غزوة تبوك
. غزوة تبوك
في 19 رجب سنة 9هـ ، وقعت غزوة تبوك:
أصبحت الدولة الإسلامية كياناً يهاب جانبه، و كان على المسلمين الحفاظ على حدوده و أراضية حتى تبلغ الرسالة الإسلامية أرجاء الأرض.
و استنفر النبي (ص) المسلمين من جميع نقاط الدولة الاسلامية استعداداً لحرب الروم إذ وردت أخبار تؤكد استعدادهم لغزو الجزيرة و اسقاط الدولة و محق الدين الاسلامي و صادف أن كان ذلك العام جدب و قلّة ثمار و كان الوقت صيفاً حاراً مما زاد من صعوبة الخروج لملاقاة عدو قوي متمرّس كبير العدد و العدة. فتقاعس ذوو النفوس الضعيفة و المعنويات المتدنّية و برز النفاق ثانية علانية ليثبّط العزائم و يخذل الإسلام.
و تخلّف بعض عن الالتحاق بالجيش لشدّة تعلّقهم بالدنيا، و بعض اخر احتجّ بشدّة الحر و اخرون لم يستطيعوا لشدّة ضعفهم و قلة إمكانات النبي (ص) لحملهم معه رغم بذل المؤمنين الصادقين أموالهم للجهاد في سبيل الله.
و بلغ النبي (ص) أن المنافقين يجتمعون في بيت أحد اليهود يثبّطون الناس و يخوّفونهم من اللقاء ، فتعامل معهم بحزم و شدة فأرسل إليهم من يحرق عليهم دارهم ليكونوا عبرة لغيرهم.
و قد أنزل الله ايات تفضح خطط المنافقين و تؤنّب المتقاعسين و تعذر الضعفاء؛ و بلغ عدد جيش المسلمين ثلاثين ألف مقاتل -على أقل تقدير- و استخلف النبي (ص) علي بن أبي طالب في المدينة لما يعلم منه من حنكة و حسن تدبير و قوة يقين؛ إذ خشي الرسول (ص) من قيام المنافقين بعمل تخريبي في المدينة، فقال (ص) : >يا علي إن المدينة لا تصلح إلاّ بي أو بك[1]<.
الإعلان عن مكانة علي (ع) لدى النبي (ص) :
و أشاع المنافقون و الذين في قلوبهم مرض حول بقاء علي بن أبي طالب في المدينة اموراً إذ قالوا: إنما تركه رسول الله استثقالاً له و تخففاً منه، سعياً منهم للإثارة رجاء أن يخلو جو المدينة لهم فأسرع عليّ (ع) للالتحاق برسول الله (ص) فلحق به على مقربة من المدينة و قال: يا نبي الله زعم المنافقون أنك إنما خلّفتني أنك استثقلتني و تخفّفت مني.
فقال (ص) : >كذبوا و لكنني خلّفتك لما تركت ورائي فاخلفني في أهلي و أهلك، أفلا ترضى يا علي أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبي بعدي<.
من نتائج غزوة تبوك:
1- لقد برز المسلمون كقوة كبيرة منظمة، تملك العقيدة القوية فتهابهم الدول المجاورة و الديانات الأخرى و كان هذا إنذاراً حقيقياً لكل القوى في خارج البلاد الاسلامية و داخلها بعدم التعرض للإسلام و المسلمين.
2- ضَمِنَ المسلمون عن طريق المعاهدات مع زعماء المناطق الحدودية (من جهة الشمال) أمن هذه المنطقة.
3- استفاد المسلمون من قدرتهم على تعبئة جيش كبير في العدة و العدد و ازدادت خبرتهم في التنظيم و الإعداد، و كانت الرحلة الى تبوك بمثابة استطلاع ميداني استفاد منه المسلمون في المراحل اللاحقة.
4- كانت غزوة تبوك اختباراً لمعنويات المسلمين و تمييزاً للمنافقين و فرزهم عن سائر المسلمين.
--------------------------------------------------------------------------------
1. الإرشاد للمفيد: 1/155، أنساب الاشراف: 1/94-95، كتز العمّال: ج 11/باب فضائل علي(ع).