• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

القسم الاول التعریف بنظریة صراع الحضارات و نقدها

القسم الاول
التعریف بنظریة صراع الحضارات و نقدها

إنّ مضامین النظریة تشمل مایلی:

1. خلق الاعداء
إن القسم الاوّل لنظریة صراع الحضارات یتضمن ضرورة وجود عدوٍ ما. و فی الحقیقة یتعین خلق الأعداء کی یتحقق العداء و کی یتم بالتالی مواجهته، یقول هنتینغتون:
إنّ وجود العدو ضرورة حیویة للشعوب التی تقوم بالبحث عن الهویة لها أو إعادة بناء قومیتها و إن أخطر العداءات الکامنة یقع فی حطوط تماس الحضارات الرئیسة.[1]
إنه من الواضح أن أساس النظریة هو وجود العدو و حالة العداء کی یمکن مواجهته و الواقع هو أن هذا الفعل ناتج عن التشاؤم و التوهم بالنسبة للآخرین و هو فی ذلک لا یعکس الواقع. الیس بالإمکان بدلاً من ذلک أن نبدأ بالتفاؤل مع الآخرین و نمنع الاشتباک و العنف؟
تأسیساً علی منطق الغرب، فإن صراع الحضارات لا یتفق و التسامح و حقوق الإنسان والدیموقراطیة.

2. العالم متعدد الاقطاب
إنّ النقد اللاذع الذی یوجه صوب المناهضین للغرب و دیموقراطیتهم هو أنه لاینبغی تقسیم الأفراد إلی الصدیق و العدو و تقسیم المجتمع الی المواطنین من الدرجة الأولی و الثانیة، لکن بالرغم من هذا النقد و التنقیص فإنّ الخطوة الثانیة التی تخطاها هنتینغتون عقیب خلقه للعدو هو الایمان بالعالم متعدد الأقطاب:
إن القول الأساس لهذا الکتاب هو أنّ الثقافات و الهویات الثقافیة التی هی ذاتها الهویات الحضاریة علی نطاق واسع، تعین حالات التقارب أو التباعد أو الحروب فی العالم ما بعد الحرب الباردة... للمرة الاولی فی التاریخ تکون السیاسیة العالمیة متعددة الأقطاب و متعددة الحضارات أیضاً.[2]
علاوة علی التنافر بین هکذا توجه و حقوق الإنسان و خطاب الدیموقراطیة الغربیة! فإن هذه الرؤیة لا تتفق مع موقف هنتینغتون نفسه فیما یتعلق بادارة العالم. لأنه یصرح بالنماذج الاربعة لإدارة المجتمع العالمی و هی نموذج العالم الواحد لـ فوکویاما و نموذج العالمین، ای عالمنا و عالمهم و الرؤیة التقلیدیة للمسلمین علی حد تعبیره المعنون بدار الحرب و دارالإسلام أو الصدیق و العدو؛ و هو یرفض کذلک النظرة الفوضویة و یفضل بصورة نسبیة العالم متعدد الاقطاب.[3]
عندئذ فالسؤال الذی یطرح نفسه هو ما الفرق بین رؤیة العالمین و تعدد العوالم من جهة و العالم آحادی القطب و متعدد الأقطاب؟ بناءً علی نفس الأدلة الذی یرفض بها العالم ذا القطبین لما فیه من التمییز و التفریق غیر المبرر و الخالق للعداء، فإن العالم متعدد الأقطاب سیکون طافحاً بالتوترات. ثم فی العالم الذی سیکون ذا قطبین، کل یری نفسه علی الحق و یری القطب الاخر علی الباطل و کذا فی العالم متعدد الاقطاب سیکون الامر خاضعاً لهذا المنطق و سوف لایتنازل أحد القطبین حیال الآخر. و علیه بناءاً علی الرؤیة الغربیة لحقوق الانسان و المساواة بین البشر فإن کل استقطاب و تمییز ینفی المساواة بین الافراد سیکون مرفوضاً و مستکرها سواءً أکان العالم متعدداً أم ثنائی الاقطاب.

