• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

سورة المائدة : اُقصُوصَة ابني آدم

 تُعدّ هذه الاُقصوصة من الأقاصيص غير المتكررة في القرآن الكريم ، كما تنطوي على أهداف أو بؤر فكرية لها أهميتها في ميدان السلوك العبادي و الفردي و الاجتماعي ، حيث عدّت إرهاصاً أو مقدّمة أو تمهيداً لمبدأ اجتماعي يتصل بحياة الناس و مماتهم ، و لمبدأ نفسي يتصل بالنزعة العدوانية ، فضلا عن إبراز واحدة من أهم النزعات و هي الحسد ، مضافاً إلى نزعات الإيثار ، الأنانية ... إلى آخره.

المهم ، نبدأ بقراءة النص القصصي أولا:

قال تعالى:

﴿وَ اتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبا قُرْباناً

﴿فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِما وَ لَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ

﴿قالَ: لأََقْتُلَنَّكَ ...

﴿قالَ: إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ

﴿لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي ما أَنـَا بِباسِط يَدِيَ إِلَيْكَ لاَِقْتُلَكَ

﴿إِنِّي أَخافُ اللّهَ رَبَّ الْعالَمِينَ

﴿إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمي وَ إِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحابِ النّارِ

﴿وَ ذلِكَ جَزاءُ الظّالِمِينَ

﴿فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخاسِرِينَ

﴿فَبَعَثَ اللّهُ غُراباً يَبْحَثُ فِي الاَْرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ

﴿قالَ: يوَيْلَتى أَ عَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هذَا الْغُرابِ

﴿فَأُوارِيَ سَوْأَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النّدِمِينَ

 

تلخيص الاُقصوصة:

تقول النصوص المفسّرة: إنّ آدم (عليه السلام) أمر ولَدَيه قابيلَ و هابيلَ أن يقرّبا قرباناً
إلى اللّه لحسم واقعة خاصة بهما. و كان قابيل صاحب زرع فقدّم الرديء من زرعه قرباناً. أمّا هابيل فقد كان صاحب غَنَم فقدّمَ كبشاً من أحسن غَنَمِه قرباناً.

و تُقبِّل قربان هابيل ، و لم يُقبل قربان أخيه الذي قدّم الرديء من زرعه.

من هنا دبّ الحسدُ في أعماق قابيل ، و بخاصة أ نّه تصوّر أن يكون لهابيل عقبٌ
سيفتخرون به على ذرّيّته ، و لذلك قرّر قتله تفريجاً له عن الأعماق الحاسدة ، و تخليصاً من الذرّيّة المفتخرة عليه.

و قبلَ هذه العملية ، جرى حوارٌ بين القاتل و المقتول ، إذ أعلن قابيلُ بصراحة عزمَه على قتل أخيه ، مبيّناً له سبب إقدامه على هذه العملية ، و هو عدم تقبّلِ قربانه.

و أجابه أخوه هابيل:

ما ذنبي أنا؟

إنّما يتقبّل اللّه من المتّقين الذين يحملون قلباً زاكياً.

و أضاف هابيل قائلا:

لئن قرّرت قتلي ، فإ نّني لن اُفكّر بقتلك أبداً ، لأ نّني أخاف اللّه ربّ العالمين.

ثمّ أضاف:

إنّني اُريد أن تـتحمّل مسؤولية عملك الذي تنوي الإقدام عليه ، و مسؤولية عملك السابق أيضاً ، فتكون من أصحاب النار.

إلاّ أنّ قابيل لم يصغ إلى هذه الحقائق ... فقرّر الإقدام على القتل ، و نفّذ العلميّة فعلا.

و تقول النصوص المفسّرة: إنّ القتل قد تمَّ من خلال أخذِه رأسَ أخيه ، و وضعِه بين حَجَريْن ، و شدِخه.

ثمّ أنّ القاتل واجه صعوبة ، ماذا سيصنع بالمقتول؟ و هنا أقبل غُرابان يقتتلان فيما بينهما حتى قتل أحدُهما صاحبَه ، فحفر الأرضَ بمخالبه و دفن فيه الغرابَ القتيل.

