• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

تخصيصُ بعض مَنْ قُتِلَ مع الإمام الحُسين (عليه السّلام) بالذكر

ومِن بعض ما يوجّه المتطرّفون على الشيعة هو تخصيصهم في واقعة كربلاء ذكر بعض أبناء أمير المؤمنين (عليه السّلام) دون البقية ، مثل عمر وأبي بكر وعثمان .
أوّلاً : أنّ عمر ليس عندنا أنّه قُتِلَ مع الإمام الحُسين (عليه السّلام) ، وقد نبَّه على ذلك السيّد الخوئي (قُدّس سرّه) في كتابه معجم رجال الحديث(1) .
بل قد نصّ على موته سنة 66 هـ صاحب التاريخ الصفري في كتابه تاريخ خليفة بن خيّاط / 203 ، قال خليفة : وفيها وقعة المذار ، وفيها قُتِلَ عمر بن علي بن أبي طالب ، ومُحمّد بن الأشعث بن قيس ، وقُتِلَ المختار بن أبي عبيد دخل عليه القصر طريف وطراف ، أخوان مِن بني حنيفة فقتلاه ، وأتيا مصعب برأسه فأعطاهما ثلاثين ألفاً .
وذكر الطبراني بسند صحيح مَنْ قُتِلَ مع الإمام الحُسين (عليه السّلام) مِن الهاشميِّين ، ولمْ يذكر عمر بن علي(2) ، وأيضاً ابن سعد في بيان تعداد أولاد أمير المؤمنين (عليه السّلام) ،
ـوحيث نصَّ على مَنْ قُتِلَ مع الإمام الحُسين (عليه السّلام) ، ولمَّا ذكر عمر بن علي لمْ يذكره فيمَنْ قُتِلَ مع الإمام الحُسين (عليه السّلام) مِن إخوته(3) .
وكذا ابن كثير(4) وابن حبّان ، ذكرا مَنْ قُتِلَ مع الإمام الحُسين (عليه السّلام) ، ولمْ يذكرا عمر بن علي منهم(5) ، وقد صرّح الذهبي(6) أنّه بقي حتّى زمان الوليد بن عبد الملك .
وأمّا أبو بكر فكنية لابن أمير المؤمنين (عليه السّلام) وليست اسماً ؛ ولهذا قال الخوارزمي : واسمه عبد الله . وقال أبو الفرج الأصفهاني في مقاتل الطالبيّين / 56 : وأبو بكر بن علي بن أبي طالب (عليه السّلام ) لمْ يُعْرَف اسمُه ، واُمّه ليلى بنت مسعود بن خالد بن مالك بن ربعي بن سلم بن جندل بن نهشل بن دارم بن مالك بن حنظلة بن زيد مناة بن تميم . . . إلخ .
وأمّا عند الشيعة فقد ذكر الشيخ المفيد (أعلى الله مقامه) بأنّ اسمه مُحمّد ، واسم أخيه عبيد الله . قال في الإرشاد 1 / 354 : ومُحمّد الأصغر المُكنّى أبا بكر ، وعبيد الله ، الشهيدان مع أخيهما الحُسين (عليه السّلام) بالطّف ، اُمّهما ليلى بنت مسعود الدارمية .
وفي الاختصاص جعل اسم أخيه عبد الله ، قال في الاختصاص ـ للشيخ المفيد / 82 ، وفي تاج المواليد (المجموعة) ـ للشيخ الطبرسي / 19 ، واللفظ للأوّل قال : وأبو بكر بن علي ، واُمُّه ليلى بنت مسعود ، وعلي بن الحُسين بن علي بن أبي طالب (عليه السّلام) ، واُمُّه ليلى بنت أبي مرّة بن عروة بن مسعود .
وأمّا عثمان فكثيراً ما يُذكر في رجوع أهل البيت (عليهم السّلام) إلى المدينة ، وفي سؤال اُمّ البنين (عليها السّلام) لبشر بن حذلم .
ثانياً : أنّ الأنصار مُخْتَلَفٌ فيهم ، وكذا الطالبيّين ؛ فأكثر عددٍ ذُكِرَ للطالبيّين سبعة وعشرون ، وقيل : ستّة عشر ، وقيل : سبعة عشر ، وقيل غير ذلك .
