• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

دراسة في نسخ التلاوة

استدلّ بعض علماء أهل السنة بوجود آيات منسوخة التلاوة على وجه العموم بآيتين كريمتين:


أ ـ آية (ما ننسخ من آية أو نُنسها نأت بخير منها أو مثلها)(1).
فيكون المعنى ـ على حدّ زعمهم ـ ما ننسخ من آية من آيات القرآن أو نمحها من الأَذهان، نأت بآيات قرآنية خير منها أو مثلها.


ب ـ آية (وإذا بدّلنا آية مكان آية...)(2).
فيكون المعنى فيها أيضاً: إذا بدّلنا آية من آيات سور القرآن مكان آية أخرى. وقد استشهد علماء السنة بالآيتين(3) وأوردوا في تفسيرهما الرّوايات السابقة
فأوّلاً: ان لفظ "آية" في قوله تعالى (ما ننسخ من آية...) إذا ورد في القرآن الكريم بصيغة المفرد فانه يراد به الأمر العظيم الخارق للعادة لا الفقرة القرآنية.
ثانياً: ولو سُلِّمَ، ان قوله تعالى (ما ننسخ من آية...) قد ورد في مقام التعريض باهل الكتاب والمشركين فلابد وان يراد به نسخ ما ورد في الشرايع السابقة لاجل هذه القرينة السياقية. فانظر إلى سياق الآيات فانها كما يلي: (ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها الم تعلم ان الله على كل شيء قدير * الم تعلم ان الله له ملك السموات والأرض وما لكم من دون الله من وليّ ولا نصير * ام تريدون ان تسألوا رسولكم كما سئل موسى من قبل و...).
فمع وجود هذه القرائن التي قبل الآية وبعدها نعلم ان المقصود من الآية هاهنا هو تبديل استقبال بيت المقدس في الصلاة بحكم استقبال الكعبة فيها، ومن ثمّ ندرك انّ المقصود من تبديل آية مكان آية في قوله تعالى: (وإذا بدّلنا آية مكان آية...)تبديل حكم استقبال بيت المقدس في الصلاة بحكم استقبال الكعبة فيها، أو نظائره.
فانظر "القرآن الكريم وروايات المدرستين": ج 2، ص 351 وما بعدها و"حقائق هامة حول القرآن الكريم": ص 314.
التي تتحدث عن نقصان القرآن(4). وبتفسيرهم هذا وجدوا حلاًّ لمعضلة تلكم الرّوايات وقالوا: إنّها نسخت تلاوتها، أي إن الله سبحانه كان قد أنزل على نبيّه صلّى الله عليه وآله وسلّم تلكم الآيات والسور ثم نسخها مع حكمها أو بدون حكمها.


فقال ابن حزم:
"فأمّا قول من لا يرى الرجم أصلاً فقول مرغوب عنه، لأنّه خلاف الثابت عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وقد كان نزل به القرآن ولكنه نسخ لفظه وبقي حكمه"(5).
وعلى ذلك حمل "أبو شامة" وكذا "الطحاوي" فقال:
"لكنّ عمر لم يقف على النسخ فقال ما قال ووقف على ذلك غيره من الأصحاب"(6).


