• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

المسـألة: 8 دفاع الذهبي عن أبي بكر وعمر في تغييب السنة

من أكثر المتحمسين في الدفاع عن تغييب أبي بكر وعمر للسنة ، الحافظ الذهبي المتوفي سنة 748 ، قال في تذكرة الحفاظ:1/2: (أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه أفضل الأمة ، وخليفة رسول الله(ص) ... أن الصديق جمع الناس بعد وفاة نبيهم فقال: إنكم تحدثون عن رسول الله (ص) أحاديث تختلفون فيها ، والناس بعدكم أشد اختلافاً ، فلا تحدثوا عن رسول الله شيئاً ! فمن سألكم فقولوا بيننا وبينكم كتاب الله ، فاستحلوا حلاله وحرموا حرامه .
فهذا المرسل يدلك أن مراد الصديق التثبت في الأخبار والتحري ، لا سدُّ باب الرواية ، ألا تراه لمَّا نزل به أمر الجدة ولم يجده في الكتاب ، كيف سأل عنه في السنة ، فلما أخبره الثقة ما اكتفى حتى استظهر بثقة آخر ، ولم يقل حسبنا كتاب الله كما تقوله الخوارج.... نعم ،فرأس الصادقين في الأمة الصديق وإليه المنتهى في التحري في القول وفي القبول .
وقد نقل الحاكم فقال.... قالت عائشة: جمع أبي الحديث عن رسول الله (ص) وكانت خمسمائة حديث ، فبات ليلته يتقلب كثيراً قالت فغمني فقلت: أتتقلب لشكوى أو لشئ بلغك؟ فلما أصبح قال: أيْ بنيَّه ، هلمي الأحاديث التي عندك فجئته بها ، فدعا بنار فحرقها ، فقلت لم أحرقتها؟ قال خشيت أن أموت وهي عندي فيكون فيها أحاديث عن رجل قد ائتمنته ووثقت ولم تكن كما حدثني ، فأكون قد نقلت ذاك . فهذا لايصح والله أعلم ) . انتهى .
ولم يذكر الذهبي علة رده لحديث الحاكم وقوله لايصح ! ومن عادته أن يرد ما صح عنده بلا سبب ، بل دفعاً بالصدر كما يقولون ، من أجل الدفاع عن أبي بكر وعمر ، فقط لا غير ! وهل يريد الذهبي أكثر صراحة من حديثه المرسل الذي ارتضاه هو عن أبي بكر في منع السنة وفيه: (فلاتحدثوا عن رسول الله شيئاً ! فمن سألكم فقولوا بيننا وبينكم كتاب الله فاستحلوا حلاله وحرموا حرامه ) !
كما أن الذهبي نسيَ أن شعار(كتاب الله حسبنا) قبل أن يكون شعار الخوارج كان شعاراً لعمر وأبي بكر ، وأنه رفعه في وجه النبي’، وأن أبا بكر وغيره أيدوه وصاحوا: القول ما قاله عمر ! وأن ذلك مروي ببضع روايات في البخاري ، وبأكثر منها صراحةً في غيره ! (قال عمر: إن النبي غلبه الوجع وعندنا كتاب الله حسبنا ، فاختلفوا وكثر اللغط ! قال: قوموا عني ولاينبغي عندي التنازع ! فخرج ابن عباس يقول إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله وبين كتابه)! (البخاري:1/37 )
ثم قال الذهبي:
( أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، أبو حفص العدوي، الفاروق وزير رسول الله (ص) ، ومن أيد الله به الإسلام وفتح به الأمصار ، وهو الصادق المحدَّث الملهم، الذي جاء عن المصطفى(ص)أنه قال: ( لو كان بعدي نبي لكان عمر) الذي فر منه الشيطان وأُعْلِيَ به الإيمان وأُعْلِنَ الأذان . قال نافع بن أبي نعيم ، عن نافع ابن عمر قال: قال النبي’: إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه .
فيا أخي إن أحببت أن تعرف هذا الإمام حق المعرفة ، فعليك بكتابي (نعم السَّمَر في سيرة عمر) فإنه فارق فيصل بين المسلم والرافضي ! فوالله ما يغض من عمر إلا جاهل دائص ، أو رافضي فاجر ، وأين مثل أبي حفص؟ فما دار الفلك على مثل شكل عمر ، وهو الذي سنَّ للمحدثين التثبت في النقل وربما كان يتوقف في خبر الواحد إذا ارتاب ، فروى الجريري عن أبي نضرة عن أبي سعيد: أن أبا موسى سلم على عمر من وراء الباب ثلاث مرات فلم يؤذن له ، فرجع فأرسل عمر في أثره فقال لم رجعت؟ قال سمعت رسول الله (ص)يقول: إذا سلم أحدكم ثلاثاً  فلم يجب فليرجع. قال لتأتيني على ذلك بينة أو لأفعلن بك! فجاءنا أبو موسى منتقعاً لونه ونحن جلوس فقلنا ما شأنك؟ فأخبرنا وقال: فهل سمعه أحد منكم؟ فقلنا نعم، كلنا سمعه فأرسلوا معه رجلاً منهم حتى أتى عمر فأخبره .
أحبَّ عمر أن يتأكد عنده خبر أبي موسى بقول صاحب آخر ، ففي هذا دليل عن أن الخبر إذا رواه ثقتان كان أقوى وأرجح مما انفرد به واحد ، وفي ذلك حض على تكثير طرق الحديث لكي يرتقى عن درجة الظن الى درجة العلم ، إذ الواحد يجوز عليه النسيان والوهم ، ولا يكاد يجوز ذلك على ثقتين لم يخالفهما أحد . وقد كان عمر من وجله أن يخطئ الصاحب على رسول الله’يأمرهم أن يقلوا الرواية عن نبيهم ، ولئلا يتشاغل الناس بالأحاديث عن حفظ القرآن .
وقد روي عن شعبة وغيره ، عن بيان الشعبي ، عن قرظة بن كعب قال: لما سيَّرنا عمر الى العراق مشى معنا عمر وقال: أتدرون لم شيعتكم ؟ قالوا نعم تكرمة لنا . قال: ومع ذلك إنكم تأتون أهل قرية لهم دويٌّ بالقرآن كدوي النحل ، فلا تصدوهم بالأحاديث فتشغلوهم . جردوا القرآن وأقلوا الرواية عن رسول الله ، وأنا شريككم! فلما قدم قرظة بن كعب قالوا حدثنا فقال: نهانا عمر رضي الله عنه!
... عن أبي هريرة قلت له: أكنت تحدث في زمان عمر هكذا؟ فقال: لو كنت أحدث في زمان عمر مثل ما أحدثكم ، لضربني بمخفقته !
... عن سعد بن إبراهيم ، عن أبيه أن عمر حبس ثلاثة: ابن مسعود وأبا الدرداء وأبا مسعود الأنصاري ، فقال قد أكثرتم الحديث عن رسول الله(ص).
ابن علية عن رجاء بن سلمة قال: بلغني أن معاوية كان يقول: عليكم من الحديث بما كان في عهد عمر ! فإنه كان قد أخاف الناس في الحديث عن رسول الله (ص) . انتهى .
شحن الذهبي كلامه كما ترى بتأجيج عاطفة حب عمر التي تربى عليها السنيون ، وبُغضهم للرافضة الذي تربوا عليه ، لأن الرافضة لايقبلون أعذار عمر لتعطيل السنة ، ولايقبلون ما سطره محبوه من أسرار الحكمة الإلهية في فعله ، وأنه مسددٌ معصومٌ في كل أقواله وأفعاله حتى في تعطيل سنة رسول الله’!
وهذا يدل على أن الذهبي وهو باحث متتبع إمام عندهم ، ليس لديه ما يدافع به عن أبي بكر ولا عمر إلا العاطفة ! لكن هل سيتخذ نفس الموقف إذا وجد في تاريخ الأنبياء^أن أحد الحكام بعد إبراهيم أوبعد موسى أو سليمان^منع أمته من تدوين أحاديثه وروايتها،وهل سيدافع عنه بالعاطفة؟!
