• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الجزء الرابع عشر سورة النحل آیات 88 الى 93


الَّذِينَ كَفَرُوا وَ صدُّوا عَن سبِيلِ اللَّهِ زِدْنَهُمْ عَذَاباً فَوْقَ العَذَابِ بِمَا كانُوا يُفْسِدُونَ(88) وَ يَوْمَ نَبْعَث فى كلِّ أُمَّة شهِيداً عَلَيْهِم مِّنْ أَنفُسِهِمْ وَ جِئْنَا بِك شهِيداً عَلى هَؤُلاءِ وَ نَزَّلْنَا عَلَيْك الْكِتَب تِبْيَناً لِّكلِّ شىْء وَ هُدًى وَ رَحْمَةً وَ بُشرَى لِلْمُسلِمِينَ(89) * إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَ الاحْسنِ وَ إِيتَاى ذِى الْقُرْبى وَ يَنْهَى عَنِ الْفَحْشاءِ وَ الْمُنكرِ وَ الْبَغْىِ يَعِظكُمْ لَعَلَّكمْ تَذَكَّرُونَ(90)
اللغة
تقول ألقيت الشيء إذا طرحته و اللقي الشيء الملقى و ألقيت إليه مقالة أي قلتها له و تلقاها إذا قبلها و السلم الاستسلام و الانقياد و التبيان و البيان واحد .
الأزهري قال : العرب تقول بينت الشيء تبيينا و تبيانا .

المعنى
ثم أبان سبحانه عن حال المشركين يوم القيامة فقال « و إذا رءا الذين أشركوا شركاءهم » يعني الأصنام و الشياطين الذين أشركوهم مع الله في العبادة و قيل سماهم شركاءهم لأنهم جعلوا لهم نصيبا من الزرع و الأنعام فهم إذا شركاؤهم على زعمهم « قالوا ربنا هؤلاء شركاؤنا الذين كنا ندعوا من دونك » أي يقولون هؤلاء شركاؤنا التي أشركناها معك في الإلهية و العبادة و أضلونا عن دينك فحملهم بعض عذابنا « فألقوا إليهم القول إنكم لكاذبون » معناه فقالت الأصنام و سائر ما كانوا يعبدونه من دون الله بإنطاق الله تعالى إياهم لهؤلاء إنكم لكاذبون في أنا أمرناكم بعبادتنا و لكنكم اخترتم الضلال بسوء اختياركم لأنفسكم و قيل إنكم لكاذبون في قولكم إنا آلهة و إلقاء المعنى إلى النفس إظهاره لها حتى تدركه متميزا عن غيره « و ألقوا إلى الله يومئذ السلم » معناه و استسلم المشركون و ما عبدوهم من دون الله لأمر الله و انقادوا لحكمه يومئذ عن قتادة و قيل معناه أن المشركين زال عنهم نخوة الجاهلية و انقادوا قسرا لا اختيارا و اعترفوا بما كانوا ينكرونه من توحيد الله تعالى « و ضل عنهم ما كانوا يفترون » أي بطل ما كانوا يأملونه و يتمنونه من الأماني الكاذبة من أن
مجمع البيان ج : 6 ص : 586
آلهتهم تشفع لهم و تنفع « الذين كفروا و صدوا عن سبيل الله » أي أعرضوا عن دين الله و قيل صدوا غيرهم عن اتباع الحق الذي هو سبيل الله و قيل صد المسلمين عن البيت الحرام عن أبي مسلم « زدناهم عذابا فوق العذاب بما كانوا يفسدون » أي عذبناهم على صدهم عن دين الله زيادة على عذاب الكفر و قيل زدناهم الأفاعي و العقارب في النار لها أنياب كالنخل الطوال عن ابن مسعود و قيل هي أنهار من صفر مذاب كالنار يعذبون بها عن ابن عباس و مقاتل و قيل زيدوا حيات كأمثال الفيلة و البخت و عقارب كالبغال الدلم عن سعيد بن جبير « و يوم نبعث في كل أمة شهيدا عليهم من أنفسهم » أي من أمثالهم من البشر و يجوز أن يكون ذلك الشهيد نبيهم الذي