فيما يلي بعض الدعوات التي أكدت النصوص الاِسلامية على استجابتها وتأثيرها في استجابة الدعاء :
أولاً : الدعاء للمؤمنين :
ويعتبر من أهم مطالب الدعاء ، وذلك لاَنّه يعكس إيثار المؤمن وإخلاصه وعمق ارتباطه باخوته المؤمنين على امتداد الزمان والمكان ، وهو على نوعين :
1 ـ دعاء عام يشمل جميع المؤمنين الحاضرين منهم أو الذين سبقوا بالاِيمان ، وهو من أهم أنواع الدعاء ، لاَنّه دعاء يحبّه الله تعالى ويستجيب لصاحبه ، لذلك وردت الروايات الكثيرة التي تشيد بفضله وعمق آثاره على الداعي والمدعو له .
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «ما من مؤمن أو مؤمنة مضى من أول الدهر أو هو آت إلى يوم القيامة إلاّ وهم شفعاء لمن يقول في دعائه : اللهمّ اغفر للمؤمنين والمؤمنات ، وإنّ العبد ليؤمر به إلى النار يوم القيامة فيسحب، فيقول المؤمنون والمؤمنات : يا ربنا ، هذا الذين كان يدعو لنا فشفّعنا فيه ،
فيشفّعهم الله فينجو » (1).
وقال الاِمام الصادق عليه السلام : «من قال كل يوم خمساً وعشرين مرة : اللهمّ اغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات ، كتب الله له بعدد كل مؤمن مضى ، وبعدد كل مؤمن بقي إلى يوم القيامة حسنة ، ومحا عنه سيئة ، ورفع له درجة » (2).
وقال الاِمام الرضا عليه السلام : «ما من مؤمن يدعو للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الاَحياء منهم والاَموات إلاّ كتب الله له بكلِّ مؤمن ومؤمنة حسنة منذ بعث الله آدم عليه السلام إلى أن تقوم الساعة » (3).
2 ـ دعاء خاص للاَخ المؤمن بظهر الغيب أو لاَربعين مؤمناً ، وينبغي أن يكون الداعي لاَخيه بظهر الغيب محبّاً له بباطنه ، ومخلصاً له في دعائه ، متمنياً أن يرزقه الله تعالى بفضل دعائه ، فإذا كان كذلك فإنّ الله تعالى يستجيب له فيه ويعوّضه أضعافه ، لاَنّ حبّ المؤمن حسنة على انفراده ، وإرادة الخير له حسنة اُخرى ، فيكون الدعاء له مشتملاً على ثلاث حسنات : المحبة ، وارادة الخير ، والدعاء .
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «ليس شيء أسرع إجابة من دعوة غائب لغائب » (4).
وروي عن الاِمام أبي جعفر الباقر عليه السلام ، في قوله تعالى : ﴿ويسيتجيبُ الذين آمنُوا وعمِلُوا الصَّالحاتِ ويزيدُهُم من فَضلِه﴾ (5) ، قال عليه السلام : «هو المؤمن يدعو لاَخيه بظهر الغيب ، فيقول له الملك : آمين ، ويقول الله العزيز الجبار: ولك مثلا ماسألت، وقد أعطيت ماسألت بحبّك إياه »(6) .
وعنه عليه السلام قال : «أوشك دعوة وأسرع إجابة ، دعاء المرء لاَخيه بظهر الغيب » (7) .
وعن الاِمام الصادق عليه السلام قال : «الدعاء لاَخيك بظهر الغيب يسوق إلى الداعي الرزق ، ويصرف عنه البلاء ، ويقول الملك : ولك مثل ذلك » (8).
وروي أن الله سبحانه وتعالى أوحى إلى موسى عليه السلام : «يا موسى ، ادعني على لسانٍ لم تعصني به . فقال عليه السلام : أنّى لي بذلك ؟ فقال : ادعني على لسان غيرك » (9) .
ويدخل في إطار الدعاء الخاص الدعاء لاَربعين من المؤمنين قبل أن يدعو المؤمن لنفسه ، وهو من الاَدعية المستجابة أيضاً .
قال الاِمام الصادق عليه السلام : «من قدم في دعائه أربعين من المؤمنين ، ثم دعا لنفسه ، استجيب له » (10).
وقال عليه السلام : «من قدّم أربعين رجلاً من إخوانه قبل أن يدعو لنفسه استجيب له فيهم وفي نفسه » (11).
ويتأكد هذا الدعاء بعد الفراغ من صلاة الليل بأن يقول وهو ساجد : (اللهمّ ربّ الفجر ، والليالي العشر ، والشفع والوتر ، والليل إذا يسر ، وربّ كلِّ شيء ، وإله كلّ شيء ، ومليك كلّ شيء ، صلِّ على محمد وآله ، وافعل بي وبفلان وبفلان... ما أنت أهله ، ولا تفعل بنا ما نحن أهله ، ياأهل التقوى وأهل المغفرة) (12).
إيثار المؤمنين بالدعاء :
عن الاِمام الحسن بن علي عليه السلام ، قال : «رأيت أُمي فاطمة عليها السلام قامت في محرابها ليلة جمعتها ، فلم تزل راكعة ساجدة حتى اتّضح عموم الصبح ، وسمعتها تدعو للمؤمنين والمؤمنات وتسمّيهم ، وتكثر الدعاء لهم ، ولا تدعو لنفسها بشيء ، فقلت لها : يا أُمّاه ، لم لا تدعين لنفسك كما تدعين لغيرك ؟ فقالت : يا بني ، الجار ثمّ الدار » (13).
