والآن نرجع إلى صلب البحث:
إنّ أصل هذا البحث من رأسه إلى قدميه يدور حول مسألة "سورة الولاية" المزعومة، فالدكتور القفاري بدأ بحثه بذكر هذه السورة، ونقل ذلك عن محبّ الدين الخطيب، وقال:
"للشيعة مصاحف خاصة تختلف عن المصحف المتداول وقد نشر الخطيب صورة "لسورة مفتراة" يسمونها سورة "الولاية" وقال بأنـّها مصورة من مصحف إيراني مخطوط عند المستشرق مستر براين وقبل ذلك أثبتها شيخ الرافضة في كتابه "فصل الخطاب" ومن قبل قال صاحب [كتاب] تكفير الشيعة أنهم أحدثوا مصحفاً..."(1).
وفي نهاية بحثه قال:
"إنّ مسألة التداول السرّي لمصحف مفترى من الإخباريين أمر وارد ولعلّ هذا يفسر ما نشره محبّ الدين الخطيب وأحمد الكسروي (الشيعي الأصل) من صورة "لسورة" تسمى "الولاية" مأخوذة من مصحف ايراني"(2).
وينبغي هنا القول:
إذا كان الدكتور القفاري يمتلك الإنصاف فيتحتَّم عليه أن لا يعتمد على قول أمثال محب الدين الخطيب في الخطوة الاولى من بحثه، إذ كيف يقول الخطيب "مصاحف خاصّة" بصيغة الجمع ـ لا "مصحف خاص" ـ "ومصحف إيراني!!" متداول عند الشيعة بدون ذكر أي دليل ولا مستمسك لهذه المصاحف، وكذلك صاحب تكفير الشيعة فهو لم يأت بشيء من المصحف الجديد عدا سورة باسم "سورة الولاية"!
أفلا يكفي تسمية سورة واحدة بـ "مصحف أو مصاحف خاصّة" لاثبات زلّة هؤلاء؟ ثمّ إنّه لو كان ثمّة شيء آخر غير سورة الولاية عند "مستر براين" لذكره وأشاعه وطبّل له وزمّرَ لكي يحطّ من قدر وقيمة القرآن وكذا الحال في "الكسروي" الملحد الذي أنكر البعثة والرّسالة والخالقية(3) ـ ومع الأسف تعتبر
آراؤه كالوحي المنزل عند الدكتور القفاري(4) ـ وأمثاله.
هذا وقد تورّط الدكتور القفاري في خلط واضح بين سورة النورين وسورة الولاية، فما نشره محبّ الدين الخطيب وأعمل معول النقد فيه الدكتور القفاري، إنّما هو سورة الولاية المزعومة من سبع (آيات)، فيما كانت تلك السورة الأخرى التي أوردها المحدث النوري في كتابه فصل الخطاب نقلا عن كتاب "دبستان مذاهب"، سورةَ النورين المكوّنة من 41 (آية).
وبدورنا سوف نقوم ـ بغية استيفاء البحث كاملا ـ بدراسة هاتين السورتين، وتسجيل ما عندنا من نقد متعلق بهما.
____________
1 ـ اصول مذهب الشيعة: ص 255.
2 ـ المصدر السابق: ص 260.
3 ـ قال الكسروي ما ترجمته:
"زعم المسلمون أن الله قد بعث بشراً وأوحى إليه بواسطة جبرائيل والناس يطلبون منه المعجزة فان أتى بها قبلت دعواه وإلاّ فلا، فهذا الزعم باطل من الأساس لأنّه نشأ من الحمق" در پيرامون اسلام (أي حول الإسلام): ص 9 و82 و83.
وقال أيضاً:
"إن المسلمين ادّعوا ان النبوة قد ختمت برسالة محمّد [صلّى الله عليه وآله ]وهو جهل فاضح وفي الواقع انهم أنكروا قدرة الله على ارسال رسول بعده"!! المصدر نفسه: ص 11.
ثم قال:
"هذه ضلالات تتراءى بعضها أقبح وأخسر من بعض" المصدر السابق: ص 12.
وقال في موضع آخر:
"نعلم كلّنا ان المسلمين اليوم من الشيعة وأهل السنة هم أرذل الناس وأذلّهم" المصدر السابق نفسه: 63.
هذه بعض دعاويه في أحد كتبه ولا نحتاج إلى كتبه الاخرى، ولا غرو، فانه نشأ في أحضان الاستعمار الغربي وترعرع على أفكارهم وجاهد لاطفاء نور الله وتشتيت صفوف المسلمين.
4 ـ فقد أورد الدكتور القفاري آراءه مرّة بعد أخرى وقال ـ زوراً وبهتاناً ـ وشهد شاهد من أهلها!! انظر: اصول مذهب الشيعة: ص 479 و508 و515 و752 و855 و1094 وغيرها.
مصحف سري أم اسطورة سورة الولاية (والنورين)؟!
- الزيارات: 3803