• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

النقطة الثانية: دراسة في مصادر وأسانيد روايات كتاب فصل الخطاب كلّ من يتصفّح كتاب فصل الخطاب يصل إلى النتائج الآتية:

أولا: إن هذا الكتاب مشحون بروايات ضعاف أكثرها من كتب المراسيل.
يقول العلامة محمد جواد البلاغي النجفي:
"إن المحدّث المعاصر جهد في كتاب "فصل الخطاب" في جمع الروايات التي استدل بها على النقيصة وكثر أعداد مسانيدها بأعداد المراسيل عن الأئمة عليهم السلام في الكتب كمراسيل العياشي وفرات وغيرها مع أن المتتبع المحقق يجزم بأن هذه المراسيل مأخوذة من تلك المسانيد... فإن القسم الوافر من الروايات ترجع أسانيدها إلى بضعة أنفار وقد وصف علماء الرجال كلاً منهم إما بأنه ضعيف الحديث فاسد المذهب مجفو الرواية، وإما بأنّه مضطرب الحديث والمذهب يعرف حديثه وينكر ويروي عن الضعفاء، وإما بأنه كذاب متهم لا أستحل أن أروي من تفسيره حديثاً واحداً وأنه معروف بالوقف وأشد الناس عداوة للرضا عليه السلام. وإما بأنه كان غالياً كذاباً. وإما بأنه ضعيف لا يلتفت إليه ولا يعول عليه ومن الكذابين. وإما بأنه فاسد الرواية يرمى بالغلو. ومن الواضح أن أمثال هؤلاء لا تجدي كثرتهم شيئاً..."(1). وقال العلاّمة الشعراني في هذا الصدد أيضاً:
"قد تتبعت الكتاب ـ كتاب فصل الخطاب ـ صدره وذيله وجميع ما فيه فلم نجد فيه ما يصلح مستنداً للقول بالتحريف سوى بضع روايات ضعاف الأسناد وفيها من المناكير مما لا يقول به أشياخه ولا سائر علمائنا حيث مخالفتها مع أصول المذهب..."(2).
وتقدّم أيضاً كلام الأستاذ السيد مرتضى العسكري بعد دراسته لروايات فصل الخطاب رواية بعد رواية.
وكلام هؤلاء العلماء والمحققين تام ناجم عن تحقيق دقيق لا شبهة فيه، لأن مجموع الروايات التي نقلها المحدث النوري ـ ويزعم أنها اختصت بكتب الإمامية ـ يصل إلى 1602 رواية موزعة على النحو الآتي:
# 350 رواية (يعنى حدود ثلث الروايات التي جمعها) من كتاب القراءات لأحمد بن محمد السياري، وهذا الكتاب لا قيمة له عند الإمامية ومؤلفه ضعيف الحديث عند الفريقين(3).
# 129 رواية من تفسير "مجمع البيان"، وهو وإن كان من الكتب القيمة لدى الإمامية إلاّ أن جميع رواياته مرسلة، علاوة على أن الروايات المنقولة عنه تقع كلها في مجال القراءات، دون أن يكون لها أدنى علاقة أو ارتباط بمسألة تحريف القرآن بمعناه المتنازع فيه، كما أن صاحب مجمع البيان أورد هذه الروايات في مبحث القراءة. وقد ذكر الشيخ الطبرسي رأيه في هذه المسألة في مقدمة كتابه وصرح(4)بعدم وقوع التحريف في القرآن، ومضافاً إلى ذلك فإن المحدث النوري نفسه نقل اعتقاد الشيخ الطبرسي في مسألة عدم التحريف(5).
# 88 رواية من كتاب تفسير العياشي، وروايات هذا التفسير إما مرسلة أو مقطوعة، ولا تصمد في الدلالة على المدعى لأن أكثرها من باب التحريف بالمعنى الأعم (أي التحريف المعنائي، واختلاف القراءات، والتأليف في الآيات).
# 86 رواية من تفسير علىّ بن إبراهيم القمي، وسيوافيك الكلام في هذا التفسير المنسوب إلى القمي حيث ستتحقق من أنه ليس من صنعه، ومقدمته من شخص قد جمع هذا التفسير، وهو مجهول.
# 83 رواية من كتاب الكافي، وهي في الأساس من "باب النكت والنتف" وقد حكم المجلسي رحمه الله بتضعيف كل ما في الباب إلاّ ستة أحاديث(6).
# 69 رواية من كتاب "الناسخ والمنسوخ" المنسوب إلى سعد بن عبد الله الأشعري، منها 3 روايات فقط مسندة، والبقية كلها مرسلة ومرفوعة.
وأما بقية الأحاديث فهي من كتب أخرى أيضاً.
وقد اعتمد المحدث النوري على روايات كثيرة من كتب أهل السنة في هذا المجال، كما قلنا، لكن لا قيمة لهذه الروايات عند أهل السنة أنفسهم، فيما إذا لم يكن يوجد لها تأويل صحيح.
