• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

سورة الكهف : بيْئَة الكَهْف

 في هذا الفصل من قصة أصحاب، أي فتية الكهف ، يبدأ الرسمُ القصصي يأخذ منحىً إعجازياً في وصف البيئة التي يتحرّك من خلالها أصحابُ الكهف.

فهؤلاء الأبطال قد صمّموا على التوجّه إلى الكهف ، و كانت ثقتهم باللّه ـ سلفاً ـ أنّ السماء ستهيّئ لهم وسائلَ التكيّف مع البيئة الجديدة.

و الآن ، ما هي معالم هذه البيئة؟

 

من حيث المكان:

يقول النص القصصيُ: إنّ المكان الذي انتظمه الكهف ، هو:

﴿فِي فَجْوَة مِنْهُ

أي: كان فناءً متّسعاً من الكهف ، رَبَضَ الأبطالُ فيه. هذا المكان لم تكن الشمسُ لِتدخلَ فيه.

فعند طلوع الشمس ، تميل الشمسُ عن الكهف إلى جهة اليمين. و عند غروب الشمس تميل عنهم نحو الشمال. و هذا يعني ، أنّ الكهف يظلّ بمنأىً عن الشمس في الأزمنة جميعاً.

و تقول النصوص المفسّرة: إنّ ذلك قد تمّ تكيّفه حتّى لا يؤذي الأبطالَ حرُّ الشمس ، و حتّى لا تغيّر الشمسُ من ألوانهم ، و حتّى لا تُبلي ثيابَهم.

و يُلاحَظ أنّ النص لم يرسم لنا من المكان إلاّ ما تقدّم ، كما يُلاحَظ أنـّه لم يرسم من عمليات التكيّف معه إلاّ ظاهرة الشمس من حيث انحرافها عن الكهف.

و يلاحَظ ثالثاً أنّ النص رسَمَهم رقوداً يتقلّبون ذات اليمين و ذات الشمال.

وعدا اُولئك ، لم يحدّثنا النص القصصي عن أيّ ملمح من ملامح التكيّف مع حياة الكهف خلال فترة الرقاد.

* * *

إنّ ما نعتزم طرحه في ضوء البيئة القصصية المذكورة ، هو:

1 ـ الطابع المعجز لها.

2 ـ البناء الجمالي في الرسم.

3 ـ المفردات التي اكتنفتها.

منذ البداية ، يظل الطابع المعجز سمةً ملحوظةً ترافق كلّ البيئة التي تحرّك الأبطالُ من خلالها.

فلو عدنا إلى النصوص المفسّرة ، للحظنا أنّ بعضها يُشير إلى أنّ الأبطال ما أن صمّموا على اللجوء إلى الكهف و التوجّه فعلا إليه ، حتى واجهوا منذ البداية عنايةً خاصة تُظلّهم ، حيث وجدوا بإزاء الكهف ينبوعاً و أشجاراً مثمرة ، و عندها تناولوا من الطعام و الشراب ما سدّ حاجتهم من ذلك.

و عندما جنّ الليل قُبضت أرواحُهم ، و ناموا على تلك الصفة التي سنتحدّثُ عنها فيما بعد.

و نحن لو عدنا إلى المسافة الزمنية التي سبقت لجوءهم إلى الكهف للحظنا ـ من خلال النصوص المفسّرة ـ أنّ عناية السماء كانت تظُلّ هؤلاء الأبطال منذ اللحظة التي اعتزموا اللجوء فيها إلى الكهف. فالنصوص المفسّرة تُحدثنا: إنّ هؤلاء الفتية ركبوا خيولهم و ساروا عدة أميال ، ثمّ نزلوا عنها نبذاً لمتاع الدنيا. و واصلوا رحلتهم على الأقدام ، و هنا واجَههم أحد الرعاة مستفسراً عن أمرهم ، فأخبروه بقضيّتهم ، و ذلك بعد أن طلبوا منه ـ في بداية التعرّف عليه ـ شيئاً من اللبن ليشربوه ، و قد اقتنع الراعي بصواب قضيّتهم ، فقرّر الالتحاق بهم بعد أن ردّ الأغنام إلى مرابضها. و تبعه كلبُه أيضاً.

و لقد سار الراعي بهم حتّى اعتلى بهم جبلا ، ثمّ نزل بهم إلى الكهف. فوجدوا النبع و الشجر على مقربة منه.

و مع أنّ بعض النصوص المفسّرة تذكر لنا أنّ الراعي لم يجبهم إلى طلبهم ، و إلى
أنّ الكلب أجابهم إلى ذلك ...

إلاّ أنّ المُلاحظ في الحالتين ، أنّ الفتية ـ في ضوء هذا البعض من النصوص المفسّرة ـ تمكّنوا من الهروب تحت ستار الصيد إلى خارج المدينة التي كان مَلِكُها عصرئذ قد أوكل على بابها مَن يُرغم الخارج منها على السجود للأصنام.

المهمّ ـ في الحالتين ـ أنّ رعاية السماء كانت تظلّهم في واقعة الهروب ، و الوصول إلى الكهف على النحو الذي أوضحناه:

من حيث تيسّر الهَرَب ، و من حيث الحصول على الزاد.

* * *

إنّ رعاية السماء لهؤلاء الأبطال تأخذ طابعها المعجز في عمليّتي الشمس و النوم داخل الكهف.

و قد لحظنا كيف أنّ الشمس تميل عن كهفهم شروقاً و غروباً. و إلى أنّ موقعه جغرافياً كان بحيث لا يرى الواقفُ على الباب داخل الكهف.

أمّا عملية النوم ، فإنّ الطابع المعجز منها يتمثّل في طبيعة الرسم الخارجي لملامح الأبطال ، حيث رسمهم النصُّ على النحو الآتي:

أ ـ رقوداً: من حيث الهيئة الجسمية.

ب ـ مفتوحي العيون.

ج ـ متقلّبين في النوم: يميناً و شمالا.

د ـ تقول النصوص المفسّرة: كان الأبطال يتنفسون في نومهم كالمعتاد.

هـ ـ تقول بعض النصوص: إنّ تقلّبهم في النوم ، كانَ كلُّ عام مرّتين ، و بعضها يقول: مرّة واحدة.

و ـ تُعلّلُ بعضُ النصوص هذه الظاهرة ، بأنّ الأبطال لو لم يتقلّبوا لبليت ثيابُهم ، و لأكلتُهم الأرض.

ز ـ يقول النص القصصي:

﴿لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِراراً وَ لَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً

و حسب النصوص المفسّرة: إنّ الرعب الذي سيملأ المشاهد ، كامنٌ وراء استيحاش الموضع و إلى أنّ السماء قد صنعت ذلك حتّى تمنع الآدميين من الوصول إلى الأبطال.

و يُلاحَظ أنّ بعض النصوص تذهبُ إلى أنّ وثَنَ العصر فترتئذ ، أي المَلِك الذي

 

هرب الأبطالُ منه ، عندما سمع بهروبهم توجّه إلى الكهف و أمرَ بسدّ باب الكهف و بنائه بالحجارة عقاباً للأبطال.

