• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الجزء السابع عشر سورة الأنبياء آیات102الی112


لا يَسمَعُونَ حَسِيسهَا وَ هُمْ فى مَا اشتَهَت أَنفُسهُمْ خَلِدُونَ(102) لا يحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الأَكبرُ وَ تَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَئكةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِى كنتُمْ تُوعَدُونَ(103)
القراءة
قرأ أبو جعفر و ابن عامر و يعقوب فتحت بالتشديد و الباقون بالتخفيف و قد ذكرنا اختلافهم في يأجوج و مأجوج في سورة الكهف و في الشواذ قراءة ابن مسعود من كل حدث و قراءة ابن السميفع حصب جهنم ساكنة الصاد و قراءة ابن عباس حضب بالضاد مفتوحة و قراءة علي (عليه السلام) و عائشة و ابن الزبير و أبي بن كعب و عكرمة حطب بالطاء .

الحجة
من « خفف » فتحت فلأن الفعل في الظاهر مسند لي هذين الاسمين و أراد فتح سد يأجوج و مأجوج و من شدد حمله على الكثرة فهو مثل مفتحة لهم الأبواب و الجدث القبر بلغة الحجاز و الجدف بالفاء بلغة تميم و في الحطب لغات و حطب و حصب بالصاد و خضب
مجمع البيان ج : 7 ص : 101
بالضاد و لا يقال حصب بالصاد إلا إذا ألقي في التنور أو في الموقد و قال أحمد بن يحيى أصل الحصب الرمي حطبا كان أو غيره قال الأعشى :
فلا تك في حربنا محصبا
لتجعل قومك شتى شعوبا فأما الحصب ساكنا بالصاد و الضاد فالطرح فهو مصدر وقع موقع اسم المفعول كالخلق و الصيد بمعنى المخلوق و المصيد .

اللغة
الحدب الارتفاع من الأرض بين الانخفاض و الحدبة خروج الظهر و رجل أحدب و النسول الخروج عن الشيء الملابس يقال نسل ينسل و ينسل قال امرؤ القيس :
فإن يك قد ساءتك مني خليقة
فسلي ثيابي من ثيابك تنسلي و نسل ريش الطائر إذا سقط و قيل النسول الخروج بإسراع نحو نسلان الذئب قال :
نسلان الذئب أمسى قاربا
برد الليل عليه فنسل و شخص المسافر شخوصا إذا خرج من منزله و شخص من بلد إلى بلد و شخص بصره إذا نظر إليه كأنه خرج إليه و الحسيس و الحس الحركة .

الإعراب
« و اقترب الوعد » قال الفراء معنى الواو الطرح و المعنى إذا فتحت يأجوج و مأجوج اقترب الوعد الحق قال الزجاج الواو لا يجوز أن يطرح عند البصريين و جواب إذا عندهم قوله « يا ويلنا » و هاهنا قول محذوف أي قالوا يا ويلنا و قوله « فإذا هي شاخصة » إذا ظرف مكان و العامل فيه شاخصة و هي ضمير القصة في محل رفع بالابتداء و « أبصار الذين كفروا » مبتدأ آخر و « شاخصة » خبر مقدم و الجملة خبر هي و قيل أن تمام الكلام عند قوله « هي » و تقديره فإذا هي بارزة واقعة يعني أنها من قربها كأنها وقعت ثم ابتدأ فقال « شاخصة أبصار الذين كفروا » على تقديم الخبر على المبتدأ .

