• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

خطبتها في مجلس يزيد


خطبتها في مجلس يزيد
واستمع الآن إلى خطبتها في مجلس يزيد بن معاوية . روى الشيخ الصدوق ، وابن طيفور(1) , وغيره من أرباب التاريخ ، قال : لما اُدخل علي بن الحسين (عليه السّلام) وحرمه على يزيد (لعنه الله) ، وجيء برأس الحسين (عليه السّلام) ووُضع بين يديه في طشت , وجعل يضرب ثناياه بمخصرة كانت في يده , وهو يتمثّل بأبيات ابن الزبعري المشرك :
 يـا غرابَ البين ما شئت فقلْ      إنّـما تـذكر شيئاً قـد فُعلْ
لـيت أشـياخي ببدرٍ شهدوا      جزعَ الخزرج من وقع الأسلْ
حـين  حـكّت بقباء بركَها      واستحرَّ القتلُ في عبد الأشلْ
لأهـلّـوا واسـتهلوا فـرحاً      ثـمّ قـالوا يـا يزيدَ لا تُشلْ
لـعبت  هـاشمُ بـالملك فلا      خـبرٌ  جـاء ولا وحيٌ نزلْ
لـستُ من خندف إن لم أنتقمْ      مـن بـني أحمدَ ما كان فعلْ
 قـد قـتلنا الفخر من ساداتهمْ      وعـدلنا مـيلَ بـدرٍ فاعتدلْ
 وأخـذنا  مـن عـليٍّ ثـأرنا      وقتلنا الفارس الشهم البطلْ(1)
فقامت زينب بنت علي بن أبي طالب (عليه السّلام) , واُمّها فاطمة بنت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وقالت : الحمد لله ربِّ العالمين ، وصلّى الله على رسوله محمّد وآله أجمعين . صدق الله سبحانه حيث يقول : (ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءُوا السُّوءَى أَنْ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِئُون) .
أظننت يا يزيد , حيث أخذت علينا أقطار الأرض , وآفاق السماء ، فأصبحنا نُساق كما تُساق الإماء ، أنّ بنا على الله هواناً ، وبك عليه كرامة , وأنّ ذلك لعظم خطرك عنده ، فشمخت بأنفك , ونظرت في عطفك , تضرب أصدريك فرحاً , وتنفض مذوريك مرحاً(2) جذلان مسروراً ، حين رأيت الدنيا لك مستوسقة(3) , والاُمور متّسقة ، وحين صفا لك ملكنا وسلطاننا ؟!
فمهلاً مهلاً(4) , لا تطش جهلاً , أنسيت قول الله تعالى : (وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْماً وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ)(5) ؟
أمن العدل يابن الطلقاء(6) تخديرك حرائرك وإماءك , وسوقك بنات رسول الله (صلّى الله عليه وآله) سبايا ، قد هتكت ستورهنّ ، وأبديت وجوههنّ ، وصحلت أصواتهنّ(7) , تحدو بهنّ الأعداء من بلد إلى بلد ، ويستشرفهنّ أهل المناهل والمناقل ، ويتصفّح وجوههنّ القريب والبعيد , والشريف والدني ، ليس معهنّ من رجالهنّ ولي ، ولا من حماتهن حمي ؟!
وكيف يُرتجى مراقبة ابن مَن لفظ فوه أكباد الأزكياء(8) , ونبت لحمه من دماء الشهداء ؟! وكيف يستبطأ في بغضنا أهل البيت مَن نظر إلينا بالشَّنف والشنآن ، والإِحن والأضغان ؟!
ثمَّ تقول غير متأثّم ولا مستعظم ، داعيا بأشياخك : ليت أشياخي ببدر شهدوا , منحنياً على ثنايا أبي عبد الله سيد شباب أهل الجنّة تنكثها بمخصرتك(9) , وكيف لا تقول ذلك وقد نكأت القرحة(10) , واستأصلت الشأفة(11) بإراقتك دماء ذرّية محمّد (صلّى الله عليه وآله) ، ونجوم الأرض من آل عبد المطلب ؟!
أتهتف بأشياخك زعمت أنك تناديهم ؟! فلتردن وشيكاً(12) موردهم , ولتودّن أنك شُللت وبُكمت ، ولم تكن قلت ما قلت ، وفعلت ما فعلت . اللهمَّ خذ لنا بحقّنا , وانتقم ممّن ظلمنا ، واحلُل غضبك بمَن سفك دماءنا ، وقتل حماتنا .
فوالله يا يزيد ، ما فريت(13) إلاّ جلدك ، ولا حززت إلاّ لحمك ، ولتردنّ على رسول الله بما تحمّلت من دماء ذرّيته ، وانتهكت من حرمته في عترته ولحمته , حيث يجمع الله تعالى شملهم , ويلمّ شعثهم ، ويأخذ بحقّهم , (وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ)(14) . وحسبك بالله حاكماً ، وبمحمّد (صلّى الله عليه وآله) خصيماً ، وبجبرئيل ظهيراً ، وسيعلم مَن سوّل لك ومكّنك من رقاب المسلمين (بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً)(15) ، وأيّكم شَرٌّ مَكَاناً وَأَضْعَفُ جُنداً .
يزيد , ولئن جرّت عليّ الدواهي مخاطبتك(16) , إني لاستصغر قدرك ، واستعظم تقريعك ، واستكثر توبيخك ، لكن العيون عبرى , والصدور حرى . ألا فالعجب كلّ العجب لقتل حزب الله النجباء بحزب الشيطان الطلقاء ! فهذه الأيدي تنطف(17) من دمائنا ، والأفواه تتحلب من لحومنا(18) , وتلك الجثث الطواهر الزواكي تنتابها العواسل(19) , وتعفرها اُمّهات الفراعل(20) .
ولئن اتّخذتنا مغنماً لتجدنا وشيكاً مغرماً ، حين لا تجد إلاّ ما قدمت يداك ، (وما ربّك بظلاّمٍ للعبيدِ)(21) , وإلى الله المشتكى ، وعليه المعوّل . فكد كيدك ، واسعَ سعيك , وناصب جهدك ، فوالله لا تمحو ذكرنا ، ولا تميت وحينا ، ولا تدرك أمدنا ، ولا ترحض عنك عارها ، وهل رأيك إلاّ فند(22) , وأيامك إلاّ عدد ، وجمعك إلاّ بدد ، يوم ينادي المنادي ألا لعنة الله على الظالمين .
فالحمد لله ربِّ العالمين الذي ختم لأوّلنا بالسعادة والمغفرة , ولآخرنا بالشهادة والرحمة ، ونسأل الله أن يكمل لهم الثواب ، ويوجب لهم المزيد ، ويحسن علينا الخلافة ، إنه رحيم ودود ، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
فقال يزيد في جوابها :
 يا صيحةً تُحمد من صوائحِ      ما أهون النوح على النوائحِ