 

3.أفول الغرب النسبی
إنّ جانباً آخر من نظریة صراع الحضارات یقر بأفول الغرب النسبی و قصور الحضارة الغربیة قبال الحضارت الاخری.
إن الغرب یشهد أفولاً من ناحیة النفوذ السیاسی؛ لکن الحضارات الاسیویة تقوم بتوسعة قوتها العسکریة و السیاسیة. أما الإسلام فتوسعته برکانیة من الناحیة السکانیة... الحضارات غیر الغربیة تقوم بإعادة عرض للقیم الخاصة بثقافتها. النظام العالمی یقوم علی أساس الحضارات و إن التی بینها قرابة ثقافیه بدأت تتعاون فیما بینها. إنّ محاولة نقل مجتمع من حضارة إلی أخری باتت مستحیلة و إن الدول الصغری تتکتل حول الدولة التی لها دور رئیس فی حضارتها.[4]
و قد أصبحت سیادة الغرب موضعاً للشک و بدأ العد التنازلی لانحطاطه و بدأ الشرق یسمو علیه فاصبحت جدارة الغرب فی تضاؤل و أحقیة الشرق فی تزاید نتیجه لذلک تکون الحضارة الهابطة قد فقدت قابلیتها للبقاء فلا ینبغی لها التشابک و الصراع مع الحضارة النامیة. و لکننا نجد العکس؛ فان مطامع الغرب فی هکذا أوضاع لم تکن خافیة علی هنتینغتون.

4. دعوی الشمولیة العالمیة
یقول هنتینغتون فی هذا المضمار:
ان دعاوی الغرب ذات النـ‍زعة العالمیه، أدت إلی اشتباکات متنامیة مع الحظارات الاخری و خصوصاً الإسلامیة و الصینیة منها مع الغرب إنَّ بقاء الغرب فی الساحة یعتمد علی تأکید الأمریکیین علی هویتهم الغربیة و قبول الغرب بان حضارتهم لهم حصراً و انها لیست عالمیة و ان یتحدوا بعضهم مع البعض لأجل اعادة البناء و الاحتفاظ بهذه الحضارة و تجنبها التحدی مع المجتمعات غیر الغربیة. ان تجنب حرب عالمیة للحضارات یعتمد علی إذعان قادة العالم بکون السیاسة العالمیة سیاسة متعددة الحضارات و أن یتعاونوا فیما بینهم للابقاء علیها.[5]
إن هنتینغتون و بعد ان یطرح الاشکالیة، یجد الحل فی العزوف عن المطامع و القبول باللاعالمیة للحضارة الغربیة؛ لکنه لایترک دعوی التحدی مع الحضارات الاخری و یطالب الغرب بالتوحد فیما بینهم للحفاط علی حضارتهم. إن الاشکال الذی یرد علیه هو:
اولاً: إن الافول النسبی للحضارة الغربیة و کونها غیر عالمیة لایترک لها حیزاً للمغامرة و التحدی تجاه الحضارات الاخری. و ثانیاً: عندما یکون الحدیث عن التحدیات و عند ما یعمل لها و یراد لها التنفیذ ستکون المرحلة اللاحقة مرحلة صراع الحضارات و بذلک لا یکون هناک مجال للحدیث عن تعاون قادة العالم لاجل الحفاظ علی الحضارات متجنبین الصراع بینها.
بعد سرد نظریة صراع الحضارات و التعرف علی مضامینها نجد هناک تساؤلاً یطرح نفسه و هو ما مدی صحة و سلامة هذه العقیدة و هل لتکهنات هنتینغتون حظ من التحقق؛ هناک بعض النقد قد ورد علی تلک النظریة و نحن هنا نتنحی عن تکرار الإشکالات الواردة و نقوم بدلاً من ذلک بطرح الاشکالات الآتیة:
أ) إنّ نظریة صراع الحصارات قد بنیت علی مبدأ العداء و المؤامرة و هذا ما یخطئه بجدّیة الداعون والمدافعون عن الدیموقراطیة کـ کارل بوبر و الحقیقة هی أن هذا الامر نوع من التهرب عن المسوولیة وخداع السذج و هذا نابع من اللامسؤولیة و روح المغامرة.
ب) یبدو أن هنتینغتون و بالنیابة عن الغرب وکآلة ثقافیة و سیاسیة للولایات المتحدة، یسعی جاهداً متجاوزاً لحدوده و محاولاً عبر طرحه لنظریة صدام الحضارات، أن یمنع الغرب من الأفول و أن یطالب بحصهٍ للغرب لایستحقه. و مع الأخذ بنظر الاعتبار المسار المنحدر الذی یسلکه الغرب و الذی یعترف به هنتینغتون نفسه، فإنّ خلق الاعداء و القیام بالتحدی و صنع التوترات و إشعال نار صراع الحضارات و محاولة الإبقاء علی حضارة تواجه الشیخوخة، لیس منطقیاً و عادلاً.
ج. الإشکال الآخر هو جعل التنمیة و المواجهة أمراً واحداً. نعم إن الحضارة الغربیة و خصوصاً فی الجانب الأخلاقی یتجه صوب الإنحطاط و نتیجةً لذلک لا یمکنها و لایحق لها دعوی کونها عالمیة و قائدة للعالم. و صحیح أن الحضارات الأخری و خصوصاً الآسیویة منها و الإسلامیة بدأت تتجه صوب السمو و الرقی و لکن نمو و تطور الحضارات الشرقیة لایعنی بالضرورة أنها بصدد التسلط أو التحرش بالغرب، لأنّ هذه الحضارات و خصوصاً الإسلامیة منها، بسبب تمحورها حول الأخلاقیات فإنها لاتسمح لنفسها الجور و التمادی علی حقوق الاخرین. نعم عندما نری الغرب قد أجرم عندما رمی بأنظمة کإسرائیل المتوحشة تفتک بالمسلمین، فلایمکنهم الصمت و الإستسلام حیال ذلک. صحیح أن خطوط التماس للحضارة الإسلامیة تقطر دماً لکن الغرب کان و لا یزال هو المسؤول المباشرعن جمیع هذه الدماء التی تسفک فی فلسطین المحتلة و العراق و افغانستان و البوسنة و... و الذی یقوم بظلم فاضح و عن طریق دعم الدول الإرهابیة المرتبطة به ممهداً لتلک الجرائم و سفک الدماء.
د. إن الإشکال الجوهری لنظریة صراع الحضارات یکمن فی الرؤیة الخاطئة لطبیعة الإسلام و الإنسان وسیأتی تفصیل هذا الإشکال فی أثناء هذا المقال المتعلق بالمقارنه بین خطاب المهدویة و صراع الحضارات.

