فصل ( 56 ) فيما نذكره من تمام احياء ليلة النصف من شعبان
وما يختم به من التوصل في سلامتها من النقصان اعلم ان من وفق للعمل ( 1 ) كلما ذكرناه على الوجه الذي يليق بمراقبة الله جل جلاله وذكر العقل والقلب بان الله جل جلاله يراه فانه يستبعد ان يبقى معه شئ من هذه الليلة المذكورة خاليا عن الاعمال المبرورة ، وان كان له عذر عن بعض ما رويناه وشرحناه أو كان عمله له على عادة اهل الغفلة في صورة العمل والقلب مشغول بدنياه ، فربما بقي معه وقت من هذه الليلة فإياه ، ثم اياه ان يضيعه بما يضره من الحركات والسكنات أو بما لا ينفعه بعد الممات .
فقد قدمنا في الروايات المتظاهرات ان هذه الليلة من الاربع ليال التي تحيى بالعبادات ، ورأيت في حديث خاص عن النبي صلى الله عليه وآله انه قال : من احيا ليلة العيد وليلة النصف من شعبان لم يمت قلبه يوم تموت القلوب ( 2 ) . فان غلبك
النوم بغير اختيارك حتى شغلك عن بعض عبادتك ودعائك واذكارك ، فليكن نومك لأجل طلب القوة على العبادة كنوم اهل السعادة ولاتنم كالدواب على العادة ، فتكون متلفا بنوم الغافلين ما ظفر به من احيائها من العارفين .
واما ما يختم به هذه الليلة : فقد قدمنا عدة خاتمات لأوقات معظمات فاعمل على ما قدمناه ، ففيه كفاية لمن عرف مقتضاه ، ونزيد هاهنا ان نقول الآن إذا كان اواخر هذه الليلة نصف شعبان ،
فاجعل تسليم اعمالك الى من تعتقد انه داخل بينك وبين الله جل جلاله في آمالك وتوسل إليه وتوجه الى الله جل جلاله باقبالك عليه ، في ان يسلم عبادتك من النقصان ويحملها بالعفو والغفران ، ويفتح بها ( 3 ) ابواب القبول ويرفعها في معارج درجات
المأمول ، ولا تحسن ظنك بنفسك وبطاعتك . فكم من عمل قد عملته في دنياك بغاية اجتهادك وارادتك ثم بانت لك في من العيوب ، وغلط العقول والقلوب ما تعجب من الغفلة عنه ، فكيف إذا كان الناظر في عملك الله جل جلاله الذي لا يخفى عليه شئ منه .
* ( هامش ) *
1- للعمل كما في ( خ ل ) .
2 - عنه الوسائل 8 : 105 ، رواه في ثواب الاعمال : 70 ، عنه البحار 97 : 86 . ( * )
3 - لها ( خ ل ) .