• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

21- المتوكل العباسي يجبر الإمام الهادي(ع)على الإقامة بسامراء

 بعد أن قتل المعتصم الإمام الجواد(ع)أرسل سرية عسكرية الى المدينة لإحضار ولده الإمام علي الهادي(ع)الى بغداد ، فجعل الإمام طريقه على النجف وزار أمير المؤمنين(ع)بزيارة بليغة تجسد الإصرار على إمامة أمير المؤمنين والعترة (عليهم السلام)  ، وتعتبر تحدياً للمعتصم ، وقد رواها الكليني ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن أبي القاسم بن روح وعثمان بن سعيد العمري ، عن أبي محمد الحسن بن علي العسكري ، عن أبيه (عليهما السلام)  وأولها: « السلام على محمد رسول الله ، خاتم النبيين ، وسيد المرسلين ، وصفوة رب العالمين ، أمين الله على وحيه ، وعزائم أمره ، الخاتم لما سبق ، والفاتح لما استقبل ، والمهيمن على ذلك كله ، ورحمة الله وبركاته وصلواته وتحياته . السلام على أنبياء الله ورسله ، وملائكته المقربين ، وعباده الصالحين .السلام عليك يا أمير المؤمنين ، وسيد الوصيين ، ووارث علم النبيين ، وولي رب العالمين ، ومولاي ومولى المؤمنين ورحمة الله وبركاته . السلام عليك يا أمير المؤمنين ، يا أمين الله في أرضه ، وسفيره في خلقه وحجته البالغة على عباده . السلام عليك يا دين الله القويم ، وصراطه المستقيم   .  السلام عليك أيها النبأ العظيم ، الذي هم فيه مختلفون وعنه يسألون ..الى آخر الزيارة وهي طويلة ». (كتاب المزار لمحمد بن المشهدي/263).
   وقد نجاه الله من شر المعتصم وعاد(ع) الى المدينة ، وبقي حتى هلك المعتصم وانتقلت العاصمة الى سامراء وتولى المتوكل ، فقرر أن يلزمه بالإقامة فيها:
   ففي الكافي:1/501: «أخذت نسخة كتاب المتوكل إلى أبي الحسن الثالث(ع)من يحيى بن هرثمة في سنة ثلاث وأربعين ومائتين ، وهذه نسخته: بسم الله الرحمن الرحيم  أما بعد فإن أمير المؤمنين عارف بقدرك ، راع لقرابتك، موجب لحقك، يقدر من الأمور فيك وفي أهل بيتك ما أصلح الله به حالك وحالهم ، وثبت به عزك وعزهم ، وأدخل اليمن والأمن عليك وعليهم ، يبتغي بذلك رضاء ربه وأداء ما افترض عليه فيك وفيهم .
   وقد رأى أمير المؤمنين صرف عبد الله بن محمد عما كان يتولاه من الحرب والصلاة بمدينة رسول الله(ص) ، إذ كان على ما ذكرت من جهالته بحقك واستخفافه بقدرك ، وعندما قرفك به ونسبك إليه من الأمر الذي قد علم أمير المؤمنين براء تك منه ، وصدق نيتك في ترك محاولته ، وأنك لم تؤهل نفسك له.
   وقد ولى أمير المؤمنين ما كان يلي من ذلك محمد بن الفضل ، وأمره بإكرامك وتبجيلك ، والإنتهاء إلى أمرك ورأيك ، والتقرب إلى الله وإلى أمير المؤمنين بذلك . وأمير المؤمنين مشتاق إليك يحب إحداث العهد بك والنظر إليك ، فإن نشطت لزيارته والمقام قبله ، ما رأيت شخصت ومن أحببت من أهل بيتك ومواليك وحشمك ، على مهلة وطمأنينة ، ترحل إذا شئت وتنزل إذا شئت ، وتسير كيف شئت ، وإن أحببت أن يكون يحيى بن هرثمة مولى أمير المؤمنين ومن معه من الجند مشيعين لك ، يرحلون برحيلك ويسيرون بسيرك ، والأمر في ذلك إليك حتى توافي أمير المؤمنين ، فما أحد من إخوته وولده وأهل بيته وخاصته ألطف منه منزلة ، ولا أحمد له أثرة ولا هو لهم أنظر وعليهم أشفق وبهم أبر وإليهم أسكن منه إليك ، إن شاء الله تعالى . والسلام عليك ورحمة الله وبركاته ، وكتب إبراهيم بن العباس وصلى الله على محمد وآله وسلم ».
