إنّ المصدر الوحيد لسورة الولاية ليس إلاّ نسخة مخطوطة من القرآن يقال قد كتبت في القرن السابع عشر الميلادي ولم يقدم أحد أي مصدر ومستند آخر لها ومصدر سورة النورين هو كتاب "دبستان مذاهب" ولم يكن لهذه الاسطورة قبله من أثر وقد أخذهما مؤلف تذكرة الأئمة منهما.
ولو حقّقنا في مؤلف كتاب "دبستان مذاهب" وقضية تأليفه والأفراد الّذين نقل عنهم المؤلف ومكان التأليف والذين اهتمّوا بنشره و...; لاتَّضح لنا بما لا يقبل الشك أنَّ هذه السورة المزعومة لم تكن إلاّ مؤامرة من قِبَلِ أعداء الدين، أو هي من أذكار وأوراد الصوفيين الجهلة، والآن نذكر لك بعضاً ممّا خطّته أنامل المحقق البارع لكتاب "دبستان مذاهب" الذي بذل جهداً كبيراً في تحقيق هذا الكتاب(1) حيث قال في مقام مؤلف هذا الكتاب ما ترجمته:
"الخلاصة إنّ المحققين صبّوا جلّ اهتمامهم حول مؤلف هذا الكتاب; فبعضهم نسب هذا الكتاب إلى الشيخ محمّد محسن فاني الكشميري، وهي نسبة لو تنبّهنا إلى الأدّلة المتعددة لثبت لدينا أنّ هذه النسبة غير مطابقة للواقع"(2).
ثمّ ذكر أدلّته، وبعد التنبه إلى القرائن والشواهد المتعددة كتب: "إنّ كلّ هذه القرائن والشواهد الكافية تجعلنا نعتقد ونقول بضرس قاطع: إنَّ مؤلف "دبستان" هو أحد الأتباع الخلّص لآذركيوان وآيين دساتيري، الذي هو مورد احترام سائر الآذركيوانيين"(3).
وبعد البحث والمطالعة توصّل إلى: "أنّ مؤلف "دبستان مذاهب" لا يكون إلاّ موبد كيخسرو اسفنديار ولد آذركيوان"(4). وأمّا ما يتعلّق بالمصادر التي اعتمد عليها مؤلف "دبستان مذاهب" فقد قال المحقق ـ بعد ذكر القرائن والشواهد ـ:
"الذي أعتقده أن مؤلف "دبستان" لم يراجع إلاّ رسائل وكتب آذركيوان وبعض كتب ورسائل الزردشتية مباشرة، إلاّ أنّ قسماً من الكتب والرسائل المتعددة التي ذكرها في متن كتابه لم يرها أصلاً"(5).
وأمّا ما يتعلق بأغراض وأهداف المؤلّف فقد قال محقق الكتاب:
"إنّ مؤلف الكتاب وإن حاول أن يوحي للقارئ بأنه التزم الحياد، ولم يعدّ نفسه من أيّة فرقة أو دين، بل أظهر أنه يقبل بكلّ الاديان والمذاهب، ويأخذ بقول المعتقدين بالأديان والفرق لتمجيد وتعظيم وتحسين وتكريم وحاول إثبات أحقية كل المذاهب والفرق... ولكنه [في الحقيقة] سعى أن يحصر جميع الأديان والمذاهب في مبدأ واحد ومنشأ فرد، وحاول تضليل القارئ لقبول فكرة ان أول المسلك هو مسلك "بارسيان" وآخر المذهب هو مذهب "الآذركيوانيين" وانه جامع لجميع جهات الحسن والصحة"(6).
وأخيراً كتب حول بعض مضامين كتاب دبستان قائلاً: "إنّ قسماً كبيراً من المستندات التي ذكرت حول الأديان والمذاهب المختلفة ومن جملتها المسلمون وخصوصاً الشيعة منهم، باطلة ومغرضة حيث يمكن للقارئ أن يلاحظ أنّ أكثر مستنداته بل جميعها قد أخذها عن أفواه جمع من السفلة والأوباش، كما أن مؤلف دبستان وإن أظهر نفسه بأنه حيادي، ولكننا نعلم بأنه من الدعاة إلى المسلك المجعول والكاذب وغرضه الاساس ـ وإن كان قد أخفاه علينا ـ هو إبطال اعتقاد المتدينين بالأديان وجرّهم إلى زمرة المعتقدين بمسلكه.