حينئذ تحاور قابيل مع نفسه ، قائلا:

﴿أَ عَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هذَا الْغُرابِ فَأُوارِيَ سَوْأَةَ أَخِي؟

و فعلا حفر قابيلُ حفيرة و دفن فيها أخاه هابيل.

* * *

إنّ هذا التلخيص لاُقصوصة ابنَي آدم (عليه السلام) ، يدلّنا على أنّ هذه الحكاية ينتظمها
بَطَلان هما: قابيل و هابيل. كما أنّ هناك بَطلين حيوانيين ثانويين هما: الغرابان اللذان اقتتلا فيما بينهما ، و وارى أحدُهما صاحبَه بعد القتل.

و هذا يعني أنّ الحادثة التي تنتظم الاُقصوصة ، هي حادثة قتل ، تسبقها حادثة تقديم القربان ، و تلحقها حادثة الدفن.

أمّا الأفكار التي تنطوي الاُقصوصة عليها ، فتتمثّل في جملة من الظواهر أبرزها ظاهرة الحسد الذي يغلّف النفس الإنسانية. و منها أيضاً:

ظاهرة الحرص أو البخل متمثلةً في تقديم الرديء من الزرع في عملية القربان.

و يهمّنا الآن أن نتحدّث عن البناء الفنّي لهذه الاُقصوصة:

بناءُ الحَدَث في هذه الحكاية أو الاُقصوصة يأخذ تسلسله الزمني ، إذ يبدأ بواقعة تقديم القربان ، مروراً بواقعة القتل ، و انتهاءً بواقعة الدفن.

و يلاحظ أنّ النص قد اختزل بعض تفصيلات الحدث ، و أبرز البعض الآخر منها. فهو يتحدّث عن واقعة تقديم القربان ، إلاّ أ نّه لم يحدّثنا عن أسباب ذلك ، بل يتجه مباشرة إلى إبراز قضية القربان.

كما أ نّه تحدّث عن القتل ، و لكنه لم يحدّثنا عن تفصيلاته التي ذكرها المفسرون.

و على العكس من ذلك ، نجد النص قد أبرز عملية المواراة أو الدفن فيما يتصل بالغراب الذي بحث في الأرض ، في حين قد اختزل واقعة الاقتتال الذي جرى بين الغُرابين ، و من ثمّ فإنّه قد اختزل أيضاً واقعة المواراة لجثة هابيل.

إنّ كلاّ من الاختزال أو الرسم لتفصيلات الحدث ينطوي على أسرار فنّية و نفسيّة ، تظل على صلة بطبيعة الأفكار التي يستهدف النصُّ طرحها أمام المتلقّي.

كما أنـّه ترك المتلقّي أمام إمكانات متعددة ، ليكشف بنفسه ما وراء الأحداث من دلالة و معنى.

مضافاً إلى ذلك ، أنّ الأمتاع الجمالي ـ و هذا هو الفارق بين النص الفنّي و النص
العادي ـ إنّما يتضخّم حجمه بقدر ما تُفتح أمام القارئ أو المستمع أو المُشاهد من إمكانات الكشف بنفسه ، لا أن تُقدّم له كلّ التفصيلات ، فيما تقلّل من فرص اللذة الّتي يحققها الكشف.

يمكننا استخلاص السرّ الفنّي في قصة قابيل و هابيل ـ من حيث اختزال بعض تفصيلات الحدث و إبراز الآخر ـ متمثلا في:

أ ـ ذكر القُربانين اللذين قدّماه ، دون ذكر السبب في هذه العملية.

ب ـ تقبّل أحد القُربانين ، و رفض القربان الآخر ، دون ذكر السبب في قضية القبول و الرفض.

طبيعيّاً أنّ هابيل أجاب أخاه بأنّ اللّه يتقبّل من المتّقين ، و هذا ما يشكّل تفسيراً للرفض و القبول ، بيد أنّ النص لم يذكر نوع القربان الذي تُقبّل أو رُفض.

و السرّ في هذا ، أنّ القرآن الكريم يستهدف إبراز ظاهرة نقاء الأعماق أو عدمه ، أو لنقل إنسياقاً مع جواب هابيل: التقوى و عدمها ، من خلال جزئية سلوكية ذكرَها المفسّرون من أنـّها تتمثل في تقديم هابيل قرباناً من النوع الجيّد.

