العنوان الحادي عشر
في خصوصياته المتعلّقة بأفضل الأنبياء (صلّى الله عليه وآله)
زيادة على ما ذكرنا سابقاً بعنوان ما أعطاه الله تعالى من أفضل المخلوقات ، والمراد هنا بيان ثبوت جميع فضائل خاتم الأنبياء (صلوات الله عليه وآله) وابتلاءاته له ، فنقول :
محمّد المصطفى (صلّى الله عليه وآله) أفضل المخلوقين ، وهو أفضل من الحسين (عليه السّلام) ، والحسين(عليه السّلام) من أفضل المخلوقين ، وأفضل المخلوقين منه (عليه السّلام) .
محمّد المصطفى (صلّى الله عليه وآله) سيد الأنبياء ، والحسين (عليه السّلام) سيد الشهداء .
محمّد المصطفى (صلّى الله عليه وآله) خاتم الأنبياء والمرسلين ، والحسين (عليه السّلام) خاتم الشهداء والصدّيقين .
محمّد المصطفى (صلّى الله عليه وآله) رحمة للعالمين ؛ لعموم الفيض منه من جهات عديدة ، والحسين (عليه السّلام) رحمة للعالمين كذلك .
محمّد المصطفى (صلّى الله عليه وآله) شاهد ومبشّر ، والحسين (عليه السّلام) يشهد يوم القيامة لِمَنْ زاره ، أو بكى عليه شهادة تصلح له أمره ، وهو المبشّر له الآن ، وهو عن يمين العرش يناديه : (( أيّها الباكي ، لو علمت ما أُعدّ لك لفرحت أكثر ممّا جزعت )) .
محمّد المصطفى (صلّى الله عليه وآله) قد خصّه الله تعالى بقوله : ( إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ ) ، والحسين (عليه السّلام) قد أعطاه الله تعالى الكوثر من فيوضه ، إنّه يفرح إذا شرب منه الباكي عليه ، كما في رواية مسمع بن عبد الملك في كامل الزيارات 102 .
محمّد المصطفى (صلّى الله عليه وآله) قد أعطاه الله تعالى الوسيلة ، وهي إحدى مقامات الشفاعة ، والحسين (عليه السّلام) قد جعله الله تعالى وسيلة ، وقد ورد أنّ باب الحسين أوسع ، وأنّ سفينته أسرع ، وكما جاء أيضاً : (( لا يوم كيومك يا أبا عبد الله )) .
محمّد المصطفى (صلّى الله عليه وآله) قال الله تعالى له : ( عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْمُوداً ) ، وهو أعظم مقام من مقامات الشفاعة ، والحسين (عليه السّلام) من أعظم أسباب شفاعة النبي (صلّى الله عليه وآله) ؛ فقد ورد أنّه لمّا أُخبر بشهادته كان ممّا قال له جبرئيل (عليه السّلام) : إن شئت أن تكون شهادة ولديك ذخيرة لك لشفاعة العصاة فارض بذلك ، وإن شئت دعوت الله تعالى أن يسلّمهما من السمّ والقتل .
محمّد المصطفى (صلّى الله عليه وآله) قد جعل لكلّ عضو من أعضاء بدنه كرامة ظاهرة ، قد ذكرنا تفصيلها في أبواب حالاته ، والحسين (عليه السّلام) مظهر لكرامات أعضائه الشريفة ؛ فإنّ نحره وجبينه كانا يُضيئان لكثرة ما يُقبّلهما رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، وكان يُقبّل فوق سرته ولم يعلم السبب في ذلك حتّى
أُصيب بسهم ذي ثلاث شعب على قلبه السليم المبارك المصاب بالسهم ، وكان قاتله حقيقة ، فعلم أنّ التقبيل كان لذلك ، وهذا من معجزاته (صلوات الله عليه) .
محمّد المصطفى (صلّى الله عليه وآله) له معراج بكيفيات خاصة ، بل قال العلماء أنّه له أكثر من معراج ، والحسين (عليه السّلام) له معراج بكيفيات خاصة ، فله معراج جسماني وروحاني يوم قتله .
محمّد المصطفى (صلّى الله عليه وآله) قد صدع بما اُمر بعد خطابه تعالى بقوله : ( فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ ) ، فوقف وحيداً غريباً في مجتمع الجاهلية ونادى وحيداً ، وتحمّل واحتمل مشاقّ الحروب في بدر وأُحد وحنين والأحزاب وغيرها ، وتحمّل استهزاء الكفّار والمنافقين جميعاً ، وعانى ما عانى من دون باقي الأنبياء والمرسلين ، والحسين (عليه السّلام) قد صدع بما اُمر على طبق ذلك من وقوفه وحيداً غريباً في أُمّة جدّه المصطفى (صلّى الله عليه وآله) وكان نداءه وحيداً ، واجتماع جميع مشاقّ تلك الغزوات في جهاده يوم عاشوراء ولكلّ تفصيل على حدة .
هذا ، ولكن إلى متى أقول محمداً وحسيناً! وقد قال محمّد حبيب الله : (( حسين منّي وأنا من حسين ، أحبّ الله مَنْ أحبّ حسيناً )) . وهذا أيضاً حديث عجيب في معناه وبيانه وتنسيقه ؛ حيث ابتدئ باسم الحسين ، وانتصف بالحسين ، وانتهى بالحسين ، وكفانا أنّ الإسلام محمدي الوجود حسيني البقاء ، اللّهمّ صلِّ على حبيبك محمد وآله الأطهار .
فلنكتف بقولنا : محمّد من الحسين والحسين من محمّد عن ملاحظة تطبيقات الفضائل وابتلاءات المصطفى (صلّى الله عليه وآله) ؛ فجميع ابتلاءاته قد وردت على الحسين (عليه السّلام) .
وصلّى الله على محمّد المصطفى وآله المعصومين والحمد لله .
انتهى الكتاب بحمد الله تعالى وتعظيمه
اللّهمّ صلِّ على محمّد المصطفى وآله المعصومين وعجّل في فرجهم يا كريم