أرسل إليهم و يجوز أن يكون المؤمنون العارفون يشهدون عليهم بما فعلوه من المعاصي و في هذا دلالة على أن كل عصر لا يجوز أن يخلو ممن يكون قوله حجة على أهل عصره و هو عدل عند الله تعالى و هو قول الجبائي و أكثر أهل العدل و هذا يوافق ما ذهب إليه أصحابنا و إن خالفوهم في أن ذلك العدل و الحجة منه هو « و جئنا بك » يا محمد « شهيدا على هؤلاء » يريد على قومك و أمتك و إنما أفرده بالذكر تشريفا له و تم الكلام هاهنا ثم قال سبحانه « و نزلنا عليك الكتاب » يعني القرآن « تبيانا لكل شيء » أي بيانا لكل أمر مشكل و معناه ليبين كل شيء يحتاج إليه من أمور الشرع فإنه ما من شيء يحتاج الخلق إليه في أمر من أمور دينهم إلا و هو مبين في الكتاب إما بالتنصيص عليه أو بالإحالة على ما يوجب العلم من بيان النبي (صلى الله عليهوآلهوسلّم) و الحجج القائمين مقامه أو إجماع الأمة فيكون حكم الجميع في الحاصل مستفادا من القرآن « و هدى و رحمة » أي و نزلنا عليك القرآن دلالة إلى الرشد و نعمة على الخلق لما فيه من الشرائع و الأحكام و لأنه يؤدي إلى نعم الآخرة « و بشرى للمسلمين » أي بشارة لهم بالثواب الدائم و النعيم المقيم « إن الله يأمر بالعدل » و هو الإنصاف بين الخلق و التعامل بالاعتدال الذي ليس فيه ميل و لا عوج « و الإحسان » إلى الناس و هو التفضل و لفظ الإحسان جامع لكل خير و الأغلب عليه استعماله في التبرع بإيتاء المال و بذل السعي الجميل و قيل العدل التوحيد و الإحسان أداء الفرائض عن ابن عباس و عطاء و قيل العدل في الأفعال و الإحسان في الأقوال فلا يفعل إلا ما هو عدل و لا يقول إلا ما هو حسن و قيل العدل أن ينصف و ينتصف و الإحسان أن ينصف و لا ينتصف « و إيتاء ذي القربى » أي و يأمركم بإعطاء الأقارب حقهم بصلتهم و هذا عام و قيل المراد بذي القربى قرابة النبي (صلى الله عليهوآلهوسلّم) الذين أرادهم الله بقوله فأن لله خمسه و للرسول و لذي القربى على ما مر تفسيره و هو المروي عن أبي جعفر (عليه السلام) قال نحن هم « و ينهى عن الفحشاء و المنكر و البغي » إنما جمع بين الأوصاف الثلاثة في النهي مع أن الكل منكر فاحش ليبين بذلك
مجمع البيان ج : 6 ص : 587
تفصيل ما نهى عنه لأن الفحشاء قد يكون ما يفعله الإنسان في نفسه من القبيح مما لا يظهره و المنكر ما يظهره للناس مما يجب عليهم إنكاره و البغي ما يتطاول به من الظلم لغيره و قيل إن الفحشاء الزنا و المنكر ما ينكره الشرع و البغي الظلم و الكبر عن ابن عباس و قيل إن العدل استواء السريرة و العلانية و الإحسان أن تكون السريرة أحسن من العلانية و الفحشاء و المنكر أن تكون العلانية أحسن من السريرة عن سفيان بن عيينة « يعظكم لعلكم تذكرون » معناه يعظكم بما تضمنت هذه الآية من مكارم الأخلاق لكي تتذكروا و تتفكروا و ترجعوا إلى الحق قال عبد الله بن مسعود هذه الآية أجمع آية في كتاب الله للخير و الشر قال قتادة أمر الله سبحانه بمكارم الأخلاق و نهاهم عن سفاسف الأخلاق و جاءت الرواية أن