وأكثرُ عددٍ وقفت عليه هو ما ذكره الخوارزمي في المقتل ، قال : واختلف أهل النقل في عدد المقتول يومئذ مع ما تقدّم مِن قتل مسلم من العترة الطاهرة ، والأكثرون على أنّهم كانوا سبعة وعشرين ، فمِن ولد علي (عليه السّلام) : الحُسين بن علي (عليه السّلام) ، وأبو بكر بن علي ، وعمر بن علي ، وعثمان بن علي ، وجعفر بن علي ، وعبد الله بن علي ، ومُحمّد بن علي ، والعبّاس بن علي ، وإبراهيم بن علي فهم تسعة . ومِن ولْدِ الحسن بن علي : عبد الله بن الحسن ، والقاسم بن الحسن ، وأبو بكر بن الحسن ـ وكان صغيراً ـ ، وعمر بن الحسن ـ وكان صغيراً ـ فهم أربعة . ومِن ولْدِ الحُسين بن علي : علي بن الحُسين ، وعبد الله بن الحُسين (الرضيع) ـ وكان أصغرهم ـ فهما اثنان . ومِن ولْدِ جعفر بن أبي طالب : مُحمّد بن عبد الله بن جعفر ، وعون بن عبد الله بن جعفر ، وعبيد الله بن عبد الله بن جعفر وهم ثلاثة . ومِن ولْدِ عقيل : مسلم بن عقيل ، وعبد الله بن عقيل ، وعبد الرحمن بن عقيل ، ومُحمّد بن عقيل ، وجعفر بن عقيل ، ومُحمّد بن مسلم بن عقيل ، وعبد الله بن مسلم بن عقيل ، وجعفر بن مُحمّد بن عقيل ، ومُحمّد بن أبي سعيد بن عقيل فهم تسعة . وأخذوا رؤوس هؤلاء فحُمِلَتْ إلى الشام ، ودُفِنَتْ جثثهم بالطّفِّ(7) .
فأبناء الحسن (عليه السّلام) أربعة ، وأبناء الحُسين (عليه السّلام) اثنان ، وأبناء عبد الله بن جعفر ثلاثة وهم أبناء عقيلة الطالبيّين (عليها السّلام) ، فعلى هذا التقدير تكون أبناء الزهراء (عليها السّلام) تسعة مع الحُسين (عليه السّلام) ، مع أنّه ذُكِرَ أنّ مَنْ قُتِلَ مِن أبناء فاطمة الزهراء (عليها السّلام) ستّة عشر أو سبعة عشر .
قال الهيثمي : وعن منذر الثوري ، قال : كنَّا إذا ذكرنا حُسيناً ومَنْ قُتِلَ معه ، قال مُحمّد بن الحنفيّة : قُتِلَ معه سبعة عشر كلّهم ارتكض في رحم فاطمة (رضي الله عنها وعنهم) . رواه الطبراني بإسنادين ، ورجال أحدهما رجال الصحيح(8) .
قال الهيثمي : وعن الحسن ـ يعني البصري ـ قال : قُتِلَ مع الحُسين بن علي (عليهما السّلام) ستّة عشر رجلاً مِن أهل بيته ، والله ، ما على ظهر الأرض يومئذ أهل بيت يشبهونهم . قال سفيان : ومَنْ يشك في هذا .
وعن أبي بكر ابن أبي شيبة قال : قُتِلَ الحُسين بن علي (عليه السّلام) يوم عاشوراء في سنة إحدى وستّين وهو ابن ثمان وخمسين ، وكان يُخضب بالحناء والكتم . رواه الطبراني(9) .
أقول : فعلى هذا يكون عدد الطالبيّين أكثر ممّا ذكره الخوارزمي ، وفي الحقيقة مَنْ قُتِلَ مع الحُسين (عليه السّلام) مِن الطالبيّين قسمان : الأوّل متّفق عليه ، وهو العدد القليل ، والآخر مُخْتَلَفٌ فيه ، وبهذا قال مُحقّق كتاب تهذيب الكمال في الهامش .
وروى خليفة ، عن الحسن بن أبي عمرو ، قال : سمعت فطر بن خليفة ، قال : سمعت مُنذر الثوري ، عن ابن الحنفيّة ، قال : قُتِلَ مع الحُسين بن علي (عليه السّلام) سبعة عشر رجلاً ، كلّهم قد ارتكض في بطن فاطمة (عليها السّلام) .
