• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الجزء الحادي عشر سورةيونس 26 الی 33


* لِّلَّذِينَ أَحْسنُوا الْحُسنى وَ زِيَادَةٌ وَ لا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَترٌ وَ لا ذِلَّةٌ أُولَئك أَصحَب الجَْنَّةِ هُمْ فِيهَا خَلِدُونَ(26) وَ الَّذِينَ كَسبُوا السيِّئَاتِ جَزَاءُ سيِّئَةِ بِمِثْلِهَا وَ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَّا لهَُم مِّنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِم كَأَنَّمَا أُغْشِيَت وُجُوهُهُمْ قِطعاً مِّنَ الَّيْلِ مُظلِماً أُولَئك أَصحَب النَّارِ هُمْ فِيهَا خَلِدُونَ(27)
القراءة
قرأ ابن كثير و الكسائي و يعقوب و سهل قطعا ساكنة الطاء و الباقون « قطعا » بفتحها .

الحجة
القطع جمع قطعة من الليل و القطع الجزء من الليل الذي فيه ظلمة .

اللغة
الرهق لحاق الأمر و منه راهق الغلام إذا لحق بالرجال و رهقه في الحرب أدركه قال الأزهري الرهق اسم من الإرهاق و هو أن يحمل الإنسان على ما لا يطيقه و منه سأرهقه
مجمع البيان ج : 5 ص : 157
صعودا و الكسب اجتلاب النفع و الجزاء المكافاة و القتر الغبار و القترة الغبرة و القتار الدخان و منه الإقتار في المعيشة .

الإعراب
« جزاء سيئة » في ارتفاعه وجهان ( أحدهما ) أن يكون مبتدأ و خبره بمثلها على زيادة الباء في قول أبي الحسن لأنه وجد في مكان آخر و جزاء سيئة سيئة مثلها و يجوز أن يكون الباء متعلقة بخبر محذوف تقديره جزاء سيئة كائن بمثلها كما تقول إنما أنا بك و أمري بيدك و ما أشبه ذلك ( و الآخر ) أن يكون فاعلا بإضمار فعل تقديره استقر لهم جزاء سيئة بمثلها ثم حذف استقر فبقي لهم جزاء سيئة بمثلها ثم حذف لهم لدلالة الكلام على أن هذا مستقر لهم و يجوز أن يكون « جزاء سيئة » مبتدأ و الخبر محذوف تقديره لهم جزاء سيئة بمثلها أو جزاء سيئة بمثلها كائن هذا قد أجازه أبو الفتح و قوله « و ترهقهم » عطف على كسبوا و جاز أن يفصل بينهما بقوله « جزاء سيئة بمثلها » لأنه من الاعتراض الذي يبين الأول و يسدده و يثبته مظلما قال أبو علي إن أجريته على قطع ساكنة الطاء فيحتمل نصبه على وجهين ( أحدهما ) أن يكون صفة لقطع على قياس قوله « و هذا كتاب أنزلناه مبارك » وصفت الكتاب بالمفرد بعد ما وصفته بالجملة و أجريته على النكرة ( و الآخر ) أن يكون حالا من الذكر الذي في الظرف يعني قوله « من الليل » و إن أجريته على قطع مفتوحة الطاء لم يكن صفة له و لا حالا من الذكر الذي في قوله « من الليل » و لكن يكون حالا من الليل و العامل في الحال ما يتعلق به من الليل و هو الفعل المختزل و مثل ذلك في إرادة الوصف بالسواد قول الشاعر :
و دوية مثل السماء اعتسفتها
و قد صبغ الليل الحصى بسواد أي سودتها الظلمة و قال غيره يجوز أن يكون مظلما صفة لقطع على قول الشاعر :
لو أن مدحة حتى تنشرن أحدا
أحيا أباكن يا ليلى الأماديح
المعنى
ثم بين سبحانه أهل دار السلام فقال « للذين أحسنوا الحسنى » و معناه للذين أحسنوا العمل و أطاعوا الله تعالى في الدنيا جزاء لهم على ذلك الحالة الحسنى و المنزلة الحسنى و هي الحالة الجامعة للذات و النعيم على أكمل ما يكون و أفضل ما يمكن و هو تأنيث الأحسن « و زيادة » ذكر في ذلك وجوه ( أحدها ) أن الحسنى الثواب المستحق
مجمع البيان ج : 5 ص : 158
و الزيادة التفضل على قدر المستحق على طاعاتهم من الثواب و هي المضاعفة المذكورة في قوله « فله عشر أمثالها » عن ابن عباس و الحسن و مجاهد و قتادة ( و ثانيها ) الزيادة هي إن ما أعطاهم الله تعالى من النعم في الدنيا لا يحاسبهم به في الآخرة عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) ( و ثالثها ) أن الزيادة غرفة من لؤلؤة واحدة لها أربعة أبواب عن علي (عليه السلام) و قيل الزيادة ما يأتيهم في كل وقت من فضل الله مجددا ( و رابعها ) أن الزيادة هي النظر إلى وجه الله تعالى و روي ذلك عن أبي بكر و أبي موسى الأشعري و غيرهما و قد بين الله سبحانه الزيادة في موضع آخر بقوله ليوفيهم أجورهم و يزيدهم من فضله « و لا يرهق وجوههم قتر و لا ذلة » أي لا يلحق وجوههم سواد عن ابن عباس و قتادة و قيل غبار و لا ذلة أي هوان و قيل ك آبة و كسوف عن قتادة و روى الفضيل بن يسار عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) قال قال رسول الله (صلى الله عليهوآلهوسلّم) ما من عين ترقرقت بمائها إلا حرم الله ذلك الجسد على النار فإن فاضت من خشية الله لم يرهق ذلك الوجه قتر و لا ذلة « أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون » مر معناه « و الذين كسبوا السيئات » أي اكتسبوها و ارتكبوها « جزاء سيئة بمثلها » أي لهم جزاء كل سيئة بمثلها يعني يجزون بمثل أعمالهم أي قدر ما يستحق عليها من غير زيادة لأن الزيادة على قدر المستحق من العقاب ظلم و ليس كذلك الزيادة على قدر المستحق من الثواب لأن ذلك تفضل يحسن فعله ابتداء فالمثل هنا مقدار المستحق من غير زيادة و لا نقصان « و ترهقهم ذلة » أي يلحقهم هوان و ذل لأن العقاب يقارنه الإهانة و الإذلال « ما لهم من الله من عاصم » أي ما لهم من حافظ و مانع يدفع عقاب الله عنهم « كأنما أغشيت وجوههم قطعا من الليل مظلما » أي كأنما ألبست وجوههم ظلمة الليل و المراد وصف وجوههم بالسواد كقوله سبحانه و يوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة « أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون » ظاهر المراد .