هذا ، إلى أنّ ثمة نصوصاً مفسّرة ، لا تصل بين الرعب الذي يملأ المشاهد من الكهف ، و بين منعه من التعرّف على الأبطال ، بل تفسّرة من حيث صلته بالملمح الخارجي للأبطال ، متمثّلا في شعورهم و في أظفارهم الطويلة التي أتى عليها حينٌ من الدهر ، دون أن تُقصّ الشعور و تُقلّمَ الأظافر.

و أيّاً كان ، فإنّ الطابع المعجز يظل سمةً لرسم بيئة الكهف و أبطالِه مصحوباً برعاية السماء لهم منذ خطواتهم الاُولى نحو الكهف ، و حتّى دخولهم فيه ، و رقودهم على النحو الذي تمّ الحديث عنه.

إنّ الإمتاعَ الفنّي و الفكري في رسم ملامح أصحاب الكهف يتمثّل في جملة ما يتمثّل في الغموض الشفّاف الذي يفجّر لدى القارئ أو المستمع أكثرَ من تساؤل و استخلاص ، و استيحاء ، و استشفاف لما وراء هذه الملامح لدى الأبطال من دلالات و ... و لِما وراءها من أحداث واكبت لبثهم في الكهف.

فنحن ـ بعيداً عن النصوص المفسّرة ـ نلحظ أنّ القصة رسمت ثلاثة ملامح خارجية لهؤلاء الأبطال:

﴿وَ تَحْسَبُهُمْ أَيْقاظاً وَ هُمْ رُقُودٌ

2 ـ الملمح الثاني: رُسِمَ الأبطال ـ من خلاله ـ يتقلّبون ذات اليمين و ذات الشمال:

﴿وَ نُقَلِّبُهُمْ ذاتَ الْيمِينِ وَ ذاتَ الشِّمالِ

3 ـ الملمح الثالث: رُسِمَ الأبطال ـ من خلاله ـ ذوي مظهر جسميٍّ يفرّ المُشاهِدُ من رؤيته و يُملأ منهم رعباً:

﴿لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِراراً وَ لَـمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً

و مع أنّ هذا الملمح الثالث من الممكن ألاّ يكون رسماً لسمة خارجية لدى الأبطال في ضوء بعض النصوص المفسّرة ، لكننا مثلما قلنا نظل بمنأىً لأوّل وهلة عن النصوص المفسّرة عبر عملية التذوّق الفنّي ، لننهد بعدها إلى عملية اليقين الفكري الذي يحقّقه النصّ المفسّر.

أقول: بغضّ النظر عن ذلك ، فإنّنا بحكم كوننا متذوّقين لا مناص من أن نستجيب للنص ـ في بادئ الأمر ـ من خلال الاستجابة الفنّية الصرف ... و عندها فماذا سيستخلص القارئ أو المستمع من رسم الملامح المذكورة لدى الأبطال.

و لنقف عند الملمح الأوّل:

* * *

هذا الملمح يرسم لنا الأبطال في هيئة نُوّم ، لكنهم أيقاظ و المتلقّي يُضطرّ إلى أن يمارس عمليات فكريّة شتّى ، حتّى يصل إلى استخلاص ما.

فمن المحتمل أن يكون الأبطال مفتوحي العيون في هيئة نائم.

و من الممكن أن يمارسوا ـ و هم ممدّدون ـ بعض الممارسات التي توهم المشاهد بأنـّهم أيقاظ.

و من الممكن أن يصدر عنهم نشاط لفظي يحقّق الإيهام ذاته بأنـّهم أيقاظ ، لكنهم في الحقيقة نوّم.

و مع أنّ النصوص المفسّرة تذهب إلى أنّ الملمَح الموهم بأنـّهم أيقاظ ، هو كونهم مفتوحي العيون.

و مع أنّ هذا الملمح أشدّ ألوان الاستخلاص قفزاً إلى ذهن المُتلقّي ... إلاّ أنّ الاستخلاصات الاُخرى ، بل إنّ نفس الملمح ـ و نعني بهم مفتوحي العيون ـ يظلّ مفتوحاً لأكثر من استخلاص ، و تساؤل ، و استشفاف.

فاليَقِظ لا يأخُذ انفتاحُ عيونه سمةً ثابتة ، فقد يتأرجح بين الانفتاح
و الإغماض ، و هو الغالب. لكنّ اقتران ذلك بحركات جسمية بعامّة ، أو حركة يد ، أو رجل ، أو سُعال و نحوه ، كلّ اُولئك لا يتعارض مع كونهم مفتوحي العيون ، بل لا يتعارض مع كونهم غير مفتوحي العيون أيضاً ، كأن تكون عيونُهم مغمضةً ، لكنّ التنحنح و السعال و غيرهما ـ على سبيل المثال ـ هو الذي يُوهم المُشاهِدَ بأنـّهم أيقاظ.

و المهمّ أنّ المتلقّي يستطيع ، و هو يجد متعةً فكريةً تخيّلية في ذلك ، أن يستخلص أكثر من ملمح يدلّ على أنـّهم أيقاظ ، دون أن ينحصر ذلك في كونهم مفتوحي العيون.

و هذا الترشّح بأكثر من استيحاء ، أو استخلاص ، أو استشفاف ، هو الذي يحقّق إشباعاً جمالياً للمتلقّي و يعمّق من تذوّقه الفنّي للنص.

* * *

الملمح الثاني: و نعني به تقلّبهم ذات اليمين و الشمال ، يظلّ بدوره مُرشّحاً بأكثر من استخلاص ، و استيحاء ، و استشفاف.

و واضحٌ أنّ التقلّب لا يُشكّل دليلا على اليقظة ، و لذلك أفرده النصُّ القصصي برسم مستقلٍّ ، لبداهةِ أنّ النائم قد يتقلّب ، و قد يكون هو الغالب في هذا الصدد.

بيد أنّ القارئ أو المستمع ، يظلّ ممارساً لنشاطه التخيّلي في استخلاص الدلالة الفكرية لعملية التقلّب و التساؤل عن هذه الحركة الجسمية من حيث صلتُها بمناخ اللبث في الكهف ، و من حيث كونها مظهراً إعجازياً ، فيما أشار النصُّ القصصي إليه من أنّ السماء هي التي تقلّبهم ذات اليمين و الشمال.

بكلمة اُخرى: إنّ المتلقّي يظلّ متسائلا عن السرّ لهذا التقلّب ، و مادام التقلّب غير مرتبط بظاهرة اليقظة كما قلنا ، حينئذ فإنّ التساؤل يظلّ حائماً على هذا الجانب.