عثمان بن مظعون قال كنت أسلمت استحياء من رسول الله (صلى الله عليهوآلهوسلّم) لكثرة ما كان يعرض علي الإسلام و لما يقر الإسلام في قلبي فكنت ذات يوم عنده حال تأمله فشخص بصره نحو السماء كأنه يستفهم شيئا فلما سرى عنه سألته عن حاله فقال نعم بينا أنا أحدثك إذ رأيت جبرائيل في الهواء فأتاني بهذه الآية « إن الله يأمر بالعدل و الإحسان » و قرأها علي إلى آخرها فقر الإسلام في قلبي و أتيت عمه أبا طالب فأخبرته فقال يا آل قريش اتبعوا محمدا (صلى الله عليهوآلهوسلّم) ترشدوا فإنه لا يأمركم إلا بمكارم الأخلاق و أتيت الوليد بن المغيرة و قرأت عليه هذه الآية فقال إن كان محمد قاله فنعم ما قال و إن قاله ربه فنعم ما قال فأنزل الله « أ فرأيت الذي تولى و أعطى قليلا و أكدى » يعني قوله فنعم ما قال و معنى قوله و أكدى أنه لم يقم على ما قاله و قطعه و عن عكرمة قال أن النبي (صلى الله عليهوآلهوسلّم) قرأ هذه الآية على الوليد بن المغيرة فقال يا ابن أخي أعد فأعاد فقال إن له لحلاوة و إن عليه لطلاوة و إن أعلاه لمثمر و إن أسفله لمغدق و ما هو قول البشر .

النظم
وجه اتصال قوله « و نزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء » بما قبله أنه سبحانه لما بين أن الأنبياء تشهد على أممهم يوم القيامة بين عقيبه أنه سبحانه قد كلف الجميع و أزاح عللهم في التكليف بأن أنزل القرآن بما فيه من البيان و الهداية و الرحمة و البشارة لأهل الإيمان و أنهم إذا عوقبوا فإنما أتوا في ذلك من قبل نفوسهم و هذا كله مما يدخل في الشهادة و وجه اتصال قوله « إن الله يأمر بالعدل » الآية بما قبله أنه سبحانه لما ذكر القرآن بين عقيبه ما يأمر به و ينهى عنه فيه و قيل إنه يتصل بقوله « و يوم نبعث » كأنه قال بعد ذكر القيامة و الشهود أنه يأمر بالعدل و ينهى عن الظلم فاعلموا أنه سبحانه لا يظلم أحدا بل يعدل و يتفضل و لذلك جاء بالشهود ليشهدوا على أممهم أنهم أتوا فيما لاقوه من العذاب من
مجمع البيان ج : 6 ص : 588
قبل أنفسهم .
وَ أَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَهَدتُّمْ وَ لا تَنقُضوا الأَيْمَنَ بَعْدَ تَوْكيدِهَا وَ قَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكمْ كَفِيلاً إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ(91) وَ لا تَكُونُوا كالَّتى نَقَضت غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّة أَنكثاً تَتَّخِذُونَ أَيْمَنَكمْ دَخَلا بَيْنَكُمْ أَن تَكُونَ أُمَّةٌ هِىَ أَرْبى مِنْ أُمَّة إِنَّمَا يَبْلُوكمُ اللَّهُ بِهِ وَ لَيُبَيِّننَّ لَكمْ يَوْمَ الْقِيَمَةِ مَا كُنتُمْ فِيهِ تخْتَلِفُونَ(92) وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكمْ أُمَّةً وَحِدَةً وَ لَكِن يُضِلُّ مَن يَشاءُ وَ يَهْدِى مَن يَشاءُ وَ لَتُسئَلُنَّ عَمَّا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ(93)



أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page