• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

دراسة عن مفهوم التنزيل:

"التنزيل" فهو أيضاً مصدر مزيد فيه، وأصله النزول، وقد يستعمل ويراد به ما نزل مطلقاً لا ما اصطلح عليه المتأخرّون من إطلاق لفظ التنزيل على ما نزل قرآناً فقط. وهذا المعنى العام من "التأويل" و"التنزيل" ورد في الرّوايات المأثورة عن أهل البيت عليهم السلام. وأما ما اصطلح عليه المتأخرون فلا عين له في اللغة ولا أثر.

وعلى هذا فإن ما ورد في الرّوايات بتعبير "هكذا تنزيلها" في شأن بعض الآيات معناه: مفادها ومعناها أنـّه نزل من عند الله على النبىّ صلّى الله عليه وآله وسلّم سواء كان آية أو بياناً لآية، قال تعالى: (لا تحرك به لسانك لتعجل به * إنّ علينا جمعه وقُرآنَه * فإذا قرأناهُ فَاتّبع قرآنه * ثم إنّ علينا بيانه)(1) فبيان القرآن ـ على أحد الاحتمالات ـ أي شرحه وتفسيره وهو على الله تعالى.
كما انّه يستفاد من اطلاق الآيات الشريفة: (وما ينطق عن الهوى * ان هو الاّ وحي يوحى)(2) أنـّه نزلت على النبىّ صلّى الله عليه وآله وسلّم تفسير الآيات وتبيينها كما نزلت عليه القرآن وهكذا يستفاد من بعض الأخبار: كما في سنن الدارمي بسنده عن حسان بن ثابت قال:
"كان جبرئيل ينزل على رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم بالسنّة كما ينزل عليه بالقرآن."(3)
وعلى هذا نستطيع أن نقول إنّ جميع ما قاله النبىّ صلّى الله عليه وآله وسلّم من تفسير القرآن وتبيينه تنزيل أو تأويل من الله. لأنّه قد يطلق على بيان النبىّ صلّى الله عليه وآله وسلّم الّذي أخذه من الله في شرح الآيات، التأويل أيضاً; لأنّ تأويل القرآن ـ كما قلنا ـ ما يرجع إليه الكلام، سواء أكان ما يرجع إليه الكلام شرحاً للمراد من الوحي ـ غير القرآني ـ أم لا. وعلى هذا سمّي تأويل القرآن، قرآناً، لا بمعنى القرآن المنزل بعنوان المعجز بل بعنوان أنه مقروء على النبىّ صلّى الله عليه وآله وسلّم; قال الشيخ المفيد رحمه الله (ت 413) في شأن مصحف الإمام علي عليه السلام:
"... حذف ما كان مثبتاً في مصحف أمير المؤمنين عليه السلام من تأويله [أي القرآن] وتفسير معانيه على حقيقة تنزيله. وذلك كان مثبتاً مُنزلاً وإن لم يكن من جملة كلام الله تعالى الّذي هو القرآن المعجز. وقد يسمّى تأويل القرآن قرآناً قال الله تعالى: (ولا تَعْجَل بالقرآن مِنْ قَبلِ أنْ يُقضى إليك وَحيُه وقُلْ رَبِّ زِدْني عِلْماً)فسمّى تأويل القرآن قرآناً. وهذا ما ليس فيه بين أهل التفسير اختلاف."(4)
ويؤيده ما جاء عن الإمام علي عليه السلام في شأن مصحفه:
"أتى بالكتاب كملاً مشتملاً على التأويل والتنزيل..."(5).
وقول "محمّد بن سيرين":
"فلو أُصيب ذلك الكتاب ـ أي مصحف الإمام علي عليه السلام ـ لكان فيه علم."(6)
فانه لو كان ما كتبه الإمام مجرداً عن التأويل والتفسير ـ مأخوذاً عن النبىّ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ لما خصّ ابن سيرين القول في ما كتبه الإمام بأنّ فيه علماً.
ففي ضوء ما تقدم يتبين لنا المراد الواقعي من الرّوايات كرواية الكليني عن ابن فضيل قال:
"سألت ابا الحسن الماضي عليه السلام عن قوله تعالى: (يريدون ليطفئوا نور الله بافواههم والله متمّ نوره)؟(7) قال: يريدون ليطفئوا ولاية أمير المؤمنين عليه السلام بافواههم!
قلت: والله متم نوره؟
قال: متمّ الامامة. لقوله عزّ وجلّ: (فَآمِنوا بالله ورسوله والنور الذي انزلنا)(8) والنور هو الإمام عليه السلام.
قلت: (هو الذي أرسَل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدّينِ كلّه)(9).
قال: ليظهره على الأديان عند قيام القائم لقوله عزّ وجلّ: (والله مُتمُّ نوره) ولاية القائم (ولو كره الكافرون) بولاية علي.
