• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عدالة الصحابة عند المستبصر مصطفى خميس

عدالة الصحابة عند المستبصر مصطفى خميس(1)

مَن هو الصحابي؟
الصحابي مَن لقي النبيّ (ص) مؤمناً به، ومات على الإسلام، فيدخل فيمَن لقيه، مَن طالت مجالسته له، أو قصرت، ومَن روي عنه أو لم يروِ، ومَن غزا معه أو لم يغزُ، ومَن رآه ولو لم يجالسه، ومَن لم يره لعارض كالعمى.(2)
وعرّفه البخاري صاحب الصحيح الشهير في كتابه (صحيح البخاري) وذلك في باب: فضائل الصحابة بقوله: (مَن صحب رسول الله (ص)، أو رآه من المسلمين فهو مِن أصحابه) 2: 287.
واستناداً إلى هذين التعريفين، فإنّ كلّ المسلمين الذين توفّي عنهم رسول الله (ص) هم صحابة وأنّ كلّ مَن كان في مكّة، أو المدينة خاصة، قد رأى النبيّ (ص) أو سمع منه، وهو بذلك صحابي.
ولعلّ من الحق أنْ لا نقرّ بكلّ ما ورد في هذين التعريفين، وأنّ ما ورد فيهما مِن تعميم التعريف ليشمل كلّ مَن رأى أو سمع أو شهد رسول الله (ص)، وهذا الإعتقاد في شمولية التعريف، ومِن ثم صحابية كلّ المسلمين، مبالغة شديدة، ومن قبيل الغلوّ، الذي ينكره العقل السليم، وهذه الشمولية يدخل فيها جمهور المسلمين في مكّة والمدينة.
ولو أنّ هذا التعريف الشمولي لم يعطِ قدسية خاصة لصاحبه، لكان الأمر مقبولا، أمّا إعطاء الصحابة جميعاً قُدسية خاصة تميّزهم عن باقي المسلمين في العصور اللاحقة، فهذا يستوجب منّا وقفة عند صحّة هذا التعريف.(3)

هل الصحابة أو الحكّام والأمراء يشرّعون؟:
نقل السيوطي في كتابه (تاريخ الخلفاء) عن حاجب بن خليفة البرجمي، قال: (شهدت عمر بن عبدالعزيز يخطب وهو خليفة، فقال في خطبته: ألا انّ ما سَنّ رسول الله (ص) وصاحباه، فهو دين نأخذ به، وننتهي إليه، وما سنّ سواهما فإنّها نرجئه).(4)
وهو يوضح هنا أنّه يأمر بأخذ السُنّة مِن أبي بكر وعمر الصاحبين، ويرجىء الصِهرين، وهما عثمان وعليّ، فلا يأخذ سنّتهما.(5)
وكما جعل عمر بن عبدالعزيز سنّة ولاة الأمور، سنّة يؤخَذ بها، وتدخل في تشريع الله عزّوجلّ وتلزم الاُمّة بأحكامها، فقد أثر ذلك أيضاً عن غيره ممّن ركّز هذه النظرية ودعا إليها وأكّدها، كالمسيّب بن رافع الذي قال:
(كان إذا الشىء من القضاء، وليس في الكتاب ولا في السُنّة، سمّي: صوافي الأمراء فدفع اليهم، فجمع له أهل العلم، فما اجتمع عليه رأيهم فهو الحقّ).(6)
أيُّ حقًّ هذا الذي أعطوه للصحابة ومَن بعدهم للحاكمين والأمراء، حتّى يكون لهم تشريع كتشريع الله عزّوجل، وأيّة عصمة تلك التي غشيتهم فأصبحوا لا ينطقون عن الهوى؟! وقد قال عزّوجل:
(أَمْ لَهُمْ شُرَكاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ ما لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللهُ)(7)
وقال أيضاً:
(وَلا تَقُولُوا لِما تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هذا حَلالٌ وَهذا حَرامٌ)(8)
واعلم أنّ الصحابة لم يدّعوا هذا الحقّ، ولا هذه السُنّة، ولا هذا التشريع المُبتدع، ولم يعطوا لأقوالهم وآرائهم هذه القوّة التي تصل إلى الإجتهاد والتشريع، ولم يسمحوا لعقولهم أن تدّعي العصمة في التبليغ أو الإرشاد أو الإجتهاد.(9)
والخطر الكامن في ذلك الرأي وتلك النظريات، هو جعل آراء الصحابة والأمراء والحكّام وأقوالهم سُنّة تتّبع، أو حجّة وفقهاً يدخل في الشريعة ويناقض حكم الله، فكأنّهم بذلك قد جعلوا الله شركاء في شريعته وأحكامه وحدوده، بل لقد تعدّوا بذلك حدود الله، التي حَذْر من تغييرها أو تركها أو تجاوزها. قال تعالى:
(وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ)(10)
وأنّ الأخذ بآراء كلّ مَن ذكر مِن صحابة وأمراء وحكّام، وجعله سُنّة متّبعة، هو منشأ لكلّ الخلافات، وأساس لكلّ الإنحرافات في الدين، وتغيير للسُنّة الشريفة، ونشر للبدعة، وتبديل للأحكام، وتَعّد لحدود الله.
وقد جعلوا للبشر الخطّائين من صحابة أو تابعين، أو أمراء وحاكمين، سُنّة كسُنّة رسول الله (ص)، فإذا تعارضت سُنّتهم المبتدعة هذه مع القرآن، يكون حكمهم أقوى من القرآن، ويرجح قولهم، ثمّ يؤوَّل القرآن وفق سنّتهم، كما قال إمام أهل السُنّة، أبوالحسن الأشعري في كتابه (مقالات الاسلامييّن) (السُنّة قاضية على القرآن وليس القرآن بقاض على السُنّة والسُنّة تنسخ القرآن).(11)
فالأمر خطير جداً، إذ لم يبقَ بذلك للقرآن الكريم سوى مكانته المقدّسة، لأنّه مِن عند الله عزّوجل، أمّا أحكامه، فقد عطّلت، وأمّا حدوده فقد حُرِّفت، إستناداً لآراء نسبت إلى هؤلاء الذين قبلوا سُنَّتهم وأحتجّوا بها.(12)

