• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

ابن عمر ماذا يقول

قال البخاري:
"محمد بن بشار، حدثنا عبد الوهاب، حدثنا عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما:
أتاه رجلان في فتنة ابن الزبير، فقالا: إن الناس صنعوا، وأنت ابن عمر، وصاحب النبي(ص)، فما يمنعك ان تخرج؟!
فقال: يمنعني: أن الله حرم دم أخي.
فقالا: ألم يقل الله: وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة؟
فقال: قاتلنا حتى لم تكن فتنة، وكان الدين لله، وأنتم تريدون أن تقاتلوا حتى تكون فتنة، ويكون الدين لغير الله.
وزاد عثمان بن صالح، عن ابن وهب، قال: أخبرني فلان، وحيوة بن شريح، عن بكر بن عمرو المعافري: أن بكير بن عبد الله حدثه، عن نافع: أن رجلاً أتى ابن عمر، فقال:
يا أبا عبد الرحمن، ما حملك على أن تحج عاماً، وتعتمر عاماً، وتترك الجهاد في سبيل الله عز وجل، وقد علمت ما رغب الله فيه؟
قال: يا ابن أخي، بُني الإسلامُ على خمس: إيمان بالله ورسوله، والصلوات الخمس، وصيام رمضان، وأداء الزكاة، وحج البيت.
قال: يا أبا عبد الرحمن، ألا تسمع ما ذكر الله في كتابه: وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا، فأصلحوا بينهما، فإن بغت إحداهما على الأخرى، فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله. قاتلوهم حتى لا تكون فتنة؟!
قال: فعلنا على عهد رسول الله(ص)، وكان الإسلام قليلاً، حتى كثر الإسلام، فلم تكن فتنة.
قال: فما قولك في علي، وعثمان؟!
قال: أما عثمان، فكان الله عفا عنه، وأما أنتم فكرهتم أن تعفوا عنه.
وأما علي، فابن عم رسول الله(ص)، وختنه، وأشار بيده، فقال: هذا بيته حيث ترون"(1).
التوضيح:
إن محل الشاهد هو الفقرة الأخيرة من الرواية، وإنما ذكرناها بطولها ليتضح ما يريد ابن عمر أن يقوله لذلك السائل.
وقد صرح شرّاح البخاري بأن السائل رجل خارجي، يريد تسجيل إدانة لعثمان وعلي عليه السلام على حد سواء، أي أنه يريد أن يعترف له ابن عمر بأنهما من مثيري الفتن، الذين يجب قتالهم، استناداً إلى نص القرآن الكريم.
وقد حاول ابن عمر أن يدافع عن عثمان، لكنه لم يجد ما يقدمه في هذا السبيل سوى أنه حين فرّ في احد، قد عفا الله عنه، لكن الخارجين عليه لم يعفوا عنه، بل قتلوه.
ولكنه بالنسبة لعلي، الذي حارب عائشة، وطلحة، والزبير، في الجمل. ومعاوية في صفين، ثم خوارج النهروان، قد ذكر أموراً ثلاثة، اعتبرها كافية لدفع ما يريد ذلك السائل إلصاقه به.
وهذه الأمور تشير إلى مزيد قربه عليه الصلاة والسلام من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ومكانته لديه، واختصاصه به. وهي التالية:
1 ـ كونه عليه السلام ابن عم رسول الله(ص).
2 ـ كونه صهر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وختنه على ابنته.
3 ـ كون بيته في ضمن بيوت رسول الله صلى الله عليه وآله.
فلو كان عثمان أيضاً صهراً لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لكان المناسب لابن عمر أن يستدل به على السائل، بل كان أنسب من غيره، وذلك للحاجة الماسة إلى كل ما من شأنه أن يظهر قربه من النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومقامه منه – لو كان – بغية دفع الشبهة عنه، والتي كانت في أمره أقوى منها بالنسبة إلى علي عليه السلام، لسبق صدور المخالفة منه، حتى استحق العفو.
فإلى متى يؤجل ابن عمر هذا الاستدلال القوي والحساس، فإنه – كما يقال – لا عطر بعد عروس.
وبما ذكرناه يتضح عدم صحة القول بأن كلام ابن عمر هذا لا يدل على نفي صهرية عثمان، لأن إثبات أمر في مورد لا يدل على نفي ذلك الأمر عن مورد آخر.
فإنه إذا كان ابن عمر في صدد الاستدلال بكل ما من شأنه أن يدفع التهمة عن عثمان، فإن عليه أن يأتي بأظهر الأدلة والشواهد على بطلانها. كما فعل بالنسبة إلى أمير المؤمنين علي عليه السلام.
لا أن يهمل الدليل القوي، ويتشبث بأمر آخر أقل ما يقال فيه: إنه ضعيف وسخيف.
ووجه ضعفه وسخافته:
1 ـ أن العفو عن الفارين يوم أحد قد كان مشروطاً بالتوبة والإنابة منهم. وهذا إنما حصل بالنسبة لخصوص أولئك الذين عادوا بعد معرفتهم بسلامة النبي(ص)، ولا يشمل الذي عاد من فراره بعد ثلاثة أيام – مثل عثمان.
2 ـ إننا لو قبلنا بشمول العفو حتى لمثل عثمان فإنه لا يلزم منه وجوب عفو الناس عن عثمان بعد أحداثه التي ارتكبها في حقهم.
3 ـ بل إن عفو الله عنه يوم أحد لمصلحة يعلمها تعالى، مثل التأليف، وتقوية التضامن الإسلامي في مقابل العدو الراصد. لا يلازم عفوه تعالى عنه بعدها، إذا كان قد ارتكب ما يوجب العقاب، خصوصاً إذا كان الأمر يتعلق بالعدوان على الناس، في أبشارهم، وأموالهم، وغير ذلك.
وليس ثمة ما يوجب العفو لا من تأليف ولا غيره.

_____________
(1) صحيح البخاري ج3 ص68 ط سنة 1309ه.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

١ ذوالقعدة الحرام

١- ذوالقعدة الحرام ١ـ ولادة كريمة أهل البيت فاطمة بنت موسى بن جعفر(س). ٢ـ غزوة بدر الصغرى. ٣ـ وفاة الاشعث ب...

المزید...

١١ ذوالقعدة الحرام

١١- ذوالقعدة الحرام ولادة ثامن الحجج، الامام السلطان ابوالحسن علي بن موسى الرضا المرتضى(ع) ...

المزید...

١٥ ذوالقعدة الحرام

١٥- ذوالقعدة الحرام نهاية الحكم الاموي وبداية الحكم العباسي ...

المزید...

٢٣ ذوالقعدة الحرام

٢٣- ذوالقعدة الحرام غزوة بني قريظة وتصفية يهود المدينة

المزید...

٢٥ ذوالقعدة الحرام

٢٥- ذوالقعدة الحرام ١) يوم دحو الارض ٢) خروج الرسول (ص) لحجة الوداع ٣) احضار الامام الرضا(ع) من الحجاز إلى ...

المزید...

٣٠ ذوالقعدة الحرام

٣٠- ذوالقعدة الحرام شهادة الامام الجواد(ع)

المزید...
012345
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page