روى النعمانيرحمه الله، عن زرارة قال : سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول : «إنّ للقائم غيبتين ، يرجع في إحداهما، والاُخرى لا يدري أين هو؟ يشهد المواسم ، يرى الناس ولا يرونه »[731]
وعن محمّد بن مسلم الثقفي أنّه سمع الإمام أبا جعفر الباقر عليه السلام يقول : «إنّ للقائم غيبتين ، يقال له في إحداهما: هلک ، ولا يدرى في أيّ وادٍ سلک »[732]
الرضوي : إحداهما ـ أي الثانية منهما ـ لطولها وامتداد زمانها. وقد قال ذلک ضعفاء الدين والإيمان . وذكر الشيخ محمّد بن إبراهيم النعماني رحمه الله عدّة أحاديث في أنّ للقائم عليه السلام غيبتان ، وذكر الأولى التي كان فيها سفراؤه الأربعة الواسطة بينه وبين شيعته ، وهم : عثمان بن سعيد العمري ، ثمّ ابنه محمّد بن عثمان ، ثمّ الحسين بن روح ، ثمّ علي بن محمّد السمري ، ولمّا حضرت السمري الوفاة سئل أن يوصي ؟ فقال : لله أمر هو بالغه ، وكان زمان هذه الغيبة أربعاً وسبعين عاماً، ووقعت بعدها الغيبة الكبرى التي امتدّ زمانها إلى هذا العصر. وأماحنا اليوم أمارات ظهوره عليه السلام، عجل الله ذلک ، وكشف به عنّا البلاء.
عن عبدالله الشاعر (ابن أبي عقب ) قال : سمعت عليّاً عليه السلام يقول : «كأنّي بكم تجولون جولان الإبل ، تبتغون مرعىً لا تجدونها يا معشر الشيعة »[733]
الرضوي : وذلک لطول الغيبة ، وارتفاع الوسائط بيننا وبينه عليه السلام؛ للأمر الذي يريده الله، والتدبير الذي يمضيه ، وبوقوع التمحيص والامتحان والبلبلة والغربلة والتصفية ، كما قال عزّوجلّ (مَا كَانَ آللهُ لِيَذَرَ آلْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ آلْخَبِيثَ مِنَ آلطَّيِّبِ وَمَا كَانَ آللهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى آلْغَيْبِ )[734]، جعلنا الله تعالى من الثابتين على القول به ، والمنتظرين لظهوره ، ومن المستشهدين بين يديه .
عن هاني التمّار قال : قال لي أبو عبدالله عليه السلام: «إنّ لصاحب هذا الأمر غيبة المتمسّک فيها بدينه كالخارط للقتاد بيده ، ثمّ قال هكذا بيده ، فأيّكم يمسک شوک القتاد بيده ».
ثمّ قال : «إنّ لصاحب هذا الأمر غيبة ، فليتّقِ اللهَ عبد وليتمسّک بدينه »[735]
وقال القرماني في تاريخه : وله قبل قيامه غيبتان : احداهما أطول من الاُخرى ، فأمّا القصرى فمنذ ولادته إلى انقطاع السفارة بينه وبين الشيعة ، وأمّا الطُولى فهي التي بعد الاُولى وفي آخرها يقوم بالسيف...[736].
________________
731- الغيبة للنعماني: 181، ح15، عنه بحار الانوار: 52/156، ح16.
732- الغيبة للنعماني: 178، ح8، عنه بحار الأنوار: 52/156، ح15.
733- الغيبة للنعماني: 197، ح3، كمال الدين وتمام النعمة: 304، ح17.
734- آل عمران: 179.
735- الغيبة للطوسي: 455، ح465، ورواه الكليني في الكافي عن يمان التمّار عنه عليه السلام :1/335، ح1.
736- أخبار الدول: 117، إرشاد المفيد: 340.