1- أما مناقشته علمياً فكما يلي:
الأول: إن التفوّق موجود في جميع الموجودات، ابتداءً بالجمادات والنباتات وانتهاءً بالحيوان والإنسان، وذلك على إثر تغيير بسيط في التركيب الكيمياوي أو الفسيولوجي... ففي الأجرام الفضائية توجد نجوم تفوق جميع النجوم في حجمها وكهربتها وعمرها نتيجة لتوفر مواد فيها غير متوفرة في بقية الأجرام الفضائية. وفي النباتات تظهر نباتات متفوقة في الحجم والفاعلية، وهكذا في الحيوان والإنسان. والعاديات تشكل طبقة مألوفة، ثم ترتفع فوقها طبقة المتفوقات، التي تعلو عليها جميعاً قمة المتفوقات، وتكون خارجة على المألوف وخارقة للعادة بفاصل كبير، وإذا كان لكل فصيل من الكائنات متفوق يظهر في زمان، فماذا يمنع أن يكون الإمام المنتظر قمة العمرين، وظهر في هذا الزمان لفارق في تركيبه الجسماني.
ولا نريد أن نملأ الصفحات بذكر النماذج المتفوقة، فإن دراسة لعلوم الطبيعيات تشهد بوجود التفوق في جميع المخلوقات.
الثاني: إن العلم لا يستطيع أن ينفي شيئاً، لأنه ليس إرادة تفرض على الكائنات، وتحدد مسارها، وإنما هو انطباع حاصل من استقراء بعض الكائنات، وليس حاصلاً عن استقصائها جمعاء، لأن البشر وإن استطاع استقصاء جميع المصاديق المعاصرة من فصيل مطروح للدرس، فإنه لا يستطيع استيعاب الزمان حتى يستقصي جميع المصاديق، فيأخذ عنها انطباعاً مطمئناً إلى اعتماده على الاستقصاء، واستقراء بعض المصاديق يولد انطباعاً يصلح لتوسيع (أرشيف المعلومات) ولا يولد قاعدة ثابتة يمكن الاعتماد عليها للحكم على ما لم يتم استقراؤه من المصاديق. وقد ثبت في (علم المنطق): (أن الجزئي لا يكون كاسباً ولا مكتسباً) ويعني بالجزئي كل استقراء لم يستوعب الكل ولو بانفلات مصداق واحد.
لذلك يبقى العلم التجريبي في نطاق (النظرية) أو (الانطباع) الذي يصلح لإعطاء فكرة عن الفصائل المدروسة، ولا يصلح قاعدة لمعرفة كل مصاديق هذه الفصائل، فلهذا نجد الكائنات تواصل تطورها وتوالدها، ونجد العلماء يسيرون خلفها لالتقاط مزيد من الصور. لتوسيع أرشيف معلوماتهم، وهم يغيّرون معلوماتهم كلما وجدوا نموذجاً يختلف عن النماذج المعروفة.
- مثلاً كانوا يقولون بوحدة أصل الأنواع، وبأن القرد أصل الإنسان، ثم غيّروا معلوماتهم بهذا الخصوص.
- وغيروا معلوماتهم حتى الآن عدة مرات في تحديد تاريخ الإنسان على الأرض.
- وغيروا معلوماتهم في طريقة تكوّن الأرض، وفي المواد التي يتكون منها النفط. وغيروا معلوماتهم بالنسبة إلى أشياء كثيرة فيما يتصل بالأجرام الكونية، والشهب والزلازل، والمعادن، وعدد العناصر الأولية للكون، والطب وغيرها... حتى أصبح تغيير المعلومات شيئاً سهلاً ومألوفاً لا يفاجئ أحداً ولا يعاب عليه أحد، فما من كشف جديد إلا ويساوي تغيير سلسلة من المعلومات:
والعلماء يرون اليوم أن تركيبة جسم البشر المعروف حالياً لا يتحمل البقاء طويلاً، وهم يبحثون عما يساعده على البقاء لفترة أطول. وهذا يعني عدم استحالة البقاء الطويل، كما يعني أنهم يتوقعون العثور على وسيلة للبقاء الطويل، فلا مفاجئة إذا عرفوا شخصاً عثر على تلك الوسيلة وجربها في نفسه.
الثالث: لقد توصل علم الطب إلى أن الجسم البشري صالح للبقاء الطويل إذا لم يتعرض لنكسات صحية، ذلك أن الجسم مركب من خلايا عادية وخلايا نبيلة، فالخلايا العادية، وإن كانت تستهلك بسرعة على أثر الفعاليات العضلية، إلا أن الجسم مزود بأجهزة لتوليد كل أنواع الخلايا العادية التي يحتاجها الجسم. والخلايا النبيلة وإن كان عددها معيّناً منذ الولادة، ولا يوجد في الجسم جهاز لتوليد بدل ما يتحلل منها، إلا أنها قوية وصالحة للقاء الطويل إن لم تتعرض لصدمات.
صحيح أن الإنسان قد يولد وهو يحمل في داخله آفات تفتك به من الداخل باستمرار، وصحيح أن البيئة المعاصرة ملوّثة تحرم جسم الإنسان من الظروف الصحية الملائمة، ولكن هذا لا يعني أنه لا يمكن لأي إنسان أن يتخلص منها، فإذا ولد إنسان سليماً من الآفات الداخلية، وتخلص من البيئة الملوثة، فالمفروض أن يعمر طويلاً.
الرابع: إن تجارب التحنيط أثبتت أن الجسم البشري قابل لمقاومة الزمان مدى السنين، بمسحة بسيطة من مواد كيماوية اسمها (المومياء) وخلايا جسم الميت - رغم عدم تجددها - إذا كانت صالحة للبقاء، فهل تكون خلايا جسم الحيّ - مع تجددها - غير صالحة للبقاء، غير أن البشر استطاع أن يعرف وسيلة لحفظ جسم الميت ولم يستطع أن يعرف وسيلة لحفظ جسم الحيّ، ولكن نجاح التحنيط ألقى الضوء الأخضر على طريق البقاء.
الخامس: إن التشكيك في طول عمر الإمام المنتظر ناتج من (استبعاد) أن يعيش إنسان أكثر من ألف عام في الوقت الذي لا يعيش الناس - غالباً - مائة عام، و(الاستبعاد) ليس دليلاً علمياً، فكل علماء الأمس كانوا يقولون: (استبعاد) أو(استحالة) جميع حصائل العلم الحديث اليوم، وكل علماء اليوم يقولون: (استبعاد) أو(استحالة) أشياء ستحقق في الغد. فـ (الاستبعاد) ليس دليلاً يمكن الاعتماد عليه لنفي شيء.
تفنيد التشكيك علميّاً
- الزيارات: 2891