• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

النقطة الأولى: نظرة إجمالية لمزاعم المحدث النوري وأجوبتها

سوف نسعى في هذه النقطة إلى بيان تلك المزاعم التي أثارها المحدث النوري، ونردفها بمناقشات وإجابات موجزة ومقتضبة، مهيبين بالقراء الأعزاء الراغبين بالمزيد من التفصيل والتعمّق العودة إلى الكتب العديدة المختصة بمعالجة قضية التحريف في القرآن الكريم، لا سيما تلك المعنية منها بالردّ على كتاب فصل الخطاب نفسه والتي سنشير إلى بعضها في النقطة الرابعة الآتية إن شاء الله تعالى.
ففي المقدمة الأولى تحدث الميرزا النوري عن مصحف الإمام علىّ عليه السلام الذي ورثه الأئمة المعصومون عليهم السلام، وسيأتي استيفاء البحث حول هذا المصحف لدى التعرض لـ "مصحف الإمام علىّ" في المقام الثاني إن شاء الله تعالى.

أما المقدمة الثانية، فقد تعرض فيها المحدث النوري لأنواع التحريف وأشكاله مميزاً ـ وفق زعمه ـ بين أشكال التحريف التي تعرض لها القرآن الكريم وتلك التي كان مصوناً منها، يقول الميرزا النوري في هذا الصدد ما نصّه:
"إنّ زيادة السورة وتبديلها بأخرى أمر ممتنع، وزيادة آية على القرآن أو تبديل آية بأخرى هو أيضاً منتف بإجماع، أما زيادة كلمة في القرآن، ممكنة كزيادة "عن" في قوله تعالى: (يسألونك عن الأنفال...). ونقصان كلمة في القرآن ككلمة "في علىّ" في كثير من الآيات وتبديل الكلمات، مثل تبديل آل محمد، بآل عمران وتبديل حرف وكنقصان "همزة" من قوله تعالى: (كنتم خير أمّة...)"(1).
أقول: إن زيادة كلمة "عن" في قوله تعالى: (يسألونك عن الأنفال...) قراءة واردة بإجماع الفريقين(2) وليست من التحريف في شيء كما زعمه النوري، كما أنـّها
ليست من اختلاق الروافض ولا من وحي الشيطان كما ادّعاه الدكتور القفاري(3)، وزيادة "في علىّ" أو غيره ـ إن صحت أسانيد النصوص التي جاءت فيها هذه القضية ـ إنّما هي من باب الإقراء والتفسير، وبيان النزول، أو مورده، وقد أوردنا على ذلك أدلة قويمة، كما أن الشواهد على هذا الأمر من كتب الفريقين كثيرة هي الأخرى، وسوف نفصل القول فيما سيأتي في قضية تبديل آل محمّد بآل عمران، وخير أئمة، بخير أمة، وسيرى القارئ الكريم أنّ هذه الحالات لا علاقة لها بما ادّعاه المحدث النوري على الإطلاق(4)، بل إنها ليس سوى تفسير وبيان لأتم المصاديق، فالقرآن الموجود اليوم ما بين الدفتين هو الذي أنزله الله تعالى على رسولنا محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم، لا يزيد عن ذلك ولا ينقص، وذلك للأدلة القطعية على سلامته من الدس والتحريف.
وأما المقدمة الثالثة، فقد عقدها النوري لذكر أقوال علماء الطائفة في تغيير القرآن وعدمه.
وقد استعرضنا حرفياً أقوال علماء الشيعة بنصوصهم حول هذا الموضوع في المقام الأول، ممّا تبيّن أن الإمامية مجمعة على القول بصيانة القرآن من التحريف والتغيير، والإشكالية التي وقع فيها المحدث النوري تكمن في نسبته القول بتحريف القرآن إلى طائفتين:
الأولى: أصحاب الكتب الروائية والتفسير بالمأثور مثل محمد بن يعقوب الكليني(5)، محمد بن إبراهيم النعماني، علىّ بن إبراهيم القمي، محمد بن مسعود العياشي وفرات الكوفي و...
الثانية من ذكر كلمة التحريف في عنوان كتابه كمحمد بن حسن الصيرفي فعنوان كتابه: "التحريف والتبديل"(6) وأحمد بن محمد السياري (ت 276 هـ.) عنوان كتابه: "كتاب القراءات"(7) (وفي بعض الكتب سمّي بكتاب "التنزيل والتحريف") وأحمد بن محمد بن خالد البرقي (ت 276 هـ.) عنوان كتابه: "كتاب التحريف"(8) وعلي بن حسن بن فضال (ت أواخر القرن الثالث) عنوان كتابه "كتاب التنزيل من القرآن والتحريف"(9). لكن اسناد التحريف لكلّ من الطائفتين ليس بصحيح.
