المزارعة بين أكثر من اثنين :
هل يصح أن تكون المزارعة بين أكثر من اثنين.. فالأرض من واحد، والبذر من ثانٍ، والعمل من ثالث، والبقر من رابع ـ مثلاً ـ ؟
قال كثير من الفقهاء لا تصح إلاّ بين اثنين «لأن العقد يتم بالموجب وهو صاحب الأرض، والقابل وهو العامل، فدخول ما زاد يخرج العقد عن وضعه، أو يحتاج اثباته إلى دليل».
ويلاحظ بأنه ليس من الضروري إذا تم العقد بين اثنين أن لا يتم بين أكثر، وإلاّ أشكل الأمر في الشركات التي تضم العشرات.. أمّا الحاجة إلى الدليل فحق، ولكن ليس من الضروري أن يكون الدليل نصاً خاصاً على المعاملة بالذات، وإلاّ أشكل الأمر في أكثر المعاملات.. فيكفي لصحة المعاملة آية: تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ، وللزومها آية: أَوْفُواْ بِالعُقُودِ.. هذا بالإضافة إلى اطلاق أدلة المزارعة الشاملة لما يقع بين اثنين، وأكثر .
مسائل :
1 ـ إذا حددت المزارعة بأمدٍ معين، وانتهى الأمد، والزرع باق لم يبلغ بعد، فما هو الحكم ؟
قال جماعة من الفقهاء: يحق لصاحب الأرض أن يزيل الزرع من أرضه، سواء أكان التأخير بتقصير من الزرع، أو لحادث سماوي، كتأخير المياه أو تغير الهواء، لأن حق الزارع قد انتهى بانتهاء الأمد .
وقال صاحب مفتاح الكرامة: ان المحقق الثاني في جامع المقاصد قال: ان كان التأخير بتقصير الزارع فللمالك ازالة الزرع، لأنّه عند الانتهاء يكون الزارع كالغاصب، وان كان بغير تقصير منه يجب ابقاء الزرع إلى بلوغه وادار كه.. ثمّ قال صاحب مفتاح الكرامة، وبهذا أفتى الشيخ الطوسي في كتاب المبسوط، وهو الحق .
والذي نراه أن المالك لا يحق له أن يزيل الزرع اطلاقاً، حتّى ولو كان التأخير بتقصير الزارع، لأنه قد تصرف أول ما تصرف بحق وبسبب مشروع.. أجل، عليه أجرة الأرض للمدّة الباقية.. أما قياس هذا الزارع على الغاصب فقياس مع الفارق، لأن الغاصب قد أقدم منذ البداية على هدر حقه، وعدم احترام ماله، ولذا تهدم الدار التي يبنيها في أرض الغير بالاجماع، أما الزارع فلم يقدم على شيء من ذلك. وبكلمة ان الغاصب يصدق عليه حديث: لا حق لعرق ظالم، ولا يصدق على الزارع المذكور .
2 ـ إذا كانت لك ارض خربة فيجوز أن تعطيها لآخر على أن يصلحها، ويكون له ناتجها سنة أو أكثر، وبعدها يكون الناتج بينكما، لكلٍ حصة معلومة .
3 ـ إذا بلغ الزرع، أو ظهر الثمر على الشجر جاز أن يتقبل الزرع والثمر رجل بمقدار معين منهما، فان جرت الصيغة بين المالك والمتقبل ـ أي الضامن بلسان العرف ـ لزمت المعاملة، ولا يجوز العدول عنها إلاّ باتفاق الطرفين، وإلاّ فحكمها حكم المعاطاة تلزم بالأخذ والاعطاء، أو بالتصرف على ما سبق في الجزء الثالث.. وإذا تبينت الزيادة فهي للمتقبل، وان ظهر النقصان فعليه، على شريطة أن لا يصاب الزرع والثمر بآفة تهلكهما قبل الحصاد والقطف، وإلاّ كان حكمها حكم تلف المبيع قبل قبضه من أنّه من مال البائع، كما أن التلف والهلاك لو حصل بعد الحصاد والقطف فمن مال المتقبل، لأنه بحكم المشتري .
4 ـ اذا انتهى أمد الزراعة، وبعده نبت حب أو أفرخت جذور من متخلفات الزراعة المشتركة فان كان البذر من صاحب الأرض فهو له، وان كان من العامل فهو له، لأن النماء يتبع البذر، وعليه أجرة الأرض إلاّ اذا كان قد أعرض عما تخلف وبقي، كما هو الغالب .
المزارعة بين أكثر من اثنين :
- الزيارات: 1622