ما هي أعمال الحكّام الأمويين؟:
السياسة عدّلت جميع الصحابة، سياسة الحاكمين الذين يروجون اليوم لبث روح العداء والفرقة بين المسلمين، للحفاظ على عروشهم الضّالة، هؤلاء الحاكمون هم نفس الحاكمين الذين روجوا وشجعوا على تأليف مثل هذه الأحاديث، للتغطية على ضلالهم، وأعمالهم المشينة، وخاصة الحكام  الأمويين منهم، الذين بدأت الرواية الكاذبة عندهم، وتطورت في عصور حكمهم. ويذكر التاريخ أنّ في عصورهم تلك ازدهر الرقص والغناء والموسيقي، خاصة في مكّة والمدينة، فضلا عن الأمويين في الشام، فمجتمع وصل به الأمر أن تزدهر فيه المحرّمات وفي أقدس مدينتين وهما مكّة والمدينة، هو نتيجة افراز السلطة الحاكمة، التي لا تعرف الحلال والحرام. السياسة إذاً، هي التي قضت بعدالة جميع المسلمين الذين عاشوا زمن رسول الله (ص)، ممّن سمع منهم أو جالس أو رأى النبيّ (ص).(13)

هل لعن رسول الله (ص) الصحابة؟:
رسول الله (ص) لم يلعن أحداً من المسلمين الصحابة، الذين أخلصوا له الصُحبة وكانوا إلى جانبه يتأدّبون بآدابه، ويتخلّقون بأخلاقه، لكنّه لعن مَن كان يستحقّ ذلك، وقد كان (ص) يستغفر لأصحابه وللمسلمين، ويطلب من ربّه الرحمة لهم والشفاعة بهم، فهل يجتمع في رسول الله (ص) ما قيل مِن لعن وسبّ في فئة، ودعاء لها واستغفار في آن واحد؟
إذاً فالبيت الأموي الحاكم هو الذي لعن بعضه رسول الله (ص) لا سيّما وأنّهم هم الشجرة الملعونة في القرآن.(14)
وهم الذين ساء رسول الله (ص) رؤيتهم ينزون على منبره نزو القردة، فقد روى السيوطي في كتابه (تاريخ الخلفاء) قال:
(رأى رسول الله (ص) بني الحكم بن أبي العاص بن أمية ينزون على منبره نزوَ القردة، فساءه ذلك، فما استجمع ضاحكاً حتّى مات، وأنزل الله في ذلك:
(وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلاّ فِتْنَةً لِلنَّاسِ)(15)(16)

وقد لعن رسول الله (ص) كلا من:
أبي سفيان بن حرب، وابنه معاوية، ومروان بن الحكم، وغيرهم من البيت الأموي، الذين أصبحوا فيما بعد خلفاء وأمراء على المسلمين، لذلك فقد سعوا جاهدين لاختراع أحاديث سياسيّة تؤيّد سلطانهم، فعملوا على أن تكون العدالة للجميع بدون استثناء والعصمة لكافة المسلمين حتّى تشملهم، وتكون ستاراً لعيوبهم ومخازيهم وأفعالهم الشنيعة.(17)
ــــــــــــــــــــــــــــ
1) مكان الولادة: سوريا. مؤلّفاته: 1) لا تضيعّوا السُنّة، 2) شبهات وحقائق.
2) الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر العسقلاني، 1: 7.
3) شبهات وحقائق، مصطفى خميس: 117 ـ 118.
4) تاريخ الخلفاء: 241.
5) لا تضيّعوا السُنّة، مصطفى خميس: 92.
6) جامع بيان العلم، 2: 174.
7) الشورى: 21.
8) النحل: 116.
9) لا تضيّعوا السُنّة، مصطفى خميس: 93.
10) الطلاق: 1.
11) مقالات الإسلاميين: 1: 324، 251.
12) لا تُضيّعوا السُنّة، مصطفى خميس: 94 الى 95.
13) شبهات وحقائق، مصطفى خميس: 123.
14) تفسير لفخر الدين الرازي، 20: 237 ومجمع البيان للطبرسي، 6: 654.
15) الأسراء: 60.
16) تاريخ الخلفاء للسيوطي: 13، والتفسير الكبير الرازي 20: 236.
17) شبهات وحقائق: مصطفى خميس: 124 ـ 125.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

اللطميات

مشاهدة الكل

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page