• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

غيض من فيض: دراسة مال الله عن موقف الكليني

كتب مال الله في الفصل الثاني من كتابه تحت عنوان "الكليني وتحريف القرآن":
"والكليني لا يختلف عن علماء الشيعة الذين يقرون ويعترفون بوقوع التحريف والنقصان في القرآن الكريم وحذف الآيات الدالة على مناقب آل البيت ومثالب الصحابة رضوان الله عليهم وكتابيه الاصول من الكافي وروضة الكافي مليئان بالنماذج السابقة فنجده في الاصول من الكافي في الجزء الأول ص 421، 422، 430 والجزء الثاني ص 86، 366، 372، 379، 380، 381، 383، 388، 389، 390، 394، 395، 396، 419، 420، 421، 422، 424، 432 وفي كتابه روضة الكافي ص 43، 159، 160، 174، 175، 241، 242، 309 يستشهد بآيات محرفة ويزعم أنها حذفت من القرآن.
والقرآن الموجود عند الشيعة يعادل ثلاث مرات من القرآن الموجود بين أيدينا وما فيه حرف واحد منه فلقد ذكر الكليني في الكافي (1 / 457) عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: وإن عندنا لمصحف فاطمة عليها السلام وما يدريهم ما مصحف فاطمة عليها السلام؟ قال: قلت: وما مصحف فاطمة عليها السلام؟ قال: مصحف فاطمة فيه مثل قرآنكم هذا ثلاث مرات والله ما فيه من قرآنكم حرف واحد قال: قلت: هذا والله العلم.
وتأكيداً لاعتقاد الكليني بالتحريف أورد في الكافي (4 / 456) عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: "إن القرآن جاء به جبرئيل عليه السلام إلى محمد صلى الله عليه وسلم سبعة عشر ألف آية" وكما هو معلوم إن عدد آيات القرآن الكريم تعادل تقريباً ثلث ما ذكر"(1).
ثمّ يشير مال الله إلى الروايات حول جمع الإمام علىّ عليه السلام للقرآن بعد وفاة النبىّ صلى الله عليه وآله ثم يستند في هذا الصدد إلى حديث جاء في الكافي عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام بقوله:
"ما ادعى أحد من الناس أنه جمع القرآن كلّه كما أنزل إلاّ كذاب وما جمعه وحفظه كما أنزل الله تعالى إلاّ علىّ بن أبي طالب عليه السلام والأئمة من بعده عليهم السلام". وهكذا قوله عليه السلام:
"ما يستطيع أحد أن يدّعي أن عنده جميع القرآن ظاهره وباطنه غير الأوصياء".
ثمّ يدعو مال الله علماء الشيعة بالإجابة على رأي الكليني ويقول:
"وبعد ماذا يقول علماء الشيعة في الكليني هل هو من المقرين بالتحريف أم لا؟ ننتظر اجابة علماء الشيعة، خاصة أنه لم يعلق بكلمة نفي واحدة حول تلك الروايات الدالة على التحريف والنقصان"(2).
ويتلخص هنا موقف مال الله:
1 ـ إنّ الكليني مثل سائر علماء الشيعة يقرّ ويعترف بتحريف القرآن ونقصانه، وكتابه الكافي وروضة الكافي مشحون بالروايات الدالة على حذف آيات من القرآن والّتي تدلّ على مناقب آل البيت ومثالب الصحابة.
2 ـ طبقاً لرواية الكليني حول مصحف فاطمة، فإنّ القرآن الموجود عند الشيعة يعادل ثلاث مرّات القرآن الموجود(3).
3 ـ طبقاً لرواية الكليني عن هشام بن سالم فإنّ القرآن 17 ألف آية في حين أن عدد آيات القرآن الكريم يعادل ثلث ما ذكر تقريباً.