   ويتضح منه هيبة المتوكل للإمام الهادي(ع)، وأنه كان اتهمه بالتحضير للثورة عليه ! وأمر والي المدينة بمضايقته ، ثم قرر أن يحضره الى سامراء .
   وفي بحار الأنوار(50/207) عن مروج الذهب للمسعودي ، قال: « عن يحيى بن هرثمة قال: وجهني المتوكل إلى المدينة لإشخاص علي بن محمد بن علي بن موسى(ع)لشئ بلغه عنه ، فلما صرت إليها ضج أهلها وعجوا ضجيجاً وعجيجاً ما سمعت مثله ! فجعلت أسكنهم وأحلف أني لم أؤمر فيه بمكروه ، وفتشت منزله فلم أصب فيه إلا مصاحف ودعاء وما أشبه ذلك ، فأشخصته وتوليت خدمته وأحسنت عشرته ، فبينا أنافي يوم من الأيام والسماء صاحية والشمس طالعة إذ ركب وعليه ممطر قد عقد ذنب دابته فتعجبت من فعله ، فلم يكن من ذلك إلا هنيئة حتى جاءت سحابة فأرخت عزاليها، ونالنا من المطر أمر عظيم جداً فالتفت إلي فقال: أنا أعلم أنك أنكرت ما رأيت ، وتوهمت أني أعلم من الأمر ما لم تعلم ، وليس ذلك كما ظننت ولكني نشأت بالبادية ، فأنا أعرف الرياح التي تكون في عقبها المطر فتأهبت لذلك!
   فلما قدمت إلى مدينة السلام (بغداد) بدأت بإسحاق بن إبراهيم الطاهري وكان على بغداد فقال: يا يحيى إن هذا الرجل قد ولده رسول الله(ص)والمتوكل من تعلم ، وإن حرضته عليه قتله وكان رسول الله خصمك ! فقلت: والله ما وقفت منه إلا على أمر جميل ! فصرت إلى سامراء فبدأت بوصيف التركي وكنت من أصحابه ، فقال لي: والله لئن سقط من رأس هذا الرجل شعرة لا يكون الطالب بها غيري ! فتعجبت من قولهما ، وعرفت المتوكل ما وقفت عليه من أمره ، وسمعته من الثناء فأحسن جائزته ، وأظهر بره وتكرمته » .
   أقول: إسحاق بن إبراهيم الطاهري من الأمراء وقادة الجيش عند العباسيين وكان والي بغداد من قبل المتوكل، والطاهري نسبة الى طاهر بن الحسين ، وهو قائد جيش المأمون الذي دخل الى بغداد وقتل أخاه الأمين !
   ووصيف التركي من كبار قادة الجيش العباسي في سامراء ، وكان كفيل المستعين الذي صار خليفة . (تاريخ الطبري:7/433) .فكلاهما من أركان الدولة العباسية ، ومع ذلك لهما اعتقاد ديني بالإمام الهادي(ع)!
   ورغم مراقبة المتوكل وتضييقه على الإمام(ع)كانت له مكانةوهيبة في سامراء ومنزلة خاصة في نفوس رجال القصر وعائلة المتوكل ، حتى أن والدة المتوكل كانت تنذر له النذور لقضاء حوائجها ، وابنه المنتصر صار من شيعته .