المعنى
لما تقدم أنهم لا يرجعون إلى الدنيا وعدهم بالرجوع إلى الآخرة و بين علامة ذلك فقال « حتى إذا فتحت يأجوج و مأجوج » أي فتحت جهتهم و المعنى انفرج سد يأجوج و مأجوج بسقوط أو هدم أو كسر و ذلك من أشراط الساعة « و هم من كل حدب
مجمع البيان ج : 7 ص : 102
ينسلون » أي و هم يريد يأجوج و مأجوج من كل نشز من الأرض يسرعون عن قتادة و ابن مسعود و الجبائي و أبي مسلم يعني أنهم يتفرقون في الأرض فلا ترى أكمة إلا و قوم منهم يهبطون منها مسرعين و قيل إن قوله هم كناية عن الخلق يخرجون من قبورهم إلى الحشر عن مجاهد و كان يقرأ من كل جدث يعني القبر و يدل عليه قوله فإذا هم من الأجداث إلى ربهم ينسلون « و اقترب الوعد الحق » أي الموعود الصدق و معناه اقترب قيام الساعة « فإذا هي شاخصة أبصار الذين كفروا » معناه فإذا القصة أن أبصار الذين كفروا تشخص في ذلك اليوم أي لا تكاد تطرف من شدة ذلك اليوم و هو له ينظرون إلى تلك الأهوال عن الكلبي « يا ويلنا » أي يقولون يا ويلنا « قد كنا في غفلة من هذا » اشتغلنا بأمور الدنيا و غفلنا عن هذا اليوم فلم نتفكر فيه « بل كنا ظالمين » بأن عصينا الله تعالى و عبدنا غيره ثم قال سبحانه « إنكم و ما تعبدون من دون الله » يعني الأصنام « حصب جهنم » أي وقودها عن ابن عباس و قيل حطبها عن مجاهد و قتادة و عكرمة و أصل الحصب الرمي فالمراد أنهم يرمون فيها كما يرمى بالحصباء عن الضحاك و أبي مسلم و يسأل على هذا فيقال أن عيسى (عليه السلام) قد عبد و الملائكة قد عبدوا و الجواب أنهم لا يدخلون في الآية لأن ما لما لا يعقل و لأن الخطاب لأهل مكة و إنما كانوا يعبدون الأصنام فإن قيل فأي فائدة في إدخال الأصنام النار و قيل يعذب بها المشركون الذين عبدوها فتكون زيادة في حسرتهم و غمهم و يجوز أن يرمى بها في النار توبيخا للكفار حيث عبدوها و هي جماد لا تضر و لا تنفع و قيل إن المراد بقوله و ما يعبدون من دون الله الشياطين دعوهم إلى عبادة غير الله فأطاعوهم كما قال يا أبت لا تعبد الشيطان « أنتم لها واردون » خطاب للكفار أي أنتم في جهنم داخلون و قيل إن معنى لها إليها لقوله بأن ربك أوحى لها أي إليها « لو كان هؤلاء » الأصنام و الشياطين « ءالهة » كما تزعمون « ما وردوها » أي ما دخلوا النار و لامتنعوا منها « و كل » من العابد و المعبود « فيها » أي في النار « خالدون » دائمون « لهم فيها زفير » أي صوت كصوت الحمار و هو شدة تنفسهم في النار عند إحراقها لهم « و هم فيها لا يسمعون » أي لا يسمعون ما يسرهم و لا ما ينتفعون به و إنما يسمعون صوت المعذبين و صوت الملائكة الذين يعذبونهم و يسمعون ما يسوءهم عن الجبائي و قيل يجعلون في توابيت من نار فلا يسمعون شيئا و لا يرى أحد منهم إن في النار أحدا يعذب غيره عن عبد الله بن مسعود قالوا و لما نزلت هذه الآية أتى عبد الله بن الزبعري رسول الله (صلى الله عليهوآلهوسلّم) قال يا محمد أ لست تزعم أن عزيرا رجل صالح و إن عيسى (عليه السلام) رجل صالح و إن مريم امرأة صالحة قال بلى قال فإن هؤلاء يعبدون من دون الله فهم في النار فأنزل الله هذه الآية « إن الذين سبقت لهم منا الحسنى »
مجمع البيان ج : 7 ص : 103
أي الموعدة بالجنة و قيل الحسنى السعادة عن ابن زيد و كأنه يذهب إلى الكلمة بأنه سيسعد أو إلى العدة لهم على طاعتهم فأنث الحسنى « أولئك عنها مبعدون لا يسمعون حسيسها » أي يكونون بحيث لا يسمعون صوتها الذي يحس « و هم فيما اشتهت أنفسهم » من نعيم الجنة و ملاذها « خالدون » أي دائمون و الشهوة طلب النفس اللذة يقال اشتهى شهوة و قيل إن الذين سبقت لهم منا الحسنى عيسى و عزير و مريم و الملائكة الذين عبدوا من دون الله و هم كارهون استثناهم من جملة ما يعبدون من دون الله عن الحسن و مجاهد و قيل إن الآية عامة في كل من سبقت له الموعدة بالسعادة « لا يحزنهم الفزع الأكبر » أي الخوف الأعظم و هو عذاب النار إذا أطبقت على أهلها عن سعيد بن جبير و ابن جريج و قيل هو النفخة الأخيرة لقوله و نفخ في الصور ففزع من في السماوات و من في الأرض إلا من شاء الله عن ابن عباس و قيل هو حين يؤمر بالعبد إلى النار عن الحسن و قيل هو حين يذبح الموت على صورة كبش أملح و ينادي يا أهل الجنة خلود و لا موت و يا أهل النار خلود و لا موت و روى أبو سعيد الخدري عن النبي (صلى الله عليهوآلهوسلّم) قال ثلاثة على كثبان من مسك لا يحزنهم الفزع الأكبر و لا يكترثون للحساب رجل قرأ القرآن محتسبا ثم أم به قوما محتسبا و رجل أذن محتسبا و مملوك أدى حق الله عز و جل و حق مواليه « و تتلقاهم الملائكة » أي تستقبلهم الملائكة بالتهنئة يقولون لهم « هذا يومكم الذي كنتم توعدون » في الدنيا فأبشروا بالأمن و الفوز .