وفي مقام هذه المطالب السخيفة التي وردت في دبستان لنا احتمال آخر يمكن أن نذكره وهو:
"إنّ كتاب "دبستان" ترجم لأول مرّة من قِبَلِ الانجليز، وطبعه بالفارسية أول مرة "ويليام صاحب"! ومن ذلك يظهر أنه ليس ببعيد أن الانجليز طبقاً لقانونهم. Divide And Rule [أي فرّق تسد]. قد دسّوا في هذا الكتاب كثيراً من المطالب الخاطئة والمغرضة والموضوعة، ولأنّ تلك المطالب الموضوعة لا سابقة لها وهي دالّة على حمقهم بوضوح فقد نسبوها إلى أفواه الناس"(7).
وعلى أية حال فماذا ننتظر من كتاب هذه قصته، وهذا مؤلفه وماهيته؟ وماذا ينبغي أن نقول في رجل جعل من نفسه ـ من حيث يعلم أو لا يعلم ـ "حمّالة الحطب" لأعداء الإسلام بنشر أفكاره المجعولة تلك؟ وماذا يريد الدكتور القفاري وغيره في تشبثه بسورة النورين بالاعتماد على كتاب ألّفه كافر أراد منه هدم الكيان الاسلامي.
أفلا يتحتّم علينا تنزيه ساحة القرآن المقدّسة من مثل هذه المصادر كدبستان وان أردت مزيد تفصيل فعليك بمراجعة الجزء الثاني من "دبستان مذاهب": ص 131 وما بعدها، مبحث "مؤلف دبستان كيست" "موضوع دبستان" "نسخ خطّي وچاپي دبستان".
مذاهب، وما من يوم إلاّ وينشر فيه المستشرقون المغرضون ـ كما رأيتم ـ اُسطورة سورة الولاية وسورة النورين اعتماداً على كتاب دبستان مذاهب ونسخة مخطوطة مجهولة من القرآن.
نعم إذا كان في الماضي قد حيكت تلك المؤامرة لأنّ الإنجليز قد ملأوا جيوبهم من الباوندات الإنجليزية، فإنه في الحاضر يمكن له الحصول على المزيد من الدولارات الأمريكية بواسطة زمرة من بعض الناس ليحصل له ما يريده من الكيد والتفرقة بين المسلمين.
والحاصل أنّ قصة المصحف السرّي ليست إلاّ سراباً طبّل وزمّر له الدكتور القفاري كثيراً، وجذور هذه القصّة تمتد إلى كتاب "دبستان مذاهب" ونسخة مجهولة من القرآن لا غير، هذا من حيث السند وما أقبحه من سند.
وأمّا لو غضضنا الطرف عن سند تلكما السورتين المزعومتين وألقينا نظرة خاطفة على مضامينهما لوجدنا لأول وهلة أنّ تعابيرهما رديئة كلّ الرداءة ومضطربة، وهي ممّا يتبرأ المخلوقون منه لركاكته فكيف بربّ الخلق وخالق اللّسان والقلم؟! كما رأيتم مسبقاً وبالتأكيد أنّ علماء الإمامية لا سيّما الذين ردّوا على كتاب "فصل الخطاب" قد فنّدوا جملهما وبيّنوا زيفهما وبطلانهما.
____________
1 ـ وهو رحيم رضازاده ملك.
2 ـ دبستان مذاهب: ج 2، ص 22.
3 ـ المصدر السابق: ص 46.
4 ـ دبستان مذاهب: ص 58.
5 ـ دبستان مذاهب: ج 2، ص 124.
6 ـ المصدر السابق: ج 2، ص 124 ـ 125.
7 ـ دبستان مذاهب: ص 140.
حصيلة القول في مصدر السورتين المزعومتين:
- الزيارات: 3462