• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

اجابة المرتضى وآخرين راينا في الرواية

إجابة المرتضى (رحمه الله) وآخرين:
لقد أجاب السيد المرتضى رحمه الله على الشبهة المذكورة آنفاً ـ ووافقه غيره على ذلك ـ بما مفاده: أنه قد سلم بأن هذا الأمر قد صدر عن علي أمير المؤمنين عليه السلام، ولكنه يرفض أن يكون دالاً على عدم عصمته صلوات الله وسلامه عليه، لأنه لم يصدر منه على سبيل التمرُّد، والعصيان، إذ ليس الأمر على سبيل الإيجاب.
قال رحمه الله: (إن النبي (ص) حينما أمر علياً (ع) بمحو كلمة (رسول الله) وإثبات اسمه الشريف، بدون هذه الكلمة، فإنه قد استكبر ذلك واستعظمه وجوّز أن يكون (ص) إنما قال: افعل ذلك مرضياً لسهيل وإن كان لا يؤثر، ولا يريد فعله.بل يؤثره التوقف عنه فتوقف حتى يظهر من النبي (ص) أنه لذلك مؤثر. وأنه أمر حقيقي بالمحو، فصبر علي (ع) على ذلك على مضض شديد. وقد يثقل على الطباع ما فيه مصلحة من العبادات كالصوم في الحر).
ثم ذكر رحمه الله موقف عمر في هذه المناسبة، ثم أجاب عن قولهم بأنه كان يجب مع الشك أن يستفهم، بأنه عليه السلام قد فعل ما يقوم مقام الاستفهام، من التوقف حتى ينكشف الأمر، وإن لم يكن (ع) شاكاً في أنه (ص) لا يوجب قبيحاً، ولا يأمر بمفسدة. لكنه لما تعلق صورة الأمر بفعل تنفر منه النفوس والطباع، فقد جوز أن لا يكون ذلك القول أمراً، فتلاه بتوقفه.
وذلك منه عليه السلام غاية الحكمة، ونهاية الاحتياط للدين[1].
وقال العيني: (قول علي رضي الله تعالى عنه: ما أنا بالذي أمحاه ليس بمخالفة لأمر رسول الله (ص) لأنه علم بالقرينة: أن الأمر للإيجاب)[2].
وقال القسطلاني والنووي: قال العلماء: وهذا الذي فعله علي من باب الأدب المستحب، لأنه لم يفهم من النبي (ص) تحتّم محو على نفسه، ولهذا لم ينكر عليه. ولو حتّم محوه لنفسه لم يجز لعلي تركه ولا أقره النبي (ص) على المخالفة[3].

رأينا في الرواية:
أما نحن فلم نجد ما يدعونا إلى الاعتقاد بصحة هذه الرواية من الأساس.
وكلام السيد المرتضى والنووي، والعيني، والقسطلاني كلام جيد وسليم لو كان للقضية أصل. أما إذا كان ثمة ريب وشك كبير في صحتها، وساقتنا الأدلة إلى اكتشاف ثغرات وتلمس دلالات تشير إلى تحريف خطير فيها، فلا تصل النوبة إلى أجوبة هؤلاء الأعلام، رغم قوتها في نفسها، ووضوحها.
والذي أثار هذا الريب والشك لدينا في صحتها هو الأمور التالية:
أولاً: لقد كذّب علي عليه السلام نفسه هذه الدعاوى الباطلة صراحة حيث يقول: (لقد علم المستحفظون من أصحاب محمد (ص) أني لم أرد على الله، ولا على رسوله ساعة قط. ولقد واسيته بنفسي في المواطن التي تنكص فيها الأبطال، وتتأخر الأقدام، نجدة أكرمني الله بها الخ…)[4].
وقال المعتزلي الشافعي، وهو يشير إلى اعتراضات بعض الصحابة على النبي (ص) في الحديبية: (إن هذا الخبر صحيح لا ريب فيه،والناس كلهم رووه)[5].
ويمكن التأكيد على هذا الالتزام انطلاقاً من قول رسول الله (ص) في علي عليه السلام: علي مع الحق، والحق مع علي، يدور معه حيث دار[6].
وثانياً: إن طاعة علي عليه السلام لرسول الله (ص) والخضوع المطلق لأوامره ونواهيه، لهو السمة المميزة له عن كل من صحابته صلى الله عليه وآله، وعلى عليه السلام هو الذي يقول: (أنا عبد من عبيد محمد)[7].
وهو الذي بلغ من تقيده بحدود الأوامر والزواجر: أنه حينما قال له النبي (ص) يوم خيبر: (اذهب، ولا تلتفت حتى يفتح الله عليك) مشى هنيهة، ثم قام ولم يلتفت للعزمة، ثم قال: علام أقاتل الناس؟! قال النبي(ص): قاتلهم، حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله الخ.)[8].
وثالثاً: قال ابن عباس لعمر عن علي: (إن صاحبنا من قد علمت، والله إنه ما غيّر ولا بدّل ولا أسخط رسول الله (ص) أيام صحبته له)[9].
ورابعاً: إن أعداء علي عليه السلام كثيرون، ومنهم من حاربه بكل ما قدر عليه، فلو أنهم وجدوا في هذه القضية ما يوجب أدنى طعن، أو تحامل عليه لما تركوه، بل كانوا ملأوا الخافقين في التشنيع عليه بأنه عليه السلام قد خالف أمر رسول الله، وعصاه. ولم نجد أحداً منهم تفوه ببنت شفة حول الأمر أبداً.
وخامساً: إن مراجعة النصوص تعطينا: أنها غير متفقة في حكايتها لحقيقة ما جرى. بل في بعضها ما يكذب الرواية المذكورة التي تتهم علياً عليه السلام بمخالفته أمر رسول الله له بمحو اسمه الشريف.
وملاحظتها بمجموعها تعطينا انطباعاً آخر غير ما توحي به الروايات التي تقدمت في صدر البحث.
ويمكن تلخيص القضية على الصورة التالية: إنه لما طلب النبي (ص) من علي عليه السلام أن يكتب كلمة رسول الله، واجهه سهيل بن عمرو بالاعتراض على ذلك. فأثار ذلك حفيظة المسلمين، وضجوا وأمسك بعضهم يد علي عليه السلام مانعاً له من الكتابة.
وقد أفاد عدد من هذه النصوص أيضاً: أن سهيلاً حين اعترض على النبي بقوله: لو نعلم أنه رسول الله ما قاتلناه، أمحها.
قال له علي: هو والله رسول الله وإن رغم أنفك لا والله لا أمحوها.
فعلي إنما عارض سهيل عمرو، ورفض طلبه بالمحو.فبادر النبي (ص) إلى الطلب من علي (ع) أن يضع يده على الكلمة، وذلك من أجل أن يحفظ لعلي عليه السلام شخصيته وعنفوانه أمام العدو وحتى لو كان (ص) قد طلب من علي محو اسمه الشريف، فهذا الطلب إنما جاء في صورة احتدام الجدال بين علي وبين سهيل بن عمرو. وهو يفيد في ظروف كهذه ولا سيما بعد أن راقب النبي ما جرى من حدة وجدال وتصلب حول هذا الأمر إلى درجة التهديد بعدم إتمام الصلح ـ إنه يفيد ـ أنه (ص) قد رفع الإلزام بهذا الأمر بهدف أن يمضي الشرط، ويتم الصلح ولم يُرِد أن يوجب محو اسمه ليلزم من ذلك العصيان لأمره الإلزامي ومما يدل على أنه لم يكن ثمة ما يوجب الطعن على علي (ص) في هذا الأمر: أن أعدى أعدائه (عليه السلام) يروون هذه القضية ولا يشيرون إلى أي طعن عليه فيها ومهما يكن من أمر فإن الروايات لهذه القضية قد جاءت على طوائف نذكرها ـ باستثناء الطائفة التي ذكرناها في مطلع هذا البحث ـ فيما يلي من مطالب.