مجمع البيان ج : 7 ص : 104
يَوْمَ نَطوِى السمَاءَ كَطىِّ السجِلِّ لِلْكتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْق نُّعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَعِلِينَ(104) وَ لَقَدْ كتَبْنَا فى الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْض يَرِثُهَا عِبَادِى الصلِحُونَ(105) إِنَّ فى هَذَا لَبَلَغاً لِّقَوْم عَبِدِينَ(106) وَ مَا أَرْسلْنَك إِلا رَحْمَةً لِّلْعَلَمِينَ(107) قُلْ إِنَّمَا يُوحَى إِلىَّ أَنَّمَا إِلَهُكمْ إِلَهٌ وَحِدٌ فَهَلْ أَنتُم مُّسلِمُونَ(108) فَإِن تَوَلَّوْا فَقُلْ ءَاذَنتُكمْ عَلى سوَاء وَ إِنْ أَدْرِى أَ قَرِيبٌ أَم بَعِيدٌ مَّا تُوعَدُونَ(109) إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ مِنَ الْقَوْلِ وَ يَعْلَمُ مَا تَكتُمُونَ(110) وَ إِنْ أَدْرِى لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَّكمْ وَ مَتَعٌ إِلى حِين(111) قَلَ رَب احْكم بِالحَْقِّ وَ رَبُّنَا الرَّحْمَنُ الْمُستَعَانُ عَلى مَا تَصِفُونَ(112)
القراءة
قرأ أبو جعفر تطوى بالتاء و الضم السماء بالرفع و الباقون « نطوي » بالنون « السماء » بالنصب و قرأ أهل الكوفة غير أبي بكر « للكتب » على الجمع و الباقون للكتاب و قرأ حفص « قال رب » و الباقون قل ربي و قرأ أبو جعفر رب احكم بضم الباء و قرأ زيد عن يعقوب ربي احكم و هو قراءة ابن عباس و عكرمة الجحدري و ابن محيصن و الباقون « رب احكم » و في الشواذ قراءة الحسن كطي السجل بسكون الجيم و قراءة أبي زرعة بن عمر و السجل بضم السين و الجيم و تشديد اللام و قراءة أبي السماك السجل بفتح السين و سكون الجيم .