بل ما هو موقفه لو أن عثمان أو علياً×أو حاكماً مسلماً بعد عمر ، منع المسلمين من رواية أحاديث عمر وسيرته وفتاواه ، وعاقب على ذلك بحجة المحافظة على صحتها وسلامتها وإيصالها الى الأجيال ؟!
وهل سمعتم في التاريخ أن أصحاب نبي منعوا رواية سنته وتدوينها ، لشدة حرصهم عليها ! حتى ضاع كثير منها ، واختلط صحيحها بمكذوبها ؟!
أو سمعتم أن ولداً من شدة محافظته على جواهر أبيه وحرصه على إيصالها سالمة الى أحفاده ، أخفى مكانها ولم يخبر به أحداً ، حتى مات وضاع منها ما ضاع ، وحصل منها ما حصل غير سالم ؟!
لاأدري بأي ذهن يفكر المدافعون عن سياسة تغييب السنة ومنع روايتها وتدوينها؟وهل يخفى عليهم ذلك ، أم يتصورون أنه كان خافياً على الخلفاء؟!
كلا . . ولكنه التعصب للأشخاص يُعمي عن السواطع ، ويصمُّ عن القوارع !
وعلى هذا التعصب قام تاريخ ، وبنيت ثقافة وتربت أجيال.. إلا من عصم الله .
أما نحن فنحب رسول الله’حباً مطلقاً غير مشروط ، وأما غيره فنحبُّهم حباً مشروطاً بأن لايصطدم مع بدائه العقل ، فإذا اصطدم نكون مع عقولنا ! ومشروطاً بأن لايصطدم مع أمر النبي’ونهيه ، فإذا اصطدم فنحن مع النبي ’لاغير !
أيها المسلم ، يكفيك أثقالٌ حملتها بالوراثة فكلفت نفسك تبرير أعمال الصحابة المتناقضة ، دون أن يكلفك بذلك الله تعالى ولارسوله’!
وحسبتها جزءً من الدين ، وما أنزل الله بها من الدين !
وحاشا الله تعالى أن يكلف المسلمين باتباع جماعة متضاربين !
الأسئلة
1 ـ يؤكد الذهبي على جانب واحد هو أن أبا بكر وعمر عمل ما عملاه من إحراق أحاديث النبي’ومحوها ، ومنع الناس من كتابتها ، ومنع الصحابة من تحديث الناس عن نبيهم’.. من أجل الحفاظ على سنة النبي’وإيصالها الى الأجيال سالمة كاملة ! فكيف تفسرون ذلك ؟!
2 ـ كيف يفسر الذهبي ما رواه الشافعي في مسنده ص390 وص420 ، وفي كتاب الأم:7/16 و303: (عن عبيد الله بن أبي رافع، عن أبيه قال: قال رسول الله(ص): لا ألفين أحدكم متكئاً على أريكته ، يأتيه الأمر من أمري مما أمرت به أو نهيت عنه فيقول: ما ندري ، ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه !؟
ورواه في كنز العمال:1/173بلفظ:( ألا هل عسى رجل يبلغه الحديث عني وهو متكئ على أريكته فيقول: بيننا وبينكم كتاب الله ، فما وجدنا فيه حلالاً استحللناه وما وجدنا فيه حراماً حرمناه ! وإن ما حرم رسول الله كما حرم الله) .
وفي ص194بلفظ: (عسى أحدكم أن يكذبني وهو متكئ على أريكته ! يبلغه الحديث عني فيقول: ما قال ذا رسول الله ! دع هذا وهات ما في القرآن ! ). انتهى .
وإذا لم تنطبق هذه الأحاديث على أبي بكر وعمر ، فعلى من تنطبق ؟!
3 ـ بماذا تفسرون قول الذهبي: (فما دار الفلك على مثل شكل عمر)؟! هل يقصد أنه متفرد بجماله المادي والمعنوي على كل العالم ، فلا يوجد له نظير تحت أفلاك السماء ، حتى من الصحابة والأنبياء^؟!