ثانياً: إن أغلب روايات كتاب "فصل الخطاب" ينتابها مشكل التكرار، وهي بين مرسلة ومسندة، والمرسل منها عين المسند، فالناظر إليها من بعيد قد يلحظ كثرة فيها بيد أنّ هذه الكثرة تؤول في النهاية إلى روايات قليلة، غاية الأمر أن سندها قد حذف تارة وذكر أخرى، وهذا يعني قلة عدد هذه الروايات في الواقع.
ثالثاً: لم يذكر المحدث النوري في هذا الكتاب أبداً أن المصادر التي اعتمد عليها في رواياته مصادر معتبرة، وهو من دأب النوري الذي يعتبر من المحدثين المجدين في التتبع للشواذ، وقد ضمن كتابه روايات من مصادر لا وزن لها علمياً ليحقق ضالته المنشودة، كـ "تفسير أبي الجارود" وهو زياد بن المنذر السرحوب (ت 150 هـ.) وتفسيره هذا يرويه عنه أبو سهل كثير بن عياش القطان وإليه ينتهي طريق الشيخ الطوسي والنجاشي إلى تفسيره، وقد قال الشيخ الطوسي عنه: "... وكان ضعيفاً"(7).
وكتاب "الاستغاثة" لعلي بن أحمد أبي القاسم الكوفي (ت 325 هـ.) ولا اعتداد بالرجل وكتابه عند العلماء(8).
و"التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري عليه السلام"، وهو تفسير منقول برواية "علىّ بن محمد بن سيار" وزميله "يوسف بن محمد بن زياد" وكلاهما مجهول الحال(9)، مع أن الناظر في هذا التفسير لا يشك في أنه موضوع، لا يناسب مستوى عالم محقق فضلا عن الإمام العسكري عليه السلام(10)، وكتاب مشارق الأنوار للحافظ رجب البرسي(11) وكتاب دبستان مذاهب، لمؤلفه آذر كيوان الزردشتي(12) ورسالة مجهولة المؤلف، حيث نسبت إلى سعد بن عبد الله الأشعري (ت 301 هـ.) باسم "رسالة الناسخ والمنسوخ" ومحمد بن إبراهيم النعماني (ت 360 هـ.) باسم "ما ورد في صنوف آيات القرآن" وإلى السيّد المرتضى (ت 436 هـ.) باسم "رسالة في المحكم والمتشابه"(13).
رابعاً: روى النوري روايات من الغلاة والمتهمين في دينهم، كأحمد بن محمد السياري الذي تقدمت ترجمته آنفاً، وسهل بن زياد الآدمي(14)، وإبراهيم بن إسحاق النهاوندي(15)، والحسين بن حمدان الخصيبي (الحصيني)(16)، ومحمد بن علىّ أبو سمينة الكوفي(17)، ومحمد بن سليمان الديلمي(18)، والحسن بن علىّ بن أبي حمزة(19)وغيرهم. هذا بالنسبة إلى مصادر وأسانيد الروايات الواردة في كتاب فصل الخطاب.
أما بالنسبة إلى مدلول الروايات ومضامينها، فيقول العلامة الشيخ محمد جواد البلاغي:
"أكثر الروايات التي أوردها المحدث النوري هي من باب اختلاف القراءات ـ مثل ما جمعه من تفسير "مجمع البيان" وهو ينيف على مئة وعشرين حديثاً كلها مراسيل ومن باب اختلاف القراءات ـ أو يكون من باب تفسير الآيات أو تأويلها أو بيان لما يعلم يقيناً شمول عموماتها له لأنّه أظهر الأفراد وأحقها بحكم العام، أو ما كان مراداً بخصوصه وبالنص عليه في ضمن العموم عند التنزيل، أو ما كان هو المورد للنزول أو ما كان هو المراد من اللفظ المبهم.
ويحمل كلمة "التحريف" فيها على تحريف المعنى ويشهد لذلك نفس الروايات والقرائن الداخلية والخارجية منها مكاتبة أبي جعفر عليه السلام لسعد الخير كما في روضة الكافي: "وكان من نبذهم الكتاب أن أقاموا حروفه وحرفوا حدوده"(20).
كما يحمل ما في الروايات مما كان في مصحف أمير المؤمنين عليه السلام أو ابن مسعود وينزل على أنّه كان فيه بعنوان التفسير والتأويل"(21).
أقول: ما ذكره العلاّمة محمد جواد البلاغي رحمه الله هو ما يقتضيه التحقيق، لا سيما إذا لاحظنا معاني كلمات "التنزيل"، و"التأويل"، و"الإقراء" و"التحريف" الواردة في الروايات، وقد مرّ تفصيل ذلك في المقام الأول، وجملة القول إن ما أورده المحدث النوري من روايات الإمامية ينقسم من حيث المحتوى والمدلول إلى طوائف:
1 ـ الروايات التي وردت في شأن مصحف الإمام علىّ عليه السلام.
2 ـ الروايات التي جاء فيها لفظ "التحريف".