ـــــــــــــــــــــ
(1) ذكر ابن هاشم في سيرته قصيدة ابن الزبعري بكاملها .
(2) تضرب أصدريك : أي منكبيك ، وتنفض مذوريك : المذوران جانبا الأليتين ، ولاواحد لهما ، وقيل هما طرفا كل شيء ، كما يقال : جاء فلان ينفض مذوريه ، إذا جاء باغيا يتهدد ،وكذلك ، اذا جاء فارغا من غير شغل .
(3) مستوسقة : أي مجتمعة ، ومتسقة أي منتظمة .
(4) يقال : مهلا للرجل ، وكذا للانثى والجمع بمعنى امهل .
(5) سورة آل عمران / 178 .
(6) الطلقاء : هم أبو سفيان ، ومعاوية ، وبقية الاُمويِّين الذين أطلقهم رسول الله (صلّى الله عليه وآله) عام الفتح , يوم ورد (صلّى الله عليه وآله) مكة المكرمة فاتحاً ، وقد أيسوا من أنفسهم ، وما يدرون ما يصنع بهم رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، فأمرهم أن يجتمعوا وخطبهم ، وقال في آخر خطبته : (( اذهبوا فأنتم الطلقاء )) . فهكذا صاروا عبيداً لرسول الله (صلّى الله عليه وآله) هم وذرّيتهم إلى يوم القيامة .
(7) صحل صوته : بُح وحسن ، فهو صحِل .
(8) إشارة إلى هند اُمِّ معاوية حين شقّت بطن حمزة وهو قتيل ، ولاكت بأسنانها أمعاءه .
(9) المخصرة (بكسر الميم) : كالوسط ، أو كلّما اختصره الإنسان بيده فأمسكه من عصا ونحوها .
(10) نكأت القرحة : أي وسعت مكان جراحها .
(11) الشأفة : قرحة تخرج في أسفل القدم فتكون وتذهب ، والأصل استأصل الله شافته ، أذهبه كما تذهب تلك القرحة ، أو أزاله من أصله .
(12) وشيكاً : أي سريعاً .
(13) الفري : القطع .
(14) سورة آل عمران / 169 .
(15) سورة الكهف / 50 .
(16) الدواهي : جمع داهية ، وهي النازلة بالإنسان من بلاء وغيره .
(17) تنطف (بكسر الطاء وضمها) : أي تقطر .
(18) تنحلب عينه وفوه : أي سالا . (القاموس)
(19) العواسل : الذئاب السريعة العدو .
(20) اُمّهات الفراعل : تريد بها الضباع ، جمع فرعل ، وهو ولد الضبع .
(21) سورة فصلّت / 46 .
(22) الفند : الكذب ، ويقال لضعف الرأي : الفند .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

١ ذوالقعدة الحرام

١- ذوالقعدة الحرام ١ـ ولادة كريمة أهل البيت فاطمة بنت موسى بن جعفر(س). ٢ـ غزوة بدر الصغرى. ٣ـ وفاة الاشعث ب...

المزید...

١١ ذوالقعدة الحرام

١١- ذوالقعدة الحرام ولادة ثامن الحجج، الامام السلطان ابوالحسن علي بن موسى الرضا المرتضى(ع) ...

المزید...

١٥ ذوالقعدة الحرام

١٥- ذوالقعدة الحرام نهاية الحكم الاموي وبداية الحكم العباسي ...

المزید...

٢٣ ذوالقعدة الحرام

٢٣- ذوالقعدة الحرام غزوة بني قريظة وتصفية يهود المدينة

المزید...

٢٥ ذوالقعدة الحرام

٢٥- ذوالقعدة الحرام ١) يوم دحو الارض ٢) خروج الرسول (ص) لحجة الوداع ٣) احضار الامام الرضا(ع) من الحجاز إلى ...

المزید...

٣٠ ذوالقعدة الحرام

٣٠- ذوالقعدة الحرام شهادة الامام الجواد(ع)

المزید...
012345
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page