وقال أبو الفرج الأصفهاني في مقاتل الطالبيّين / 65 : فجميع مَنْ قُتِلَ يوم الطّفِّ مِن ولْدِ أبي طالب سوى مَن يُخْتَلَفُ في أمره ، اثنان وعشرون رجلاً .
قال بشّار : هذا العدد الذي ذكره أبو الفرج يتضمّن المُخْتَلَفُ فيهم ، وقد ذكر ذلك هو في المقاتل / 53 ـ 65 ، ولعلّ أدقّ قائمة هي التي ذكرها أبو مُخنف ، وتصح بها رواية ابن الحنفيّة التي أوردها خليفة بن خياط ، وهي لا تشمل المُختلف فيهم ؛ فقد قُتِلَ مع الحُسين (عليه السّلام) ستّة مِن إخوته هم : العبّاس ، وجعفر ، وعبد الله ، وعثمان ، ومُحمّد ، وأبو بكر أولاد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليهم السّلام) ، وقد شكّ بعضهم بمقتل أبي بكر بن علي بن أبي طالب (عليه السّلام) .
وقُتِلَ مِن أولاده (عليه السّلام) : علي الأكبر وعبد الله (عليهما السّلام) ، وقُتِلَ مِن أولاد أخيه الحسن (عليه السّلام) : أبو بكر وعبد الله والقاسم (عليهم السّلام) ، وقُتِلَ
مِن أبناء أخيه عقيل سوى مسلم ثلاثة هم : جعفر بن عقيل ، وعبد الرحمن بن عقيل ، وعبد الله بن عقيل ، وقُتِلَ عبد الله بن مسلم بن عقيل ، ومُحمّد بن أبي سعيد بن عقيل ، وقُتِلَ من أولاد ابن عمِّه عبد الله بن جعفر بن أبي طالب اثنان هم : عون بن عبد الله ، ومُحمّد بن عبد الله (رضوان الله عليهم أجمعين) . انظر تاريخ الطبري 5 / 468 ـ 469 ، وتاريخ خليفة / 234 ـ 235 ، وقائمته منقولة عن المدائني وأبي عبيدة ، ومقاتل الطالبيّين / 53 ـ 65 . وفي الرواية التي أسندها خليفة إلى مُحمّد بن الحنفيّة : (كلّهم قد ارتكض في بطن فاطمة) نظر ؛ لأنّهم ليسوا كلُّهم مِن نسل فاطمة بنت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) كما هو معروف مشهور ، فلا رضي الله عن قاتليهم(10) .
فعلى هذا يكون أبناء أمير المؤمنين (عليه السّلام) في كربلاء كثيرين ، ومع ذلك لمْ يذكر إلاّ القليل منهم ، وكذا أبناء عقيل ، ومع ذلك لمْ يذكر منهم إلاّ واحد ، وأبناء الحسن أربعة ، ولمْ يذكر منهم إلاّ واحد فقط ، وكذا الأنصار لمْ يذكر منهم إلاّ القليل جدّاً ، فالمسألة ليست خاصة بمَنْ اسمه أبو بكر وعمر وعثمان .
فالسؤال لماذا خصّصوا هؤلاء بالذكر دون غيرهم ؟ ولعلّ الجواب في تخصيص بعض مَنْ قُتِلَ مع الحُسين (عليه السّلام) بالذكر ، هو ما رواه الخوارزمي في مقتله ، قال : وزحف عمر بن سعد ، فنادى غلامه دريد : قدّم رايتك يا دريد . ثمّ وضع سهمه في كبد قوسه ثمّ رمى به ، وقال : اشهدوا لي عند الأمير أنّي أوَّل مَنْ رمى .
فرمى أصحابه كلّهم بأجمعهم في إثره رشقة واحدة ، فما بقي مِن أصحاب الحُسين (عليه السّلام) أحد إلاّ أصابه مِن رميتهم سهم .
قال أبو مخنف : فلمَّا رموهم هذه الرمية قلَّ أصحاب الحُسين (عليه السّلام) ، فبقي في هؤلاء القوم الذين يذكرون في المبارزة ، وقد قُتِلَ منهم ما ينيف على خمسين رجلاً ، فعندها ضرب الحُسين (عليه السّلام) بيده إلى لحيته ، فقال : (( هذه رسل القوم )) ـ يعني السهام(11) ـ . انتهى .
