• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الطائفة السادسة: روايات تذكر تغيير بعض كلمات القرآن

ففي "كتاب المصاحف" لابن أبي داود السجستاني في "باب ما كتب الحجّاج بن يوسف في المصحف" قال:
قد غيّر الحجّاج بن يوسف الثقفي في المصحف اثني عشر موضعاً:

1.    لم يتسَنَّ (البقرة/ 259)    فغيّرها    لم يتسنَّه
2.    شريعة ومنهاجاً (المائدة/ 48)    فغيّرها    شرعة ومنهاجاً
3.    هو الذي ينشركم (يونس/ 22)    فغيّرها    يسيّركم
4.    أنا آتيكم بتأويله (يوسف/ 45)    فغيّرها    أنا اُنبئكم بتأويله
5.    سيقولون للّه (المؤمنون/ 87)    فغيّرها    سيقولون الله
6.    سيقولون للّه (المؤمنون/ 89)    فغيّرها    سيقولون الله
7.    من الُمخرَجينَ (الشعراء/ 116)    فغيّرها      من المرجومين
8.    من المرجومين (الشعراء/ 167)    فغيّرها      من المخرجين
9.    نحن قسمنا بينهم معايشهم (الزخرف/ 32)    فغيّرها      ... مَعيشتهم
10.    من ماء غير ياسِنْ (محمّد/ 5)    فغيّرها      من ماء غير آسن
11.    فالذين آمنوا منكم واتّقوا (الحديد/ 7)    فغيّرها      ... وأنفقوا
12.    وما هو على الغيب بظنين (التكوير/ 24)    فغيّرها      ... بضنين(1)