و مع أنّ النصوص المفسّرة تعلّل ذلك بأنّه من أجل ألاّ يأكل البلى أجسامهم ، إلاّ أنـّنا نستطيع الذهاب إلى أنّ الرقاد غير المقترن باليقظة من حيث التوازن الحيوي للجسم ، هذه الظاهرة بدورها تظلّ مظهراً إعجازياً ، فيما يدفعنا إلى أنّ القول بأنّ السماء ستحفظ أجسامهم من البلى بنفس الإعجاز الكامن وراء لبثهم سنين طوالا في مكان لا تتوفّر فيه الأسباب الطبيعية للحياة. و هذا يعني أنّ مجرّد التقلّب لا يكفي دليلا على حفظ الجسم من البلى ، و بخاصة أنّ بعض النصوص المفسّرة تؤكّد أنّ تقلّبهم كان مرتين في العام ، أي أنـّهم يتقلّبون كلّ ستة أشهر ، و هذه المدّة الزمنية طويلة المسافة كما هو واضح ، أي أنـّها لا تمنع من البلى.

إذن ، يظلّ استخلاص القارئ أو المستمع غير منحصر في اليقين بأنّ السبب الرئيس كامنٌ في ظاهرة واحدة ، بل يظلّ مرشحاً بأكثر من استخلاص ، و لعل أوضح استخلاص في هذا الصدد ، أنّ الظاهرة المذكورة قد تكون مرتبطةً بأسباب يجهلها العلم أو الفنّ تماماً ، لكننا في الحالات جميعاً ، لا نعدم الظفر بإمتاع فكري و فنّي حينما ننشط في استخلاص الأسباب الكامنة وراء التقلّب ، دون أن يعني ذلك ضرورة الوصول إلى استخلاص واقعي. ذلك أنّ مجرّد الاستخلاص و تقليب الفكر في هذه الممارسة ، له إمتاعه الفكري و الفني من حيث إثراء الذهن و إشباع الحاسة الجمالية للمتلقّي.

* * *

السمة الأخيرة التي رسمتها قصة أصحاب الكهف لهؤلاء الأبطال ، هي: كون المُشاهِد سيفُرّ منهم ، و سيُملأُ رعباً من المشاهدة.

و الاستخلاصُ الفنّي الذي يمكن للقارئ أو المستمع أن يتوفّر عليه ، يظل بدوره خاضعاً لأكثر من استخلاص و استيحاء و استشفاف ، ممّا يعمّق من إثراء ذهنه و إشباع حسّه الجمالي.

و النصوص المفسّرة تتأرجح في عملية الاستخلاص ، بين قائلة بأنّ الرعب و الفرار عائدان إلى استيحاش الموضع ، أي أنّ الملمح المذكور لا يعود إلى ملمح خارجي للأبطال ، بل إلى ملمح للبيئة. و بين قائلة بأنّ ذلك عائد إلى ملمح الأبطال من حيث إطالة شعورهم و أظافرهم.

و بعض المفسرين قد استبعد القول الأخير ، معلّلا ذلك بأنّ شعورهم و أظافرهم لو كانت بشكلها غير الإعتيادي ، لما صحّ أن يقول الأبطال بأنـّهم لبثوا يوماً أو بعض يوم.

و في تصوّرنا أنّ هذا التعليل قد يكون صائباً لولا أنّ النصّ القصصي قد خلع على الظاهرة صفة البشر و ليس الجماد و ذلك في قوله تعالى:

﴿لَوَلَّيتَ مِنهُم فِرارَاً ، و لَمُلِئتَ مِنْهُم رُعبَاً

فمن الواضح أنّ الرعب و الفرار لو كان من جهة الكهف لقال النص: لوليت منه فراراً ، و لملئت منه رعباً ، أو لقال منها إذا كان ذلك عائداً إلى مجموع مفردات بيئة
الكهف. و من هنا نستخلص أنّ الضمير هم عائد إلى الأبطال أنفسهم ، و ليس إلى الكهف و مفرداته.

يُضاف إلى ذلك ، أنّ الرعب و الفرار لا يتجسّدان في مجرد رؤية كهف موحش ، أي: أنّ الفرار و الرعب ينجمان عن مُثير أو منبّه له فاعليته في أحداث الخوف ، و ليس من مثير جامد.

إذن في ضوء هذين السببين ، يمكننا أن نستخلص: أنّ سمة الخوف و الفرار عائدةٌ إلى ملامح الأبطال أنفسهم ، أي أنّ أصحاب الكهف كانوا بنحو من الأشكال بحيث يفرّ المُشاهد من هول ما يرى ، و يداخله الرعب الحادّ من ذلك.

* * *

و ممّا لا شك فيه ، أنّ طول الشعور و الأظافر بنحو غير معهود ، يصح أن يُصبح مُثيراً أو منبّهاً يستجيب له المُشاهد بالرعب و الفرار.

بيد أنّ الاستخلاص و الاستيحاء و الاستشفاف يمكن أن لا ينحصر في هذا الجانب فحسب ، بل يتعدّاه إلى سمات جسمية اُخرى تتصل بالتغيير الجسمي العام ، كما يتعدّاه إلى ما يقترن بهذا التغيير من مشاعر و أحاسيس تتصل بطبيعة الاستجابة التي يفجّرها منبّه أو مُثير غيبي يشي بقدرات السماء و إمكاناتها التي لا حدّ لها.

و من الممكن أيضاً أن يكون الرعبُ و الفرارُ ناجمَين عن تدخّل السماء في ذلك ، بحيث تحدث الرعب في قلوب الذين يحاولون أن يلحقوا أذىً بهؤلاء الفتية.

المهمّ ، أنّ المتلقّي يظلّ مستخلصاً جملةً من الدلالات التي تفجّرها هذه الملامح ، و هي دلالات تثري ذهنه من جانب ، و تنبّهه إلى قُدرات السماء من جانب ثان ، و تشبع أحاسيسه الجمالية من جانب ثالث.

* * *

و نحن حين نترك البطل الإنساني في هذا الجزء من القصة ، و نتّجه إلى البطل الحيواني: الكلب ، حينئذ نلحظ رسماً لملمح خارجيٍّ يرشح بدوره بأكثر من استخلاص.

لقد رُسِمَ الملمحُ الخارجي للكلب ، على النحو الآتي:

﴿وَ كَلْبُهُمْ باسِطٌ ذِراعَيْهِ بِالْوَصِيدِ

إنّ هذا الحيوان ، لم يرد رسمُه إلاّ في سياق بيئة الكهف و نحن حين نعود إلى النصوص المفسّرة ، نجدها تشير إلى أنّ البطل الحيواني المذكور قد تبع الأبطال الآدميين أثناء رحلتهم نحو الكهف. و إلى أ نّه تابعهم للحراسة و إلى أ نّه كان على وعي بحقيقة الموقف ، شأنه في ذلك شأن كثيراً من أبطال الحيوان الذين يرد رسمُهم في القصص ، فيما تسخّرهم السماء للآدميين و فيما تُستخلص العِظةُ منهم أيضاً.

و أيّاً كان الأمر ، فإنّ عنصر المفاجأة القصصية يحقق هنا إمتاعاً فنّياً ، حينما يستوقف المتلقّي دخولُ بطل حيواني في بيئة القصة.

