• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الجزء الثالث والعشرون سورة يس 55الى70


إِنَّ أَصحَب الجَْنَّةِ الْيَوْمَ فى شغُل فَكِهُونَ(55) هُمْ وَ أَزْوَجُهُمْ فى ظِلَل عَلى الأَرَائكِ مُتَّكِئُونَ(56) لهَُمْ فِيهَا فَكِهَةٌ وَ لهَُم مَّا يَدَّعُونَ(57) سلَمٌ قَوْلاً مِّن رَّب رَّحِيم(58) وَ امْتَزُوا الْيَوْمَ أَيهَا الْمُجْرِمُونَ(59) * أَ لَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَبَنى ءَادَمَ أَن لا تَعْبُدُوا الشيْطنَ إِنَّهُ لَكمْ عَدُوُّ مُّبِينٌ(60)
القراءة
قرأ نافع و ابن كثير و أبو عمرو و روح في شغل ساكنة الغين و الباقون « في شغل » بضم الغين و قرأ أبو جعفر فكهون بغير ألف حيث وقع و وافقه حفص في المطففين
مجمع البيان ج : 8 ص : 669
انقلبوا فكهين و قرأ الآخرون بالألف كل القرآن و قرأ أهل الكوفة غير عاصم في ظلل بضم الظاء بلا ألف و الباقون « في ظلال » و روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قرأ من بعثنا من مرقدنا و في الشواذ قراءة ابن أبي ليلى يا ويلتا و قرأ أبي بن كعب من هبنا من مرقدنا .

الحجة
الشغل و الشغل لغتان و كذلك الفكه و الفاكه و الظلل جمع ظلة و الظلال يجوز أيضا أن يكون جمع ظلة فيكون كبرمة و برام و علبة و علاب و يجوز أن يكون جمع ظل و أما قوله « من بعثنا » فهو كقولك يا ويلي من أخذك مني قال ابن جني من الأولى متعلقة بالويل كقولك يا تألمي منك و إن شئت كان حالا فتعلقت بمحذوف حتى كأنه قال يا ويلنا كائنا من بعثنا فجاز أن يكون حالا منه كما جاز أن يكون خبرا عنه في مثل قول الأعشى :
قالت هريرة لما جئت زائرها
ويلي عليك و ويلي منك يا رجل و ذلك أن الحال ضرب من الخبر و أما من في قوله « من مرقدنا » فمتعلقة بنفس البعث و من قرأ يا ويلتا فأصله يا ويلتي فأبدلت الياء ألفا لأنه نداء فهو موضع تخفيف فتارة تحذف هذه الياء نحو غلام و تارة بالبدل نحو يا غلاما قال :
يا أبتا علك أو عساكا فإن قلت كيف قال يا ويلتا و هذا اللفظ للواحد و هم جماعة فالقول إنه يكون على أن كل واحد منهم قال يا ويلتا من بعثنا من مرقدنا و نحوه قوله فاجلدوهم ثمانين جلدة أي فاجلدوا كل واحد منهم و مثله ما حكاه أبو زيد من قولهم أتينا الأمير فكسانا كلنا حلة و أعطانا كلنا مائة أي كسا كل واحد منا حلة و أعطى كل واحد منا مائة و أما هبنا فيمكن أن يكون هب لغة في أهب و يمكن أن يكون على معنى هب بنا أي أيقظنا ثم حذف حرف الجرب فوصل الفعل .

اللغة
قال أبو عبيدة الصور جمع صورة مثل بسرة و بسر و هو مشتق من صاره يصوره صورا إذا أماله فالصورة تميل إلى مثلها بالمشاهدة و الجدث القبر و جمعه الأجداث و هذه لغة أهل العالية و يقول أهل السافلة بالفاء جدف و النسول الإسراع في الخروج يقال نسل ينسل و ينسل قال امرؤ القيس :
و إن تك قد ساءتك مني خليقة
فسلي ثيابي من ثيابك تنسل
مجمع البيان ج : 8 ص : 670
و قال آخر :
عسلان الذئب أمسى قاربا
برد الليل عليه فنسل .

