• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

رواية الصحابة بعضهم عن بعض وروايتهم عن التابعين

ليس كلُّ ما جاء مِن الأحاديث عن الصحابة ممَّا رووه عن رسول الله ، ودوِّن في الكتب ، قد سمعوه كلَّه بآذانهم مِن النبي ( صلوات الله عليه ) مشافهة ، ولا أخذوه عنه تلقيناً ، وإنَّما كان يروي بعضهم عن بعض ، فمَن لم يسمع مِن الرسول ، كان يأخذ ممَّن سمع منه ( صلّى الله عليه وسلم ) ، وإذا رواه غيره لم يعزُه إلى الصحابي الذي تلقَّاه عنه ـ بلْ يرفعه إلى النبي بغير أن يذكر اسم هذا الصحابي ـ ذلك أنَّ مجالس الرسول كانت متعدِّدة ، وتقع في أزمنة وأمكنة مختلفة ، ولا يمكن أنْ يحضر الصحابة جميعاً كلَّ مجلس مِن مجالسه ، فما يحضره منها بعض الصحابة لا يحضره البعض الآخر .
وقد ذكر الآمدي في كتاب ( الإحكام في أصول الأحكام ) (1) :
أنَّ ابن عباس لم يسمع مِن رسول الله سوى أربعة أحاديث لصغر سنِّه ، ولمَّا روى عن النبي ( صلّى الله عليه وسلم ) : ( إنَّما الربا في النسيئة ) ، وأنَّ النبي ( صلّى الله عليه وسلم ) لم يزل يُلبِّي حتَّى رمي حجر العقبة ، قال في الخبر الأول لمَّا روجع فيه قال :
أخبرني به أسامة بن زيد ، وفي الخبر الثاني : أخبرني به أخي الفضل بن العباس . ولمَّا روى أبو هريرة عن النبي ( صلّى الله عليه وسلم ) أنَّه قال : ( مَن أصبح جنباً في رمضان فلا صوم له ) ، راجعوه في ذلك فقال :
ما أنا قلته وربِّ الكعبة ، ولكن محمداً قاله ! ثمَّ عاد فقال : حدَّثني به الفضل بن العباس (2) .
وروي عن البراء بن عازب قال : ( ما كلُّ ما نُحدِّثكم به سمعناه مِن رسول الله ( صلّى الله عليه وسلم ) ! ولكنْ سمعنا بعضه ، وحدَّثنا أصحابنا ببعضه ) .
وأمَّا التابعون : فقد كان مِن عادتهم إرسال الأخبار ، ويدلُّ على ذلك ما روي عن الأعمش أنَّه قال :
قلت لإبراهيم النخعيّ : إذا حدَّثتني فأُسند (3) . فقال :
إذا قلت لك : حدَّثني فلان عن عبد الله فهو الذي حدَّثني ، وإذا قلت : حدَّثني عبد الله ، فقد حدَّثني جماعة عنه ، وقد قال الآمدي بعد ذلك : ولم يزل ذلك مشهوراً فيما بين الصحابة والتابعين مِن غير نكير فكان إجماعاً (4) إهـ .
وكما كان الصحابة يروي بعضهم عن بعض ، فإنَّهم كذلك كانوا يروون عن التابعين ، وهذا أمر نصَّ عليه علماء الحديث في كتبهم فارجع إليه إنْ شئت .
وفي كلام ابن الصلاح وغيره في باب ( رواية الأكابر عن الأصاغر ) أنَّ ابن عباس والعبادلة الثلاثة وأبا هريرة وغيرهم قد رووا عن كعب الأحبار اليهودي ، الذي أسلم خداعاً في عهد عمر ، وعدُّوه مِن كبار التابعين ثمَّ سوَّده بعد ذلك على المسلمين . وهاك ما قاله السيوطي في ألفيَّته (5) :

