ومثلاً: تطور الأمر بعد موسى بن عمران، فظهر في الناس فراعنة من نوع جديد، لا يقهرون أجسام الناس بالسحر والجنود، وإنما يقهرون عقول الناس بالعلم، وليس بأي علم، وإنما بعلم إنساني يحتاج إليه جميع الناس، ظهروا بعلم الطب، وبالإخبار عن الغيبيات، وتقدموا فيهما، حتى كان أحدهم يحيي الميت إذا عرض عليه قبل أن يبرد جسمه، ويفحص المريض بمجرد إلقاء نظرة على وجهه، ويخبر عما أكله المريض أو فعله. فكان المؤمنون الذين ينتظرون عيسى ابن مريم عليه السلام يظنون أنه سيظهر بمثل وسائل إبراهيم الخليل، أو بمثل وسائل موسى بن عمران، فكان من الطبيعي أن يشكّوا في مقدرة عيسى ابن مريم على دحر قادة الإلحاد، المتسلحين بالعلم النافع، وما علموا أن الله سينصر رسله في كل زمان بالوسائل المناسبة، فظهر عيسى ابن مريم عليه السلام بالعلم المتفوق، فقال: أنا أبرئ الأكمه والأبرص وسائر المصابين بالأمراض المستعصية، لا بالدواء، وإنما بمجرد مسحة يد، وأحيي، لا الميت الجديد الذي لم يبرد جسمه بعد فقط، وإنما أحيي كل الأموات حتى الميت الرميم وإني أخلق لكم من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيراً بإذن الله، وهنا ما لا يدّعيه طبيب وإني أخبركم لا بما أكله المريض أو فعله فأصيب فحسب، وإنما أخبركم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم. فهزم فراعنة العلم بسلاحهم.
دور عيسى عليه السلام
- الزيارات: 2301