4 ـ وجود خبر مصحف الإمام علىّ وأيضاً روايتين حول جمع القرآن ظاهره وباطنه في كتاب الكافي جاءت كلّها لتؤكد نزوع الكليني إلى تحريف القرآن.
الجواب، أولاً: لو أمعنا في الروايات التي رقّمها مال الله لتوصلنا إلى أنّ أغلبها ـ مع إمعان النظر في تعابير إقراء، تنزيل، تحريف والتي جاءت في لسان الروايات وقد تناولناها بالتفصيل في بحوثنا السابقة ـ تعني تفسير وشرح الآيات وبيان أتمّ المصاديق والقراءات الواردة والتحريف في معاني الآيات المساوق للتفسير بالرأي، وهذه المواضيع خارجة بطبيعة الحال عن موضع النزاع الذي يعني تحريف وتغيير ألفاظ القرآن الكريم.
ثانياً: خلافاً لإدعاء مال الله، فإنّ الروايات المذكورة لا تدلّ أبداً على حذف آيات دالّة على مناقب آل البيت ومثالب الصحابة بل ليس في كتب الشيعة اطلاقاً رواية تدلّ على حذف آيات من القرآن الكريم وإنّما أشارت الروايات إلى حذف كلمة أو جملة أو مقطع من آية فعلى هذا يمكن علاج مضامين هذه الروايات وحملها على تفسير وشرح مراد الله أو بيان أتم المصاديق.
ثالثاً: إن الأحاديث التي نقلها مال الله من كتاب الكافي هي في باب "النكت والنتف من التنزيل في الولاية" والذي يشتمل على أحاديث رقم 44 إلى 53 (ص 421 ـ 422) وأحاديث رقم 84 إلى 88 (ص 43) وأحاديث رقم 44 إلى 47 و47 و49 و50 و52 و53، وهذه الطائفة من الأحاديث كلّها ضعيفة عند الحفّاظ بلحاظ السند(4).
فلذلك فلا يكاد يعثر على حديث صحيح السند أو حسن أو حتى موثق، والأحاديث التي ذكرها مال الله من الجزء الثاني في كتاب الكافي فهي اضافة إلى أنّها مخدوشة من حيث السند، لا تتعلق بموضوع بحثنا، وياللعجب فإنّ مال الله لم يكلف نفسه عنان البحث في الصفحات المذكورة. وأنا أتحدّاه أن يعثر على حديث واحد من بين تلك الأحاديث التي ذكرها مال الله وادّعى أنّها دالّة على التحريف، ولا أدري أي هدف يتعقبه مال الله وأمثاله والذين يدّعون الإصلاح بين المسلمين، فلا ينبغي خداع الآخرين بإحالتهم إلى صفحات لا تمس موضوع بحثنا وهو تحريف القرآن.
رابعاً: ليس هناك أي أثر للآيات التي يدعي مال الله أنّها محرفة والتي نقلها من روضة الكافي، بل فيها أحاديث صريحة على عدم تحريف القرآن نظير رسالة أبي جعفر الباقر عليه السلام إلى سعد الخير قال عليه السلام:
"...وكان نبذهم الكتاب أن أقاموا حروفه وحرّفوا حدوده..."(5).
وهذا تصريح بأن الكتاب العزيز لم ينله تحريف في نصّه لأنّه قال عليه السلام: "أقاموا حروفه" وهو حفظها عن التغيير والتبديل وإن كانوا قد غيّروا من أحكامه ومعانيه و"حرّفوا حدوده".
خامساً: وكما سترون بتفصيل أكثر فإنّ مال الله يفسر كلمة "مصحف" بالقرآن جهلاً وتجاهلاً ثم ينقل عن الكافي أحاديث من مصحف فاطمة دالّة ـ حسب زعمه ـ على تحريف القرآن، وغفل عن إنّ كلمة المصحف في المصادر السنيّة والشيعية جاءت في بعض الأحيان بمعناها اللغوي أي كل كتاب مجلد قرآناً كان أم غير قرآن والمراد من مصحف فاطمة: الكتاب الذي سجلت فيه الحوادث الواقعة إلى يوم القيامة، ويشاطر القرآن في إسم المصحف فقط.
