• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

مقدمـة

العقائد الإسلامية
مركز المصطفى للدراسات الإسلامية
المجلد الخامس
يتضمن مسائل عصمة الأنبياء والأوصياء(عليهم السلام)


مقدمـة

بسـم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة وأتم السلام على سيدنا ونبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين
وبعد ، فإن عصمة الأنبياءوالأوصياء(عليهم السلام)من العقائد المركزية في الأديان الإلهية ، وقد اهتم بها علماء المسلمين ، خاصةً علماء مذهب أهل البيت(عليهم السلام) ، وبحثوا مسائلها بإجمال وتفصيل ، وسلكوا المنهج الكلامي الذي يغلب عليه الطابع العقلي ، أو المنهج الحديثي الذي يغلب عليه الطابع النقلي ، وإن كانت عملية الإستدلال عملية عقلية دائماً ، لأنها ترتيب مقدمات للإنتقال بها إلى نتيجة سواءً كانت مقدماتها عقلية أو نقلية ، أو مركبة .
وقد اخترنا لسلسلة العقائد الإسلامية المنهج الحديثي المقارن ، وتوسعنا في هذا المجلد في بحثين من بحوث العصمة:
الأول: العصمة في القرآن ، فبحثنا طوائف من الآيات الكريمة لايمكن تفسيرها إلا بالمعصومين من الأنبياءوأوصيائهم(عليهم السلام) .
والثاني: مقارنة عقيدة العصمة بين الإسلام واليهودية ، لبيان دور اليهود في تخريب عقيدة عصمة الأنبياء(عليهم السلام)وتأثر المسلمين بهم ! فاليهود هم الذين فتحوا باب التنقيص من مقام الأنبياءوالأوصياء(عليهم السلام)، وطوَّلوا ألسنتهم عليهم، واتهموهم بارتكاب أخطاء ومعاصي وأفعال مشينة ، حتى الكفر بالله تعالى !
ومن المؤسف أن النصارى تبعوهم في ذلك ، ولم يستثنوا إلا نبي الله عيسى ×فقط. ثم تبعهم جمهور المسلمين فاستوردوا منهم أكثر اتهاماتهم للأنبياء(عليهم السلام) وافتراءاتهم عليهم ، وكان السبب الأكبر في ذلك أن الخلافة القرشية قامت على سياسة منع المسلمين من التحديث بأحاديث نبيهم’، وقرَّبَتْ عدداً من حاخامات اليهود وقساوسة النصارى ، وأطلقت ألسنتهم في نشر ثقافتهم بين المسلمين فنشروها بإسم الإسلام ، وغرسوا في أذهان المسلمين التصور اليهودي الظالم للأنبياءوالأوصيائهم(عليهم السلام) ، ودخل كل ذلك في كتب الصحاح والتفسير والسيرة ، وورثت ذلك أجيال المسلمين على أنه حقائق دينية !
ولولا وقوف أهل البيت(عليهم السلام)وعلماء مذهبهم في مقابل موجة الثقافة اليهودية ، لاتسعت زاوية الإنحراف ، وتضاعف الإفتراء على الأنبياءوالأوصياء(عليهم السلام) ، بل على الله نفسه تبارك وتعالى ، ولم يبقَ مَن يعتقد بعصمة الله وأوليائه ، ويدفع عنهم افتراءات اليهود والمتهوكين !
إن النص التالي يصوِّر لنا عمق الفاجعة التي حلَّتْ بثقافة الأمة الإسلامية من تبني السلطة القرشية للإسرائيليات ، ويكشف نوع عمل الأئمة^في معالجتها:
قال الصدوق&في عيون أخبار الرضا(ع):2/170:(باب ذكر مجلس آخر للرضا (ع)عند المأمون مع أهل الملل والمقالات ، وما أجاب به علي بن محمد بن الجهم في عصمة الأنبياءسلام الله عليهم أجمعين:
حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني(رض)والحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المكتب ، وعلي بن عبد الله الوراق رضي الله عنهم قالوا: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم قال: حدثنا القإسم بن محمد البرمكي قال:حدثنا أبو الصلت الهروي قال: لما جمع المأمون لعلي بن موسى الرضا(ع)أهل المقالات من أهل الإسلام والديانات من اليهود والنصارى والمجوس والصابئين وسائر المقالات ، فلم يقم أحد إلا وقد ألزمه حجته كانه ألقم حجراً ، قام إليه علي بن محمد بن الجهم فقال له: يا ابن رسول الله أتقول بعصمه الأنبياء(عليهم السلام)؟ قال(ع): نعم. قال: فما تعمل في قول الله عز وجل: وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى. (طـه:121) ، وفي قوله عز وجل: وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أن لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ.(الأنبياء:87) وفي قوله عز وجل في يوسف×:وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا. (يوسف:24). وفي قوله عز وجل في داود: قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إلى نِعَاجِهِ وإن كثيراً مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَاهُمْ وَظَنَّ دَاوُدُ إنما فَتَنَّاهُ. (صّ:24) ، وقوله تعالى في نبيه محمد’: وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللهُ أحق أن تَخْشَاهُ. (الأحزاب:37)
فقال الرضا(ع): ويحك ياعلي إتق الله ولاتنسب إلى أنبياءالله(عليهم السلام)الفواحش ولا تتأول كتاب الله برأيك ، فإن الله عز وجل قد قال: وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إلا اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ.( آل عمران:7). أما قوله عز وجل في آدم: وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى( طـه: 121)، فإن الله عز وجل خلق آدم حجة في أرضه وخليفة في بلاده لم يخلقه للجنة ، وكانت المعصية من آدم في الجنة لافي الأرض ، وعصمته يجب أن تكون في الأرض لتتم مقادير أمر الله ، فلما أهبطه إلى الأرض وجعله حجة وخليفة عصمه بقوله عز وجل: أن الله اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إبراهيم وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ .(آل عمران: 33) وأما قوله عز وجل:وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أن لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ. إنما ظن بمعنى استيقن أن الله لن يضيق عليه رزقه، ألاتسمع قول الله عز وجل: وأما إذا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ.( الفجر:16) أي ضيق عليه رزقه ، ولو ظن أن الله لا يقدر عليه لكان قد كفر.
وأما قوله عز وجل في يوسف: وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا، فإنها همت بالمعصية وهمَّ يوسف بقتلها إن أجبرته لعظم ما تداخله فصرف الله عنه قتلها والفاحشة ، وهو قوله عز وجل: كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ.(يوسف: 24) يعني القتل والزنا. وأما داود(ع)فما يقول من قبلكم فيه؟