فالنص يتحدّث عن أبطال آدميين هربوا من مناخ الشرك ، و اتجهوا إلى الكهف. و القارئ أو السامع يتوقع أن يظلّ الرسمُ القصصي حائماً على هؤلاء الأبطال ، لكنّه سرعان ما يفاجأ ببطل حيواني ضمن أهل الكهف.

و هذه المفاجأة القصصية لا ينحصر الإمتاعُ الفنّي من خلالها في كونها مجرّد عنصر فنّي فحسب ، بل يتعدّاها إلى عناصر اُخرى تحقق الإمتاع الفنّي و الفكري لدى المُتلقّي.

فبغضّ النظر عن كون المفاجأة أحد العناصر الفنّية التي تستثير اهتمام المُتلقّي ، فإنّ عملية الاستخلاص أو الاستيحاء أو الاستشفاف ، تظلّ أيضاً مرشّحةً بأكثر من استخلاص للدلالة التي ينطوي الموقف عليها من وراء هذا الرسم.

و مثلما قلنا ، فإنّ المتلقّي يمكنه أن يستكشف دلالة الحراسة في رسم الكلب ، أو دلالة الوعي لديه ، أو دلالة الإفادة منه من حيث الاتعاظ. كلّ ذلك يظلّ من جملة الاستخلاصات الفكرية و الفنّية لدى المتلقّي ، من حيث عملية التذوّق للنص.

بيد أنّ رسم الكلب بملمح خارجي هو أنـّه ﴿باسِطٌ ذِراعَيْهِ بِالْوَصِيدِ ، هذا الملمح هو الذي يلفت انتباه المتلقّي ، و يدعه أيضاً يقوم بممارسات ذهنيّة لاستخلاص الدلالة من ذلك ، ثمّ ما يواكب هذه العملية الذهنية من إغناء فكري و جمالي للمتلقّي.

إنّ ما قلناه عن ظاهرة التقلّب ذات اليمين و ذات الشمال ، نكرّره هنا أيضاً من حيث تعدّد و تنوّع الاستجابات لدى المتلقّي. و إلى أ نّه من الصعوبة أن يركن المتلقّي إلى استخلاص دلالة ثابتة محدّدة في هذا الصدد.

و سواء أكان الرسم متصلا بكونه مجرد رسم لملمح خارجي مفصح عن واقع هذا البطل الحيواني ، من حيث الهيئة الجسمية حال النوم أو اليقظة ، أو كان الرسم متصلا بنفس مظاهر الإعجاز الذي رافق الأبطال الآدميين ، أو كان عنصراً جمالياً يحقّق الإشباع الفنّي لدى المتلقّي ... أو كان هو مجموع هذه الدلالات أو سواها ، ففي الحالات جميعاً يظلّ مجرّد إمكان استخلاص هذه الدلالة أو تلك ، أمراً له أهميته الفكرية و الفنّية في حقل القصة.

* * *

نتّجه الآن إلى القسم الرابع من قصة أصحاب الكهف:

يتناول هذا الفصلُ القصصي واقعة انبعاثِ الأبطال من رقدتهم ، و يُلاحظ أنّ النص لم يحدّد الآن عدد السنين التي رقد الأبطالُ فيها و إنّما اكتفى بالسرد المتصل بدخولهم إلى الكهف ، ثمّ الرقاد فيه.

و إلى هنا فإنّ المُتلقّي يعرفُ مُجملا بأنّ ثمة أبطالا هربوا من مناخ الشرك ، و اتجهوا نحو الكهف و رقدوا فيه. و إلى أنّ عناية السماء شملت هؤلاء الأبطال من حيث أنـّها حفظتهم من كلّ سوء و هيّأت لهم مناخاً خاصاً من التكيّف ، حيث أنّ الشمس تميل عن كهفهم شروقاً و غروباً ، و حيث أنـّهم رقدوا بنحو يحسبهم الرائي أيقاظاً و هم رقود ، يتقلّبون يميناً و شمالا ، و كلبُهم باسط ذراعيه بالوصيد ، ثمّ أنـّهم لبثوا بنحو إذا قُدّر للرائي أن يُشاهدهم ، عندئذ سيهرب منهم و يمتلئ رعباً من مشاهدتهم.

إنّ هذه الخاتمة القصصية للفصل المتقدّم ، توحي للقارئ أو المستمع ، أنّ الأبطال قد مكثوا أمداً من الزمان. و لابدّ أن يكون هذا الأمد طويلا ، لأنّ الفرار من مشاهدتهم و الرعب منهم بسبب من طول شعرهم و أظافرهم ، يدلّ على أنّ مدّة اللبَثْ طويلة دون أدنى شك ، غير أنـّها ليست معلومة من حيث العدد.

و النص حينما يتقدّم بالفصل الجديد من القصة ، لا يزال يُحيط مدة اللبث بالإبهام و الغموض ، لكنه يقدّم ثلاث وقائع في هذا الفصل تزيد من قناعة المتلقّي بأنّ مدة اللبث تتّسم بكونها طويلةً دون أدنى شك.

و هذا النحو من التدرّج في كشف الأحداث و الاستجابة حيالها يظلّ جزءً من خصيصة فنّية تتصل بالبناء الجمالي للقصة. حيث يضطلع كلّ فصل بتقديم حدث جديد يُطوّر و يُنمّي أحداث الفصول السابقة ، حتّى تصل الأحداث إلى نهايتها مع نهاية القصة ذاتها. كما يلاحظ ـ من حيث عنصر التشويق الفنّي ـ أنّ القصة تتدرّج باستجابة المتلقّي على النحو ذاته عن البناء. فهي تحيطه علماً بأنّ ثمة مدّةً من الزمن قد رقد الأبطال من خلالها في الكهف.

و هذا قد تمّ في الفصل السابق.

ثمّ قدّمت في الفصل الجديد أحداثاً و مواقف ، استشفّ المتلقّي من خلالها بأنّ المدّة قد اتّسمت بالطول.

و بهذا النحو من التدرّج في تقديم المعلومات تُحقق القصة عنصر المماطلة و التشويق بأمتع ما يمكن للنص القصصي أن يحققه للمتلقّي ، من حيث كونه يتابع باهتمام جزئياتِ القصة و فصولها مقابلا لتلك المماطلة التي يسلكها منطق القصة.

* * *

و الآن ، ما هو هذا الفصل الجديد؟

لنستمع إلى النص القصصي:

﴿وَ كَذلِكَ بَعَثْناهُمْ لِيَتَسائَلُوا بَيْنَهُمْ

﴿قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ: كَمْ لَبِثْتُمْ

﴿قالُوا: لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْم

﴿قالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِما لَبِثْتُمْ

﴿فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ

﴿فَلْيَنْظُرْ أَيُّها أَزْكى طَعاماً فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْق مِنْهُ

﴿وَ لْيَتَلَطَّفْ وَ لا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَداً

﴿إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَ لَنْ تُفْلِحُوا إِذاً أَبَداً

إنّ هذا الفصل ينطوي على ثلاثة مواقف و أحداث ، توحي للمتلقّي بأكملها بأنّ المدة الزمنية للنوم تتّسم بالطول في نهاية المطاف.