الحجة
من قرأ يوم تطوى السماء فبنى الفعل للمفعول به و من « قرأ يوم نطوي السماء » فالفاعل هو الله سبحانه و المعنى واحد و في إن انتصاب يوم وجهان عند أبي علي ( أحدهما ) أن يكون بدلا من الهاء المحذوفة من الصلة أ لا ترى إن المعنى هذا يومكم الذي توعدونه و الآخر أن يكون منتصبا بنعيده و المعنى نعيد الخلق إعادة كابتدائه أي كابتداء الخلق و مثله في المعنى كما بدأكم تعودون و تقديره كما بدأ خلقكم يعود خلقكم فحذف المضاف في الموضعين و أقام المضاف إليه مقامه و المعنى يعود خلقكم عودا كبدئه و مثله في المعنى « كما بدأنا أول خلق نعيده » و من أفرد الكتاب و لم يجمع فإنه واحد يراد به الكثرة و من قرأ « للكتب » فإن المراد به الجمع و من قرأ « قال رب » أراد قال الرسول و من قرأ قل فهو على قل أنت يا محمد و قراءة أبي جعفر رب احكم معناه يا رب احكم و هي ضعيفة عند النحويين البصريين و قد جاء مثله في المثل و هو قولهم : أصبح ليل و أطرق كرا و افتد مخنوق أي يا ليل و يا كروان و يا مخنوق و قد جاء في الشعر و هو :
عجبت لعطار أتانا يسومنا
بدسكرة المران دهن البنفسج
فقلت له عطار هلا أتيتنا
بنور الخزامي أو بخوصة عرفج
مجمع البيان ج : 7 ص : 105
أراد يا عطار و من قرأ « رب احكم » فالمعنى ظاهر .

الإعراب
الكاف في قوله « كطي السجل » في محل النصب لأنه صفة مصدر محذوف تقديره نطوي السماء طيا مثل طي السجل فإن كان السجل اسما للصحيفة فالمصدر الذي هو طي مضاف إلى المفعول في المعنى و إن كان اسم ملك أو كاتب فهو مضاف إلى الفاعل في المعنى فإن كان مفعولا كان اللام بمعنى من أجل و إن كان فاعلا كان اللام للاختصاص « وعدا علينا » منصوب على المصدر قال الزجاج لأن قوله « نعيده » بمعنى قد وعدنا ذلك و الأجود أن يقدر عاملا محذوفا لأن القراء يقفون على قوله « نعيده » قال جامع العلوم الكاف في « كما بدأنا » من صلة نعيده و إن كان متقدما و مثله كما علمه الله فليكتب « رحمة للعالمين » نصب على الحال أو على أنه مفعول له و « إنما إلهكم إله واحد » في محل رفع بإسناد « يوحى إليه » و قيامه مقام الفاعل و « على سواء » في موضع نصب على الحال من الفاعلين و المفعولين و التقدير أذنتكم و استوينا نحن و أنتم فيكون الحال من الفريقين « ما توعدون » في موضع رفع بأنه فاعل قريب لأنه اعتمد على همزة الاستفهام فهو كقولهم أ قائم أخوك و يجوز أن يكون مبتدأ و قريب خبره و على الوجهين فهما مفعولا أدري أي أعلم علقتهما همزة الاستفهام و التقدير أ قريب ما توعدون أم بعيد فبعيد عطف على قريب و النية فيه التأخير .
« و أن أدري لعله فتنة لكم » مفعول أدري محذوف و التقدير ما أدري كيف يكون الحال .

المعنى
« يوم نطوي السماء » المراد بالطي هنا هو الطي المعروف و أن الله سبحانه يطوي السماء بقدرته و قيل إن طي السماء ذهابها عن الحس « كطي السجل للكتب » و السجل صحيفة فيها الكتب عن ابن عباس و مجاهد و قتادة و الكلبي و على هذا فمعناه نطويها كما تطوى الصحيفة المجعولة للكتاب و يجوز أن يكون المراد بالكتاب المكتوب و قيل أن السجل ملك يكتب أعمال العباد عن أبي عمرو و السدي و قيل هو ملك يطوي كتب بني آدم إذا رفعت إليه عن عطا و قيل هو اسم كاتب كان للنبي (صلى الله عليهوآلهوسلّم) عن ابن عباس في رواية « كما بدأنا أول خلق نعيده » أي كما بدأناهم في بطون أمهاتهم حفاة عراة غرلا كذلك نعيدهم روي ذلك مرفوعا و قيل معناه نبعث الخلق كما ابتدأناه أي قدرتنا إلى الإعادة كقدرتنا على الابتداء عن الحسن و الزجاج و قيل معناه نهلك كل شيء كما كان أول مرة عن ابن عباس « وعدا علينا » أي وعدناكم ذلك وعدا « إنا كنا فاعلين » ما وعدناكم من ذلك « و لقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر » قيل فيه أقوال ( أحدها ) أن الزبور كتب الأنبياء و معناه كتبنا
