فصل ـ 4 ـ
273 ـ وعن ابن بابويه ، عن محمد بن الحسن ، حدّثنا محمد بن الحسن الصّفار ، عن عليّ بن محمد القاساني ، عن القاسم بن محمد الإصفهاني ، عن سليمان بن داود المنقري ، عن حفص ، بن غياث النّخعي ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : من أهتمّ لرزقه كتب عليه خطيئة ، إنّ دانيال عليه السلام كان في زمن ملك جبّار (1) ، فأخذه فطرحه في الجبّ ، وطرح معه السّباع لتأكله ، فلم تدن إليه .
فأوحى الله تعالى جلّت عظمته إلى نبيّ من أنبيائه عليهم السلام : أن ائت دانيال بطعام ، قال : يا ربّ وأين دانيال ؟ قال : تخرج من القرية فيستقبلك ضبع فيدلّك عليه ، فخرج فانتهى به الضّبع إلى ذلك الجبّ ، فإذا بدانيال عليه السلام فيه ، فأدلى إليه الطّعام ، فقال دانيال : الحمد لله الّذي لا ينسى من ذكره ، والحمد لله الّذي لا يخيب من دعاه ، والحمد لله الّذي يجزي بالإحسان إحساناص وبالصّبر نجاة .
ثم قال أبو عبدالله عليه السلام : أبي الله أن يجعل أرزاق المتّقين إلاّ من حيث لا يحتسبون ، وأبى الله أن يقبل شهادة لأوليائه في دولة الظّالمين (2) .
274 ـ وعن ابن بابويه ، عن أبيه ، حدّثنا محمد بن يحيى العطّار ، عن محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري ، حدّثنا السيّاري ، عن اسحاق بن إبراهيم ، عن الرّضا عليه السلام قال : إنّ الملك قال لدانيال : أشتهي أن يكون لي ابن مثلك فقال : ما محلّي من قلبك ؟ قال : أجلّ محلّ وأعظمه ، قال دانيال : فإذا جامعت فاجعل همّتك فيّ ، قال : ففعل الملك ذلك ، فولد له ابن أشبه خلق الله بدانيال (3) .
275 ـ ثمّ قال أبو عبد الله عليه السلام : إنّ شعيباً جعل لموسى عليه السلام في بعض السّنين الّذي كان عنده كلّ بلقاء تضعه غنمه في تلك السّنة فوضعت كلّها بلق (4) .
وفي هذا الخبر ما يحتاج إلى تأويل ، وهو : أنّه لا تأثير لشيء ممّا ذكر في الحقيقة في تغيّر هيئة الجنين ، وأمّا الأنبياء فدعواتهم مستجابة وأمورهم عجابة ، وإذا كان شيء ممّا يتعجّب منه من قبل الله تعالى فلا يستنكر وتعالى على كلّ شيء قدير (5) .
____________
(1) في البحار : جبّار عات .
(2) بحار الأنوار ( 14 | 362 ـ 363 ) ، برقم : ( 4 ) و( 95 | 187 ـ 188 ) ، برقم : ( 11 ) و( 103 | 28 ) ، برقم :
(3) بحار الأنوار ( 14 | 371 ) ، برقم : ( 11 ) و( 69 | 366 ـ 367 ) ، برقم : ( 65 ) .
(4) بحار الأنوار ( 13 | 29 ) عن التّفسير المنسوب إلى القمي . أقول : قوله : ثمّ عبدالله عليه السلام ، غير مناسب مع المنقول عن الإمام الرّضا عليه السلام آنفاً ويظهر من مقطع الكلام هنا سقوط شيء سنداً ومتناً ، وعلى تقدير كونه مرتبطاً بما سبقه ، فالمناسب أن يقال : ثم قال الرّضا عليه السلام . ويأتي في التّعليق الآتي ما يحلّ الإشكال .
(5) نعم إنّ الله على كلّ شيء قدير وإنّه عزيز حيم وحكيم ما يريد وما ذلك عليه بعزيز ولذا ذكر العلاّمة المجلسي في البحار الجزء ( 60 | 367 ) ذيل الحديث السّابق ما يقرّب وقوع الحقيقة وإن شئت فراجع والغرض من التعليق الإشارة إلى أنّ كلام الشيخ الراوندي هنا يناقض صدره ذيله فأنّ الاعتقاد بالإقتدار المطلق لله سبحانه لا يجامع الجزم بتأويل عمليّة موسى عليه السلام من غرزه عصاه في وسط مربض الاغنام لشعيب عليه السلام تلك الأغنام الّتي قال عنها شعيب لموسى عليهما السلام : ما وضعت في هذه السّنة من غنم بلق فهو لك بعد ما قال له موسى لمّا قضى أجله : لا بدّ لي أن أرجع إلى وطني وأمّي وأهل بيتي فمالي عندك ؟ . . . فاحتال حينئذ موسى فعمد إلى كساء أبلق والقاه على عصاه المغروز وسط المربض ثمّ أرسل الفحل على الغنم فلم تضع الغنم في تلك السّنة إلاّ بلقا فايّ بعد في إعطاء الله سبحانه تأثيراً للعمليّة المزبورة على تحوّل نطف الأغنام وصيرورتها عل صورة لون واحد وهو الأبلق حسب نطاق هذه الحكاية التي جاءت في البحار عن تفسير القمي برواية مفصّلة صدرها عن أبي جعفر عليه السلام وقد روي الرّاوي ذيلا هذا المقدار الذي نقلناه عن أبي عبدالله عليه السلام والظّاهر الرّاوندي أراد أن يشير إلى صدر الرّواية عن أبي جعفر عليه السلام ثمّ ينقل المورد المناسب للكلام المتقدم عن أبي عبدالله عليه السلام فذهل عن الصّدر وكتب ما هو المقصود ذيلاً على نحو الاختصار والإقتباس عنه عليه السلام بتعبير : ثم قال أبو عبدالله عليه السلام وبهذا الجرى أصبح ما ادعيناه في التّعليق المتقدم من وقوع سقط وارتباك في الكلام والنّقل صادقاً وصحيحاً .
فصل ـ 4 ـ ( في نبوّة إرميا ودانيا عليهما السلام )
- الزيارات: 802