ونرجع إلى " منهاج السنة في نقض كلام الشيعة والقدرية " لابن تيمية، نقلب صفحاته، لنرى ماذا يخبئ فيه " الشيخ " للإمامية من ادعاءات وافتراءات رخيصة. وبما أن المقام لا يسع للتعرض لكل ما جاء في الكتاب والرد عليه فسنكتفي ببعض الأمثلة، ويمكن الرجوع للدراسات المختصة في هذا الموضوع وهي كثيرة (1).
لقد ناقش ابن تيمية الشيعة الإمامية في مجمل عقائدهم، وعارضها بعقائد المذهب الحنبلي. يقول في باب التوحيد مثلا: " وهم يدخلون في التوحيد نفي الصفات والقول بأن القرآن مخلوق وأن الله لا يرى في الآخرة، ويدخلون في العدل التكذيب بالقدر وأن الله لا يقدر أن يهدي من يشاء، ولا يقدر أن يضل من يشاء " (2).
وذهب إلى أن الشيعة في عقيدة التوحيد قد اتبعوا المعتزلة والقدرية، وتارة يتبعون المجسمة والجبرية (3). لكن الدكتور يوسف محمود يرد على هذا الخلط والخبط فيقول: إن من الواضح والبين من كتب مفكري الشيعة السابقين على " ابن مطهر الحلي " والشيعة المحدثين: إن عقيدة التوحيد لديهم بصفة عامة صافية كل الصفاء، وخالية من كل تشبيه أو تجسيم، وذلك أن هؤلاء الشيعة في أبحاثهم العقدية وخاصة عقيدة التوحيد قد اعتمدوا على القرآن والسنة النبوية، وإذا أخذنا على سبيل المثال الشيخ الصدوق " المتوفى سنة 381 ه " لوجدنا بأنه يثبت هذه العقيدة الصافية والمطابقة للقرآن الكريم والسنة النبوية (4).
وابن تيمية عندما يتهم الشيعة بالتشبيه والتجسيم وهم رواد التنزيه، يرد عليه السبكي الشافعي الذي قرأ كتابه متهما إياه بنفس التهمة، ويزيد عليه بأنه سقط فيما وقع فيه الفلاسفة من الإيمان بتسلسل الحوادث إلى ما لا نهاية، وهذه نكتة عقائدية كنا قد ذكرناها في فصله، كيف يتهم من سماه أهل السنة " بشيخ أهل التشبيه والتجسيم " الشيعة الإمامية بهذه التهمة ؟ ! ولا ينفع الجدل هنا، لأن كتب الشيعة في التوحيد مطبوعة وموزعة، وعلى من أراد التحقيق أن يرجع إليها. فليس الادعاء كالحقيقة !.
____________
(1) مثل منهاج الشريعة في الرد على منهاج السنة، للسيد مهدي بن صالح القزويني، و " إكمال المنة في نقض منهاج السنة " لسراج الدين الحسن بن عيسى اليماني اللكهنوي.
(2) على دروب التقريب بين المذاهب الإسلامية، ص 124، نقلا عن منهاج السنة، ج 1 ص 79.
(3) المرجع السابق، ص 124.
(4) موقف ابن تيمية من الشيعة (دراسة مقارنة) ضمن المرجع السابق. للدكتور يوسف محمود محمد الصديقي مدرس الفلسفة والعقيدة جامعة قطر.
ابن تيمية ومنهاج السنة
- الزيارات: 592