مجمع البيان ج : 7 ص : 106
في الكتب التي أنزلناها على الأنبياء من بعد كتابته في الذكر أي أم الكتاب الذي في السماء و هو اللوح المحفوظ عن سعيد بن جبير و مجاهد و ابن زيد و هو اختيار الزجاج قال لأن الزبور و الكتاب بمعنى واحد و زبرت كتبت ( و ثانيها ) أن الزبور الكتب المنزلة بعد التوراة و الذكر هو التوراة عن ابن عباس و الضحاك ( و ثالثها ) أن الزبور زبور داود و الذكر توراة موسى عن الشعبي و روي عنه أيضا أن الذكر القرآن و بعد بمعنى قبل « أن الأرض يرثها عبادي الصالحون » قيل يعني أرض الجنة يرثها عبادي المطيعون عن ابن عباس و سعيد بن جبير و ابن زيد فهو مثل قوله و أورثنا الأرض و قوله الذين يرثون الفردوس و قيل هي الأرض المعروفة يرثها أمة محمد (صلى الله عليهوآلهوسلّم) بالفتوح بعد إجلاء الكفار كما قال (صلى الله عليهوآلهوسلّم) زويت لي الأرض فأريت مشارقها و مغاربها و سيبلغ ملك أمتي ما زوي لي منها عن ابن عباس في رواية أخرى و قال أبو جعفر (عليه السلام) هم أصحاب المهدي (عليه السلام) في آخر الزمان و يدل على ذلك ما رواه الخاص و العام عن النبي (صلى الله عليهوآلهوسلّم) أنه قال لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث رجلا صالحا من أهل بيتي يملأ الأرض عدلا و قسطا كما قد ملئت ظلما و جورا و قد أورد الإمام أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي في كتاب البعث و النشور أخبارا كثيرة في هذا المعنى حدثنا بجميعها عنه حافده أبو الحسن عبيد الله بن محمد بن أحمد في شهور سنة ثماني عشرة و خمسمائة ثم قال في آخر الباب فأما الحديث الذي أخبرنا أبو عبد الله الحافظ بالإسناد عن محمد بن خالد الجندي عن أبان بن صالح عن الحسن عن أنس بن مالك أن النبي (صلى الله عليهوآلهوسلّم) قال لا يزداد الأمر إلا شدة و لا الناس إلا شحا و لا الدنيا إلا إدبارا و لا تقوم الساعة إلا على أشرار الناس و لا مهدي إلا عيسى بن مريم فهذا حديث تفرد به محمد بن خالد الجندي قال أبو عبد الله الحافظ و محمد بن خالد رجل مجهول و اختلف عليه في إسناده فرواه مرة عن أبان بن صالح عن الحسن عن أنس عن النبي (صلى الله عليهوآلهوسلّم) و مرة عن أبان بن أبي عياش و هو متروك عن الحسن عن النبي (صلى الله عليهوآلهوسلّم) و هو منقطع و الأحاديث في التنصيص على خروج المهدي (عليه السلام) أصح إسنادا و فيها بيان كونه من عترة النبي (صلى الله عليهوآلهوسلّم) هذا لفظه و من جملتها ما حدثنا أبو الحسن حافده عنه قال أخبرنا أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو داود السجستاني في كتاب السنن عن طرق كثيرة ذكرها ثم قال كلهم عن عاصم المقري عن زيد عن عبد الله عن النبي (صلى الله عليهوآلهوسلّم) قال لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث فيه رجلا مني أو من أهل بيتي و في بعضها يواطىء اسمه اسمي يملأ الأرض قسطا و عدلا كما
مجمع البيان ج : 7 ص : 107
