6 ـ الاستتار عن اوليائه
وقد قيل انما لم يظهر الى اوليائه خوفاً من اشاعة خبره، وقيل بل خوفاً من اعدائه لا غير، وقيل خوفاً على الولّي من الشك في المعجز الدّال على صدقه، وكل ذلك لا يخلو من قدح بل الاولى اعتقاد انّه لابد في ذلك من وجه مقتض لحسنه، وإن كنّا لا نستفصله.
على انّا نقول: {لا نسلّم} انه لم يظهر الى أوليائه، بل من الجائز أن يظهر الى من يرتفع مع ظهوره اليه وجه المفسدة، فانّا لا نعلم أحوال {كل انسان}، بل كل إنسان يعلم حال نفسه حسب.(المحقق الحلي، المسلك 282 ـ 283).
انما استتر... من اوليائه خوفاً عليهم من اعدائه، وكما جاز لعلي والائمة بعده كف ألسنتهم عن الفتيا في وقت وايديهم عن اصلاح الرعية في اكثر الاوقات خوفاً على انفسهم، فكذلك يجوز لامام الوقت اخفاء نفسه خوفاً عليها.(المحقق الحلي، الرسالة الماتعية: 311).
انا نجوّز ان يظهر لاوليائه ولا نقطع بعدم ذلك، على أنّ اللطف حاصل لهم في غيبته ايضاً، اذ لا يأمن احدهم اذا هم بفعل المعصية ان يظهر الامام عليه فيوقع به الحد وهذا القدر كاف في باب اللطف.(ابن ميثم، قواعد المرام: 191).
... انا لا نسلم ان الامام الذي نقول بغيبته الان لا يظهر لاوليائه، بل يظهر لهم ويأخذون عنه الاحكام، وقد ظهرت اليهم عنه احكام واجوبة مسائل سألوها، وغير ذلك من الادعية والمكاتبات كما هو مشهور بين الاثني عشرية.
سلمنا أنه لا يظهر لأحد من اوليائه، وان كانوا في غاية الصلاح والمحبة له والحاجة اليه، لكن السبب فيه أحد أمرين:
أحدهما: إن الانسان وان كان في غاية الصلاح الا أنّ طبيعته مجبولة على طلب الكمال وأعظم كما يتنافس فيه في الدنيا، ويتخيل كونه اشرف الكمالات هو الجاه، فان الانسان ربما يجهد في تحصيله بكل وسيلة... ثم أنّه اذا كان مطلوباً للخلق من تعظيم أقل امير من امراء الجور لهم، فكيف من الامام الحق المؤيّد بالكرامات الذي لو عرف الخلق بأسرهم حقيّة وجوده وصحة امامته وان الحق معه لبذلوا مهجتهم دونه اذا اختص انساناً من خلق الله فتطرق اليه وظهر اليه، فانه والحال هذه لا يؤمن أن يفتخر بمثل ذلك ويسرّه الى أخ له او ولد او زوجة فينتشر ذلك الى الاعداء او ولاة الاشرار، فان لكل نصوح نصوحاً، وكل حديث جاوز اثنين شاع، واذا انتشر ذلك كان سبباً للفساد.
الثاني: إن ذلك الولي لا يعرفه الا بالكرامات التي تظهر له منه ولا يصدقه بمجرد قوله، ثم لا يمتنع إن تطرأ الشبهة على المكلف في ذلك، فلا يقف على وجه دلالة الكرامة على مدّعي الامامة فيعتقد ما جاء به منكراً فيستعين بغيره فيصير خصماً وسبباً لوصول ذلك الامر إلى الاعداء.(ابن ميثم ـ النجاة في القيامة: 50 ـ 51).
ان قيل: لم لم يظهر لاوليائه؟ قلنا: لخوف الاشاعة فيشهره الولي بالعدو، ولان الولي لا يعلم انه الامام الا بمعجز وجائز تشكيك الوليّ فيه فتمنعه هذه الوصمة من ذلك شفقة منه عليه.(البياضي ـ الصراط المستقيم 2: 244).
6 ـ الاستتار عن اوليائه
- الزيارات: 761