الإعراب
« هذا ما وعد الرحمن » مبتدأ و خبر و يكون « من بعثنا من مرقدنا » كلاما تاما يوقف عليه و يجوز أن يكون هذا من نعت مرقدنا أي مرقدنا الذي كنا راقدين فيه فيكون الوقف على مرقدنا هذا و يكون « ما وعد الرحمن » خبر مبتدإ محذوف أو مبتدأ محذوف الخبر على تقدير هذا ما وعد الرحمن أو حق ما وعد الرحمن سلام بدل من ما و المعنى لهم ما يتمنون لهم سلام و قولا منصوب على أنه مصدر فعل محذوف أي يقوله الله قولا .

المعنى
ثم أخبر سبحانه عن النفخة الثانية و ما يلقونه فيها إذا بعثوا بعد الموت فقال « و نفخ في الصور فإذا هم من الأجداث » و هي القبور « إلى ربهم » أي إلى الموضع الذي يحكم الله فيه لا حكم لغيره هناك « ينسلون » أي يخرجون سراعا فلما رأوا أهوال القيامة « قالوا يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا » أي من حشرنا من منامنا الذي كنا فيه نياما ثم يقولون « هذا ما وعد الرحمن و صدق المرسلون » فيما أخبرونا عن هذا المقام و هذا البعث قال قتادة أول الآية للكافرين و آخرها للمسلمين قال الكافرون « يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا » و قال المسلمون « هذا ما وعد الرحمن و صدق المرسلون » و إنما وصفوا القبر بالمرقد لأنهم لما أحيوا كانوا كالمنتبهين عن الرقدة و قيل إنهم لما عاينوا أحوالهم في القيامة عدوا أحوالهم في قبورهم بالإضافة إلى تلك الأهوال رقادا قال قتادة هي النومة بين النفختين لا يفتر عذاب القبر إلا فيما بينهما فيرقدون ثم أخبر سبحانه عن سرعة بعثهم فقال « إن كانت إلا صيحة واحدة » أي لم تكن المدة إلا مدة صيحة واحدة « فإذا هم جميع لدينا محضرون » أي فإذا الأولون و الآخرون مجموعون في عرصات القيامة محصلون في موقف الحساب ثم حكى سبحانه ما يقوله يومئذ للخلائق فقال « فاليوم لا تظلم نفس شيئا » أي لا ينقص من له حق شيئا من حقه من الثواب أو العوض أو غير ذلك و لا يفعل به ما لا يستحقه من العقاب بل الأمور جارية على مقتضى العدل و ذلك قوله « و لا تجزون إلا ما كنتم تعملون » ثم ذكر سبحانه أولياءه فقال « إن أصحاب الجنة اليوم في شغل » شغلهم النعيم الذي شملهم و غمرهم بسروره عما فيه أهل النار من العذاب عن الحسن و الكلبي فلا يذكرونهم و لا يهتمون بهم و إن كانوا أقاربهم و قيل شغلوا بافتضاض العذارى عن ابن عباس و ابن مسعود و هو المروي عن الصادق (عليه السلام) )
مجمع البيان ج : 8 ص : 671
قال و حواجبهن كالأهلة و أشفار أعينهن كقوادم النسور و قيل باستماع الألحان عن وكيع و قيل شغلهم في الجنة سبعة أنواع من الثواب لسبعة أعضاء فثواب الرجل بقوله ادخلوها بسلام آمنين و ثواب اليد يتنازعون فيها كأسا لا لغو فيها و ثواب الفرج و حور عين و ثواب البطن كلوا و اشربوا هنيئا الآية و ثواب اللسان و آخر دعويهم الآية و ثواب الأذن لا يسمعون فيها لغوا و نظائرها و ثواب العين و تلذ الأعين « فاكهون » أي فرحون عن ابن عباس و قيل ناعمون متعجبون بما هم فيه قال أبو زيد الفكه الطيب النفس الضحوك رجل فكه و فاكه و لم يسمع لهذا فعل في الثلاثي و قال أبو مسلم أنه مأخوذ عن الفكاهة فهو كناية عن الأحاديث الطيبة و قيل فاكهون ذوو فاكهة كما يقال لاحم شاحم أي ذو لحم و شحم و عاسل ذو عسل قال الحطيئة :