فقال علي بن محمد بن الجهم: يقولون إن داود(ع)كان في محرابه يصلي فتصور له إبليس على صورة طير أحسن ما يكون الطيور ، فقطع داود صلاته وقام ليأخذ الطير فخرج الطير إلى الدار ، فخرج الطير إلى السطح ، فصعد في طلبه ، فسقط الطير في دار أوريا بن حنان ، فاطلع داود في أثر الطير بامرأة أوريا تغتسل فلما نظر إليها هواها ، وقد أخرج أوريا في بعض غزواته ، فكتب إلى صاحبه أن قدم أوريا إمام التابوت ، فقدم فظفر أوريا بالمشركين ، فصعب ذلك على داود ، فكتب إليه ثانية أن قدمه إمام التابوت فقدم فقتل أوريا ، فتزوج داود بامرأته !
قال: فضرب الرضا×بيده على جبهته وقال: إنا لله وإنا إليه راجعون! لقد نسبتم نبياً من أنبياءالله^الى التهاون بصلاته حتى خرج في أثر الطير ، ثم بالفاحشة ثم بالقتل ! فقال: يا بن رسول الله فما كان خطيئته ؟

فقال: ويحك ! إن داود إنما ظن أن ما خلق الله عز وجل خلقاً هو أعلم منه فبعث الله عز وجل إليه الملكين فتسورا المحراب ، فقالا: خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلاتُشْطِطْ وَاهْدِنَا إلى سَوَاءِ الصِّرَاطِ.إِنَّ هَذَا أخي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ. قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إلى نِعَاجِهِ، (صاد:22-24) فعجل داود على المدعى عليه فقال: قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إلى نِعَاجِهِ، ولم يسأل المدعي البينة على ذلك ولم يقبل على المدعى عليه فيقول له: ما تقول؟ فكان هذا خطيئة رسم الحكم لا ما ذهبتم إليه ! ألا تسمع الله عز وجل يقول: يَا دَاوُدُ أنا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأرض فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ. ( صاد: 26).
فقال: يا بن رسول الله فما قصته مع أوريا؟
فقال الرضا(ع):إن المرأة في أيام داود(ع)كانت إذا مات بعلها أو قتل لاتتزوج بعده أبداً ، وأول من أباح الله له أن يتزوج بامرأة قتل بعلها كان داود(ع)، فتزوج بامرأة أوريا لما قتل وانقضت عدتها منه ، فذلك الذي شق على الناس من قبل أوريا.
وأما محمد(ص)وقول الله عز وجل: وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللهُ أحق أن تَخْشَاهُ.( الأحزاب:37)فإن الله عز وجل عرف نبيه(ص)’أسماء أزواجه في دار الدنيا وأسماء أزواجه في دار الآخرة وأنهن أمهات المؤمنين، وإحداهن من سمى له زينب بنت جحش، وهي يومئذ تحت زيد بن حارثة، فأخفى إسمها في نفسه ولم يبده لكيلا يقول أحد من المنافقين أنه قال في امرأة في بيت رجل أنها إحدى أزواجه من أمهات المؤمنين، وخشئ قول المنافقين ، فقال الله عز وجل: وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللهُ أحق أن تَخْشَاهُ ، يعني في نفسك. وإن الله عز وجل ما تولى تزويج أحد من خلقه إلا تزويج حواء من آدم×وزينب من رسول الله’بقوله: فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إذا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكَانَ أَمْرُاللهِ مَفْعُولاً.( الأحزاب:37)وفاطمة من علي‘.
قال: فبكى علي بن محمد بن الجهم وقال: يا بن رسول الله: أنا تائب إلى الله عز وجل من أن أنطق في أنبياءالله(عليهم السلام)بعد يومي إلا بما ذكرته). انتهى.
لذلك ركَّزنا البحث على كشف الجذور التاريخية للشبهات والإفتراءت على عصمة الأنبياءوالأوصياء(عليهم السلام) ، خاصة ما يتعلق بعصمة نبينا’، ثم على بحث الأصل القرآني لعقيدة العصمة ، وقاعدة اللطف. والله تعالى ولي التوفيق .
حرره بقم المشرفة في الثاني والعشرين من رجب الخير 1423
علي الكوراني العاملي


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

اللطميات

مشاهدة الكل

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page