سادساً: كتب مال الله يقول: "قد يقول قائل من الشيعة لم ينفردوا بهذا، لقد وردت روايات متضمنة تحريف القرآن من طريق أهل السنة" ثم أورد مال الله نزر يسير من تلك الروايات (ستة روايات) من مسند أحمد وصحيح البخاري وصحيح مسلم، وتصدّى لعلاجها من خلال الاستفاده من شرح النووي وكتاب "الإسلام والصحابة الكرام" لبهجة البيطار.
فإذا كانت الروايات الدالّة على التحريف ـ حسب زعم مال الله ـ والتي نقلها من كتب الشيعة كافية في الإفصاح عن عقيدة مؤلفيها في التحريف لكان ينبغي أن يكون أحمد بن حنبل ومحمد بن إسماعيل البخاري ومسلم بن الحجاج من طليعة القائلين بالتحريف، ولكن بما إنّ النووي والبيطار عالجوا هذه الروايات بنحو يزول معه أي مجال للمناقشة، فنفس هذا الكلام يصدق على كتب الشيعة، فلا ينبغي على مال الله أن يتهم الكليني ونظائره بالتحريف ما دامت هذه الروايات قد عالجها فقهاء الشيعة بنحو يزول معه أي مجال للمناقشة والشك، ومثالاً على ذلك فقد عالج علماء الشيعة الحديث الذيت ينقله الكليني عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله الذي يدلّ بظاهره على ذهاب ثلثي القرآن (وجاء نظيرها في كتب أهل السنة عن الخليفة عمر بن الخطاب)(6) وأيضاً الأحاديث الدالّة على جمع الإمام أمير المؤمنين علي عليه السلام للقرآن بعد وفاة رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم والتي وردت في مصادر الفريقين وأيضاً حديثان عن أبي جعفر الباقر عليه السلام وهما: "ما أدّعى أحد من الناس إنّه جمع القرآن..."، و"ما يستطيع أحد أن يدّعي أنّ عنده جميع القرآن..." وقد تناولنا فيما سبق علاج هذه الروايات عند علماء الشيعة بمزيد من التفصيل بحيث يزول معه أي شك(7).
والآن نعطف عنان القلم إلى نقد منهجي لادعاءات مال الله.
____________
1 ـ الشيعة وتحريف القرآن: ص 62 ـ 63.
2 ـ الشيعة وتحريف القرآن: ص 64.
3 ـ وفي إثر هذا كتب مال الله في خاتمة كتابه: "والذي أجمع أهل السنة على من جحد منه [أي من القرآن ]حرفاً أو زعم أن به نقصاً أو تبديلا فقد كفر... فكيف يدّعى أن هناك قرآناً لا يوجد منه حرف واحد من قرآننا". الشيعة وتحريف القرآن: ص 163.
4 ـ انظر: مرآة العقول للمجلسي: ج 5، ص 44 ـ 67.
5 ـ الروضة من الكافي: ص 53، الرقم 16.
6 ـ كالرواية التي أخرجها السيوطي في الإتقان والمتقي الهندي في كنز العمال عن الطبراني في الأوسط وابن مردويه وأبي نصر السجزي عن الخليفة عمر بن الخطاب أنّه قال: "القرآن ألف ألف حرف وسبعة وعشرون ألف حرف" (الإتقان: ج 1، ص 72، النوع التاسع عشر وكنز العمال: ج 1، ص 460، الحديث 2309) أي ذهب أكثر من ثلثي القرآن.
7 ـ انظر: المقام الثاني، مبحث: "شيوع هذه المقالة في كتب الشيعة ـ موقف الكليني من روايات التحريف ـ" ومبحث: "مصحف الإمام علي".


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page