فأمّا الطائفة الأولى فإنّما كان غرضها من كتبها الروائية جمع الأحاديث فحسب، دون أن يكون لهم أدنى تعرض للبحث في دلالة الحديث ومضمونه أو علاج تعارض تلك الأحاديث مع الأحاديث الكثيرة في نفس الكتب الدّالة على سلامة القرآن من التحريف، ومن الواضح عدم اختصاص الإمامية بمثل هذه الكتب التي فيها بعض الأحاديث التي تدل بظاهرها على التحريف ولذا يقال لهذه الكتب، الكتب الروائية والتفسيرية بالمأثور.
وأمّا إسناد القول بالتحريف للطائفة الثانية فليس صحيحاً أيضاً. فإنّ المحدث النوري استفاد من عناوين هذه الكتب وذهاب أصحابها إلى القول بالتحريف لكن ومع غض النظر عمّا قاله علماء الرجال في بعض أصحاب تلك الكتب مثل أحمد بن محمد السيّاري حيث اتفق علماء الفريقين على تضعيفه(10) واحمد بن محمد بن خالد البرقي وهو قد نقل عن الضعفاء واعتمد على المراسيل(11)، نقول:
أولاً: لا يجزم باستفادة القول بالتحريف في خصوص ألفاظ القرآن من مجرد هذه العناوين خصوصاً عنوان كتاب الصيرفي وهو "التحريف والتبديل"، وكتاب البرقي وهو "كتاب التحريف".
وثانياً: بعض عناوين الكتب المتقدّمة ليس بثابت، فقد اختلف أصحاب الفهارس في عناوينها، مثل كتاب احمد بن محمد بن خالد البرقي، فقال الشيخ الطوسي بأنّ اسمه "كتاب المعاني والتحريف"(12) وذكره ابن النديم بأسم "كتاب معاني الأحاديث والتحريف"(13).
وثالثاً: ليس مراد اصحاب تلك الكتب من كلمة التحريف، التحريف في ألفاظ القرآن، حيث وإن لم يصل إلينا سوى كتاب السياري فأنّه مع التأمّل بما جاء في كتاب السيّاري من الأحاديث وما جاء من الأحاديث المختلفة في كتب المتأخرين، نستطيع الجزم بأنّ مراد أصحاب تلك الكتب من كلمة التحريف هو التحريف في معاني القرآن لا التحريف بمعنى التغيير والتبديل في ألفاظ القرآن، ومع ملاحظة طبقة أصحاب تلك الكتب وإنّ منهجهم كان غالباً في تنسيق وتنظيم وتصنيف الروايات فإنّ عناوين كتبهم تقتبس من ألسن الأحاديث، وما كان في الأحاديث من لفظ "التحريف" ينصرف وبعدة قرائن إلى التحريف بالمعنى، أو ـ على الأقل ـ أنّ عنوان التحريف منتزع من القدر المتيقن من الأحاديث المختلفة بحيث يكون شاملاً للتحريف والحذف في الوحي التفسيري، وحمل الآيات على خلاف مراد الله سبحانه، واختلاف تأليف الآيات، واختلاف القراءات و... هذا ونرى المحدّث النوري في المجال ولأجل رسالة "ناسخ القرآن ومنسوخه" نسب التحريف إلى سعد بن عبد الله القمي، ولأجل رسالة "صنوف آيات القرآن" نسب إلى محمد بن إبراهيم بن النعمان التحريف، مع إنّ الرسالتين في الواقع واحدة ولا يعرف من صاحبها بل تلك الرسالة بنفسها قد تسمى باسم "رسالة في المحكم والمتشابه" ونسبت لأشخاص آخرين وعلى ذلك لا يمكن نسبة التحريف إلى سعد بن عبد الله القمي، أو إلى محمد بن إبراهيم النعمان. إلى هنا كان البحث في المقدمات الثلاث لكتاب فصل الخطاب. وقد تعرض المحدث النوري في الباب الأول لما زعمه من الأدلة على إثبات ما ادّعاه من التحريف وهي
________________________
1 ـ فصل الخطاب: ص 23.
2 ـ جامع البيان (تفسير الطبري): ج 2، ص 176; التبيان: ج 5، ص 86.
3 ـ أصول مذهب الشيعة: ص 1011 و1007 (في الهامش رقم 2).
4 ـ انظر: المقام الثاني، مبحث "هل انكار المنكرين لهذا الكفر من الشيعة من قبيل التقية".
5 ـ سيأتي البحث تفصيلا عن "موقف علىّ بن إبراهيم القمي ومحمد بن يعقوب الكليني عن روايات التحريف" في المقام الثاني، مبحث "شيوع هذه المقالة في كتب الشيعة" وستلحظ البحث عن تفسير العياشي وتفسير فرات الكوفي و... في النقطة الثانية بحث "مصادر وأسانيد روايات كتاب فصل الخطاب".
6 ـ الفهرست للطوسي: ص 183، الرقم 661.
7 ـ رجال النجاشي: ص 80، الرقم 192.
8 ـ نفس المصدر: ص 76، الرقم 182.
9 ـ نفس المصدر: ص 257 ـ 258 الرقم 676.
10 ـ الفهرست للطوسي: ص 51 ورجال النجاشي: ص 80، معجم رجال الحديث: ج 2، ص 282، الرقم 871 ولسان الميزان: ج 1، ص 382، الرقم 800.
11 ـ الفهرست للطوسي: ص 48 ورجال النجاشي: ص 76.
12 ـ الفهرست للطوسي: ص 49.
13 ـ الفهرست للنديم: ص 277.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page