• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الجزء الثالث والعشرون سورة يس71الى83


أَ وَ لَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُم مِّمَّا عَمِلَت أَيْدِينَا أَنْعَماً فَهُمْ لَهَا مَلِكُونَ(71) وَ ذَلَّلْنَهَا لهَُمْ فَمِنهَا رَكُوبهُمْ وَ مِنهَا يَأْكلُونَ(72) وَ لهَُمْ فِيهَا مَنَفِعُ وَ مَشارِب أَ فَلا يَشكُرُونَ(73) وَ اتخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ ءَالِهَةً لَّعَلَّهُمْ يُنصرُونَ(74) لا يَستَطِيعُونَ نَصرَهُمْ وَ هُمْ لهَُمْ جُندٌ محْضرُونَ(75) فَلا يحْزُنك قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَ مَا يُعْلِنُونَ(76)

مجمع البيان ج : 8 ص : 676
القراءة
في الشواذ قراءة الحسن و الأعمش ركوبهم و قراءة عائشة و أبي بن كعب ركوبتهم .

الحجة
أما الركوب فمصدر و الكلام على حذف المضاف و التقدير فمنها ذو ركوبهم و ذو الركوب هو المركوب و يجوز أن يكون التقدير فمن منافعها ركوبهم كما يقول الإنسان لغيره من بركاتك وصول الخير إلي على يدك و أما ركوبتهم فهي المركوبة كالقتوبة و الحلوبة و الجزورة لما يقتب و يحلب و يجزر .

المعنى
ثم عاد الكلام إلى ذكر الأدلة على التوحيد فقال سبحانه « أ و لم يروا » معناه أ و لم يعلموا « أنا خلقنا لهم » أي لمنافعهم « مما عملت أيدينا » أي مما ولينا خلقه بإبداعنا و إنشائنا لم نشارك في خلقه و لم نخلقه بإعانة معين و اليد في اللغة على أقسام منها الجارحة و منها النعمة و منها القوة منها تحقيق الإضافة يقال في معنى النعمة لفلان عندي يد بيضاء و بمعنى القدرة تلقى فلان قولي باليدين أي بالقوة و التقبل و بمعنى تحقيق الإضافة قول الشاعر :
دعوت لما نابني مسورا
فلبي فلبي يدي مسور و إنما ثناه لتحقيق المبالغة في الإضافة إلى مسور و يقولون هذا ما جنت يداك و هو المعنى في الآية و إذا قال الواحد منا عملت هذا بيدي دل ذلك على انفراده بعمله من غير أن يكله إلى أحد « أنعاما » يعني الإبل و البقر و الغنم « فهم لها مالكون » أي و لو لم نخلقها لما ملكوها و لما انتفعوا بها و بالبانها و ركوب ظهورها و لحومها و قيل فهم لها ضابطون قاهرون لم نخلقها وحشية نافرة منهم لا يقدرون على ضبطها فهي مسخرة لهم و هو قوله « و ذللناها لهم » أي سخرناها لهم حتى صارت منقادة « فمنها ركوبهم و منها يأكلون » قسم الأنعام بأن جعل منها ما يركب و منها ما يذبح فينتفع بلحمه و يؤكل قال مقاتل الركوب الحمولة يعني
مجمع البيان ج : 8 ص : 677
الإبل و البقر « و لهم فيها منافع و مشارب » فمن منافعها لبس أصوافها و أشعارها و أوبارها و أكل لحومها و ركوب ظهورها إلى غير ذلك من أنواع المنافع الكثيرة فيها و المشارب من ألبانها « أ فلا يشكرون » الله تعالى على هذه النعم ثم ذكر سبحانه جهلهم فقال « و اتخذوا من دون الله آلهة » يعبدونها « لعلهم ينصرون » أي لكي ينصروهم و يدفعوا عنهم عذاب الله « لا يستطيعون نصرهم » يعني هذه الآلهة التي عبدوها لا تقدر على نصرهم و الدفع عنهم « و هم لهم جند محضرون » يعني أن هذه الآلهة معهم في النار محضرون لأن كل حزب مع ما عبده من الأوثان في النار فلا الجند يدفعون عنها الإحراق و لا هي تدفع عنهم العذاب و هذا كما قال سبحانه إنكم و ما تعبدون من دون الله حصب جهنم عن الجبائي و قيل معناه أن الكفار جند للأصنام يغضبون لهم و يحضرونهم في الدنيا عن قتادة أي يغضبون للآلهة في الدنيا و هي لا تسوق إليهم خيرا و لا تدفع عنهم شرا قال الزجاج ينصرون الأصنام و هي لا تستطيع نصرهم ثم عزى نبيه (صلى الله عليهوآلهوسلّم) بأن قال « فلا يحزنك قولهم » في تكذيبك « إنا نعلم ما يسرون » في ضمائرهم « و ما يعلنون » بألسنتهم فنجازيهم على كل ذلك .
أَ وَ لَمْ يَرَ الانسنُ أَنَّا خَلَقْنَهُ مِن نُّطفَة فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ(77) وَ ضرَب لَنَا مَثَلاً وَ نَسىَ خَلْقَهُ قَالَ مَن يُحْىِ الْعِظمَ وَ هِىَ رَمِيمٌ(78) قُلْ يحْيِيهَا الَّذِى أَنشأَهَا أَوَّلَ مَرَّة وَ هُوَ بِكلِّ خَلْق عَلِيمٌ(79) الَّذِى جَعَلَ لَكم مِّنَ الشجَرِ الأَخْضرِ نَاراً فَإِذَا أَنتُم مِّنْهُ تُوقِدُونَ(80) أَ وَ لَيْس الَّذِى خَلَقَ السمَوَتِ وَ الأَرْض بِقَدِر عَلى أَن يخْلُقَ مِثْلَهُم بَلى وَ هُوَ الخَْلَّقُ الْعَلِيمُ(81) إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شيْئاً أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ(82) فَسبْحَنَ الَّذِى بِيَدِهِ مَلَكُوت كلِّ شىْء وَ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ(83)