قلت: هذا تنزيل؟ قال: نعم، اما هذا الحرف فتنزيل، وامّا غيره فتأويل"(10).
فقوله هذا الحرف فتنزيل، صريح في أرادة معنى الآية المساوق للتفسير، واما سائر المعاني فهي من التأويل وما يؤول إليه الكلام لمعنى الآية.
وأيضاً ما رواه عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عزّ وجلّ: (فستعلمون من هو في ضلال مُبين)(11)، قال: يا معشر المكذبين حيث أنبأتكم رسالة
ربّي في ولاية علي عليه السلام والأئمة من بعده، من هو في ضلال مبين، قال: كذا انزلت(12).
فإنه عليه السلام لم يرد أن هذا البيان والتفسير نزل جزءاً من الوحي القرآني; بل انه المقصود من النزول.
وقال العلامة المجلسي ـ بعد تضعيف الخبر ـ:" وأوّل بأنّها نزلت هكذا، تفسيراً للآية"(13).
والشاهد لذلك: الرّوايات المتعددة التي وردت في تفسير آية من الآيات. ففي بعضها يقال: "انماعنى بذلك كذا" وفي بعض "انما معناها كذا" وفي بعض آخر "انما انزلت كذا".
فعلى سبيل المثال: رأينا في تفسير الآية الشريفة (كلُّ شيء هالك إلاّ وجهه له الحكم وإليه ترجعون)(14) روايات: ففي رواية الكليني عن أبي عبد الله عليه السلام: قال: "... إنّما عنى بذلك وجه الله الذي يؤتى منه"(15) وفي رواية ابن بابويه عن أبي جعفر عليه السلام قال: "... معناه كل شئ هالك إلاّ دينه والوجه الذي يؤتى منه"(16) وفي رواية الصفّار عن أبي عبد الله عليه السلام: قال: "إنّما عنى بذلك كلّ شيء إلاّ وجهه الذي يؤتى منه"(17) وفي رواية الطبرسي في الاحتجاج عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: "... فانما انزلت كلّ شيء هالك إلاّ دينه"(18).
فعلى هذا يكون معنى قوله "فانما انزلت..." بقرينة روايات أخرى، تفسيره ومعناه ومراد الله عزّ وجلّ.
والشاهد الآخر، الأخبار التي تتضمّن تمسّك الأئمة من أهل البيت عليهم السلام بمختلف الآيات القرآنية في كل باب على ما يوافق القرآن الموجود عندنا حتّى في الموارد الّتي فيها آحاد من الرّوايات بالتحريف; فإنّ هذه الأخبار تشهد أن المراد فى كثير من روايات التّحريف من قولهم عليهم السلام; كذا انزل، هو التفسير بحسب التنزيل في مقابل الباطن والتأويل.
هذا، وقد يقال أيضاً: نزلت الآية في كذا أي سبب نزولها كذا أو مدلولها وشرحها كذا.
ففي التفسير المنسوب إلى القمي: قوله تعالى: (يا أيّها الرسول بلّغ ما أُنزل إليك من ربّك) نزلت هذه الآية في علىّ (وإنْ لم تفعل فما بلّغت رسالته...)(19). وهذا يعني ليس في نفس الآية "في علىّ" بل شأن نزولها وتفسيرها في ولاية علىّ وإمرته عليه السلام.
وبعد بيان تلك المقدمة الهامة نرجع إلى صلب البحث وهو "دراسة روايات التحريف في مصادر الشيعة"
____________
1 ـ سورة القيامة (75): الآيات 16 ـ 19 هذا على ان الخطاب في هذه الآيات موجه إلى الرسول الاعظم صلّى الله عليه وآله وسلّم والضمير في "بيانه" عائد إلى القرآن الكريم.
2 ـ سورة النجم (53): الآية 3 و4.
3 ـ سنن الدارمي، باب: السنة قاضية على كتاب الله: ج 1، ص 145.
4 ـ أوائل المقالات والمذاهب المختارات: ص 81.
5 ـ مقدمة تفسير الصافي: المقدمة السادسة، ص 11.
6 ـ الطبقات الكبرى: ج 2، ص 338.
7 ـ الصف (61): الآية 8.
8 ـ التغابن (64): الآية 8.
9 ـ الصف (61): الآية 9.
10 ـ الكافي: ج 1، ص 432، رقم 91.
11 ـ الملك (67): الآية 29.
12 ـ الكافي: ج 1، ص 421، رقم 45.
13 ـ مرآة العقول: ج 5، ص 57.
14 ـ سورة القصص (28): الآية 88.
15 ـ الكافي: ج 1، ص 143.
16 ـ التوحيد: ص 149.
17 ـ بصائر الدرّجات: ص 19.
18 ـ الاحتجاج: ج 1، ص 598.
19 ـ تفسير [المنسوب إلى] القمي: ج 1، ص 171 والآية من سورة المائدة (5): الآية 67.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page