هي روايات وردت بشأن فساطيط تضرب ظهر الكوفة، ايام ظهور الحجة المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف لتعليم الناس قراءة القرآن وفق ما جمعه الإمام أمير المؤمنين عليه السلام فأصعب ما يكون على من حفظه اليوم، لأنّه خلاف الترتيب المعهود، نذكر جملة منها:
1 ـ روى الشيخ المفيد رواية مرسلة عن جابر الجعفي عن الإمام أبي جعفر الباقر عليه السلام قال:
"إذا قام قائم آل محمّد صلّى الله عليه وآله ضرب فساطيط لمن يعلّم الناس القرآن، على ما أنزل الله. فأصعب ما يكون على من حفظه اليوم، لأنّه يخالف فيه التأليف"(1).
2 ـ روى الكليني بإسناده إلى سالم بن مسلمة قال:
"قرأ رجل على أبي عبد الله عليه السلام وأنا استمع حروفاً من القرآن ليس على ما يقرأه الناس، فقال عليه السلام: كفّ عن هذه القراءة، اقرأ كما يقرأ الناس حتى يقوم القائم، فاذا قام القائم عليه السلام قرأ كتاب الله عزّ وجلّ على حدِّه، وأخرج المصحف الذي كتبه علي عليه السلام."(2) وبهذا المعنى وردت روايات اُخرى(3).
ان مفاد هذه المجموعة من الرّوايات له ارتباط وثيق بالروايات الواردة في مصحف الإمام علي عليه السلام، وقد سردنا عليك آراء علماء الإمامية فيه، وسيأتي أيضاً البحث عن ذلك المصحف بنظر الفريقين، وسوف نلاحظ من خلال تلك الرّوايات انّ مصحف الإمام علي عليه السلام لا يختلف بجوهره عن نصوص آيات القرآن وانما هو موضح ومفسّر لها، كما يقول الاستاذ الشيخ معرفة بعد ذكر مجموعة من تلك الرّوايات:
"هذه الرّوايات ان دلت على شئ فانما تدل على اختلاف ما بين مصحفه عليه السلام والمصحف الحاضر أما ان هذا الاختلاف يعود في نصّه أم في نظمه أم في أمر آخر، فهذا مما لا تصريح به في تلكم الأحاديث سوى الحديث الذي هو صريح في وجه الاختلاف، وانه ليس في سوى النظم والتأليف لا شيء غيره، فهو خير شاهد على تبيين وجه الاختلاف المنوّه عنه في سائر الرّوايات... وقد ألِفَ الجمهور هذا النسج الحاضر، واعتادوا عليه خلفاً عن سلف طيلة عشرات القرون، فيصعب عليهم التعوّد على خلافه كما أشار إليه الحديث وصحّ قوله عليه السلام في حديث آخر: "قرأ كتاب الله على حدّه" أي على نسجه الأوّل الاصيل وفق ما انزل الله تماماً من غير تحوير، وعدم فوت شيء من خصوصيات النزول، زماناً ومكاناً ومورداً وغير ذلك من الوجوه التي يتضمنها مصحف أمير المؤمنين عليه السلام. ومما يدل على أن القرآن الذي يأتي به صاحب الأمر ليست فيه زيادة على هذا الموجود، ما رواه العياشي باسناده عن أبي جعفر عليه السلام، قال: "ولو قد قام قائمنا فنطق صدّقه القرآن"(4) أي أنّ هذا الموجود بأيدينا فيه آيات صريحة في قيامه وظهوره وبسطه العدل في الأرض، اذ لو كان ما دلّ على صدقه هي زيادات فيما لديه "عجل الله تعالى فرجه الشريف" ممّا لم يعهدها المسلمون من ذي قبل لكان ذلك من الدور الباطل، اذ لا يعرف الشيء من قبل نفسه..."(5).
_______________________
1 ـ الارشاد في معرفة حجج الله على العباد: ج 2، ص 386.
2 ـ الكافي: ج 2، ص 631 رقم 15.
3 ـ راجع الكافي: ج 2، ص 619 رقم 2 وج 2، ص 633 رقم 23 والبحار: ج 52، ص 339 رقم 85 وص 364 رقم 139 و140 و141 وغيرها.
4 ـ تفسير العياشي: ج 1، ص 13، رقم 6.
5 ـ صيانة القرآن عن التّحريف: ص 269 وما بعدها.
الطائفة الرابعة: روايات الفساطيط
- الزيارات: 3806