مجمع البيان ج : 5 ص : 159
وَ يَوْمَ نحْشرُهُمْ جَمِيعاً ثمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشرَكُوا مَكانَكُمْ أَنتُمْ وَ شرَكاؤُكمْ فَزَيَّلْنَا بَيْنهُمْ وَ قَالَ شرَكاؤُهُم مَّا كُنتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ(28) فَكَفَى بِاللَّهِ شهِيدَا بَيْنَنَا وَ بَيْنَكُمْ إِن كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لَغَفِلِينَ(29) هُنَالِك تَبْلُوا كلُّ نَفْس مَّا أَسلَفَت وَ رُدُّوا إِلى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ وَ ضلَّ عَنهُم مَّا كانُوا يَفْترُونَ(30)
القراءة
قرأ تتلوا بالتاء أهل الكوفة غير عاصم و روح و زيد عن يعقوب و الباقون « تبلوا » بالباء .

الحجة
قال أبو علي من قرأ « تبلوا » فمعناه تختبر من قولهم البلاء ثم الثناء أي الاختبار للمثني عليه ينبغي أن يكون قبل الثناء ليكون الثناء عن علم بقدر ما يوجبه و معنى اختبارها ما أسلفت أنه إن قدم خيرا أو شرا جوزي عليه كما قال فمن يعمل مثقال ذرة إلى آخره و من عمل صالحا فلنفسه و غير ذلك من الآي و من قرأ تتلوا فإنه من التلاوة التي هي القراءة دليله قوله « فأولئك يقرءون كتابهم » و قوله « اقرأ كتابك » و يكون تتلو من قولهم تلا الفريضة النفل إذا أتبعها النفل قال :
على ظهر عادي كان أرومه
رجال يتلون الصلاة قيام فيكون المعنى تتبع كل نفس ما أسلفت من حسنة أو سيئة قال :
قد جعلت دلوي تستتليني
و لا أحب تبع القرين أي تستتبعني من ثقلها
اللغة
التزييل التفريق مأخوذة من قولهم زلت الشيء عن مكانه أزيله و زيلته للكثرة من هذا إذا نحيته عن مكانه و زايلت فلانا إذا فارقته هنالك أي في ذلك المكان و هو ظرف فهنا للقريب و هنالك للبعيد و هناك لما بينهما قال زهير :
هنالك إن يستخبلوا المال يخبلوا
و أن يسألوا يعطوا و إن ييسروا يغلوا و الإسلاف تقديم أمر لما بعده فمن أسلف الطاعة لله جوزي بالثواب و من أسلف المعصية جوزي بالعقاب .

