2 ـ حدّثنا أحمد بن أبي الطيب بن شعيب عن أبي الفضل ، عن أحمد بن هاشم ، أخبرنا مالك بن سليمان ، عن أبيه ، عن عمرو بن شمر ، عن الأحلج ، عن الشعبي ، قال :
( سئل الحسن بن علي ( عليهما السلام ) عن هذه الآية : ( اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ) (1) أخاصة هي أم عامة ؟ قال : نزلت في قوم خاصّة فتعقيب عامّة ، ثمّ جاء التخفيف بعد : ( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) (2) فقيل : يا بن رسول الله ، فيمَن نزلت هذه الآية ؟ فنكت الأرض ساعة ، ثمّ رفع بصره ثمّ نكس رأسه ، ثم رفع فقال :
لمّا نزلت هذه الآية : ( قُلْ لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى ) (3) ، فقال بعض القوم : ما أنزل الله هذا إنّما يريد أن يرفع بضبع ابن عمّه ، قالوها حسداً وبغضاً لأهل بيت النبي ( صلّى الله عليه وآله ) : فأنزل الله تعالى : ( أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَإِنْ يَشَأِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ ) (4) ، ولا تعتد هذه المقال ولا يشقّ عليك ما قالوا قبل من فان الله ( وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ) (5) .
فشقّ ذلك على رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) وحزن على ما قالوا ، وعلم أنّ القوم غير تاركين الحسد والبغضاء ، فنزلت هذه الآية ( قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ ) (6) فلمّا نزلت هذه الآية ( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ) (7) .
قال يوم غدير خم : مَن كنتُ مولاه فإنّ علياً مولاه ، اللهمّ والِ مَن والاه وعادِ مَن عاداه ، فوقع في قلوبهم ما وقع ، تكلّموا فيما بينهم سرّاً حتى قال أحدهما لصاحبه : مَن يلي بعد النبي ( صلّى الله عليه وآله ) ومَن يلي بعدك هذا الأمر لا نجعلها في أهل البيت أبداً ، فنزل : ( وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) (8) ، ثمّ نزلت : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ * وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا ) إلى قوله ( وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) (9) .
فلمّا قُبض النبي ( صلّى الله عليه وآله ) مضوا على رأيهم في أهل بيت نبيّهم وعلى ما تعاقدوا عليه في حياته ، ونبذوا آيات الله عزّ وجلّ ووصيّ رسوله وأهل بيته وراء ظهورهم كأنّهم لا يعلمون ) .
_____________
( 1 ) آل عمران : 102 .
( 2 ) التغابن : 16 .
( 3 ) الشورى : 23 .
( 4 ) و ( 5 ) الشورى : 24 .
( 6 ) الأنعام : 33 .
( 7 ) المائدة : 67 .
( 8 ) البقرة : 211 .
( 9 ) آل عمران : 102 .
الجزء السادس - القسم الثاني
- الزيارات: 1056