غير أنّ عنصر التشويق الفنّي يضع المتلقّي أمام رحلة طويلة من التأمّل ، و الاستخلاص ، و تقليب النظر ، و التخمين ، و التردّد ، و معاودة الحساب ، دون أن يركن ـ بادئ ذي بدء ـ إلى يقين محدّد بطول المدة أو قِصَرِها.

و يمكننا ملاحظة ذلك بوضوح في أوّل موقف قصصي من هذا الفصل ، حيث تجيء صياغة الحوار بين الأبطال من أمتع ألوان الحوار و أشدّها إثارةً في تجسيد عملية المماطلة و التشويق.

و لنقرأ هذا الحوار من جديد:

﴿قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ: كَمْ لَبِثْتُمْ؟

﴿قالُوا: لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْم

﴿قالُوا: رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِما لَبِثْتُمْ

فهذا الحوار بأعداده الثلاثة ، قد جسّد العنصر الفنّي للمماطلة و التشويق ، تجسيداً بلغ الذُرى من الإمتاع. فقد صوّر للقارئ أوّلا ، أنّ المدة غامضةٌ مبهمةٌ لا توحي بِقِصَر أو طول:

﴿قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ: كَمْ لَبِثْتُمْ

ثمّ جاء الحوار الثاني ، موحياً للمتلقّي بأنّ المدة قصيرةٌ جداً بحيث لا تتجاوز اليوم الواحد:

﴿قالُوا لَبِثْنا يَوْماً

ثمّ عمّق قناعة المتلقّي ، بأنّ المدّة قصيرةٌ جداً ، حينما استدرك الحوار، قائلا:

﴿أَوْ بَعْضَ يَوْم

و هذا يعني أنّ القناعة بقِصَرِ المدّة قد بلغت منتهاها ، مادام إحساس الأبطال بأنفسهم لم يتجاوز الذهاب إلى أنّ نومهم كان يوماً ، بل بعض يوم.

ثمّ عاد الحوار في رقمه الثالث ، و أوقع المتلقّي من جديد في لبس و إبهام و غموض بالنسبة لتحديد المدّة و ذلك في قولهم:

﴿رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِما لَبِثْتُمْ

فبعد أن كاد المتلقّي أن يقتنع بقصر المدّة ، و إذا بالحوار الثالث﴿رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِما لَبِثْتُمْ يُعيده إلى نفس الغموض الذي بدأه الحوار الأوّل في قولهم: ﴿كَمْ لَبِثْتُمْ؟.

و هكذا بدأ الحوار أوّلا بإكساب الموقف غموضاً ، ثمّ أوضحه بأنـّه يوم أو بعض يوم ، ثمّ أكسبه من جديد غموضاً حينما أوكل ذلك إلى اللّه بأنـّه أعلم بمدّة المكوث. و واضحٌ أنّ هذا النحو من الإبهام بتعريف المتلقّي بحجم المدّة الزمنية ، يظلّ كما قلنا من أشدّ أنواع المماطلة و التشويق إثارةً حتّى أنـّك تكاد تشتعل شوقاً إلى معرفة المدّة التي تؤرجحك بين كونها جدُّ قصيرةً ، و بين كونها جدُّ طويلة ، و بين كونها لا هذه و لا تِلك.

هذا النمط من التشويق لا يُدرك مدى ما ينطوي عليه من خطورة فنّية و من إمتاع ضخم ، إلاّ من خَبُر فنّ القصة و أدمَنَ قراءتها و احتفظ برصيد ضخم من التذوّق الفنّي.

* * *

نواجه الآن الواقعة الثانية عند انبعاث أصحاب الكهف من رقادهم.

كانت الواقعةُ الاُولى هي: تساؤلهم عن مدّة لبثهم؟

و قد أوحت هذه الواقعةُ للمتلقّي بأنّ الإحساس الداخلي للأبطال ، هذا الإحساس بالزمن كان منصبّاً على أ نّه يوم أو بعض يوم.

أمّا الواقعة الثانية: فإنّ عنصر الإحساس بالزمن ، بدأ من خلالها يميل بالقارئ إلى القناعة أيضاً بأنـّه كان زمناً قصيراً.

و لنقرأ هذه الواقعة:

﴿فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هذِهِ إِلَى الْـمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَ يُّها أَزْكى طَعاماً ...

إنّ هذه الواقعة تظلّ امتداداً للإحساس القصير بالزمن. فلو لم يكن الأمرُ كذلك ، لتردّد الأبطالُ في استخدام العملة و لتردّدوا في الاقتراح بِشراء الطعام الزكيّ ، إنّهم لا يزالون يعيشون الإحساس بزمنهم و بيئتهم التي عهدوها.

لكننا حين ننساقُ مع النصوص المفسّرة ، نجدها تُلقي ضوءً كافياً على أنّ الإحساس بالزمن بدأ يتغيّرُ لديهم حتّى كادوا يتعرّفون على الحقيقة.

تقول النصوص المفسّرة: إنّ البطل الذي دخل المدينة ، بدأ الإحساسُ بالغُربة لديه يتحدّدُ منذ اللحظة التي وطأت المدينة قدماه ، فوجد المعالم الجغرافية متغيّرةً تماماً ، كما أنـّه اتجه إلى أحدهم ليشتري طعاماً فانكر البائع عُملة البطل و جرى بينهما حوارٌ مؤدّاه أنّ البائع خُيّل إليه أنّ البطل قد عثر على كنز مالي بضمنه هذه العملة و تضيفُ النصوص المفسّرة: إنّ البطل سُلّمَ إلى أحد المسؤولين و استفسر عن حقيقة الأمر ، و إلى أنّ البطل قد ساق المسؤول إلى داره ـ التي كان يسكنها قبل التوجّه نحو الكهف ـ فوجدوا فيها شيخاً طاعناً في السنّ فيما ظهر أنـّه جدُّ البطل.

و نتيجة لذلك كلّه أحسّ البطل بالزمن الحقيقي و عاد إلى الكهف برفقة بعض المسؤولين على نحو ما سنتحدّث عنه فيما بعد.

و يهمّنا الآن أن نشير إلى أنّ الإحساس بالزمن الحقيقي لا يزالُ غامضاً لدى أبطال الكهف من خلال الواقعة الثانية واقعة العُملة النقدية إذا ابتعدنا عن جوّ النصوص المفسّرة و سنظلّ بعيدين عن هذه النصوص موقّتاً حتّى نتابع قضية الإحساس بالزمن لدى الأبطال ، و لدى المتلقّي أيضاً.

* * *

الواقعة الثالثة بدورها لا تزال تصوغ الإحساس بالزمن إحساساً غامضاً لدى الأبطال ، و لدى المتلقّي:

و لنقرأ النص:

﴿وَ لا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَداً ...