وقال السيوطي:
"وأمثلة هذا الضرب كثيرة".
ثمَّ حمل قول ابن عمر: "لا يقولَنَّ أحدكم قد أخذت القرآن كلَّه... قد ذهب منه قرآن كثير...". وكذلك ما روي عن عائشة في شأن سورة الأحزاب(7).
وفي "المحلّى" بعد أن روى قول اُبي بن كعب في عدد آيات ـ مزعومة من ـ سورة الأحزاب قال:
"هذا اسناد صحيح كالشمس لا مغمز فيه... ولو لم ينسخ لفظها لأقرأها أُبي بن كعب زِرّاً بلا شك ولكنّه أخبره بأنّها كانت تعدل سورة البقرة ولم يقل له: إنّها تعدل الآن; فصح نسخ لفظها"(8).
وقال "الآلوسي":
"اُسقط زمن الصديق ما لم يتواتر وما نسخت تلاوته وكان يقرأه من لم يبلغه النسخ وما لم يكن في العرضة الأخيرة..."
ثمّ ذكر طائفة من الآثار الدّالة على نقصان القرآن عن كتبهم وقال:
"ومثله كثير وعليه يحمل ما رواه أبو عبيد عن ابن عمر أنـّه قال: "لا يقولَنَّ أحدُكم..." والرّوايات في هذا الباب أكثر من أن تحصى إلاّ أنـّها محمولة على ما ذكرنا"(9).
ووافق "الزرقاني" على حمل هذه الأحاديث على النسخ لورود ذلك في الأحاديث(10)، وكذا ذكر غيرهم.
وقد عدّ الدكتور القفاري أيضاً كل هذه الطوائف من الرّوايات من باب "القراءة الواردة" أو "منسوخ التلاوة" تبعاً لغيره، ودافع عن هذه النظرية بشدّة قائلاً:
"إنّ تلك الآثار كان قرآناً ثمّ رفع في حياة الرسول والوحي ينزل، ولهذا وضعت من باب النسخ من مباحث علوم القرآن عند أهل السنة..."(11).
ونسب هذا النسخ إلى الله تعالى ودافع عنه وقد أصرّ على أن نظر السيد الخوئي رحمه الله تعالى في ردّ هذه النظرية يوصد باب نسخ التلاوة الذي هو بمثابة القاعدة الثابتة من الله تعالى; ولهذا نراه يتهم السيد الخوئي بالتظاهر بالدفاع عن القرآن، فيقول:
"... وكأنّه أراد [السيد الخوئي] ان يوصد هذا الباب ويرد هذه القاعدة الثابتة [أي نسخ التلاوة] ليثبت بطريق ملتو عقيدة في نفسه يكاد يخفيها..."(12).
وأخيراً فإن الدكتور القفاري يجعل من نظرية نسخ التلاوة أمراً مشتركاً بين الفريقين(13)، مع أنـّه لا يخفى أنّ من يقول بنسخ التلاوة في آيات القرآن لا يحتاج إلى التواتر في اثبات آيات الوحي(14)، أو التواتر في نسخها; لأنّا نرى أنّ من روى تلك الآيات المزعومة هم ثلة قليلة لا تبلغ حد التواتر كـ "عائشة"، "عمر بن الخطاب"، "عبد الله بن عمر"، "اُبي بن كعب" و"أبو موسى الأشعري" ولو كانت متواترة لكثر الراوون لها، بل انهم قرأوا تلك الآيات المزعومة ولا يعلمون أنـّها منسوخة(15) ومع ذلك يعتبر أكثر علماء أهل السنة أنها من آيات الوحي أولاً ونسخها ثانياً.
____________
1 ـ البقرة (2): الآية 106.
2 ـ سورة النحل (16): الآية 101.
3 ـ بعض العلماء اعتقدوا أنّ هاتين الآيتين لا تدلان على نسخ التلاوة اطلاقاً وذلك لامور، نلخص جملة منها:
4 ـ أورد "الطبري" بتفسير آية (ما ننسخ...) قليلاً منها: ج 1، ص 378 ـ 383 و"السيوطي" كثيراً منها في "الدرّ المنثور": ج 1، ص 104 ـ 106.
5 ـ المحلى: ج 11، ص 234.
6 ـ المرشد الوجيز: ص 42.
7 ـ الاتقان في علوم القرآن: ج 2، ص 81.
8 ـ المحلى: ج 11، ص 234.
9 ـ روح المعاني: ج 1، ص 45.
10 ـ مناهل العرفان: ج 2، ص 225.
11 ـ اصول مذهب الشيعة: ص 1019. أورد الدكتور القفاري مزعومة نسخ التلاوة في مواضع عديدة من كتابه انظر: ص 1031، 1052 و...
12 ـ اصول مذهب الشيعة: ص 247 ـ 248 وج 3، ص 1053، وقد تقدم نص كلام الدكتور القفاري بتمامه.
13 ـ هذا جهل أو تجاهل وسيأتي في المقام الثاني ان شاء الله تعالى نص عبارات علماء الإمامية وهم يقولون بامكان نسخ التلاوة في عالم الامكان والثبوت في ردّ من أنكر وقال انه محال ذاتاً ـ وهو شاذ من المعتزلة ـ لا في عالم الوقوع والاثبات إلاّ في آية الرجم ولا يخفى على ذي حجىً البون الشاسع بين مقام الثبوت ومقام الاثبات.
14 ـ وان كانوا يقولون: "لا خلاف ان كل ما هو من القرآن يجب ان يكون متواتراً في اصله واجزائه، واما في محله ووضعه وترتيبه فكذلك عند محققي أهل السنة للقطع بان العادة تقضي بالتواتر في تفاصيل مثله." الاتقان: ج 1، ص 77 ـ 78.
15 ـ كما صرح به الآلوسي وقال: "... اسقط زمن الصديق ما لم يتواتر... وكان يقرؤه من لم يبلغه النسخ..." روح المعاني: ج 1، ص 45.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page