**********
[1] المصدر السابق ص442 /443
[2] عمدة القاري ج13 ص275.
[3] المواهب اللدنية ج1 ص128 وشرح النووي على صحيح مسلم ج12 ص135.
[4] نهج البلاغة، بشرح عبده ج2 ص196 و197 وراجع: شرح النهج للمعتزلي ج10 ص179 وغرر الحكم ج2 ص288 (المطبوع مع ترجمة لأنصاري). وعن االأمالي للمفيد. وراجع: مصادر نهج البلاغة ج3 ص74
[5] شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج10 ص180.
[6] راجع: دلائل الصدق ج2 ص303 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج18 ص72 وعبقات الأنوار ج2 ص324 عن السندي في دراسات اللبيب ص233 وكشف الغمة ج2 ص35 وج1 ص141 ـ 146 والجمل ص81 وتاريخ بغداد ج14 ص321 ومستدرك الحاكم ج3 ص119 و124 وتلخيص المستدرك للذهبي (مطبوع بهامشه) وربيع الأبرار ج1 ص828 و829 ومجمع الزوائد ج7 ص234 ونزل الأبرار ص56 وفي هامشه عنه وعن:كنوز الحقائق ص65 وعن كنز العمال ج6 ص157 وملحقات إحقاق الحق ج5 ص77 و28 و43 و623 و638 وج 16 ص384 و397 وج4 ص27 عن مصادر كثيرة جداً.
[7] بحار الأنوار ج3 ص283 والتوحيد للصدوق ص174 والاحتجاج ج1 ص496 ويلاحظ: أن علياً يقول: أنا عبد من عبيد محمد. ورجل آخر يقول: أنا زميل محمد. راجع: تاريخ الأمم والملوك ج3 ص291 ط الاستقامة وراجع: الفائق ج2 ص11 والحياة السياسية للأمام الحسن للمؤلف ص 64.
[8] راجع: أنساب الأشراف (بتحقيق المحمودي )ج2 ص93 والإحسان بترتيب صحيح ابن حبان ج15 ص380 وإسناده صحيح ومسند أحمد ج2 ص384 ـ 385 وصحيح مسلم ج17 ص121 وسنن سعيد بن منصور ج2 ص179 وخصائص أمير المؤمنين للنسائي ص58 وراجع ص59 و 57 وترجمة الإمام علي بن أبي طالب من تاريخ دمشق (بتحقيق المحمودي) ج1 ص159 والغدير ج10 ص202 وج4 ص278 وفضائل الخمسة من الصحاح الستة ج1 ص200 وراجع: مسند الطيالسي ص320 وطبقات ابن سعد ج2 ص110.
[9] شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج12 ص51 ومنتخب كنز العمال ج5 ص229 (مطبوع مع مسند أحمد) وحياة الصحابة ج3 ص249 عنه وعن الزبير بن بكار في الموفقيات. وقاموس الرجال ج6 ص25.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page