4 ـ قال الذهبي: (وهو الذي سنَّ للمحدثين التثبت في النقل ، وربما كان يتوقف في خبر الواحد إذا ارتاب ، فروى الجريري عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد: أن أبا موسى سلَّمَ على عمر من وراء الباب ثلاث مرات فلم يؤذن له ، فرجع فأرسل عمر في أثره فقال: لم رجعت؟ قال سمعت رسول الله يقول: إذا سلم أحدكم ثلاثاً  فلم يجب فليرجع. قال لتأتيني على ذلك ببينة ، أو لأفعلن بك ) ! انتهى.
أقول: لابد أن نحمل عمل عمر على أنه تأديبٌ لصديقه أبي موسى الأشعري ، في مرة من مرات عدم رضاه عليه ! ولايمكن أن نحمله على أنه كان يتثبت من أحاديث الآحاد ، وهو الذي نهى عن أصل التحديث عن النبي’حتى مع التثبت، وعاقب عليه بالجلد والسجن؟! وهو الذي قَبِل من أبي بكر حديثاً لم يروه أحد غيره، وخصص به عموم القرآن، عندما رفض أبوبكر أن يعطي الزهراء÷ إرثها من النبي’وادعى أن النبي’مستثنى من آيات الإرث، وأنه سمعه يقول: نحن معاشر الأنبياء لانورث ! فلم يقل له عمر: (لتأتيني على ذلك ببينة أو لأفعلن بك) !
قال الغزالي في المستصفى ص249: (وكلام من ينكر خبر الواحد ولايجعله حجة في غاية الضعف ، ولذلك تُرك توريث فاطمة رضي الله عنها بقول أبي بكر: نحن معاشر الأنبياء لا نورث.. الحديث ) !
وقال في المنخول ص252: (قالت المعتزلة: لايخصص عموم القرآن بأخبار الآحاد ، فإن الخبر لايقطع بأصله بخلاف القرآن .
وقالت الفقهاء يخصص به لأنه يتسلط على فحواه ، وفحواه غير مقطوع به.
قال القاضي: أنا أتوقف فيه ، إذ ظاهر القرآن مقطوع الأصل غير مقطوع الفحوى ، ونص أخبار الآحاد مقطوع الفحوى غير مقطوع الأصل .  والمختار أنه يخصص ، لعلمنا أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يقبلون حديثاً نصاً ينقله إليهم الصدِّيق في تخصيص عموم القرآن، كيف وكانوا يقبلون نقل التفسير من الآحاد وهو أعظم من التخصيص ، ولما أن هموا بقسمة تركة رسول الله(ص)نقل أبوبكر عنه أنه قال: نحن معاشر الأنبياء لانورث ، فتركوه، وإن كانت آية الوراثة تشمله بعمومها ) !!
وقال الرازي في المحصول:3/86: (أجمعت الصحابة على تخصيص عموم القرآن بخبر الواحد ، وبينوه بخمس صور ، إحداها: أنهم خصصوا قوله تعالى: يوصيكم الله في أولادكم...بما رواه الصديق أنه عليه الصلاة والسلام قال: نحن معاشر الأنبياء لا نورث ) . انتهى .  فما رأيكم ؟!
5 ـ قال الذهبي: (ابن علية ، عن رجاء بن سلمة قال: بلغني أن معاوية كان يقول: عليكم من الحديث بما كان في عهد عمر ! فإنه كان قد أخاف الناس في الحديث عن رسول الله ) ! انتهى. فمعاوية يمدح عمر بمنعه التحديث عن النبي ’ويقول إنه اختار أحاديث معينة سمح بها ، فعليكم بها دون غيرها مما حدَّث به الصحابة الذين كسروا سياسة المنع بعد عمر !
فهل تقبلون قول معاوية وتجعلون من شروط التصحيح أن يكون الحديث مروياً في زمن عمر ، ومسكوتاً عليه منه ؟
وإن فعلتم ذلك فهل يبقى شئ من أحاديثكم في فضائل عمر وأبي بكر وعثمان ومعاوية ، أم ترفضونها لأنها ظهرت بعد وفاتهم ؟!


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page