فبعض ما غيره الحجّاج بزعمهم الباطل قرأه بعض من القراء السبعة مثل قراءة "لم يتسنّ" في قراءة حمزة والكسائي وخلف، وبعضها لم يقرأه أحد من القراء كـ "شريعة ومنهاجاً".
والعجب من صاحب الفرقان حين قال: "ولم يصنع الحجّاج ما صنع إلاّ بعد اجتهاده وبحثه مع القراء والفقهاء المعاصرين له، وبعد إجماعهم على أنّ جميع ذلك قد حدث... لجهلهم باُصول الكتابة وقواعد الإملاء، والبعض الآخر لخطأ الكاتب في سماع ما يملى عليه والتباسه فيما يتلى عليه، ولا ينافي هذا مع قوله جل شأنه: (إنّا نحن نزلنا الذكر وإنّا له لحافظون)(2) لأنّ المراد بالحفظ مفهوم الألفاظ لا منطوقها." وهذا منه في غاية الوهن ويكفي في وهنه وبشاعة قوله ونقضاً لكلامه ما قاله في الكتاب نفسه:
"إنّ الإنسان لينقضي عمره في تهذيب كلمة له أو قصيدة ولا يفتأ يقول: لو وضعت هذه الكلمة مكان هذه لكان أليق، ولو وضعت هذا الحرف مكان هذا لكان أليق، إلاّ القرآن الكريم فإنّك لو وضعت كلمة منه وعرضت مكانها سائر الكلام العربي لما حلّ محلّها، ولو استعوضت عن حرف من حروفه بسائر الحروف لما تيسَّر وذلك لأنّه بلغ غاية الجمال المطلق وغاية البلاغة العالية"(3).
مضافاً إلى ذلك أنّ هذه القصة الخيالية من مصاحف السجستاني، برواية عبّاد بن صهيب عن عوف، وعبّاد هذا متروك الحديث لدى أئمة الفن مغموز فيه، ضعيف الحديث وكانت القدرية تنتحله...(4).
وفي عصر الحجّاج وقوع هذا الأمر محال عادة لأنّ القرآن في ذلك الوقت قد انتشر في الآفاق في الكتب والصدور وشدة اهتمام المسلمين بكتاب الله أيضاً تمنع وقوع هذا الأمر في القرآن، بل إن كان تغيير الحجّاج واقعياً فاصلاحه لخطأ كتاب الوحي أولى بالتغيير، تغيير موارد اللحن والخطأ في القرآن على طبق أحاديث الصحابة والتابعين التي مضت في الطائفة الأولى من أحاديث أهل السنة.
ذلك غيض من فيض من الرّوايات التي نقلناها من كتب أهل السنة من الصحاح والمسانيد والتفاسير و... وهي ـ كما رأيت ـ تدل على وجود النقص أو الزيادة أو الخطأ في القرآن أو إلقاء الشيطان في نص الوحي وغيرها من الرّوايات، وقد تجاوزت من حيث المقدار حدّ الإحصاء باعتراف أهل السنة أنفسهم، والحال إنّ مؤلفي هذه الكتب يعدّون من كبار علماء أهل السنة، ترى هل يمكن لنا القول بأن هؤلاء الأعلام ـ علماً بأن أكثرهم ملتزم بنقل الصحيح، كمالك بن أنس(5) ومحمّد بن اسماعيل البخاري(6) ومسلم بن الحجّاج(7) وأحمد بن شعيب(8) وابن ماجة القزويني(9) والحاكم النيسابوري(10) والضياء المقدسي(11) وغيرهم ـ متهمون بالقول بالتحريف! هل إنّ التقوى العلمية توجب ذلك!
وإذا كان الأمر كذلك فهل يسوغ لنا أن نحمّل أهل السنة بأجمعهم مسؤولية القول بالتحريف لأجل هذه الرّوايات؟ ولماذا كلّ هذه الاهانات والاتهامات الصادرة من مجموعة من الوهابية بحقّ الشيعة فقط؟ في حين أنّ رأي أئمة الشيعة كالإمام الحسن بن محمّد العسكري عليه السلام في قوله: "اجتمعت الأمّة قاطبة لا اختلاف بينهم في ذلك على أنّ القرآن حقٌ لا ريب فيه عند جميع فرقها فهم في حالة الاجتماع عليه مصيبون وعلى تصديق ما أنزل الله مهتدون..."(12) يشهد بنزاهة القرآن عن التّحريف عند المسلمين كلهم أجمعين، كما وجدنا أنّ محققي الفريقين يعتبرون تلك الرّوايات ـ إذا لم يوجد لها محمل صحيح ـ باطلة، ويعتقدون بأنّ القرآن الموجود الآن بين الدفتين هو هو القرآن الذي أُنزل على نبينا الأكرم محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم بلا زيادة ولا نقيصة، ولو طفنا كلّ أرجاء المعمورة لوجدنا هذا القرآن هو هو بلا زيادة ولا نقص، ولو بحثنا عن مصحف كلّ مسلم أيّاً كان مذهبُه وفرقته التي ينتمي إليها لوجدنا أنّ مصحفه هو المصحف الموجود لدى سائر المسلمين، ولوجدنا أنّ هذا القرآن هو العامل المشترك الذي يجمع بين المسلمين، ولا يوجد أحد منهم ـ ممّن يُعتدّ بقوله ـ ينظر بريبة إلى سلامة القرآن الكريم من التّحريف.
ولنعم ما قاله في هذا الموضوع محمّد المديني عميد كلية الشريعة بالجامعة الأزهرية إذ كتب يقول:
"وأمّا الإمامية فمعاذ الله أن يعتقدوا نقص القرآن، وإنّما هي روايات رُويت في كتبهم كما رُوي مثلها في كتبنا وأهل التحقيق من الفريقين قد زيّفوها وبيّنوا بطلانها وليس في الشيعة الإمامية أو الزيدية من يعتقد ذلك كما أنه ليس في السنّة من يعتقده.
ويستطيع من شاء أن يرجع إلى مثل كتاب الإتقان للسيوطي ليرى فيه أمثال هذه الرّوايات التي نضرب عنها صفحاً.
وقد ألّف أحد المصريين في سنة 1948 م كتاباً اسمه "الفرقان" ملأه بكثير من أمثال هذه الرّوايات السقيمة المدخولة المرفوضة، ناقلاً إيّاها عن الكتب والمصادر عند أهل السنة، وقد طلب الأزهر من الحكومة مصادرة هذا الكتاب بعد أن بيّن بالدليل والبحث العلمي أوجه البطلان والفساد فيه فاستجابت الحكومة لهذا الطلب وصادرت الكتاب، فرفع صاحبه دعوى يطلب فيها تعويضاً، فحكم القضاء الإداري في مجلس الدولة برفضها.
أفيقال: إن أهل السنة ينكرون قداسة القرآن؟ أو يعتقدون نقص القرآن لرواية رواها فلان؟ أو لكتاب ألّفه فلان؟ فكذلك الشيعة الإمامية، إنّما هي روايات في بعض كتبهم كالرّوايات التي في بعض كتبنا..."(13).
ثمّ شرع بالاستشهاد بأقوال علماء الإمامية بنزاهة القرآن كالطبرسي في مجمع البيان، فمن شاء فليراجع.
وبناءً على هذا فليس من الانصاف الاشارة إلى الرّوايات المخالفة لنصّ القرآن الكريم والتي حكم بردّها المحققون، وجعل ذلك إشكالاً على كلّ من الخاصة والعامّة، وإنّما يجب علينا أن نأخذ جواب الفريقين ونرى إن كان دليلهم غير تامّ وغير صحيح فإنّا نجعله ضمن الأحاديث الموضوعة لأنّنا من جهة نمتلك الأدلة القطعية على صيانة القرآن من التّحريف، ومن جهة اُخرى فإنّ من البديهي أنّ روايات تحريف القرآن ـ لم تستثن من سائر الرّوايات وهي ـ لم تسلم من الكذب والوضع بل يمكن وجود الكذب والدّس في الرّوايات التي هي من ضروريات الدين لا يختص بمذهب، إذ أنّ أعداء الإسلام حينما عجزوا عن النيل من القرآن عمدوا إلى وضع الرّوايات القائلة بتحريفه للنيل من ساحته القدسية.
وفي الفصل القادم سنسلط الضوء على أجوبة أهل السنّة عن تلك الروايات.
____________
1 ـ كتاب المصاحف لابن أبي داود: ص 49 ـ 50 ومناهل العرفان: ص 257.
2 ـ سورة الحجر (15): الآية 9.
3 ـ الفرقان، لابن الخطيب: ص 17.
4 ـ فراجع في ترجمته، كتاب الجرح والتعديل: ج 6، ص 81 والضُعفاء الكبير: ج 3، ص 144 والتاريخ الكبير: ج 6، ص 43.
5 ـ قال الحافظ ابن حجر: "كتاب مالك صحيح عنده" وقال الشافعي: "ما أعلم في الأرض كتاباً في العلم أكثر صواباً من كتاب مالك" مقدمة ابن الصلاح: ص 14 وهدى الساري: ص 10.
6 ـ روى عنه الاسماعيلي أنه قال: "لم أخرج في هذا الكتاب إلاّ صحيحاً" هدى الساري: ص 4 وقال ابن الصلاح: "أول من صنف في الصحيح: البخاري وتلاه مسلم... وكتاباهما أصح الكتب بعد كتاب الله العزيز" مقدمة ابن الصلاح: ص 13 ـ 14 وهدى الساري: ص 10.
7 ـ قال الحافظ أبو علي النيسابوري: "ما تحت اديمِ السماء كتاب أصح من كتاب مسلم وتبعه بعض شيوخ المغرب" تدريب الراوي: ج 1، ص 93 وهدى الساري: ص 10.
8 - عن الحاكم وأبي علي الحافظ والخطيب: "... للنسائي شرط في الرجال أشد من شرط مسلم" مقدمة تحفة الاحوذي: ص 131.
9 ـ قال ابن ماجة: "عرضت هذه السنن على أبي زرعة فنظر فيه وقال: أظن إن وقع هذا في أيدي الناس تعطّلت هذه الجوامع أو أكثرها..." تذكرة الحفاظ: ج 2، ص 636 وقال المباركفوري: "سنن ابن ماجة فهو سادس الصحاح الستة" مقدمة تحفة الاحوذي: ص 134.
10 ـ "كتاب المستدرك على الصحيحين ذكر فيه ما فات البخاري ومسلماً ممّا دلّ على شرطهما أو شرط أحدهما أو هو صحيح" فيض القدير في شرح الجامع الصغير: ج 1، ص 36.
11 ـ قد التزم الحافظ الضياء المقدسي الصحة في كتابه "المختارة" كما قاله السيوطي في تدريب الراوي (ج 1، ص 144) وقد أثنى عليه كل من ترجم له، تذكرة الحفاظ: ج 2، ص 1406.
12 ـ بحار الأنوار: ج 2، ص 225.
13 ـ مقال الاستاذ محمّد المديني عميد كلية الشريعة في الجامع الأزهر، مجلة رسالة الإسلام العدد الرابع من السنة الحادية عشرة، ص 382 و383.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

اللطميات

مشاهدة الكل

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page