﴿إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَ لَنْ تُفْلِحُوا إِذاً أَبَداً

إنّ هذه الواقعة تفصح عن أكثر من دلالة فيما يتصلُ بعنصر الزمن و ملابساته.
فالأبطالُ يتقدّمون بتوصيتهم إلى البطل الذي اختاروه للذهاب إلى المدينة أن يكون حَذِراً في تحرّكاته حتّى لا يتعرّف أحدٌ عليه ، لأنّ التعرّف عليه يؤدّي إلى قتلهم ، أو إلى عودتهم إلى مناخِ الكفر الذي لا زال باقياً ماداموا قد لبثوا يوماً أو بعض يوم ، و يُخيّل إليهم أنّ المسؤولين سيقتلونهم أو على الأقل سيردُّونهم إلى الكفر. إذن إحساس الأبطال بالزمن إحساس مُفصِحٌ عن قصر المدّة التي لبثوا فيها.

و نحن لو عُدنا من جديد إلى النصوص المفسّرة ، لوجدنا أنّ الاحساس المذكور قد زامنته تساؤلات متنوّعة منذ اللحظة التي أفاقوا فيها من النوم حتّى أنـّهم خُيّل إليهم أنّ العبادة للّه قد فاتتهم الليلة الماضية ... و حتّى أنـّهم تساءلوا متعجّبين من جفاف الشجر الذي تناولوا منه الطعام عند دخولهم الكهف ، و جفاف الينبوع الذي شربوا منه ، كلّ هذه التساؤلات تدلّنا على أنّ الإحساس بقصر المدّة التي لبثوا فيها ، لا يزال قويّاً في أذهان الأبطال.

لكننا مع ذلك كلّه لا نستطيع أن نقرّر بأنّ الإحساس المذكور كان ثابتاً لديهم ، إذ لو كان الأمر كذلك لما تساءلوا على تلك الظواهر التي أثارت تعجّبهم و لابدّ أن تكون تلك الظواهر قد أوقعتهم ـ على الأقل ـ في تردّد و شكّ و غموض.

* * *

هذا كلّه فيما يتصلُ بالاحساس الداخلي للأبطال.

أمّا فيما يتصل بإحساسنا نحن المتلقّين ، فإنّ استخلاص طول المدّة و ليس قصرها ، هو الذي سيطبع استجابتنا دون أدنى شك و بخاصة ـ كما سبق القول ـ إنّ رسمَ ملامحهم الخارجية: طول الشعر و الأظافر قد عمّق لدينا مثل هذا الإحساس.

بيد أنّ تحديد الزمن و ليس تحديد طوله ، هو الذي سيظل من نصيب المُتلقّي ، فيما استخدم النص القصصيُّ عنصر التشويق ـ و قد شرحناهُ مفصلا ـ اُسلوباً في تضبيب المدّة الزمنيّة حتّى يُطلعنا عليها في الفصل الأخير من القصة.

و من الواضح في حقل الفنّ القصصي ، أنّ الاحتفاظ بأحد الأسرار سواء أكان متصلا بعنصر الزمن أو الشخصية أو الحديث ، هذا الاحتفاظ بأحد الأسرار طوال فصول القصة بأكملها ، ثمّ كشفه في الفصل الأخير يظلّ واحداً من الطرائق الفنّية في حقل القصة.

و لهذه الطريقة تأثيرُها الفنّي الكبير على المتلقّي. إنّ كلاّ من المماطلة و التشويق يسهمان في تفجير إثارة المتلقّي و دفعه إلى أن يتطلّع و يتابع باهتمام كلّ فصولِ القصة.

و لسوف نرى كيف أنّ النص القرآني الكريم ، قد كشف ذلك السرّ الكامن وراء عنصر الزمن في الفصل الأخير من القصة ، بعد أن لحظنا كيف أنّ النص في الفصول الأربعة التي وقفنا عندها قد أبهم الزمن ، و جعله متأرجحاً بين القصر و الطول ، جعله غامضاً مبهماً ، جعله حيناً و كأنـّه يومٌ أو بعض ، و حيناً كأنـّه حينٌ من الدهر و حيناً ملفّعاً بالضباب ، إلاّ أنّ هذا كلّه واحدٌ من الأسرار الفنّية العظيمة في النص القرآني الكريم.

* * *

نحن الآن مع الفصل الأخير من قصة أصحاب الكهف.

و هذا الفصل يواجهنا بأسرار فنّية في غاية الإثارة من حيث بناء القصة الهندسي ، و من حيث عنصر التشويق الذي استخدمته القصة بنحو لافت للنظر ، بخاصة في ظاهرة الإحساس بالزمن.

و لنقرأ الفصل القصصي:

﴿وَ كَذلِكَ أَعْثَرْنا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللّهِ حَقٌّ

﴿وَ أَنَّ السّاعَةَ لا رَيْبَ فِيها إِذْ يَتَنازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ

﴿فَقالُوا: ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْياناً رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ

﴿قالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلى أَمْرِهِمْ: لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِداً

﴿سَيَقُولُونَ: ثَلاثَةٌ رابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ

﴿وَ يَقُولُونَ: خَمْسَةٌ سادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْماً بِالْغَيْبِ

﴿وَ يَقُولُونَ: سَبْعَةٌ وَ ثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ

﴿قُلْ: رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ ما يَعْلَمُهُمْ إِلاّ قَلِيلٌ

﴿وَ لَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَة سِنِينَ وَ ازْدَادُوا تِسْعاً

﴿قُلْ: اللّهُ أَعْلَمُ بِما لَبِثُوا ...

هذا الفصل الأخير من القصة يحفل ـ مثلما قلنا ـ بأسرار فنّية في غاية الإثارة و الدهشة ، من حيث البناء الهندسي ، و من حيث عنصر التشويق الفنّي.

من حيث عنصر التشويق لحظنا أنّ الفصول السابقة بقيت محتفظةً بسرّ المدة الزمنية التي لبث فيها أصحاب الكهف ، و لحظنا كيف أنّ تلك الفصول القصصيّة لفّعت الموقف بغموض و ضبابية مُمتعة فيما تُسمى بلغة الأدب القصصي بــ المماطلة ، لكنّنا في لغة الأدب الإسلامي قد نتحفّظ على مثل هذا المصطلح ، و نكتفي بتحديد دلالته التي تعني أنّ المعلومات التي يستهدف النصُّ توصيلها إلى المتلقّي ، تظل في حالة تأجيل و إرجاء ، بحيث لا يستطيع المتلقّي أن يرسو على يقين محدّد بها. ثمّ يوضحها النص في خاتمة القصة بُغية حمل المتلقّي على المتابعة أوّلا و جعله يحيا في مناخ ممتع من التشويق و التطلّع إلى ما سيحدث.