مجمع البيان ج : 5 ص : 160
الإعراب
جميعا نصب على الحال مكانكم قال الزجاج هو منصوب على الأمر و المعنى انتظروا مكانكم حتى يفصل بينكم و العرب تتوعد فتقول مكانك و انتظرني و هي كلمة جرت على الوعيد و أقول أن الصحيح عند المحققين أن مكانك و دونك من أسماء الأفعال فيكون مكانكم هاهنا اسما لألزموا مبنيا على الفتح و ليس بمنصوب نصب الظروف و كم لا محل له من الإعراب إذ هو حرف الخطاب و أنتم رفع تأكيد للضمير في مكانكم و شركاؤكم عطف عليه و هذا كما تقول في قولهم عليك زيدا أن الكاف حرف الخطاب لا محل له من الإعراب و على هاهنا اسم الفعل و ليس بحرف و « كفى بالله شهيدا » قال الزجاج شهيدا منصوب على التمييز إن شئت و إن شئت على الحال .
إن كنا إن بمنزلة ما النفي أي ما كنا عن عبادتكم إلا غافلين قاله الزجاج و أقول الصحيح أن إن هذه هي المخففة من الثقيلة و إذا كانت مخففة من الثقيلة يلزمها اللام ليفرق بينها و بين النافية و التقدير إنا كنا عن عبادتكم غافلين و هنالك منصوب بتبلو إلا أنه غير متمكن و اللام زائدة كسرت لالتقاء الساكنين .

المعنى
و لما تقدم ذكر الجزاء بين سبحانه وقت الجزاء فقال « و يوم نحشرهم جميعا » أي نحشر الخلائق أجمعين أي نجمعهم من كل أوب إلى الموقف « ثم نقول للذين أشركوا » في عبادتهم مع الله غيره و في أموالهم فقالوا هذا لله و هذا لشركائنا « مكانكم أنتم و شركاؤكم » أي أثبتوا و الزموا مكانكم أنتم مع شركائكم يعني الأوثان فقد صحبتموهم في الدنيا فاصحبوهم في المحشر و قيل معناه أثبتوا حتى تسألوا كقوله « و قفوهم إنهم مسئولون » « فزيلنا بينهم » أي فميزنا و فرقنا بينهم في المسألة فسألنا المشركين على حدة لما عبدتم الأصنام و سألنا الأصنام على حدة لما عبدتم و بأي سبب عبدتم و هذا سؤال تقريع و تبكيت عن الحسن و مثله و إذا الموءودة سئلت بأي ذنب قتلت و قيل معناه فزيلنا بينهم و بين الأوثان فتبرأ منهم الشركاء و انقطعت أسبابهم « و قال شركاؤهم ما كنتم إيانا تعبدون » أي يحييهم الله و ينطقهم فقالوا ما كنا نشعر بأنكم إيانا تعبدون عن مجاهد و قيل إن شركاءهم من كانوا يعبدونهم من الشياطين و قيل هم الملائكة الذين كانوا يعبدونهم من دون الله و في كيفية جحدهم لعبادتهم إياه قولان ( أحدهما ) أنهم يقولون ذلك على وجه إهانتهم بالرد عليهم أي ما اعتذرنا بذلك لكم ( و الآخر ) إن المراد أنكم لم تعبدونا بأمرنا و دعائنا و لم يرد أنهم لم يعبدوهم أصلا لأن ذلك كذب لا يجوز أن يقع في الآخرة لكونهم ملجئين إلى ترك القبيح عن الجبائي و هذه الآية نظير قوله « إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا » الآية « فكفى بالله شهيدا » أي فاصلا للحكم « بيننا و بينكم » أيها المشركون « إن كنا عن عبادتكم لغافلين » مر معناه و هذا إذا كان المراد به الملائكة فإنهم عما ادعوه غافلون لأنهم
مجمع البيان ج : 5 ص : 161
لم يشعروا بذلك و لا أمروا به و إن كان المراد الأصنام فلم يكن لها حس و لا علم و هذا غاية في إلزام الحجة اختاروا للعبادة من لم يدعهم إليها و لم يشعر بها « هنالك تبلوا كل نفس ما أسلفت » أي في ذلك المكان و في تلك الحال و في ذلك الوقت تجرب و تعلم كل نفس ما قدمت من خير أو شر و ترى جزاءه على القراءة بالتاء معناه تقرأ كل نفس جزاء عملها و جزاء ما قدمته « و ردوا إلى الله مولاهم الحق » أي و ردوا إلى جزاء الله و إلى الموضع الذي لا يملك أحد فيه الحكم إلا الله الذي هو مالكهم و سيدهم و خالقهم و الحق صفة لله تعالى و هو القديم الدائم الذي لا يفنى و ما سواه يبطل و قيل الحق هو الذي يكون معنى اللفظ حاصلا له على الحقيقة فالله جل جلاله هو الحق لأن معنى الإلهية حاصل له على الحقيقة « و ضل عنهم ما كانوا يفترون » أي بطل و هلك عنهم ما كانوا يدعونه بافترائهم من الشركاء مع الله تعالى .
قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السمَاءِ وَ الأَرْضِ أَمَّن يَمْلِك السمْعَ وَ الأَبْصرَ وَ مَن يخْرِجُ الْحَىَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَ يخْرِجُ الْمَيِّت مِنَ الْحَىِّ وَ مَن يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَ فَلا تَتَّقُونَ(31) فَذَلِكمُ اللَّهُ رَبُّكمُ الحَْقُّ فَمَا ذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلا الضلَلُ فَأَنى تُصرَفُونَ(32) كَذَلِك حَقَّت كلِمَت رَبِّك عَلى الَّذِينَ فَسقُوا أَنهُمْ لا يُؤْمِنُونَ(33)
القراءة
قرأ أهل المدينة و ابن عامر كلمات هاهنا و في آخرها على الجمع و كذلك في سورة المؤمن و الباقون على التوحيد .