   وقد حاول المتوكل أن يشوه صورة الإمام(ع)ويجبره على مشاركته في شرب الخمر فلم يستطع: «كان المتوكل يقول: ويحكم قد أعياني أمر ابن الرضا، أبى أن يشرب معي أو ينادمني أو أجد منه فرصة في هذا ! فقالوا له: فإن لم تجد منه فهذا أخوه موسى قصاف عزاف ، يأكل ويشرب ويتعشق . قال: إبعثوا إليه فجيئوا به حتى نموه به على الناس ونقول ابن الرضا ! فكتب إليه وأشخص مكرماً وتلقاه جميع بني هاشم والقواد والناس على أنه إذا وافى أقطعه قطيعة وبنى له فيها ، وحول الخمارين والقيان إليه ووصله وبره وجعل له منزلاً سَرِياً حتى يزوره هو فيه ، فلما وافى موسى تلقاه أبو الحسن في قنطرة وصيف ، وهو موضع يتلقى فيه القادمون ، فسلم عليه ووفاه حقه ثم قال له: إن هذا الرجل قد أحضرك ليهتكك ويضع منك ، فلا تقر له أنك شربت نبيذاً قط ، فقال له موسى: فإذا كان دعاني لهذا فما حيلتي؟قال : فلا تضع من قدرك ولا تفعل فإنما أراد هتكك فأبى عليه فكرر عليه، فلما رأى أنه لا يجيب قال: أما إن هذا مجلس لاتجتمع أنت وهو عليه أبداً ! فأقام ثلاث سنين يبكر كل يوم فيقال له: قد تشاغل اليوم فرح فيروح ، فيقال:قد سكر فبكر فيبكر ، فيقال: شرب دواء ! فما زال على هذا ثلاث سنين حتى قتل المتوكل ولم يجتمع معه عليه »! (الكافي:1/502).
   وداهم المتوكل بيت الإمام(ع)في سامراء وأراد به شراً ، فدفع الله شره عنه
   قال المسعودي في مروج الذهب:2/78: «وقد كان سُعِيَ بأبي الحسن علي بن محمد إلى المتوكل ، وقيل له إن في منزله سلاحاً وكتباً وغيرها من شيعته ، فوجه إليه ليلاً من الأتراك وغيرهم مَنْ هجم عليه في منزله على غفلة ممن في داره ، فوجده في بيت وحده مغلق عليه وعليه مِدْرَعة من شَعَرٍ ، ولا بساط في البيت إلا الرمل والحصى ، وعلى رأسه مِلحَفة من الصوف متوجهاً إلى ربه يترنم بآيات من القرآن في الوعد والوعيد ، فأخذ على ما وجد عليه وحمل إلى المتوكل في جَوْفِ الليل ، فمثل بين يديه والمتوكل يشرب وفي يده كأس ، فلما رآه أعْظَمه وأجلسه إلى جَنبِه ولم يكن في منزله شئ مما قيل فيه ، ولا حالة يتعلل عليها بها فناوله المتوكل الكأس الذي في يده ، فقال: يا أمير المؤمنين ما خامر لحمي ودمي قط ، فأعْفِنِي منه ! فعافاه ، وقال : أنشدني شعراً أستحسنه ، فقال: إني لقليل الرواية للأشعار ، فقال: لا بد أن تنشدني فأنشده:
باتوا على قُلَل الأجْبَال تحرسهم**** غُلْبُ الرجال فما أغنتهمُ القُلَلُ
واستنزلوا بعد عزّ عن معاقلهم**** فأودعوا حُفَراً ، يا بئس ما نزلوا
ناداهمُ صارخ من بعد ما قبروا**** أين الأسرة والتيجان والحلل ؟
أين الوجوه التي كانت مُنَعَّمة**** من دونها تضرب الأستار والكِلَلُ
فأفصح القبر عنهم حين ساءلهم**** تلك الوجوه عليها الدود يقتتلُ