3 ـ قراءات منسوبة إلى بعض الأئمة عليهم السلام.
4 ـ روايات الفساطيط.
5 ـ الروايات التي دلّت على أن بعض الآيات المنزلة من القرآن قد ذكر فيها أسماء الأئمة.
6 ـ الروايات التي دلت على التحريف في القرآن بالنقيصة.
وقد تكلمنا في تلك الطوائف وما اقتضاه التحقيق فيها عند الحديث عنها في الفصل الثاني.
____________
1 ـ آلاء الرحمن في تفسير القرآن: ص 26.
2 ـ الوافي: ج 2، حاشية ص 232 ـ 234. ومن جملة علماء الإمامية الذين أبدوا رأيهم في سند روايات التحريف وعدّوها بين الآحاد، الضعيف، المرسل وغير المعتبر و...: الشيخ محمد بن محمد النعمان المفيد (ت 413 هـ.) في المسائل السروية: ص 78. السيد الشريف المرتضى علم الهدى (ت 436 هـ.) في كتاب "الذخيرة في علم الكلام": ص 364. الشيخ محمد بن الحسن الطوسي (ت 460 هـ.) في كتاب "التبيان في تفسير القرآن": ج 1، ص 3. الشيخ محمد بن الحسين الحارثي الشهير ببهاء الدين العاملي (1030 هـ.) عن آلاء الرحمن: ص 26. الشيخ جعفر الكبير (ت 1228 هـ.) في كتاب "كشف الغطاء": ص 277. السيد محمد الطباطبائي (ت 1242 هـ.) في "مفاتيح الأصول". السيد شرف الدين العاملي (ت 1377 هـ.) في "الفصول المهمة": ص 126. الميرزا مهدي الشيرازي في "المعارف الجلية": ص 18. العلامة السيد محمد حسين الطباطبائي (ت 1402 هـ.) في تفسيره "الميزان": ج 12، ص 104 وما بعدها. الإمام روح الله الخميني (ت 1409 هـ.) في "أنوار الهداية": ص 243 وما بعدها. و"تهذيب الأصول": ج 2، ص 165. والأستاذ محمد هادي معرفة في "صيانة القرآن من التحريف": ص 235.
3 ـ قال النجاشي: "أحمد بن محمد بن سيار أبو عبد الله الكاتب بصري:... ضعيف الحديث، فاسد المذهب... له كتب... كتاب القراءات": ج 2، ص 865. وقال الشيخ أبو جعفر الطوسي: "أحمد بن محمد بن سيار... ضعيف الحديث فاسد المذهب مجفو الرواية، كثير المراسيل... وصنف كتباً كثيرة... كتاب القراءة" ص 411. وقال ابن الغضائري: "أحمد بن محمد بن سيار... ضعيف متهالك، غال، محرف...". وقال أبو جعفر ابن بابويه في فهرسته حين ذكر كتاب النوادر: استثني منه ما رواه أحمد بن محمد بن سيار، وقال: لا أعمل به ولا أفتي به لضعفه...". انظر معجم رجال الحديث: ج 2، ص 282، رقم 871 وراجع أيضاً: "أعيان الشيعة": ج 2، ص 448، "تنقيح المقال": ج 1، ص 87 و"لسان الميزان": ج 1، ص 382، رقم 800.
4 ـ مجمع البيان في تفسير القرآن: ج 1، ص 83.
5 ـ فصل الخطاب: ص 34.
6 ـ مرآة العقول: ج 5، ص 60 ـ 161، وأرقام الأحاديث كالتالي: 17، 72، 74، 76، 78 و83.
7 ـ معجم رجال الحديث: ج 7، ص 322.
8 ـ قال النجاشي: علي بن أحمد أبو القاسم الكوفي... غلا في آخر أمره وفسد مذهبه وصنف كتباً كثيرة أكثرها على الفساد" وقال الشيخ الطوسي رحمه الله مثله. معجم رجال الحديث: ج 11، ص 246 ـ 247.
9 ـ معجم رجال الحديث: ج 17، ص 157.
10 ـ المصدر السابق: ج 12، ص 147.
11 ـ قال المجلسي: يشتمل الكتاب على ما يوهم الخبط والخلط والارتفاع، بحار الأنوار: ج 1، ص 10.
12 ـ سيأتي البحث عنه أكثر في المقام الثاني.
13 ـ انظر تفصيله: صيانة القرآن عن التحريف: ص 222 ـ 234.
14 ـ رجال النجاشي: ص 185، رقم الترجمة 490.
15 ـ نفس المصدر: ج 1، ص 71.
16 ـ رجال النجاشي: ص 67، رقم الترجمة 159.
17 ـ معجم رجال الحديث: ج 17، ص 319 ـ 321.
18 ـ رجال النجاشي: ص 365، رقم الترجمة 987.
19 ـ معجم رجال الحديث: ج 11، ص 299 ـ 340.
20 ـ عن البيان: ص 229.
21 ـ آلاء الرحمن: ج 1، ص 27.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page