و ليس المهمّ هنا هو تحديد النوع ، بل المهم تحديد السلوك ، حيث أوحى النص للمتلقّي بأنّ قابيل لم يصدر عن سلوك نظيف متّسق مع مبادئ السماء ، بل انصاع لإشباع رغباته الذاتية.

و قد حدّد النصُ هذا السلوك بنحو مجمل أولا ، حيث أوضحه على لسان هابيل بأنّ اللّه يتقبّل من المتّقين.

ثمّ حدّده في أشدّ مستوياته متمثلا في عملية القتل التي تجسّد سلوكاً مضاداً للتقوى تماماً.

إنّ القارئ أو المستمع أو المشاهد هو الذي سوف يستخلص بنفسه ، حتّى دون الرجوع إلى التفاسير ، إلى أنّ قابيل يمثّل شخصية عدوانية ، كما أ نّه يمثل شخصية حاسدة ، لأنّ مجرّد قوله «لأقتلنّك» كاف في تحسيسنا بأنّ القتل ناجمٌ عن الحسد.

و يُلاحظ أنّ النص أيضاً لم يذكر قضية الحسد على لسان قابيل ، و لم يُجره على لسان هابيل أيضاً ، بل تركنا نحنُ نستخلص بأنفسنا هذه الدلالة.

و من الواضح ، أنّ جمال النص الأدبي يكمن في انطوائه على إمكانات تدع القارئ يكتشفها بنفسه حتى يحقّق لذة الأمتاع الفنّي في قراءته و تذوّقه كما قلنا.

و خارجاً عن جمالية النص ، فإنّ ما يستخلصه القارئ يظل هو الهدف الرئيس وراء القصة. و الهدف هنا يتمثل في قضية الحسد و ما ينطوي عليه من مفارقات ، حتى أنـّه يستجرّ الشخصية إلى الإقدام على عملية قتل للنفس الإنسانية.

من هنا ، فإنّ النص القرآني أبرز لنا من الأحداث ما هو خطير ، و ما ينبغي أن نستخلص العظة منه في تعديل سلوكنا. أبرز لنا عملية التقوى ، و أبرزلنا عملية القتل تاركاً إيّانا مفيدين منهما ضرورة أن تـتقي الشخصية و تُنقّي أعماقها من أيّة شائبة ، و أن تُدرك بأنّ الحسد يستجرّ الفرد حيناً إلى الإقدام على أبشع السلوك و هو القتل.

إنّ الحسد ـ و لغةُ علمِ النفس المَرَضي تُدرك مناشئه و أعراضه بوضوح ـ ينجم من بناء نفسي معقّد تختلط فيه الأنانيةُ بالحرص و تقتاد من ثمّ إلى كراهية الآخرين.

ثمّ تتضخم هذه الكراهية حتى تستجرّ إلى أعمال عدوانية خطيرة تصل إلى حدّ قتل النفس الإنسانية.

كما أ نّها ـ أيّ ظاهرة الحسد ـ تُفقد الشخصية كلّ معالم الاستقرار النفسي ، و تدعها نهباً للتوتّر و التمزّق و الصراع ، لأنّ همّها منحصر في النظر إلى ما يتمتّع به الآخرون من النِعَمِ و المُعطيات.

و المهم هنا أنّ النص القرآني لم يشدّد على ظاهرة الحسد بقدر ما شدّد على أبرز نتائجه و هو القتل ، لكنه في نصوص قرآنية اُخرى يُشدد على الحسد على نحو يتّسق و النطاق الذي ترد في النصوص ممّا نوضحها في حينه.

و يعنينا الآن فقط ، أن نذكّر المتلقّي بأنّ النص القرآني في سرده لحكاية قابيل و هابيل إنّما أبرز ظاهرة القتل بصفتها واحدة من نتائج الحسد ، حيث اتّجه النص القرآني بعد هذه القصة إلى الحديث عن الإسرائيليين:

﴿مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَتَبْنا عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْس

﴿أَوْ فَساد فِي الاَْرْضِ فَكَأَ نَّما قَتَلَ النّاسَ جَمِيعاً ...