وروي عن ابن ناتانه ، عن علي ، عن أبيه ، قال : رأيت عبدالله بن جندب بالموقف ، فلم أرَ موقفاً أحسن من موقفه ، ما زال ماداً يديه إلى السماء ، ودموعه تسيل على خديه حتى تبلغ الاَرض ، فلمّا صدر الناس قلت له : يا أبا محمد ، ما رأيت موقفاً أحسن من موقفك .
قال : والله ما دعوت إلاّ لاخواني ، وذلك أن أبا الحسن موسى بن جعفر عليه السلام أخبرني أنّه من دعا لاَخيه بظهر الغيب نودي من العرش : ولك
مائة ألف ضعف ، فكرهت أن أدع مائة ألف ضعف مضمونة لواحدة لا أدري تستجاب أم لا (14).
وعن ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابه ، قال : كان عيسى بن أعين إذا حجّ فصار إلى الموقف ، أقبل على الدعاء لاخوانه حتى يفيض الناس ، فقيل له : تنفق مالك وتتعب بدنك حتى إذا صرت إلى الموضع الذي تُبَثّ فيه الحوائج إلى الله ، أقبلت على الدعاء لاخوانك ، وتترك نفسك ؟ فقال : إنّي على يقين من دعاء الملك لي ، وفي شكّ من الدعاء لنفسي (15).
ثانياً : ومن الدعوات التي أكدت النصوص الاِسلامية على استجابتها :
1 ـ دعاء الوالد الصالح لولده إذا برّه ، ودعاؤه عليه إذا عقّه .
2 ـ دعاء الولد الصالح لوالده .
3 ـ دعاء المظلوم الذي لا يجد ناصراً إلاّ الله على من ظلمه ، ودعاؤه لمن انتصر له .
4 ـ دعاء الاِمام العادل لرعيته .
5 ـ دعاء المريض لعائده .
6 ـ دعاء الغازي في سبيل الله .
7 ـ دعاء الحاج أو المعتمر حتى يرجع .
8 ـ دعاء الصائم حتى يفطر .
9 ـ دعاء الاطفال ما لم يقارفوا الذنوب .
وفيما يلي نورد النصوص الدالة على استجابة هذه الدعوات :
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «أربعة لا تُرَدَ لهم دعوة حتى تفتح لهم أبواب السماء أو تصير إلى العرش : الوالد لولده ، والمظلوم على من ظلمه ، والمعتمر حتى يرجع ، والصائم حتى يفطر » (16).
وقال صلى الله عليه وآله وسلم : «إياكم ودعوة المظلوم ، فإنّها ترفع فوق السحاب حتى ينظر الله عزَّ وجلّ إليها فيقول : ارفعوها حتى استجيب له ، وإياكم ودعوة الوالد فإنّها أحدّ من السيف » (17)
وقال صلى الله عليه وآله وسلم : «دعاء أطفال أُمتي مستجاب مالم يقارفوا الذنوب»(18).
وقال الاِمام أبو جعفر الباقر عليه السلام : «خمس دعوات لا يحجبن عن الربّ تبارك وتعالى : دعوة الاِمام المقسط ، ودعوة المظلوم ، يقول الله عزَّ وجلّ : لا نتقمنّ لك ولو بعد حين ، ودعوة الولد الصالح لوالديه ، ودعوة الوالد الصالح لولده ، ودعوة المؤمن لاَخيه بظهر الغيب ، فيقول : ولك مثله » (19).
وقال عليه السلام : «اتقوا الظلم، فإنّ دعوة المظلوم تصعد إلى السماء »(20).
وقال عليه السلام : «ثلاث دعوات لا يحجبن عن الله : دعاء الوالد لولده إذا برّه ،
ودعوته عليه إذا عقّه ، ودعاء المظلوم على من ظلمه ، ودعاؤه لمن انتصر له منه » (21) .
وقال عليه السلام : «ثلاثة دعوتهم مستجابة : الحاج فانظروا كيف تخلفونه، والغازي في سبيل الله فانظروا كيف تخلفونه ، والمريض فلا تغيظوه ولا تضجروه » (22).
___________
(1) بحار الانوار 93 : 385 | 10 .
(2) بحار الانوار 93 : 384 | 5 .
(3) ثواب الاعمال : 161 .
(4) الكافي 2 : 370 | 7 .
(5) سورة الشورى : 42 | 26 .
(6) الكافي 2 : 368 | 3 .
(7) الكافي 2 : 367 | 1 .
(8) الأمالي للشيخ الطوسي 2 : 290.
(9) عدة الداعي : 183 ، بحار الانوار 93 : 390 .
(10) الأمالي للشيخ الصدوق : 369 | 4 .
(11) الأمالي للشيخ الطوسي 2 : 38 ، والأمالي للشيخ الصدوق : 310 | 8 .
(12) عدة الداعي : 182 .
(13) علل الشرائع : 181 | 1 .
(14) بحار الاَنوار 93 : 384 | 8 .
(15) بحار الانوار 93 : 391 | 25 .
(16) الكافي 2 : 370 | 6 ، والفقيه 2 : 146 | 644 .
(17) الكافي 2 : 369 | 3 .
(18) بحار الانوار 93 : 357 | 14 .
(19) الكافي 2 : 369 | 2 .
(20) الكافي 2 : 369 | 4 .
(21) أمالي الطوسي 1 : 286 .
(22) الكافي 2 : 369 | 1 .
دعوات مستجابة :
- الزيارات: 1466