أقول : ولعلّ الجواب أيضاً هو تميّز هؤلاء عن غيرهم بصفات كمالية ؛ فإنّ جميع المعارك دائماً يذكر فيها مَنْ تميّز بخصوصيات أو بمواقف أنفرد بها في المعركة دون غيره ، فمَنْ أمتاز بالصفات الكمالية العالية مِن العلم والشجاعة وغيرها مِن أبناء أمير المؤمنين (عليه السّلام) ، باستثناء الإمام الحُسين (عليه السّلام) ، هو أبو الفضل العبّاس (عليه السّلام) وبأفعاله المشهودة في واقعة كربلاء ، وكذا القاسم بن الحسن (عليه السّلام) ، حيث أنفرد بالذكر مِن دون إخوته ؛ ولتلك الصفات الكمالية مِن العلم والشجاعة حتّى صار هو الوحيد مِن بين إخوته مَنْ أوصى له الإمام الحسن (عليه السّلام) بنصرة عمِّه الحُسين (عليه السّلام) دون إخوته ، كما ورد في الموروث الشيعي .
وأيضاً موقفه مع الحُسين (عليه السّلام) والكلمات التي سطّرها حينما سأله عمُّه الإمام الحُسين (عليه السّلام) : (( بُني قاسم ، كيف تجد الموت عندك ؟ )) . فقال : عم ، في نصرتك أحلى مِن العسل . وما ظهر مِن شجاعته على صغر سنه وعدم مبالاته بالأعداء ، قال الراوي : استأذن الغلام للحرب فأبى عمُّه الحُسين (عليه السّلام) أنْ يأذن له ، فلمْ يزل يُقبّل يدَيْهِ ورجليه ويسأله الإذن حتّى أذن له ، فخرج ودموعه على خدّيْه
وهو يقول :
إنْ تـنكروني فأنـا فرعُ الحسنْ     سبطِ النّبي المصطفى والمؤتَمنْ
هـذا حُـسينٌ كالأسيرِ المُرتَهنْ     بين اُناسٍ لا سُقوا صوبَ المُزنْ
وحمل وكأنّ ووجهه فلقة قمر ، وقاتل فقتل على صغر سنه خمسة وثلاثين رجلاً . . . راجع ذلك في المقتل .
وكذا مسلم بن عقيل (عليه السّلام) ، حيث انفرد بتلك الصفات الكمالية التي فاقت صفات بني عقيل مِن العلم والشجاعة ، حتّى كان ثقة الإمام الحُسين (عليه السّلام) ونائبه الخاص ، وغيرها . وكذا مِن الأصحاب حبيب بن مظاهر الأسدي (سلام الله عليه) ؛ لِمَا تميَّز به مِن العلم والفقاهة ، ومقامه عند الحُسين (عليه السّلام) ، وما ظهر مِن مواقفه المشهودة . وكذا الحُرّ لِمَا أنفرد به مِن كونه مِن رؤساء عسكر ابن سعد ، وله مِن المناصب الدنيوية ، فتركها واختار الجنّة على النّار ، وتوجّه إلى الحُسين (عليه السّلام) تائباً نادماً حتّى بذل نفسه وابنه وغيره في نصرة الحُسين (عليه السّلام) . وكذا زهير بن القين بعد ما كان عثمانياً بعيداً عن أهل البيت (عليهم السّلام) ، وإذا به ينقلب إلى أهل الرحمة (عليهم السّلام) ، ينقلب إلى الحُسين بن علي بن أبي طالب (عليه السّلام) .
وأيضاً قوله الذي قال بعدما خطب الحُسين (عليه السّلام) في أصحابه ، قال الراوي : فقام زهير بن القين البجلي ، فقال لأصحابه : تكلّمون أمْ أتكلم ؟ قالوا : لا بل تكلّم . فحمد الله فأثنى عليه ، ثمْ قال : قد سمعنا ـ هداك الله يا بن رسول الله ـ مقالتك . والله ، لو كانت الدُّنيا لنا باقية وكنَّا فيها مخلّدين إلاّ أنّ فراقها في نصرك ومواساتك لآثرنا الخروج معك على الإقامة فيها .
قال : فدعا له الحُسين (عليه السّلام) ثمْ قال له خيراً(12) . وهكذا غيرهم ممّا امتازوا بتلك الصفات والمواقف التي انفردوا بها .
وبهذا تقف على سبب مَنْ يُذكر في معارك رسول الله (صلّى الله عليه وآله) مثل معركة أحد وبدر ، والخندق وخيبر وغيرها ، بل لو تفحّصت ونقّبت في مطاوي التاريخ لما وجدت مِن الشجعان ، فضلاً عن الخلفاء ، ممّن امتازت به الحروب وعليه دارت رحاها غير أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السّلام) ؛ فلهذا يذكره المنصفون دون سواه .