إذن ، الهدفُ الفنّي الذي يمكن أن نستخلصه من بناء الحدث ، كامن وراء فرز عملية القتل حيث حذَفَ النص أيّة تفصيلات ثانوية ، و ركّز على القتل فحسب ، بصفته أولا نتيجة للحسد ، و بصفته ثانياً إنارة لموضوعات اُخرى يتناولها القرآن الكريم في سورة المائدة ، بحيث جاءت قصة قابيل و هابيل بمثابة عنصر يُضيء الموضوعات المنتشرة في السورة. و لا يغب عن بالنا أنّ قصة قابيل و هابيل جاءت مباشرة بعد قصة موسى في صراعه مع الإسرائيليين ، ثمّ جاء الحديث عن الإسرائيليين بعد هذه القصة أيضاً.

و هذا يعني أنّ عملية القتل التي أبرزها النص إنّما صيغت في سياق فنّي تترابط
موضوعاته واحداً بالآخر.

على أيّة حال ، حين نتابع سائر تفصيلات الحدث من حيث اختزال بعضها و ذكر البعض الآخر ، أمكننا أن نلاحظ نفس الخصائص الفنّية و الفكرية وراء عملية الاختزال للتفصيلات أو عدمه ، و منها: حادثة الدفن أو مواراة الجثة.

﴿فَبَعَثَ اللّهُ غُراباً يَبْحَثُ فِي الاَْرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ

﴿قالَ يا وَيْلَتى أَ عَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هذَا الْغُرابِ ...

فالمُلاحظ هنا أنّ النص لم يذكر قضية الاقتتال بين الغرابين ، كما أنـّه لم يذكر عملية دفن قابيل لأخيه هابيل ، بل اكتفى بواقعة واحدة هي ، حفر الغراب للأرض تاركاً للمتلقّي أن يستخلص بنفسه أنّ قابيل قد وارى أخاه في نهاية المطاف بعد أن تعلّم من الغراب كيفية الدفن.

و سبب ذلك عائدٌ إلى أ نّه ليس من المهم هنا أن تُسرد قصةٌ مفصّلة عن القتال بين طائرين ، بل المهم هو تعلُّم الدفن ، و مواراة الموتى حتى لا تتأذّى الأبصار ببشاعة الجسد الميت ، و لا تتأذّى الاُنوف برائحته المنتنة.

إذن ، حقّق القرآن الكريم بهذا النمط من الاختزال أو التفصيل للوقائع ، حقق إمتاعاً فنّياً للمتلقّي بحيث جعله يكتشف بنفسه لذّة التعرّف على الحقائق ، و حقق هدفاً فكرياً هو: عملية التعلّم لمواراة الأجساد الميتة.

وهذا الهدف ، أي الهدف الفكري ينبغي أن نستثمره في البُعد المرتبط أساساً بظاهرة التعلّم أو البُعد المعرفي للبشرية ، حيث أنّ علماء النفس والاجتماع الأرضي يتغافلون من جانب تدخّل السماء في التخطيط المعرفي للبشرية ، ويتغافل آخرون عن عملية الربط بين التدخّل المباشر وبين إتاحة مختلف الإمكانات التجريبية للحصول على البُعد المعرفي من جانب آخر.



أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

١ ذوالقعدة الحرام

١- ذوالقعدة الحرام ١ـ ولادة كريمة أهل البيت فاطمة بنت موسى بن جعفر(س). ٢ـ غزوة بدر الصغرى. ٣ـ وفاة الاشعث ب...

المزید...

١١ ذوالقعدة الحرام

١١- ذوالقعدة الحرام ولادة ثامن الحجج، الامام السلطان ابوالحسن علي بن موسى الرضا المرتضى(ع) ...

المزید...

١٥ ذوالقعدة الحرام

١٥- ذوالقعدة الحرام نهاية الحكم الاموي وبداية الحكم العباسي ...

المزید...

٢٣ ذوالقعدة الحرام

٢٣- ذوالقعدة الحرام غزوة بني قريظة وتصفية يهود المدينة

المزید...

٢٥ ذوالقعدة الحرام

٢٥- ذوالقعدة الحرام ١) يوم دحو الارض ٢) خروج الرسول (ص) لحجة الوداع ٣) احضار الامام الرضا(ع) من الحجاز إلى ...

المزید...

٣٠ ذوالقعدة الحرام

٣٠- ذوالقعدة الحرام شهادة الامام الجواد(ع)

المزید...
012345
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page