محنة الشيعة والتشيع
" لو كنا نعلم أنهم يقتنعون بالحجة البالغة، ويخضعون للأدلة القاطعة، لملأنا الطوامير من الحجج الباهرة التي تترك الحق أضحى من ذكاء، وأجلى من صفحة السماء. ولكن سلطان نجد له حجتان قاطعتان عليهما يعتمد، وإليهما يستند، ولا فائدة إلا بمقابلتهما أو أقوى منهما، وهما الحسام البتار والدرهم والدينا.. ".
[ الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء ]
تشهد الساحة الإسلامية حاليا صراعا عقائديا مريرا بين السلفية الوهابية والشيعة الإمامية. عمق الكراهية والنفور بين فئات عريضة من المجتمع الإسلامي، وينذر بعواقب وخيمة، إن سمح له بالتطور والانتشار. وهذا الصراع الفكري والعقائدي ليس وليد اليوم أو الساعة، بل له جذور عميقة في التاريخ الإسلامي، تاريخ الخلافة، ونشوء المذاهب وتصارعها للاستحواذ والسيطرة على عقول ووجدان الجماهير الغفيرة، التي عاشت تحت مظلة الحضارة الإسلامية.
لقد بدأت محنة الشيعة الإمامية مباشرة بعد وفاة الرسول، وانتصار الخلافة على الإمامة. حيث وقف علي بن أبي طالب فارس الإسلام وسيفه الذي قطع دابر المشركين، موقفا مناهضا للحكم الجديد، معلنا معارضته ورفضه الدخول فيما دخلت فيه قريش. معلنا أن الرسول (ص) قد نص على إمامته وأنه الخليفة الشرعي للإسلام والمسلمين، وأن الذين أخذوا لنفسهم البيعة من المسلمين، يعلمون ذلك جيدا.
لم يكن علي بن أبي طالب وحده في هذه المعارضة، بل وقفت إلى جانبه زوجه فاطمة بنت رسول الله (ص)، وأعلنت في الملأ لأن زوجها هو الخليفة الشرعي للمسلمين، ولم تكتف بذلك بل قامت بحملة واسعة، تزور بيوت " الأنصار " وتذكرهم بما ورد في حق زوجها أبي الحسن من أحاديث وأقوال أبيها (ص). لكن دعوتها ذهبت أدراج الرياح لأن القوم كانوا يردون عليها
بأنهم قد بايعوا أبا بكر، ولو جاءت قبل ذلك، لما حادوا عن بيعة زوجها ؟.
قالت إن القوم أخذوا البيعة لأنفسهم في الوقت الذي كان علي بن أبي طالب يجهز الرسول ويغسله، أفهل يصح أن يترك جسد نبي الله مسجى في بيته ويذهب يطلب ملكه وخلافته ؟ ! قبل دفنه وتجهيز جنازته ؟ !.
جذور الصراع
- الزيارات: 499