و غررتني و زعمت أنك
لابن في الصيف تأمر أي ذو لبن و تمر ثم أخبر سبحانه عن حالهم فقال « هم و أزواجهم » أي هم و حلائلهم في الدنيا ممن وافقهم على إيمانهم في أستار عن وهج الشمس و سمومها فهم في مثل تلك الحال الطيبة من الظلال التي لا حر فيها و لا برد و قيل أزواجهم اللاتي زوجهم الله من الحور العين « في ظلال » أشجار الجنة و قيل في ظلال تسترهم من نظر العيون إليهم « على الأرائك » و هي السرر عليها الحجال و قيل هي الوسائد « متكئون » أي جالسون جلوس الملوك إذ ليس عليهم من الأعمال شيء قال الأزهري كلما اتكىء عليه فهو أريكة و الجمع أرائك « لهم فيها » أي في الجنة « فاكهة و لهم ما يدعون » أي ما يتمنون و يشتهون قال أبو عبيدة تقول العرب ادع لي ما شئت أي تمن علي و قيل معناه إن كل من يدعي شيئا فهو له بحكم الله تعالى لأنه قد هذب طباعهم فلا يدعون إلا ما يحسن منهم قال الزجاج هو مأخوذ من الدعاء يعني أن أهل الجنة كلما يدعونه يأتيهم ثم بين سبحانه ما يشتهون فقال « سلام » أي لهم سلام و منى أهل الجنة أن يسلم الله عليهم « قولا » أي يقوله الله قولا « من رب رحيم » بهم يسمعونه من الله فيؤذنهم بدوام الأمن و السلامة مع سبوغ النعمة و الكرامة و قيل إن الملائكة يدخل عليهم من كل باب يقولون سلام عليكم من ربكم الرحيم ثم ذكر سبحانه أهل النار فقال « و امتازوا اليوم أيها المجرمون » أي يقال لهم انفصلوا معاشر العصاة و اعتزلوا من جملة المؤمنين و قيل معناه كونوا على حدة عن السدي و قيل معناه إن لكل كافر
مجمع البيان ج : 8 ص : 672
بيتا في النار يدخل فيردم بابه لا يرى و لا يرى عن الضحاك ثم خصهم سبحانه بالتوبيخ فقال « أ لم أعهد إليكم يا بني آدم » أي أ لم آمركم على ألسنة الأنبياء و الرسل في الكتب المنزلة « ألا تعبدوا الشيطان » أي لا تطيعوا الشيطان فيما يأمركم به « إنه لكم عدو » أي و قلت لكم إن الشيطان لكم عدو « مبين » ظاهر عداوته عليكم يدعوكم إلى ما فيه هلاككم و في هذه الآية دلالة على أنه سبحانه لا يخلق عبادة الشيطان لأنه حذر من ذلك و وبخ عليه .
وَ أَنِ اعْبُدُونى هَذَا صِرَطٌ مُّستَقِيمٌ(61) وَ لَقَدْ أَضلَّ مِنكمْ جِبِلاًّ كَثِيراً أَ فَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ(62) هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتى كُنتُمْ تُوعَدُونَ(63) اصلَوْهَا الْيَوْمَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ(64) الْيَوْمَ نخْتِمُ عَلى أَفْوَهِهِمْ وَ تُكلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَ تَشهَدُ أَرْجُلُهُم بِمَا كانُوا يَكْسِبُونَ(65)
القراءة
قرأ أبو عمرو و ابن عامر جبلا بضم الجيم و سكون الباء و قرأ أهل المدينة و عاصم و سهل « جبلا » بكسر الجيم و الباء و تشديد اللام و قرأ روح و زيد جبلا بضم الجيم و الباء و تشديد اللام و هو قراءة الحسن و الأعرج و الزهري و قرأ الباقون جبلا بضمهما و تخفيف اللام .