 



[1] . ساموئیل هانتینغتون، برخورد تمدنها و بازسازی نظم جهانی (صدام الحضارات و اعادة بناء النظام العالمی)، ترجمة محمد علی حمید رفیعی، ص 28 و 29.

[2] . نفسه، ص 29.

[3] . نفسه، ص 42 و 49.

[4]. برخورد تمدن ها و بازسازی نظم جهانی (صدام الحضارات و اعادة بناء النظام العالمی)، ص29.

[5]. نفسه، ص29 ـ30.

 


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

١ ذوالقعدة الحرام

١- ذوالقعدة الحرام ١ـ ولادة كريمة أهل البيت فاطمة بنت موسى بن جعفر(س). ٢ـ غزوة بدر الصغرى. ٣ـ وفاة الاشعث ب...

المزید...

١١ ذوالقعدة الحرام

١١- ذوالقعدة الحرام ولادة ثامن الحجج، الامام السلطان ابوالحسن علي بن موسى الرضا المرتضى(ع) ...

المزید...

١٥ ذوالقعدة الحرام

١٥- ذوالقعدة الحرام نهاية الحكم الاموي وبداية الحكم العباسي ...

المزید...

٢٣ ذوالقعدة الحرام

٢٣- ذوالقعدة الحرام غزوة بني قريظة وتصفية يهود المدينة

المزید...

٢٥ ذوالقعدة الحرام

٢٥- ذوالقعدة الحرام ١) يوم دحو الارض ٢) خروج الرسول (ص) لحجة الوداع ٣) احضار الامام الرضا(ع) من الحجاز إلى ...

المزید...

٣٠ ذوالقعدة الحرام

٣٠- ذوالقعدة الحرام شهادة الامام الجواد(ع)

المزید...
012345
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page