ملئت ظلما و جورا و بالإسناد قال حدثنا أبو داود قال حدثنا أحمد بن إبراهيم قال حدثني عبد الله بن جعفر الرقي قال حدثني أبو المليح الحسن بن عمر عن زياد بن بيان عن علي بن نفيل عن سعيد بن المسيب عن أم سلمة قالت سمعت رسول الله (صلى الله عليهوآلهوسلّم) يقول المهدي من عترتي من ولد فاطمة (عليهاالسلام) « إن في هذا » يعني إن في الذي أخبرناكم به مما توعدنا به الكفار من النار و الخلود فيها و ما وعدنا به المؤمنين من الجنة و الكون فيها و قيل معناه إن في هذا القرآن و دلائله « لبلاغا » أي كفاية و وصلة إلى البغية و البلاغ سبب الوصول إلى الحق « لقوم عابدين » لله مخلصين له قال كعب هم أمة محمد (صلى الله عليهوآلهوسلّم) الذين يصلون الصلوات الخمس و يصومون شهر رمضان سماهم عابدين « و ما أرسلناك » يا محمد « إلا رحمة للعالمين » أي نعمة عليهم قال ابن عباس رحمة للبر و الفاجر و المؤمن و الكافر فهو رحمة للمؤمن في الدنيا و الآخرة و رحمة للكافر بأن عوفي مما أصاب الأمم من الخسف و المسخ و روي أن النبي (صلى الله عليهوآلهوسلّم) قال لجبرائيل لما نزلت هذه الآية هل أصابك من هذه الرحمة شيء قال نعم إني كنت أخشى عاقبة الأمر ف آمنت بك لما أثنى الله علي بقوله ذي قوة عند ذي العرش مكين و قد قال إنما أنا رحمة مهداة و قيل إن الوجه في أنه نعمة على الكافر أنه عرضه للإيمان و الثواب الدائم و هداه و إن لم يهتد كمن قدم الطعام إلى جائع فلم يأكل فإنه منعم عليه و إن لم يقبل و في الآية دلالة على بطلان قول أهل الجبر في أنه ليس لله على الكافر نعمة لأنه سبحانه بين أن في إرسال محمد (صلى الله عليهوآلهوسلّم) نعمة على العالمين و على كل من أرسل إليهم ثم قال له (عليه السلام) « قل إنما يوحى إلي إنما إلهكم إله واحد فهل أنتم مسلمون » أي مستسلمون منقادون لذلك بأن تتركوا عبادة غير الله و قيل معناه الأمر أي أسلموا كقوله « فهل أنتم منتهون » أي انتهوا « فإن تولوا » أي أعرضوا و لم يسلموا « فقل آذنتكم » أي أعلمتكم بالحرب « على سواء » أي إيذانا على سواء إعلاما نستوي نحن و أنتم في علمه لا استيذانا به دونكم لتتأهبوا لما يراد بكم و مثله قوله فانبذ إليهم على سواء و قيل معناه أعلمتكم بما يجب الإعلام به على سواء في الإيذان لم أبين الحق لقوم دون قوم و لم أكتمه لقوم دون قوم و في هذا دلالة على بطلان قول أصحاب الرموز و إن للقرآن بواطن خص بالعلم بها أقوام « و أن أدري » أي و ما أدري « أ قريب أم بعيد ما توعدون » يعني أجل يوم القيامة فإن الله تعالى هو العالم بذلك و قيل معناه أذنتكم بالحرب و لا أدري متى أوذن فيه « إنه يعلم الجهر من القول و يعلم ما تكتمون » أي إن الله يعلم السر و العلانية « و إن أدري » أي و ما أدري « لعله » كناية عن غير مذكور « فتنة لكم » أي لعل ما أذنتكم به اختيار لكم و شدة تكليف ليظهر صنيعكم عن الزجاج و قيل لعل
مجمع البيان ج : 7 ص : 108
هذه الدنيا فتنة لكم عن الحسن و قيل لعل تأخير العذاب محنة و اختبار لكم لترجعوا عما أنتم عليه « و متاع إلى حين » أي تتمتعون به إلى وقت انقضاء آجالكم « قل رب احكم بالحق » أي فوض أمورك يا محمد إلى الله و قل يا رب احكم بيني و بين من كذبني بالحق قال قتادة كان النبي (صلى الله عليهوآلهوسلّم) إذا شهد قتالا قال رب احكم بالحق أي افصل بيني و بين المشركين بما يظهر به الحق للجميع و قيل معناه أحكم بحكمك الحق و هو إظهار الحق على الباطل « و ربنا الرحمن » الذي يرحم عباده « المستعان » الذي يعينهم في أمورهم فجمع بين الرحمة و المعونة اللتين تضمنتا أصول النعم « على ما تصفون » من كذبكم و باطلكم في قولكم هل هذا إلا بشر مثلكم و قولكم اتخذ الرحمن ولدا و قيل معناه و ربنا الرحمن المستعان على دفع ما تصفون .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page