الحجة
معناهن جميعا الخلق الكثير و الجماعة و الجمع الذين جبلوا على خليقة أي طبعوا و أصل الجبل الطبع و منه الجبل لأنه مطبوع على الثبات و قال أبو مسلم أصله الغلظة و الشدة .

المعنى
ثم قال سبحانه في حكايته ما يقوله الكفار يوم القيامة « و أن اعبدوني هذا صراط مستقيم » فوصف عبادته بأنه طريق مستقيم من حيث كان طريقا إلى الجنة ثم ذكر سبحانه عداوة الشيطان ببني آدم فقال « و لقد أضل منكم جبلا كثيرا » أي أضل الشيطان عن الدين خلقا كثيرا منكم بأن دعاهم إلى الضلال و حملهم على الضلال و أغواهم « أ فلم تكونوا تعقلون » أنه يغويكم و يصدكم عن الحق فتنبهون عنه صورته استفهام و معناه الإنكار عليهم و التبكيت لهم و في هذا بطلان مذهب أهل الجبر في أن الله أراد إضلالهم و لو كان كما قالوه
مجمع البيان ج : 8 ص : 673
لكان ذلك أضر عليهم و أنكر من إرادة الشيطان ذلك « هذه جهنم التي كنتم توعدون » بها في دار التكليف حاضرة لكم تشاهدونها « اصلوها اليوم » أي ألزموا العذاب بها و أصل الصلاء اللزوم و منه المصلي الذي يجيء في أثر السابق للزومه أثره و قيل معناه صيروا صلاها أي وقودها عن أبي مسلم « بما كنتم تكفرون » جزاء لكم على كفركم بالله و تكذيبكم أنبياءه « اليوم نختم على أفواههم » هذا حقيقة الختم فتوضع على أفواه الكفار يوم القيامة فلا يقدرون على الكلام و النطق « و تكلمنا أيديهم » بما عملوا « و تشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون » أي نستنطق الأعضاء التي كانت لا تنطق في الدنيا لتشهد عليهم و نختم على أفواههم التي عهد منها النطق و اختلف في كيفية شهادة للجوارح على وجوه ( أحدها ) أن الله تعالى يخلقها خلقة يمكنها أن تتكلم و تنطق و تعترف بذنوبها ( و ثانيها ) أن الله تعالى يجعل فيها كلاما و إنما نسب الكلام إليها لأنه لا يظهر إلا من جهتها ( و ثالثها ) أن معنى شهادتها و كلامها أن الله تعالى يجعل فيها من الآيات ما يدل على أن أصحابها عصوا الله بها فسمى ذلك شهادة منها كما يقال عيناك تشهدان بسهرك و قد ذكرنا أمثال ذلك فيما سلف .
وَ لَوْ نَشاءُ لَطمَسنَا عَلى أَعْيُنهِمْ فَاستَبَقُوا الصرَط فَأَنى يُبْصِرُونَ(66) وَ لَوْ نَشاءُ لَمَسخْنَهُمْ عَلى مَكانَتِهِمْ فَمَا استَطعُوا مُضِيًّا وَ لا يَرْجِعُونَ(67) وَ مَن نُّعَمِّرْهُ نُنَكسهُ فى الخَْلْقِ أَ فَلا يَعْقِلُونَ(68) وَ مَا عَلَّمْنَهُ الشعْرَ وَ مَا يَنبَغِى لَهُ إِنْ هُوَ إِلا ذِكْرٌ وَ قُرْءَانٌ مُّبِينٌ(69) لِّيُنذِرَ مَن كانَ حَيًّا وَ يحِقَّ الْقَوْلُ عَلى الْكَفِرِينَ(70)
القراءة
قرأ أبو بكر وحده مكاناتهم على الجمع و الباقون على التوحيد و قد تقدم ذكر ذلك و قرأ عاصم و حمزة و سهل « ننكسه » بضم النون الأولى و فتح الثانية و كسر الكاف و تشديدها و قرأ الباقون بضم الكاف و تخفيفها و قرأ أهل المدينة و الشام و يعقوب و سهل لتنذر بالتاء و الباقون بالياء .