مجمع البيان ج : 8 ص : 678
القراءة
قرأ يعقوب يقدر بالياء و كذلك في الأحقاف و الوجه فيه ظاهر و في الشواذ قراءة طلحة و إبراهيم التيمي و الأعمش ملكة كل شيء و معناه فسبحان الذي بيده القدرة على كل شيء و هو من ملكت العجين إذا أجدت عجنه فقويته بذلك و الملكوت فعلوت منه زادوا فيه الواو و التاء للمبالغة بزيادة اللفظ و لهذا لا يطلق الملكوت إلا على الأمر العظيم .

الإعراب
« الذي جعل لكم » بدل من « الذي أنشأها » و يجوز أن يكون مرفوعا أو منصوبا على المدح .
أن يقول في موضع رفع بأنه خبر المبتدأ .

النزول
قيل إن أبي بن خلف أو العاص بن وائل جاء بعظم بال متفتت و قال يا محمد أ تزعم أن الله يبعث هذا فقال نعم فنزلت الآية « أ و لم ير الإنسان » إلى آخر السورة .

المعنى
ثم نبه سبحانه خلقه على الاستدلال على صحة البعث و الإعادة فقال « أ و لم ير » أ و لم يعلم « الإنسان أنا خلقناه من نطفة » و التقدير ثم نقلناه من النطفة إلى العلقة و من العلقة إلى المضغة و من المضغة إلى العظم و من العظم إلى أن جعلناه خلقا سويا ثم جعلنا فيه الروح و أخرجناه من بطن أمه و ربيناه و نقلناه من حال إلى حال إلى أن كمل عقله و صار متكلما خصيما و ذلك قوله « فإذا هو خصيم مبين » أي مخاصم ذو بيان أي فمن قدر على جميع ذلك فكيف لا يقدر على الإعادة و هي أسهل من الإنشاء و الابتداء و لا يجوز أن يكون خلق الإنسان واقعا بالطبيعة لأن الطبيعة في حكم الموات في أنها ليست بحية قادرة فكيف يصح منها الفعل و لا أن يكون كذلك بالاتفاق لأن المحدث لا بد له من محدث قادر عالم و في الآية دلالة على صحة استعمال النظر في الدين لأن الله سبحانه أقام الحجة على المشركين بقياس النشأة الثانية على النشأة الأولى و ألزم من أقر بالأولى أن يقر بالثانية ثم أكد سبحانه الإنكار عليه فقال « و ضرب لنا مثلا » أي ضرب المثل في إنكار البعث بالعظم البالي و فته بيده و تتعجب ممن يقول أن الله يحييه « و نسي خلقه » أي و ترك النظر في خلق نفسه إذ خلق من نطفة ثم بين ذلك المثل بقوله « قال من يحيي العظام و هي رميم » أي بالية و اختلف في القائل لذلك فقيل هو أبي بن خلف عن قتادة و مجاهد و هو المروي عن الصادق (عليه السلام) و قيل هو العاص بن وائل السهمي عن سعيد بن جبير و قيل أمية بن خلف عن الحسن ثم قال سبحانه في الرد عليه « قل » يا محمد لهذا المتعجب من الإعادة « يحييها الذي أنشأها أول مرة » لأن من قدر على اختراع ما يبقى فهو على إعادته قادر لا محالة « و هو بكل خلق عليم » من الابتداء و الإعادة فيعلم به قبل أن يخلقه أنه إذا خلقه كيف يكون و يعلم به قبل أن يعيده أنه إذا أعاده كيف يكون ثم زاد سبحانه في البيان و أخبر من صنعه بما هو
مجمع البيان ج : 8 ص : 679
