• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

السنّة النبويّة لا تخالف القرآن عند الشيعة

بعد البحث والتنقيب في عقيدة الطرفين من الشيعة و"أهل السنّة والجماعة" وجدنا بأنّ الشيعة يرجعون في كلّ أحكامهم الفقهيّة إلى كتاب الله والسنّة النبويّة لا غير.
ثمّ هم يرتّبون القرآن في المرتبة الأُولى، والسنّة النبويّة في المرتبة الثانية، ونعني بذلك أنّهم يخضعون السنّة للمراقبة ويعرضونها على كتاب الله العزيز، فما وافق منها كتاب الله قبلوه وعملوا به، وما خالف كتاب الله تركوه ولم يقيموا له وزناً(1).
والشيعة يرجعون في ذلك إلى ما قرَّره أئمة أهل البيت (عليهم السلام) رواية عن جدهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي قال: "إذا جاءكم حديث عنّي فاعرضوه على كتاب الله، فما وافق كتاب الله فاعملوا به، وما خالف كتاب الله فاضربوا به عرض الجدار"(2).
وقد قال الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) عدّة مرّات: "ما لم يوافق من الحديث القرآن فهو زخرف"(3).
وقال في أصول الكافي بأنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) خطب الناس بمنى فقال: "أيّها الناس، ما جاءكم عنّي يوافق كتاب الله فأنا قلته، وما جاءكم عنّي يخالف كتاب الله فلم أقله"(4).
وعلى هذا الأساس المتين بنى الشيعة الإماميّة فقههم وعقائدهم، فمهما بلغ الحديث من صحّة الإسناد، فلابدّ أن يزنوه بهذا الميزان، ويعرضوه على الكتاب الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
والشيعة الإماميّة هي الفرقة الوحيدة بين الفرق الإسلامية الأُخرى التي اشترطت هذا الشرط، وبالخصوص في باب تتعارض فيه الروايات والأخبار.
قال الشيخ المفيد في كتابه المسمّى بـ "تصحيح الاعتقاد": "وكتاب الله تعالى مقدَّم على الأحاديث والروايات، وإليه يتقاضى في صحيح الأخبار وسقيمها، فما قضى به فهو الحقّ دون سواه"(5).
وبناءً على هذا الشرط، وهو عرض الحديث على كتاب الله تعالى، تميّز الشيعة عن "أهل السنّة والجماعة" في كثير من الأحكام الفقهية، وكذلك في كثير من العقائد.
والباحث يجد في كلّ أحكام الشيعة وعقائدهم مصداقاً في كتاب الله، خلافاً لما هو عند "أهل السنّة والجماعة" فالمتتبع قد يجد عندهم عقائد وأحكاماً تخالف صريح القرآن الكريم، ستعرف ذلك وسنوافيك ببعض الأدلّة على ذلك قريباً إن شاء الله.
وبناءً على ذلك يفهم المتتبع أيضاً بأنّ الشيعة لم يصحِّحوا أيّ كتاب من كتب الحديث عندهم، أو يعطوه قدسية تجعله بمثابة القرآن، كما هو الحال عند "أهل السنّة والجماعة" الذين يصحّحون كلّ الأحاديث التي رواها البخاري ومسلم، رغم أنّ فيهما مئات الأحاديث التي تتناقض مع كتاب الله.
ويكفيك أن تعرف بأنّ كتاب الكافي عند الشيعة رغم جلالة قدر مؤلّفه محمّد بن يعقوب الكليني وتبحّره في علم الحديث، إلاّ أن علماء الشيعة لم يدّعوا يوماً بأنّ ما جمعه كلّه صحيح(6)، بل هناك من علمائهم من طرح أكثر من نصفه وقال بعدم صحتها، بل إنّ مؤلّف (الكافي) لا يقول بصحّة كلّ الأحاديث التي جمعها في الكتاب(7).
ولعلّ كلّ ذلك ناتج عن سيرة الخلفاء عند كلّ فرقة منهم، فـ "أهل السنّة والجماعة" اقتدوا بأئمة يجهلون أحكام القرآن والسنّة، أو يعرفونها ولكنّهم اجتهدوا بآرائهم، وخالفوا تلك النصوص لعدّة أسباب أوضحنا البعض منها في أبحاث سابقة.
أمّا الشيعة فإنّهم اقتدوا بأئمة العترة الطاهرة الذين هم عدل القرآن وترجمانه، لا يخالفونه ولا يختلفون فيه.
{أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَة مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إَمَاماً وَرَحْمَةً أُوْلَـئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ فَلاَ تَكُ فِي مِرْيَة مِنْهُ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ}(8).

صدق الله العلي العظيم




____________
1- هذا هو لعمري المنطق السليم الذي يقطعُ الطّريق على كلّ المحدّثين الذين اشتهروا بتدليس الحديث ونسبته للرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو منه بريء (المؤلّف).
2- تفسير أبي الفتوح 3: 392 باختلاف يسير.
3- الكافي 1: 69 ح4.
4- الكافي 1: 69 ح5.
5- تصحيح الاعتقاد: 44.
6- سوى شرذمة من الإخباريين المتعبدين بحرفية النصوص من غير فحص وتدقيق.
7- ولذا لما شكى إليه بعض إخوانه ـ في رسالة كتبها ـ أشكل عليه من الحقائق لاختلاف الأخبار، وطلب منه تدوين كتاب يجمع فيه جميع فنون علم الدين بالآثار الصحيحة، لم يقل في جوابه بأنّي دوّنت لك ذلك وكلّ ما أوردته صحيح لا مرية فيه، بل ذكر له بأنّ الأئمة (عليهم السلام) وضعوا قواعد لحلّ اختلاف الأخبار كالعرض على القرآن، وأنّه سيعمل على هذا المنهاج، لكن مع هذا لم يدّع توفيقه مائة بالمائة لتدوين الآثار الصحيحة فقط، ولذا اعترف بالتقصير وقال له: "وقد يسّر الله تأليف ما سألت وأرجو أن يكون بحيث توخّيت، فمهما كان من تقصير فلم تقصر نيتنا في إهداء النصيحة..."، مضافاً إلى أنّ الشيخ الكليني في كتابه (الكافي) عقد باباً بعنوان (الأخبار المتعارضة) أو (الأخبار المختلفة) وبيّن فيه أن الأئمة (عليهم السلام) أمروا بالرجوع في هذه الحالة إلى القرآن أو المشهور أو غير ذلك.
وهذا دليل على أنّه لا يشهد بصحة كتابه ولا يؤمن به، إذ لو كان كلّ ما في الكتاب صحيحاً فلا معنى لعقد باب التعارض والاختلاف بين الأخبار، فهذا شاهد آخر على عدم اعتقاد المؤلّف بصحة جميع ما في الكتاب.
ثمّ لو سلّمنا جدلا بأنّ الكليني اعترف بصحّة جميع ما أورده في الكافي، لكن يبقى شيء واحد وهو أنّ اصطلاح الصحيح يختلف عند المتقدّمين والمتأخّرين من علمائنا، فعند المتقدّمين هو كلّ حديث حصل الوثوق بصدوره عن المعصوم وإن لم يكن الراوي عدلا إمامياً، فلذا نرى الكليني كثيراً ما يروي عن الفطحية والزيدية والواقفية، وأمّا الصحيح عند المتأخّرين ما رواه العدل الإمامي عن العدل الإمامي.
8- هود: 17.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

اللطميات

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page