ـــــــــــــــ
(1) قال في معجم رجال الحديث ـ السيّد الخوئي 41 / 51 : 8787 ـ عمر بن علي بن أبي طالب (عليه السّلام) ، قال ابن داود ( 1107 ) مِن القسم الأوّل : عمر بن علي بن أبي طالب (عليه السّلام) (ي) (جخ) ، معروف .
أقول : إنّ عمر بن علي وإنْ كان معروفاً ، إلاّ أنّه لمْ ينسبه إلى رجال الشيخ غيره . وكيف كان فقد قال ابن شهر آشوب : إنّه قتل في واقعة الطّف بين يدي الحُسين (عليه السّلام) . المناقب 4 ـ باب إمامة أبي عبد الله الحُسين بن علي (عليهما السّلام) ، فصل في مقتله (عليه السّلام) ، قبل ذكر المقتولين في الحملة الاُولى .
هذا وقد ذكر في فصل ، في المُفردات والنصوص عليه ، مِن هذا الباب : أنّ عمر بن علي خاصم عليَّ بن الحُسين إلى عبد الملك في صدقات النّبي وأمير المؤمنين (عليهما السّلام) ، فقال : يا أمير المؤمنين ، أنا ابن المُصدّق وهذا ابن ابن ، فأنا أولى بها منه .
فتمثّل عبد الملك بقول أبي الحقيق :
لا تجعلِ الباطلَ حقَّا ولا      تلـطَّ دونَ الحقِّ بالباطلِ
قم يا علي بن الحُسين فقد ولّيتكها . فقام ،
فلمَّا خرج تناوله عمر وآذاه ، فسكت عنه فلمْ يرد عليه شيئاً ، فلمَّا كان بعد ذلك ، دخل مُحمّد بن عمر على علي بن الحُسين (عليه السّلام) ، فسلّم عليه وأكبّ عليه يُقبّله ، فقال عليٌّ (عليه السّلام) : (( يابن عمّ ، لا تمنعني قطيعة أبيك أنْ أصل رحمك ، فقد زوّجتك ابنتي خديجة ابنة علي )) . انتهى .
أقول : مقتضى هذا الكلام ، إنّ عمر بن علي كان باقياً إلى زمان عبد الملك ، فكيف يمكن أنْ يكون مِن شهداء الطّفِّ ؟! واحتمال التعدّد مفقود ؛ إذ الحاضرون لأولاد أمير المؤمنين (عليه السّلام) لمْ يذكروا إلاّ وأحداً مسمّى بعمر ، وهذا هو الصحيح .
[ وقد ] ذكر الشيخ المفيد في  الإرشاد قصة تظلّم عمر بن علي إلى عبد الملك مِن نفسه ، بعد أنْ ردّ عبد الملك صدقات النّبي وأمير المؤمنين (صلوات الله عليهما وآلهما) إلى علي بن الحُسين (عليه السّلام) ، فتمثّل عبد الملك بقول أبي الحقيق :
إنَّا إذا مالت دواعي الهوى    وأنـصتَ الـسامعُ للقائلِ
واصطرعَ الناسُ بألبابِهِم      نقضي بحكمٍ عادلٍ فاصلِ
لا نـجعلُ الباطلَ حقّا ولا      نـلطُّ دونَ الحقِّ بالباطلِ
نـخافُ أَنْ تسفَه أحلامُنا     فـنخملُ الدهرَ مَعَ الخاملِ
الإرشاد ، باب إمامة أبي مُحمّد علي بن الحُسين (عليه السّلام) ، باب في طرف مِن أخبار علي بن الحُسين (عليه السّلام) ، الحديث 20 .
ويؤكد ما ذكرناه أنّه لمْ يذكر في المستشهدين في واقعة الطفِّ في شيء مِن الكتب المشهورة .