الحجة
قال أبو علي من قرأ على التوحيد احتمل وجهين ( أحدهما ) أن يكون جعل ما أوعد به الفاسقون كلمة و إن كانت في الحقيقة كلمات لأنهم قد يسمون القصيدة كلمة و الخطبة كلمة ( و الآخر ) أن يكون « كلمة ربك » التي يراد بها الجنس قد أوقعت على بعض الجنس كما أوقع اسم الجنس على بعضه في قوله « و إنكم لتمرون عليهم مصبحين
مجمع البيان ج : 5 ص : 162
و بالليل » و قول الشاعر :
ببطن شريان يعوي عنده الذيب فأما من جمع فإنه جعل الكلم التي توعدوا بها كل واحدة منها كلمة ثم جمع فقال « كلمات » و كلاهما وجه .

الإعراب
« كذلك حقت » الكاف في موضع نصب أي مثل أفعالهم جازاهم ربك و قوله « أنهم لا يؤمنون » بدل من كلمة ربك أي حقيق عليهم أنهم لا يؤمنون و يجوز أن يكون على تقدير حقت عليهم الكلمة لأنهم لا يؤمنون و يكون الكلمة ما وعدوا به من العقاب .

المعنى
ثم قرر سبحانه أدلة التوحيد و البعث عليهم فقال « قل » يا محمد لهؤلاء الكفار « من يرزقكم » أي من يخلق لكم الأرزاق « من السماء » بإنزال المطر و الغيث « و » من « الأرض » بإخراج النبات و أنواع الثمار و الرزق في اللغة هو العطاء الجاري يقال رزق السلطان الجند إلا أن كل رزق فإن الله هو الرزاق به لأنه لو لم يطلقه على يد ذلك الإنسان لم يجيء منه شيء فلا يطلق اسم الرزاق إلا على الله تعالى و يقيد في غيره كما لا يطلق اسم الرب إلا عليه و يقيد في غيره فيقال رب الدار و رب الضيعة و لا يجوز أن يخلق الله حيوانا يريد تبقيته إلا و يرزقه لأنه إذا أراد بقاءه فلا بد له من الغذاء « أمن يملك السمع و الأبصار » معناه أم من يملك أن يعطيكم الأسماع و الأبصار فيقويها و ينورها و لو شاء لسلب نورها و حسها « و من يخرج الحي من الميت و يخرج الميت من الحي » قيل معناه و من يخرج الإنسان من النطفة و النطفة من الإنسان و قيل معناه و من يخرج الحيوان من بطن أمه إذا ماتت أمه و يخرج غير التام و لا البالغ حد الكمال من الحي و قيل معناه و من يخرج المؤمن من الكافر و الكافر من المؤمن « و من يدبر الأمر » أي و من الذي يدبر جميع الأمور في السماء و الأرض على ما توجبه الحكمة « فسيقولون الله » أي فسيعترفون بأن الله تعالى يفعل هذه الأشياء و أن الأصنام لا تقدر عليها « فقل أ فلا تتقون » أي فقل لهم عند اعترافهم بذلك أ فلا تتقون عقابه في عبادة الأصنام و في الآية دلالة على التوحيد و على حسن المحاجة في الدين لأنه سبحانه حاج به المشركين و فيها دلالة على أنهم كانوا يقرون بالخالق و إن كانوا مشركين فإن جمهور العقلاء يقرون بالصانع سوى جماعة قليلة من ملحدة الفلاسفة و من أقر بالصانع على هذا صنفان موحد يعتقد أن الصانع واحد لا يستحق العبادة غيره و مشرك و هم ضربان
مجمع البيان ج : 5 ص : 163
