وعلى الداعي أن يواظب على الدعاء والمسألة في حال الاِجابة وعدمها ؛ لاَنّ ترك الدعاء مع الاجابة من الجفاء الذي ذمّه تعالى في محكم كتابه بقوله : ﴿ وإذا مسَّ الاِنسانَ ضُرٍّ دعا ربهُ مُنيباً إليه ثُمَّ إذا خوَّلهُ نعمةً منهُ نسيَ ما كان يدعو إليه من قبلُ ﴾ (1).
وقال أمير المؤمنين عليه السلام لرجل يعظه : «لا تكن ممن... إنّ أصابه بلاء دعا مضطراً ، وإن ناله رخاء أعرض مغتراً » (2).
أما في حال تأخر الاجابة فيجب معاودة الدعاء وملازمة المسألة ، لفضيلة الدعاء في كونه مخّ العبادة ، ولاَنّه سلاح المؤمن الذي يقيه شر أعدائه من الشيطان وحب الدنيا وهوى النفس والنفس الامارة ، ولربما كان تأخير الاجابة لمصالح لا يعلمها إلاّ من يعلم السرّ وأخفى ، فيكون الدعاء خيراً للعبد في الآجلة ، أو يدفع عنه بلاءً مقدراً لا يعلمه في العاجلة ، ولعلّ تأخير الاجابة لمنزلته عند الله سبحانه ، فهو يحب سماع صوته والاكثار من دعائه ، فعليه أن لا يترك ما يحبه الله سبحانه .
روي عن الاِمام الباقر عليه السلام أنّه قال : «إن المؤمن يسأل الله عزَّ وجلّ حاجة فيؤخر عنه تعجيل اجابته حبّاً لصوته واستماع نحيبه » (3).
وعليه يجب الالحاح بالدعاء في جميع الاَحوال ، ولما في ذلك من الرحمة والمغفرة واستجابة الدعوات .
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «رحم الله عبداً طلب من الله عزَّ وجلَّ حاجةً فألحّ في الدعاء ، استجيب له أو لم يستجب » (4).
وعن الاِمام أبي جعفر الباقر عليه السلام أنّه قال : «والله لا يلح عبد مؤمن على الله عز وجلّ في حاجته إلاّ قضاها له » (5).
وعن الاِمام الصادق عليه السلام : «إن الله عز وجلّ كره إلحاح الناس بعضهم على بعض في المسألة ، وأحبّ ذلك لنفسه ، إنّ الله عزَّ وجلّ يحب أن يُسأل ويُطلب ما عنده» (6).
_________
(1) نهج البلاغة ـ الكتاب (31) .
(2) نهج البلاغة ـ الحكمة (150) .
(3) الكافي 2 : 354 | 1 ، وقرب الاسناد : 171 .
(4) الكافي 2 : 345 | 6 .
(5) الكافي 2 : 345 | 3 .
(6) الكافي 2 : 345 | 4 .
23 ـ الالحاح بالدعاء :
- الزيارات: 1026