وَمَهْبِطَ الْوَحْيِ
فوج بعد فوج لا إنقطاع لهم ، وما من بيت من بيوت الأئمّة منّا إلاّ وفيه معراج الملائكة لقول الله : (تَنَزَّلُ الْمَلاَئِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِّن كُلِّ أَمْر * سَلاَمٌ) (1) .
قال : قلت : من كلّ أمر ؟
قال : بكلّ أمر .
قلت : هذا التنزيل ؟
قال : نعم (2) .
(1) ـ المهبِط بكسر الباء على وزن مسجد بمعنى محلّ الهبوط والنزول ، أي محلّ نزول الوحي وهبوطه .
وفسّر الوحي في اللغة بأنّه هو كلّ ما ألقيته إلى غيرك بإشارة أو كتابة أو رسالة أو إلهام أو خفيّ كلام (3) .
وذكر في المرآة (4) : مجيء الوحي بمعنى الإلهام في مثل قوله تعالى : (وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ ..) (5) واستقصى في المفردات (6) معاني الوحي أنّه قد يكون بالإلهام كما في قوله تعالى : (وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى ...) (1) أو بمنام كما في قوله تعالى : (وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُول إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ) (2) أو بتسخير كما في قوله تعالى : (وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ ...) (3) أو برسول كما في تبليغ جبرئيل النبي (صلى الله عليه وآله) ، أو سماع كلام من معاينة كسماع موسى كلام الله تعالى .
والذي يفضي إليه التحقيق ويناسب آي الكتاب الكريم هو ما جاء في السفينة(4) ما حاصله : أنّ وحيه تعالى منحصر في الإلهام والإلقاء في المنام ، وخلق الصوت ، وإرسال الملك .
فينتج « إنّ ما جاء من الله تعالى بالإلهام أو المنام أو الصوت أو الملك لأي شخص خصوصاً إذا كان رسولا يكون وحياً » .
وأهل البيت (عليهم السلام) مهبط هذا الوحي الإلهي .
إمّا باعتبار نزول الوحي على سيّدهم الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) كما تلاحظه في حديث الحكم بن عتيبة قال : لقي رجل الحسين بن علي (عليهما السلام) بالثعلبية وهو يريد كربلاء ، فدخل عليه فسلّم عليه .
فقال له الحسين (عليه السلام) : من أي البلاد أنت ؟
قال : من أهل الكوفة .
قال : أما والله ياأخا أهل الكوفة ، لو لقيتك بالمدينة لأريتك أثر
جبرئيل (عليه السلام) من دارنا ونزوله بالوحي على جدّي ، ياأخا أهل الكوفة أفمستقى الناس العلم من عندنا ، فعلموا وجهلنا ؟! هذا ما لا يكون (1) .
أو باعتبار نزول الوحي عليهم أيضاً بالمعنى الأعمّ في ليلة القدر كما تلاحظه في حديث الحسن بن العبّاس ، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : قال الله عزّوجلّ في ليلة القدر : (فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْر حَكِيم) (2) . يقول : ينزل فيها كلّ أمر حكيم ، والمحكم ليس بشيئين ، إنّما هو شيء واحد ، فمن حكم بما ليس فيه اختلاف فحكمه من حكم الله عزّوجلّ ، ومن حكم بأمر فيه اختلاف فرأى أنّه مصيب فقد حكم بحكم الطاغوت .
إنّه لينزل في ليلة القدر إلى وليّ الأمر تفسير الاُمور سنة سنة ، يؤمر فيها في أمر نفسه بكذا وكذا ، وفي أمر الناس بكذا وكذا .
وإنّه ليحدث لوليّ الأمر سوى ذلك كلّ يوم علم الله عزّوجلّ الخاصّ والمكنون العجيب المخزون مثل ما ينزل في تلك الليلة من الأمر ، ثمّ قرأ : (وَلَوْ أَنَّمَا فِي الاَْرْضِ مِن شَجَرَة أَقْلاَمٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُر مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللهِ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (3) (4) .
ويضاف إلى ذلك أحاديث تفسير سورة القدر (5) وأحاديث تفسير (6)
_________
(1) سورة القدر : الآية 4 و 5 .
(2) بحار الأنوار : ج25 ص97 ب ح71 .
(3) مجمع البحرين : ص91 .
(4) مرآة الأنوار : ص222 .
(5) سورة المائدة : الآية 111 .
(6) مفردات الراغب : ص515 .
(7) سورة القصص : الآية 7 .
(8) سورة الأنبياء : الآية 25 .
(9) سورة النحل : الآية 68 .
(10) سفينة البحار : ج8 ص420 .
(11) الكافي : ج1 ص398 ح2 .
(12) سورة الدخان : الآية 4 .
(13) سورة لقمان : الآية 27 .
(14) الكافي : ج1 ص248 ح3 .
(15) تفسير الكنز : ج14 ص359 .
(16) تفسير الكنز : ج12 ص469 .
أهل البيت (عليهم السلام) منازل وحي السماء
- الزيارات: 1113