قد طالما أكلوا دهراً وما شربوا**** فأصبحوا بعد طول الأكل قد أكِلُوا
وطالما عمروا دوراً لتحصنهم**** ففارقوا الدور والأهلين وانتقلوا
وطالما كنزوا الأموال وادَّخروا**** فخلفوها على الأعداء وارتحلوا
أضحت مَنَازِلُهم قفْراً مُعَطلة**** وساكنوها إلى الأجداث قد رحلوا
قال فأشفق كل من حضر على عَلِيٍّ ، وظن أن بادرة تبدر منه إليه ، قال: واللّه لقد بكى المتوكل بكاءً طويلًا حتى بلت دموعه لحيته ، وبكى مَنْ حضره ! ثم أمر برفع الشراب ثم قال له: يا أبا الحسن أعليك دَيْنٌ ؟ قال : نعم أربعة آلاف دينار فأمر بدفعها إليه ، ورده إلى منزله من ساعته مكرماً » ! و مآثر الإنافة في محاسن الخلافة:1/232، وتاريخ أبي الفداء/233، وحياة الحيوان/553، وكلها مصادر سنية .
   وقال في مآثر الإنافة في محاسن الخلافة:1/230، عن المتوكل: «وحظيَ في زمانه أهل الأدب ، إلا أنه كان شديد البغض لعلى بن أبي طالب رضي الله عنه ولأهل بيته على خلاف ما كان عليه المأمون . وكان من جملة ندمائه عبادة المخنث . وكان يشد على بطنه مخدة تحت ثيابه ويكشف رأسه وهو أصلع ويرقص ويقول: قد أقبل الأصلع البطين. خليفة المسلمين ! يعني علياً رضي الله عنه ، والمتوكل يضحك ! ففعل ذلك يوماً بحضرة ولده المنتصر فقال له: يا أمير المؤمنين إن علياً ابن عمك ، فكل أنت لحمه إذا شئت ولا تدع مثل هذا الكلب وأمثاله يطمع فيه ! فقال المتوكل للمغنين غنوا:
غار الفتى لابن عمه**** رأس الفتى في حَرِ أمه
وبلغ من بغضه لعلي وأهل بيته أنه في سنة ست وثلاثين ومائتين أمر بهدم قبر الحسين بن علي وما حوله من المنازل ، ومنع الناس من زيارته ! ومن غريب ما اتفق له في ذلك أنه طلب علياً الزكي ويقال له علي الهادي وعلي التقي ، أحد الأئمة الإثني عشر ، وبعث إليه جماعة من الترك ليحضروه ، فهجموا عليه ببيته فوجدوه في بيت مغلق وعليه مدرعة شعر ، وهو مستقبل القبلة يترنم بآيات من القرآن.».الى آخر ماتقدم من مروج الذهب .
    ونلاحظ أن الإمام الهادي(ع)جاء بعائلته معه الى سامراء ، وكان عمر ابنه الإمام الحسن العسكري(ع)بضع سنوات.وذكر الدميري أن الإمام الهادي(ع) بقي في سامراء «عشرين سنة وتسعة أشهر » . (حياة الحيوان/255).
   «وكانت في أيام إمامته(ع)بقية ملك المعتصم، ثم ملك الواثق خمس سنين وسبعة أشهر، ثم ملك المتوكل أربع عشرة سنة، ثم ملك ابنه المنتصر ستة أشهر، ثم ملك المستعين وهو أحمد بن محمد بن المعتصم سنتين وتسعة أشهر ، ثم ملك المعتز وهو الزبير بن المتوكل ثماني سنين وستة  أشهر ، وفي آخر ملكه استشهد ولي الله علي بن محمد(ع)ودفن في داره بسر من رأى » . (إعلام الورى:2/109).


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

اللطميات

مشاهدة الكل

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page