وقد روى الكبار عن صغار     في السنِّ أو في العلم والمقدار
ومنـه أخذ الصحب عن أتباع     وتابــع عن تابـع الأتبـاع
كالحبر عن كعب وكالزهـري     عن مالك ويحيى الأنصـاري

وقال شارح الألفية الشيخ أحمد محمد شاكر ( رحمه الله ) :
ومِن هذا النوع رواية الصحابة عن التابعين ، كرواية الحبر عبد الله بن عباس ، وسائر العبادلة ، وأبي هريرة ، ومعاوية ، وأنس وغيرهم عن كعب الأحبار !
على أنَّ الصحابة في روايتهم عن إخوانهم أو عن التابعين ، لم يكونوا ـ كما رأينا ـ يذكرون أنَّ أحاديثهم قد جاءت مِن سبيل الرواية عن غيرهم ، بلْ يروون ما يروون في المناسبات التي تستدعي ذكر الحديث مهما طال الزمن مِن غير عزو إلى مَن سمعوا منه ثقة بهم ، ويرفعونها إلى النبي ، وظلُّوا على ذلك إلى أنْ وقعت الفتنة ، ومِن ثمَّ قالوا : سمُّوا لنا رجالكم !
قال ابن سيرين : لم يكونوا يسألون عن الإسناد ، فلمَّا وقعت الفتنة (3) قالوا : سمُّوا لنا رجالكم .
وأخرج مسلم عنه : لقد أتى على الناس زمان ، وما يسأل عن إسناد حديث ، فلمَّا وقعت الفتنة ، سُئل عن إسناد الحديث ..
في سُنن الترمذي عنه : كانوا في الزمن الأول لا يسألون عن الإسناد ! فلمَّا وقعت الفتنة سألوا عن الإسناد ، إنَّ الرجل ليحدِّثني فما اتَّهمه ، ولكنْ أتَّهم مَن هو فوقه .
وقد روى التابعون عن ( تابعي التابعين ) ، ومِن رواية التابعين عن تابعي التابعين ... رواية الزهري ، ويحيى بن سعيد الأنصاري عن مالك وهو تلميذها .
ومِن الطريف للفطن كما قال السيوطي في ألفيَّته : أنْ يروي الصحابي عن تابعي ، عن صحابي آخر حديثاً ومِن ذلك حديث السائب بن يزيد الصحابي ، عن عبد الرحمان بن عبد القاري التابعي ، عن عمر بن الخطاب ، عن النبي ( صلّى الله عليه وسلم ) :
( مَن نام عن حزبه ، أو عن شيء منه ، فقرأه فيما بين الصلاتين : الفجر وصلاة الظهر ، كتب له كأنَّما قرأه في الليل ) رواه مسلم في كتابه .
ومِن ذلك حديث : ( لا يستوي القاعدون ) .
وقد جمع الحافظ العراقي مِن ذلك عشرين حديثاً .
____________
(1) ص 178ـ 180 ج 2. وقال ابن القيم في ( الوابل الصهيب ) : إنَّ ما سمعه ابن عباس عن النبي ( صلّى الله عليه وسلم ) لم يبلغ العشرين حديثاً . وعن أبن معين ، والقطان ، وأبي داود . وفي السنن  أنَّه روى تسعة أحاديث ، وذلك لصغر سنِّه ، ومع ذلك فقد أسند له أحمد في مُسنده 1696 حديثاً .
(2) لهذا الحديث قصة شائقة تقرؤها في تاريخ أبي هريرة الذي طبعناه باسم ( شيخ المضيرة ) مرَّتين .
(3) الحديث المُسند ما اتَّصل سنده إلى منتهاه ، وكان التابعون يتبعون في ذلك سبيل الصحابة فيما يروون مِن الأحاديث التي لم يسمعوها مِن النبي ، وإنَّما تلقُّوها مِن إخوانهم ، فإنَّهم كانوا لا يذكرون أسماء مَن تلقُّوا عنهم .
(4) ص 178ـ 180 ج 2.
(5) ص 237 .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

اللطميات

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page