الحجة
يقال نكسته و نكسته و أنكسه و أنكسه مثل رددت و رددت غير أن التشديد للتكثير و التخفيف يحتمل القليل و الكثير و من قرأ لتنذر بالتاء فهو خطاب للنبي (صلى الله عليهوآلهوسلّم) و من قرأ
مجمع البيان ج : 8 ص : 674
بالياء أراد القرآن و يجوز أن يريد لينذر الله .

اللغة
الطمس محو الشيء حتى يذهب أثره فالطمس على العين كالطمس على الكتاب و مثله الطمس على المال و هو إذهابه حتى لا يقع عليه إدراك و أعمى مطموس و طميس و هو أن يذهب الشق الذي بين الجفنين و المسخ قلب الصورة إلى خلقة مشوهة كما مسخ قوم قردة و خنازير .

الإعراب
أنى في محل النصب على الحال من « يبصرون » أو على أنه في معنى مصدره .

المعنى
ثم أخبر سبحانه عن قدرته على إهلاك هؤلاء الكفار الذين جحدوا وحدانيته فقال « و لو نشاء لطمسنا على أعينهم » أي لأعميناهم عن الهدى عن ابن عباس و قيل معناه لتركناهم عميا يترددون عن الحسن و قتادة و الجبائي « فاستبقوا الصراط » أي فطلبوا طريق الحق و قد عموا عنه « فأنى يبصرون » أي فكيف يبصرون عن ابن عباس و قيل معناه فطلبوا النجاة و السبق إليها و لا بصر لهم فكيف يبصرون و قد أعميناهم و قيل طلبوا الطريق إلى منازلهم فلم يهتدوا إليها « و لو نشاء لمسخناهم على مكانتهم » أي على مكانهم الذي هم فيه قعود و المعنى و لو نشاء لعذبناهم بنوع آخر من العذاب فأقعدناهم في منازلهم ممسوخين قردة و خنازير و المكانة و المكان واحد و قيل معناه و لو شئنا لمسخناهم حجارة في منازلهم ليس فيهم أرواحهم « فما استطاعوا مضيا و لا يرجعون » أي فلم يقدروا على ذهاب و لا مجيء لو فعلنا ذلك بهم و قيل معناه فما استطاعوا مضيا من العذاب و لا رجوعا إلى الخلقة الأولى بعد المسخ و هذا كله تهديد هددهم الله به ثم قال سبحانه « و من نعمره ننكسه في الخلق » أي من نطول عمره نصيره بعد القوة إلى الضعف و بعد زيادة الجسم إلى النقصان و بعد الجدة و الطراوة إلى البلى و الخلوقة فكأنه نكس خلقه و قيل ننكسه و نرده إلى حال الهرم التي تشبه حال الصبي في ضعف القوة و عزوب العلم عن قتادة « أ فلا يعقلون » أي أ فلا يتدبرون في أن الله تعالى يقدر على الإعادة كما قدر على ذلك و إنما قال على الخطاب لقوله أ لم أعهد إليكم من قرأ بالياء فالمعنى أ فليس لهم عقل فيعتبروا و يعلموا ذلك ثم أخبر سبحانه عن نبيه (صلى الله عليهوآلهوسلّم) كيدا لقوله إنك لمن المرسلين فقال « و ما علمناه الشعر » يعني قول الشعراء و صناعة الشعر أي ما أعطيناه العلم بالشعر و إنشائه « و ما ينبغي له » أن يقول الشعر من عند نفسه و قيل معناه ما يتسهل له الشعر و ما كان يتزين له بيت شعر حتى أنه إذا تمثل بيت شعر جرى على لسانه منكسرا كما روي عن الحسن أن رسول الله (صلى الله عليهوآلهوسلّم) كان يتمثل بهذا البيت :
مجمع البيان ج : 8 ص : 675