(2) قال في المعجم الكبير ـ الطبراني 3 / 103 : 2803 ـ حدّثنا أبو الزنباع روح بن الفرج ، ثنا يحيى بن بكير ، حدّثني الليث بن سعد قال : توفّي معاوية (رضي الله عنه) في رجب لأربع ليالٍ خلت منه ، واستخلف يزيد سنتين ، وفي سنة إحدى وستّين قُتِلَ الحُسين بن علي وأصحابه (رضي الله عنهم) لعشر ليالٍ خلون مِن المُحرّم يوم عاشوراء ، وقُتِلَ العبّاس بن علي بن أبي طالب ، واُمُّه اُمُّ البنين عامرية ، وجعفر بن علي بن أبي طالب ، وعبد الله بن علي بن أبي طالب ، وعثمان بن علي بن أبي طالب ، وأبو بكر بن علي بن أبي طالب ، واُمُّه ليلى بنت مسعود نهشلية ، وعلي بن الحُسين بن علي بن أبي طالب الأكبر (عليه السّلام) ، واُمُّه ليلى ثقفيّة ، وعبد الله بن الحُسين ، واُمُّه الرباب بنت امرئ القيس كلبيّة ، وأبو بكر بن الحُسين لاُمّ ولد ، والقاسم بن
 الحسن لاُم ولد ، وعون بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب ، وجعفر بن عقيل بن أبي طالب ، ومسلم بن عقيل بن أبي طالب ، وسليمان مولى الحُسين ، وعبد الله رضيع الحُسين (رضي الله عنهم) . وقُتِلَ الحُسين (رضي الله عنه) وهو ابن ثمان وخمسين .
وقال الهيثمي ، تعليقاً على ما رواه الطبراني في مجمع الزوائد 9 / 197 ، رواه الطبراني ورجاله إلى قائليه رجال الصحيح .
أقول : أمّا قائله فهو مِن الثقات أيضاً ، فقد قال الذهبي في ميزان الاعتدال 3 / 423 : الليث بن سعد [ع] الفهمي ، أبو الحارث ، أحد الأعلام والأئمة الأثبات ، ثقة حجّة بلا نزاع .
وقال يحيى بن معين : كان يتساهل في الشيوخ والسّماع ، وكان مِن أهل المعرفة .
ذكر أبو الوليد الطيالسي : أنّ رواية الليث عن بكير بن الأشج مناولة . قال عبد الله بن أحمد : ذكرت هذا لأبي فأنكره ، وقال : الليث يقول : حدّثني بكير ، قد سمع مِن بكير نحو ثلاثين حديثاً . قلتُ : لولا أنّ النّباتي ذكر الليث في تذييله على الكامل لما ذكرته ؛ لأنّه ما هو بدون مالك ولا سفيان ، وما تساهل فيه الليث فهو دليل على الجواز ؛ لأنّه قدوة .
(3) الطبقات الكبرى ـ مُحمّد بن سعد 3 / 19 .
(4) البداية والنهاية ـ ابن كثير 7 / 367 ، بل ذكر في البداية والنهاية 8 / 317 : وعمير بن علي بن أبي طالب ، أي ذكر فيمَنْ قُتِلَ في سنة 67 في حرب مصعب للمختار بن عبيد الله . . . إلخ . انتهى .
أقول : والظاهر أنّ المراد بعمير عمر ؛ وذلك لعدم نصّ المؤرّخين على أنّ الإمام علي (عليه السّلام) عنده ابن اسمه عمير .
وأيضاً ممّا يدلّ على ذلك هو أنّ المقتول مع مصعب مختلف فيه بين عمر أو عبيد الله لا ثالث . قال المزّي في ترجمة عمر بن علي (عليه السّلام) ـ تهذيب الكمال 21 / 469 . . . وذكره (أي عمر بن علي) ابن حبّان في كتاب الثقات ، وقال : قُتِلَ سنة سبع وستّين . وقال خليفة بن خياط : قُتِلَ مع مصعب بن الزبير أيّام المختار سنة سبع وستّين ، روى له الأربعة .
(5) الثقات ـ ابن حبّان 2 / 309 .
(6) سير أعلام النبلاء ـ الذهبي 4 / 134 .
(7) مقتل الحُسين (عليه السّلام) للخوارزمي 2 / 53 ـ 54 .
(8) مجمع الزوائد ـ الهيثمي 9 / 198 .
(9) مجمع الزوائد ـ الهيثمي 9 / 198 .
(10) تهذيب الكمال ـ المزّي 6 / 431 في الهامش .
(11) مقتل الحُسين (عليه السّلام) للخوارزمي 2 / 12 ، وهو مشابه لما سنذكره عن الطبري وغيره في توبة الحُرّ .
(12) تاريخ الطبري 3 / 307 .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page