فضرب جعلوا لله شريكا في ملكه يضاده و يناوئه و هم الثنوية و المجوس ثم اختلفوا فمنهم يثبت لله شريكا قديما كالمانوية و منهم من يثبت شريكا محدثا كالمجوس و ضرب آخر لا يجعل لله شريكا في حكمه و ملكه و لكن يجعل له شريكا في العبادة يكون متوسطا بينه و بين الصانع و هم أصحاب المتوسطات ثم اختلفوا فمنهم من جعل الوسائط من الأجسام العلوية كالنجوم و الشمس و القمر و منهم من جعل المتوسط من الأجسام السفلية كالأصنام و نحوها تعالى الله عما يقول الزائغون عن سبيله علوا كبيرا « فذلكم الله » ذلك إشارة إلى اسم الله تعالى الذي وصفه في الآية الأولى بأنه الذي يرزق الخلق و يخرج الحي من الميت و يخرج الميت من الحي و الكاف و الميم للمخاطبين و هم جميع الخلق أخبر سبحانه أن الذي يفعل هذه الأشياء « ربكم الحق » الذي خلقكم و معبودكم الذي له معنى الإلهية و يحق له العبادة دون غيره من الأصنام و الأوثان « فما ذا بعد الحق إلا الضلال » استفهام يراد به التقرير على موضع الحجة إذا لا يجد المجيب محيدا عن الإقرار به إلا بذكر ما لا يلتفت إليه و المراد به ليس بعد الذهاب عن الحق إلا الوقوع في الضلال لأنه ليس بينهما واسطة فإذا ثبت أن عبادة ما سواه باطل و ضلال « فإني تصرفون » أي فكيف تعدلون عن عبادته مع وضوح الدلالة على أنه لا معبود سواه « كذلك حقت كلمة ربك على الذين فسقوا أنهم لا يؤمنون » معناه أن الوعيد من الله تعالى للكفار بالنار في الصحة كالقول بأنه ليس بعد الحق إلا الضلال و قيل إن معناه مثل انصرافهم عن الإيمان وجبت العقوبة لهم أي جازاهم ربهم بمثل ما فعلوا من الانصراف و هذا في قوم علم الله تعالى أنهم لا يؤمنون و معناه سبق علم ربك في هؤلاء أنهم لا يؤمنون و قيل معنى قوله « أنهم لا يؤمنون » أو لأنهم لا يؤمنون أي وجبت العقوبة عليهم لذلك .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

١ ذوالقعدة الحرام

١- ذوالقعدة الحرام ١ـ ولادة كريمة أهل البيت فاطمة بنت موسى بن جعفر(س). ٢ـ غزوة بدر الصغرى. ٣ـ وفاة الاشعث ب...

المزید...

١١ ذوالقعدة الحرام

١١- ذوالقعدة الحرام ولادة ثامن الحجج، الامام السلطان ابوالحسن علي بن موسى الرضا المرتضى(ع) ...

المزید...

١٥ ذوالقعدة الحرام

١٥- ذوالقعدة الحرام نهاية الحكم الاموي وبداية الحكم العباسي ...

المزید...

٢٣ ذوالقعدة الحرام

٢٣- ذوالقعدة الحرام غزوة بني قريظة وتصفية يهود المدينة

المزید...

٢٥ ذوالقعدة الحرام

٢٥- ذوالقعدة الحرام ١) يوم دحو الارض ٢) خروج الرسول (ص) لحجة الوداع ٣) احضار الامام الرضا(ع) من الحجاز إلى ...

المزید...

٣٠ ذوالقعدة الحرام

٣٠- ذوالقعدة الحرام شهادة الامام الجواد(ع)

المزید...
012345
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page