كفى الإسلام و الشيب للمرء ناهيا فقال أبو بكر يا رسول الله إنما قال الشاعر :
كفى الشيب و الإسلام للمرء ناهيا أشهد أنك رسول الله و ما علمك الشعر و ما ينبغي لك و عن عائشة أنها قالت كان رسول الله (صلى الله عليهوآلهوسلّم) يتمثل ببيت أخي بني قيس :
ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا
و يأتيك بالأخبار من لم تزود فجعل يقول :
يأتيك من لم تزود بالأخبار فيقول أبو بكر ليس هكذا يا رسول الله فيقول إني لست بشاعر و ما ينبغي لي فما قوله (صلى الله عليهوآلهوسلّم)
أنا النبي لا كذب
أنا ابن عبد المطلب فقد قال قوم إن هذا ليس بشعر و قال آخرون إنما هو اتفاق منه و ليس بقصد إلى قول الشعر و قيل أن معنى الآية و ما علمناه الشعر بتعليم القرآن و ما ينبغي للقرآن أن يكون شعرا فإن نظمه ليس بنظم الشعر و قد صح أنه كان يسمع الشعر و يحث عليه و قال لحسان بن ثابت لا تزال يا حسان مؤيدا بروح القدس ما نصرتنا بلسانك « إن هو » أي من الذي أنزلناه عليه « إلا ذكر و قرآن مبين » من عند رب العالمين ليس بشعر و لا رجز و لا خطبة و المراد بالذكر أنه يتضمن ذكر الحلال و الحرام و الدلالات و أخبار الأمم الماضية و غيرها و بالقرآن أنه مجموع بعضه إلى بعض فجمع سبحانه بينهما لاختلاف فائدتهما « لتنذر من كان حيا » أي أنزلناه لتخوف به من معاصي الله من كان مؤمنا لأن الكافر كالميت بل أقل من الميت لأن الميت و إن كان لا ينتفع و لا يتضرر و الكافر لا ينتفع لدينه و يتضرر به و يجوز أن يكون المراد بمن كان حيا عاقلا و روي ذلك عن علي (عليه السلام) و قيل من كان حي القلب حي البصر عن قتادة « و يحق القول على الكافرين » أي يجب الوعيد و العذاب على الكافرين بكفرهم .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

١ ذوالقعدة الحرام

١- ذوالقعدة الحرام ١ـ ولادة كريمة أهل البيت فاطمة بنت موسى بن جعفر(س). ٢ـ غزوة بدر الصغرى. ٣ـ وفاة الاشعث ب...

المزید...

١١ ذوالقعدة الحرام

١١- ذوالقعدة الحرام ولادة ثامن الحجج، الامام السلطان ابوالحسن علي بن موسى الرضا المرتضى(ع) ...

المزید...

١٥ ذوالقعدة الحرام

١٥- ذوالقعدة الحرام نهاية الحكم الاموي وبداية الحكم العباسي ...

المزید...

٢٣ ذوالقعدة الحرام

٢٣- ذوالقعدة الحرام غزوة بني قريظة وتصفية يهود المدينة

المزید...

٢٥ ذوالقعدة الحرام

٢٥- ذوالقعدة الحرام ١) يوم دحو الارض ٢) خروج الرسول (ص) لحجة الوداع ٣) احضار الامام الرضا(ع) من الحجاز إلى ...

المزید...

٣٠ ذوالقعدة الحرام

٣٠- ذوالقعدة الحرام شهادة الامام الجواد(ع)

المزید...
012345
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page