَن تَقُولُوا إِنَّمَا أُنزِلَ الْكِتَب عَلى طائفَتَينِ مِن قَبْلِنَا وَ إِن كُنَّا عَن دِرَاستهِمْ لَغَفِلِينَ(156) أَوْ تَقُولُوا لَوْ أَنَّا أُنزِلَ عَلَيْنَا الْكِتَب لَكُنَّا أَهْدَى مِنهُمْ فَقَدْ جَاءَكم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكمْ وَ هُدًى وَ رَحْمَةٌ فَمَنْ أَظلَمُ مِمَّن كَذَّب بِئَايَتِ اللَّهِ وَ صدَف عَنهَا سنَجْزِى الَّذِينَ يَصدِفُونَ عَنْ ءَايَتِنَا سوءَ الْعَذَابِ بِمَا كانُوا يَصدِفُونَ(157)

مجمع البيان ج : 4 ص : 597
الإعراب
قال الزجاج أن تقولوا معناه عند البصريين كراهة أن تقولوا و هم لا يجيزون إضمار لا فلا يقولون جئت أن أكرمك أي لأن لا أكرمك و لكن يجوز فعلت ذلك أن أكرمك على إضمار محبة أن أكرمك أو كراهة أن أكرمك و يكون الحال ينبىء عن الضمير و أو تقولوا نصب تقولوا بأنه معطوف على أن تقولوا أي أو كراهة أن تقولوا و أقول أراد أنه مفعول له على حذف المضاف و إقامة المضاف إليه مقامه و إذا كان حذف المضاف يطرد جوازه مع غير أن فلأن يجوز مع أن أجدر مع طول الكلام بالصلة و قال الكسائي موضع أن تقولوا نصب باتقوا أي اتقوا يا أهل مكة أن تقولوا و « لو أنا » فتحت أن بعد لو مع أنه لا يقع فيه المصدر لأن الفعل مقدر بعد لو فكأنه قيل لو وقع إلينا أنا أنزل الكتاب علينا إلا أن هذا الفعل لا يظهر من أجل طول أن بالصلة و لا يحذف مع المصدر إلا في الشعر قال :
لو غيركم علق الزبير بحبله
أدى الجوار إلى بني العوام .

المعنى
ثم بين سبحانه أنه إنما أنزل القرآن قطعا للمعذرة و إزاحة للعلة فقال « إن تقولوا » أي كراهة أن تقولوا يا أهل مكة أو لئلا تقولوا « إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا » أي جماعتين و هم اليهود و النصارى عن ابن عباس و الحسن و مجاهد و قتادة و السدي و إنما خصهما بالذكر لشهرتهما و ظهور أمرهما أي أنزلنا عليكم هذا الكتاب لنقطع حجتكم « و إن كنا عن دراستهم لغافلين » و المعنى إنا كنا غافلين عن تلاوة كتبهم و ما كنا إلا غافلين عن دراستهم و لم ينزل علينا الكتاب كما أنزل عليهم لأنهم كانوا أهله دوننا و لو أريد منا ما أريد منهم لأنزل الكتاب علينا كما أنزل عليهم « أو تقولوا » يا أهل مكة « لو أنا أنزل علينا الكتاب لكنا أهدى منهم » في المبادرة إلى قبوله و التمسك به لأنا أجود أذهانا و أثبت معرفة منهم فإن العرب كانوا يدلون بجودة الفهم و دكاء الحدس و حدة الذهن و قد يكون العارف بالشيء أهدى إليه من عارف آخر بأن يعرفه من وجوه لا يعرفها هو و بأن يكون ما يعرفه به أثبت مما يعرفه به الآخر ثم قال تعالى « فقد جاءكم بينة من ربكم » أي حجة واضحة و دلالة ظاهرة و هو القرآن « و هدى » يهتدي به الخلق إلى النعيم المقيم و الثواب العظيم « و رحمة » أي نعمة لمن اتبعه و عمل به « فمن أظلم » لنفسه « ممن كذب ب آيات الله و صدف عنها » أي أعرض عنها غير مستدل بها و لا مفكر فيها عن ابن عباس و مجاهد و السدي و قتادة « سنجزي الذين يصدفون عن آياتنا سوء العذاب » أي شدة العذاب و هو ما أعده الله للكفار نعوذ بالله منه « بما كانوا يصدفون » أي جزاء بما كانوا يصدفون عن القرآن و من أتى به و هو محمد (صلى الله عليهوآلهوسلّم)
مجمع البيان ج : 4 ص : 598
و في هذا دلالة على أن إنزال القرآن لطف للمكلفين و أنه لو لم ينزله لكان لهم الحجة و إذا كان في منع اللطف عذر و حجة للمكلف فمنع القدرة و خلق الكفر أولى بذلك فإن قيل فهل للذين ماتوا من قبل من خوطب بقوله « إن تقولوا » حجة و عذر قيل له إن عذر أولئك كان مقطوعا بالعقل و بما تقدم من الأخبار و الكتب و هؤلاء أيضا لو لم يأتهم الكتاب و الرسول لم يكن لهم حجة لكن الله تعالى لما علم أن المصلحة تعلقت بذلك فعله و لو علم مثل ذلك فيمن تقدم لأنزل عليهم مثل ما أنزل على هؤلاء و إذا لم ينزل عليهم علمنا أن ذلك لم يكن من مصالحهم .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page