عجيب الشأن فقال « الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارا فإذا أنتم منه توقدون » أي جعل لكم من الشجر الرطب المطفىء للنار نارا محرقة يعني بذلك المرخ و العفار و هما شجرتان يتخذ الأعراب زنودها منهما فبين سبحانه أن من قدر على أن يجعل في الشجر الذي هو في غاية الرطوبة نارا حامية مع مضادة النار للرطوبة حتى إذا احتاج الإنسان حك بعضه ببعض فتخرج منه النار و ينقدح قدر أيضا على الإعادة و تقول العرب في كل شجر نار ، و استمجد المرخ و العفار و قال الكلبي كل شجر تنقدح منه النار إلا العناب ثم ذكر سبحانه من خلقه ما هو أعظم من الإنسان فقال « أ و ليس الذي خلق السموات و الأرض بقادر على أن يخلق مثلهم » هذا استفهام معناه التقرير يعني من قدر على خلق السماوات و الأرض و اختراعهما مع عظمهما و كثرة أجزائهما يقدر على إعادة خلق البشر ثم أجاب سبحانه هذا الاستفهام بقوله « بلى » أي هو قادر على ذلك « و هو الخلاق » أي يخلق خلقا بعد خلق « العليم » بجميع ما خلق ثم ذكر قدرته على إيجاد الأشياء فقال « إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون » و التقدير أن يكونه فيكون فعبر عن هذا المعنى بكن لأنه أبلغ فيما يراد و ليس هنا قول و إنما هو إخبار بحدوث ما يريده تعالى و قيل إن المعنى إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول من أجله كن فيكون فعبر عن هذا المعنى بكن و قيل إن هذا إنما هو في التحويلات نحو قوله كونوا قردة خاسئين و كونوا حجارة أو حديدا و ما أشبه ذلك و لفظ الأمر في الكلام على عشرة أوجه ( أحدها ) الأمر لمن هو دونك ( و الثاني ) الندب كقوله فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا ( و ثالثها ) الإباحة نحو قوله فإذا قضيت الصلاة فانتشروا و إذا حللتم فاصطادوا ( و الرابع ) الدعاء ربنا آتنا من لدنك رحمة ( الخامس ) الترفيه كقوله ارفق بنفسك ( السادس ) الشفاعة نحو قولك شفعني فيه ( السابع ) التحويل نحو كونوا قردة خاسئين و كونوا حجارة أو حديدا ( الثامن ) التهديد نحو قوله اعملوا ما شئتم ( التاسع ) الاختراع و الأحداث نحو قوله « كن فيكون » ( العاشر ) التعجب نحو أبصر به و أسمع قال علي بن عيسى في قوله « كن فيكون » الأمر هاهنا أفخم من الفعل فجاء للتفخيم و التعظيم قال و يجوز أن يكون بمنزلة التسهيل و التهوين فإنه إذا أراد فعل شيء فعله بمنزلة ما يقول للشيء كن فيكون في الحال و أنشد :
فقالت له العينان سمعا و طاعة
و حدرتا كالدر لما يثقب
مجمع البيان ج : 8 ص : 680
و إنما أخبر عن سرعة دمعة دون أن يكون ذلك قولا على الحقيقة ثم نزه سبحانه نفسه من أن يوصف بما لا يليق به فقال « فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء » أي تنزيها له من نفي القدرة على الإعادة و غير ذلك مما لا يليق بصفاته الذي بيده أي بقدرته ملك كل شيء و من قدر على كل شيء قدر على إحياء العظام الرميم و على خلق كل شيء و إفنائه و إعادته « و إليه ترجعون » يوم القيامة أي تردون إلى حيث لا يملك الأمر و النهي أحد سواه فيجازيكم بالثواب و العقاب على الطاعات و المعاصي على قدر أعمالكم .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

اللطميات

مشاهدة الكل

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page