* * *

على أيّة حال ، ها هو النص في الفصل الأخير من القصة يقدّم لنا ذلك السرّ الذي احتفظ به طوال فصول القصة ، يقدّمه لنا على النحو الآتي:

﴿وَ لَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَة سِنِينَ وَ ازْدَادُوا تِسْعاً

إذن المدة التي استغرقها نومُ أهل الكهف هي ثلاث مائة و تسع سنين ...

هنا ينبغي أن نتعرّف على الطريقة الفنّية التي تمّ فيها تقديم هذا السرّ بعد الاحتفاظ به طوال القصة.

لقد تمّ هذا من خلال مواقف و حوادث جديدة سردها النصُّ في الفصل الأخير من القصة.

و من خلال هذه المواقف و الحوادث الجديدة ذاتها ، قدّم النص سرّاً آخر قد احتفظ به أيضاً طوال القصة و نعني به عدد أصحاب الكهف.

إذن عدد السنين التي لبث فيها أصحاب الكهف من جانب ، و عدد أفراد أهل الكهف من جانب آخر ، هو الذي طبعه عنصُر التشويق و الإرجاء ، أي تأجيل المعلومات و جعله النص جزءً من طرائق فنّية ، بُغية إحداث المُتعة القصصية لدى القارئ و السامع.

و الحديث عن هذا المنحى الفنّي يتّصل بالبناء الهندسي للقصة ، أي طريقة البناء التي سلكها النص في تقديم المادّة القصصية.

و هو ما ينبغي أن نتحدّث عنه الآن.

* * *

من الملاحظ أنّ النص القصصي قد ربط بين حاضر الزمن و الماضي عند حديثه عن قصة أصحاب الكهف. أي بين زمن النبيّ (صلى الله عليه وآله) و الزمن الذي جرت أحداث الكهف فيه.

فالقصة جاءت في سياق أسئلة وجّهها بعضُ المعاصرين لزمن الرسالة عن أصحاب الكهف و سواهم. ثمّ جاء جواب النبيّ (صلى الله عليه وآله) على النحو الذي صيغ قصّة فنّية كما لحظنا.

و هذا يعني أنّ هيكل القصة قائمٌ على التداخل بين الزمن الماضي و الحاضر.

و عنصر الحوار في القصة ، هو الذي وُظّف فنّياً لعملية التداخل المذكورة.
فالسائل و المجيب هنا يمثّلان حاضر الرسالة: نفرٌ من قريش أو الكتابيين من اليهود ، ثمّ محمّد (صلى الله عليه وآله). و الإجابة هي التي تتكفّل بسرد القصة ، بما في ذلك عنصر الحوار الذي جرى بين أبطالها.

و من هنا يتداخل ـ في هيكل القصة ـ كلّ من الحوارين: حوار النبيّ (صلى الله عليه وآله) مع السائل ، و حوار أبطال الكهف و سائر الأبطال الذين تذكرهم نصوص التفسير فيما بينهم.

و حين نعود إلى السرّ الزمني الذي احتفظ النصُّ القصصي به ، ثمّ أعلن عنه في نهاية القصة فحسب ، أي: الثلاثمائة و تسع سنين ، نجد أنّ فقرة:﴿وَ لَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَة سِنِينَ وَ ازْدَادُوا تِسْعاً تحتمل أكثر من تفسير فنّي واحد.

و نحن إذا انسقنا مع نصوص التفسير المأثورة ، حينئذ من الممكن أن تكون الفقرةُ المذكورة سرداً و ليس حواراً، أي من الممكن أن تكون الفقرة تعقيباً من السماء على الغموض الذي لفّ إحساس الأبطال ، و إحساس المتلقّي بالزمن.

و من الممكن أن تكون الفقرة المذكورة حواراً و ليس سرداً ، أي من كلام اليهود ، فيما عقّبت السماء على ذلك:

﴿قُلِ اللّهُ أَعْلَمُ بِما لَبِثُوا

و أيّاً كان الأمر ، ففي الحالتين يجيء كشف السرّ العددي للزمن في سياق الحاضر. أي أنّ ذلك قد تمّ ليس من سياق أحداث القصة نفسها ، بل من السماء أو النبيّ (صلى الله عليه وآله) أو السائل.

لكننا لو عدنا إلى نصوص تفسيرية اُخرى ، للحظنا أنّ السرّ العددي لنوم أهل الكهف ، قد كشفه أهلُ الكهف أنفسهم ، و ذلك عندما ذهب أحدُهم إلى المدينة ليشتري الطعام الزكيّ و عندها تعرّف على الحقيقة ، و أخبر أصحابه بأنّ لبثهم قد كان ثلاثمائة و تسع سنين ، و ليس يوماً أو بعض يوم.

بيد أنّ هذا لا يُستكشف من خلال الفقرة القائلة:

﴿وَ لَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَة سِنِينَ وَ ازْدَادُوا تِسْعاً

بل يُستكشف من نصوص التفسير التي تنقل لنا تفصيلات القصّة. إذ لو كانت الفقرة المذكورة من كلام الأبطال ، لجاءت في سياق الحوار المتبادَل فيما بينهم ، لا أنـّها تجيء منفصلةً عن ذلك ، أي في خاتمة القصّة التي تضمّنت تعقيبات السماء على الطريقة التي واجه النبيّ (صلى الله عليه وآله) بها السائل.

لقد احتفظت قصّة أصحاب الكهف بسرّ العدد الزمني و كشفته في نهاية القصة من خلال تعقيب السماء على ذلك. غير أنّ هناك سرّاً آخر قد احتفظت القصةُ به أيضاً ، و هو عدد أبطال الكهف و ليس عدد السنين التي رقدوا فيها. و إذا كان عدد السنين قد تمّ الإعلان عنه عبر عنصر التشويق و التأجيل في نهاية القصة من خلال تعقيب السماء ، فإنّ عدد الأبطال قد تمّ الإعلانُ عنه من خلال الشخوص ، و لكن بنحو ملفّع بالغموض.

و هنا تتفاوت النصوص المفسّرة في تحديد هؤلاء الشخوص. فمن ذاهب إلى أنّ الشخوص هم جماعة كانوا في زمن اكتشاف الكهف ، أي انبعاثهم ، و ذلك عندما وقفوا على حقيقة الأمر من خلال البطل الذي توجّه إلى المدينة لاشتراء الطعام ، حيث أقبلوا إلى الكهف للتعرّف على أبطاله و عددهم ، و هو العددُ الذي ذكرته القصة متراوحاً بين أربعة و ستة و ثمانية.

﴿سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ

﴿وَ يَقُولُونَ خَمْسَةٌ سادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْماً بِالْغَيْبِ

﴿وَ يَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَ ثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ

و هناك من يذهب إلى أنّ التساؤل المذكور ، عائدٌ إلى الاختلاف بين طوائف من أهل الكتاب و المسلمين في تحديد العدد ، حيث عقّب النص على ذلك مخاطباً محمّداً (صلى الله عليه وآله):

﴿قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ

* * *

إنّ ما يعنينا من ظاهرة العدد سواء أكان ذلك متصلا بالسنين ، أو بالأبطال ، هو:
طبيعة البناء الهندسي الذي قامت القصةُ عليه. و هو بناءٌ قائمٌ على جملة من الخطوط الرئيسة و الثانوية ، حيث يأخذ بعضها امتداداً طولياً ، و الآخر امتداداً عرضيّاً قائماً على التوازن الفنّي الدقيق بينها.

فمن حيث الامتداد الطولي لشكل القصة ، نجد أنّ القصة قد احتفظت طوال فصولها بسرّين: أحدهما يتصل بعدد السنين التي رقد أبطال الكهف فيها ، و الآخر بعدد أصحاب الكهف أنفسهم. فالقارئ أو السامع يظلّ على جهل تامّ بعدد السنين و بعدد الأبطال و الحوار الذي جرى بين الأبطال قد ساهم في تضبيب عدد السنين كما أنّ الحوار الذي جرى بين الطوائف أو مكتشفي الكهف قد ساهم أيضاً في تضبيب عدد الأبطال كلّ ما في الأمر أنّ القصّة قد مسحت الغموض في الفصل الأخير عن عدد السنين ، لكنها أبقت الغموض على حالته بالنسبة لعدد الأبطال و أرجعت ذلك إلى علم اللّه سبحانه و تعالى مع ملاحظة أنّ بعض النصوص المفسّرة ترى أنّ النصّ أبقى عدد السنين غامضاً أيضاً بدليل قوله تعالى:

﴿قُلِ اللّهُ أَعْلَمُ بِما لَبِثُوا

و السرّ في الأوّل عائدٌ ـ في تصورنا ـ إلى أنّ الإعلان عن عدد السنين له أهميّته في قناعة المتلقّي بظاهرة الإعجاز. أمّا عدد الأبطال ليس من الضروري التعرّف عليه سواء أكانوا أربعة أم ثمانية ، أم أكثر أم أقلّ. المهم هو وجود بطل يحيا قضيةً معجزة ، و من هنا أرجع النصّ تحديد العدد إلى اللّه سبحانه و تعالى.

* * *

أمّا من حيث الخطوط العرضية لبناء القصة ، فإنّ التوازن الهندسي بينها يظلّ من الجمال و التناسق و الدقة ما يُلفت انتباه المتلقّي حقّاً.

فهناك توازن هندسي في ظاهرة التشويق و التأجيل ، حيث يتوازن الزمن و البطل من خلال ظاهرة العدد ، أي أنّ النص ضبّب عدد السنين ، و ضبّب عدد الأبطال.

و هذا واحدٌ من الخطوط العرضية.

ثمّ أجّل معرفة هذا العدد: عدد السنين ، و عدد الأبطال ، بنحو متوازن إلى نهاية القصة.

و هذا توازن عرضي آخر.

ثمّ أعلن تحديد عدد السنين ، مقابلا لعدم تحديد الأبطال. و هذا توازن ثالث ، لكنه من خلال ما يُسمى بــ التوازن: من خلال التضاد قد أبهمه النصُّ أيضاً. فحينئذ يتحقق التوازن بنحوه الاعتيادي.

ثمّ كان إعلان التحديد المذكور من قِبَل السماء. بينما كان تضبيب العدد من قبل الشخوص المتحاورين.

و هذا توازن عرضي رابع بين خطوط القصة ...

و هكذا سائر الخطوط التي لا نجد حاجةً إلى توضيحها مادام المتذوّق بمقدوره أن يتحسّس مواقعها بأدنى تأمّل.

* * *

بقي أن نشير إلى حادثة اكتشاف الكهف نفسه ، و ما رافقته من وقائع و مواقف ، تكفّل الفصل الأخير بتفصيلاتها ، ثمّ صلة اُولئك جميعاً بــ أفكار القصة من جانب ، و ما تضمّنته من قيم فنّية من جانب آخر.

أما حادثة الاكتشاف اكتشاف الكهف ، فقد مهّد لها النص في الفصل ما قبل الأخير ، بقوله:

﴿وَ كَذلِكَ بَعَثْناهُمْ لِيَتَسائَلُوا بَيْنَهُمْ قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ: كَمْ لَبِثْتُمْ؟ ...

ثمّ حدّدها تماماً في الفصل الأخير من القصة ، على هذا النحو:

﴿وَ كَذلِكَ أَعْثَرْنا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللّهِ حَقٌّ

﴿وَ أَنَّ السّاعَةَ لا رَيْبَ فِيها إِذْ يَتَنازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ

﴿فَقالُوا: ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْياناً رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ

﴿قالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِداً

هذا النص يتكفّل بتوضيح حادثة اكتشاف الكهف و هي حادثةٌ لها أهميّتها الكبيرة بالنسبة إلى ما تستهدفه القصةُ أساساً من وراء سردها لحكاية أهل الكهف.

كما أنّ الحادثة التي سبقتها ، و نعني بها حادثة الانبعاث ، منضمّةً إلى حادثة اكتشاف الكهف ، تظلّ متصلةً بالهدف الفكري لهذه القصة.

حادثة الانبعاث تظلّ على صلة بالأبطال أنفسهم في المقام الأوّل:

﴿كَذلِكَ بَعَثْناهُمْ لِيَتَسائَلُوا بَيْنَهُمْ

و أمّا حادثة الاكتشاف ، فبالرغم من أنـّها ستعكس أثرها على الأبطال ـ كما سنرى لاحقاً ـ إلاّ أنـّها تنصب في المقام الأوّل على الآخرين و ما تتنازعهم من تيارات و ما تلفّهم من أفكار ...

و المهم ، أنّ الحادثتين كلتيهما تُلقيان إنارة كبيرة على الهدف الفكري الذي صيغت القصةُ من أجله كما سنرى.



أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

١ ذوالقعدة الحرام

١- ذوالقعدة الحرام ١ـ ولادة كريمة أهل البيت فاطمة بنت موسى بن جعفر(س). ٢ـ غزوة بدر الصغرى. ٣ـ وفاة الاشعث ب...

المزید...

١١ ذوالقعدة الحرام

١١- ذوالقعدة الحرام ولادة ثامن الحجج، الامام السلطان ابوالحسن علي بن موسى الرضا المرتضى(ع) ...

المزید...

١٥ ذوالقعدة الحرام

١٥- ذوالقعدة الحرام نهاية الحكم الاموي وبداية الحكم العباسي ...

المزید...

٢٣ ذوالقعدة الحرام

٢٣- ذوالقعدة الحرام غزوة بني قريظة وتصفية يهود المدينة

المزید...

٢٥ ذوالقعدة الحرام

٢٥- ذوالقعدة الحرام ١) يوم دحو الارض ٢) خروج الرسول (ص) لحجة الوداع ٣) احضار الامام الرضا(ع) من الحجاز إلى ...

المزید...

٣٠ ذوالقعدة الحرام

٣٠- ذوالقعدة الحرام شهادة الامام الجواد(ع)

المزید...
012345
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page